هل سقطت التسوية السياسية في لبنان نتيجة حرب اليمن وتصاعد المواجهة السعودية ـ الإيرانية الى اقصى حدود، لان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري عندما وصلا الى الحكم جاءا ضمن تسوية إيرانية ـ سعودية تحت رعاية دولية.
وكانت التسوية ان الرئيس ميشال عون جاء بدعم من حزب الله، الذي لم يؤيد الوزير سليمان فرنجية، ووصل العماد عون أيضا عبر تحالف الدكتور سمير جعجع مع عون مما أدى الى جبهة مسيحية كبيرة أدت الى عدم وصول الوزير فرنجية ووصول الرئيس ميشال عون الى رئاسة الجمهورية.
في المقابل، تسلم الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة ورئاستها، والتسوية كانت هي مشاركة السعودية في الحكم في لبنان من خلال الرئيس الحريري وحلفائها خاصة من الطائفة السنيّة وأحزاب مسيحية، وعندما وصل الرئيس الحريري منذ 10 اشهر كان يعرف ان حزب الله مضى على قتاله في سوريا 3 سنوات وعلى قتاله في العراق 3 سنوات وعلى دعم حزب الله للحوثيين في اليمن منذ 3 سنوات، ومع ذلك تولى تشكيل حكومة لبنان. فما الذي حصل الان كي يقرر الرئيس سعد الحريري استقالته مطالبا بالنأي في النفس عن التدخل خارج لبنان وهو عندما وصل الى رئاسة الحكومة منذ 10 اشهر كان حزب الله منذ 3 سنوات يقوم بالتحرك في دول المشرق العربي ودعم الحوثيين.
حرب اليمن أسقطت التسوية السياسية
ان سبب سقوط التسوية السياسية في لبنان هي حرب اليمن، حيث ارتفعت المواجهة السعودية ـ الإيرانية الى اقصى حد، ذلك ان الحرب ضد نظام الرئيس بشار الأسد من قبل التكفيريين ودعم تركي ـ خليجي واميركي واوروبي سقط وانتصر نظام الرئيس بشار الأسد بفعل مشاركة حزب الله في القتال في سوريا والإيرانيين وخاصة الدعم الجوي الروسي والميداني لنظام الرئيس بشار الأسد.
ثم في العراق انتصر الجيش العراقي والحشد الشعبي الذي هو تحت النفوذ الإيراني والعراق تقريبا هو في تحالف او تحت النفوذ الإيراني وسقط المشروع الخليجي في العراق.
اما في اليمن، فبعد انقلاب الرئيس علي عبد الله صالح والحوثيين على الرئيس عبد الهادي فان السعودية شنّت حربا هي عاصفة الحزم ضد اليمن. وواجهت حربا ضروسا مع الحوثيين وجماعة المؤتمر الشعبي التابع للرئيس علي عبدالله صالح.
واستعملت السعودية أسلحة متطورة مثل طائرات الـ «اف -15» وصواريخ من الطائرات وقنابل واشتعلت حرب حقيقية في اليمن. لكن الحوثيين تلقوا دعما من ايران، كما قاتلوا أيضا قتالا شرسا هم وجماعة علي عبدالله صالح ضد الجيش السعودي. ولم تنجح الحرب السعودية ضد اليمن في ضرب الحوثيين والمؤتمر الشعبي، وبالتالي ازدادت المواجهة بين السعودية وايران.
السعودية رفعت حجم مواجهتها مع ايران
ورفعت السعودية من حجم مواجهتها لإيران واعتبرتها انها تتدخل في البحرين وفي اليمن عبر انصار الله وفي العراق بواسطة الحشد الشعبي وفي سوريا والعراق واليمن ودول خليجية بواسطة حزب الله.
فيما ايران كدولة قوية وارتاحت بعد توقيع الاتفاق النووي رفعت المواجهة أيضا مقابل المواجهة السعودية، وجرت حرب النفوذ بين ايران والسعودية على مدى الخليج والمنطقة كلها. ولان قطر تقيم علاقات مع ايران من خلال تنسيق مخابرات قطر وايران سويّة وتنسيق امني مشترك قررت السعودية مع دولة الامارات والبحرين فرض حصار على قطر. الا ان ايران استفادت من الحصار لاقتراب قطر اكثر اليها واقتراب ايران الى قطر اكثر.
اما في شأن حرب اليمن، فالجيش السعودي لم يستطع الانتصار والحوثيون حققوا بعض الانتصارات، كما ان الحوثيين مع جماعة علي عبدالله صالح قاموا باطلاق قذائف مدفعية وصواريخ كاتيوشيا ثم صواريخ بعيدة المدى على المدن السعودية مع حدود اليمن، مما رفع من المواجهة السعودية ـ الإيرانية الى اقصى حد.
ولم تقم الولايات المتحدة او روسيا او أوروبا بأي دور للوساطة بين ايران والسعودية، بل تركت هذه الدول امر المواجهة بين ايران والسعودية تستمر وترتفع الوتيرة دون ان يكون هنالك أي وسيط بين السعودية وايران.
نمو العلاقات بين اسرائيل ودول الخليج
وفي هذا الوقت، نمت علاقات بين الخليج وإسرائيل وعلى رأس هذه العلاقة الخط السعودي ـ الإسرائيلي، تحت عنوان مواجهة ايران.
وزار مسؤولون سعوديون وخليجيون إسرائيل كما اعلن وزير النقل الإسرائيلي اول امس، وقال ان السعودية محرجة في اعلان إقامة هذه العلاقات مع إسرائيل، نتيجة القضية الفلسطينية كذلك دول الخليج الأخرى.
كما نشر موقع ايلاف السعودي مقابلة مع رئيس اركان الجيش الإسرائيلي معلنا التنسيق بين اسرائيل والسعودية ضد ايران.
وإسرائيل وجدت عبر هذه الفرصة محطة لتطبيع علاقات إسرائيل مع دول الخليج العربي، والوصول الى اتفاقات سلام معها، لكن في الحد الأدنى إقامة تحالف ضد ايران، وشجعت واشنطن التحالف الخليجي الإسرائيلي.
واذا كانت السعودية تريد الوقوف في وجه ايران فان إسرائيل تريد ضرب حزب الله. وليس امام إسرائيل اما الحرب على حزب الله وهي لا تريد هذا الخيار حالياً كما ان أوروبا وأميركا لا تريد ان تشن إسرائيل حربا على لبنان، لان لبنان يشمله غطاء دولي للاستقرار الأمني والعسكري وحتى السياسي.
الساحة اللبنانية ستشهد فوضى كبيرة
فرأت إسرائيل مع الخليج ان افضل حل هو وضع حزب الله في موقع حرج على الساحة اللبنانية التي ستشهد فوضى كبرى من خلال استقالة الحكومة، وسقوط الوضع الاقتصادي في لبنان.
ورأت السعودية ان في دعم إسرائيل للخليج امرا يشكل ضمانة ضد أي حرب إيرانية على الخليج إضافة الى الحماية الأميركية لدول الخليج.
وعلى هذا الأساس قررت السعودية اسقاط الحكومة اللبنانية، ومواجهة حزب الله وتحميل الحكومة اللبنانية مسؤولية اشراك حزب الله في الحكومة اللبنانية وهذا الامر جاء في البيان الختامي لمؤتمر وزراء خارجية العرب الذي زاد بيانه الختامي الازمة اللبنانية تعقيدا. واذا كان امين عام الجامعة العربية قد جاء الى بيروت لتخفيف التوتر وشرح البيان الختامي لمؤتمر وزراء الخارجية العرب، وبتوجيهات من الرئيس المصري محاولة التهدئة على الساحة اللبنانية، الا ان الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري واجها امين عام الجامعة العربية بأنه لا يجب تحميل الدولة اللبنانية مسؤولية الحرب الدائرة في المنطقة، وان الدولة اللبنانية نأت في نفسها عن الصراع الإقليمي الحاصل، وفق ما قاله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
اتصال بري بوزير خارجية مصر
وكان الرئيس نبيه بري قد اتصل بوزير خارجية مصر متمنيا عليه، بعدما عرف مضمون البيان الختامي لمؤتمر القاهرة عدم تحميل الدولة اللبنانية اية مسؤولية، فيما ردّت مصر بأنها اذ تقف ضد التكفيريين وهي ساندت سوريا في هذا المجال، لكنها تعتبر ان ضرب امن الخليج والنفوذ الإيراني المتصاعد والذي يحاول السيطرة على المشرق العربي والهيمنة على الخليج مرفوض من قبل مصر.
لكن مع ذلك، صدر بيان عن الجامعة العربية اعتبر حزب الله إرهابياً، وهو احد اذرع ايران وقام بتحميل الدولة اللبنانية مسؤولية اشتراك حزب الله الإرهابي - على ما صدر عن مؤتمر القاهرة ـ وحمّل الدولة اللبنانية مسؤولية اشراك حزب الله في الحكومة.
خطاب هادىء للسيد نصرالله
أطلّ امس امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله وكان خطابه هادئا، ولم يعلن موقف حزب الله من الازمة اللبنانية الداخلية، بل قرر السيد حسن نصر الله انتظار عودة الرئيس الحريري، وبعد اعلان مواقف الرئيس الحريري، كما قال رئيس الحكومة انه سيأتي ويحضر عيد الاستقلال ويزور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ثم يعلن مواقفه، وعلى هذا الأساس قرر حزب الله الانتظار ان يعلن الرئيس سعد الحريري مواقفه، وعندها سوف يرد حزب الله بإعلان مواقفه أيضا سواء بالنسبة الى الحكم في لبنان ام للحكومة ام لدور لبنان ام لدور حزب الله في القتال في سوريا والعراق ودعم الحوثيين.
وفي خطاب السيد حسن نصر الله اشادة كبيرة بتحرير مدينة البوكمال السورية من داعش، واعلن السيد حسن نصر الله ان دولة الخلافة الإسلامية التي ادعتها داعش وهي خارج الدين الإسلامي ودولة داعش هي دولة وحشية وارهابية وقد هزمتها سوريا والعراق وحزب الله وايران وروسيا، انتهت نهائيا، فيما بقي خلايا لداعش لا بد من ملاحقتها، والانتباه الى خطرها، لكن الدولة الأساسية لدولة الخلافة التي تزعمتها داعش سقطت نهائيا.
وقال السيد حسن نصر الله ان حزب الله قاتل في جرود الحدود الشرقية وطرد داعش منها، كما انه قاتل في سوريا قتالا شرسا أدى الى منع تقسيم سوريا والى الانتصار على التكفيرين والحفاظ على سوريا، كما أشاد السيد حسن نصر الله بدور ايران عبر اعلان اللواء سليماني بتحرير مدينة البوكمال السورية وفتح خط الحدود الدولي بين سوريا والعراق وهو الممر الدولي المعترف به.
كما اعلن إضافة لاشتراك قوة عسكرية كبرى في القتال في سوريا من حزب الله انه ارسل خبراء وقياديين ولم يرسل قوات عسكرية الى العراق، بل شارك عبر نخبة من القياديين والخبراء في مساعدة العراقيين في القتال ضد داعش.
واتهم السيد حسن نصر الله الولايات المتحدة بدعم داعش في معركة البوكمال وان الطيران الأميركي قام بتأمين التغطية الجوية لداعش قرب نهر الفرات.
لا علاقة لحزب الله بالصاروخ الباليستي والسعودية تحاصر 20 مليون يمني
اما بالنسبة الى اليمن، فأعلن ان لا علاقة لحزب الله بالصاروخ البالستي، والاتهام اتهام وهمي كذلك لم يرسل حزب الله أي صواريخ الى اليمن لانه قال اننا نعيش مشكلة تأمين صواريخ لسلاح حزب الله ونعيش مواجهة مع إسرائيل في قصفها في سوريا لمنع وصول أسلحة الى حزب الله، وبالتالي، كيف نحاول الحصول على صواريخ ثم نرسلها الى اليمن، وان اتهام السعودية ودول الخليج لحزب الله في ارسال صواريخ والقتال في اليمن هو اتهام باطل، لكن السيد حسن نصرالله هاجم السعودية في قصفها الوحشي على شعب اليمن وأشاد بقوة الشعب اليمني وقال ان السعودية خسرت الحرب لان الشعب اليمني قاتل بشراسة وهو شعب قوي ومؤمن بأرضه.
وأضاف ان هنالك حوالى 20 مليون يمني يتم محاصرتهم وحرمانهم من الادوية والغذاء من قبل السعودية.
كيف يرتسم الوضع اللبناني حاليا؟
الرئيس سعد الحريري سيقابل مساء الثلثاء الرئيس المصري السيسي وفق ما أعلنت الرئاسة المصرية، وسيتم التشاور بين الرئيس المصري والرئيس الحريري، والرئيس السيسي يسعى للتهدئة في لبنان ومنع انفجار الوضع، كما اعطى توجيهات الى امين عام الجامعة العربية وهو السيد أبو الغيط والذي كان وزير خارجية مصر بالسفر الى لبنان والبقاء حتى يوم الخميس، لمتابعة عودة الرئيس سعد الحريري وإعلان مواقفه ومواقف حزب الله والسعي لدى عون والحريري وبري لايجاد تسوية، لكن التسوية لا يبدو انها ستحصل، والازمة الحكومية ستكبر، وان مطالب الرئيس الحريري التي سيعلن عنها سيرفضها حزب الله، ويعتبرها سعودية وليست من قبل الرئيس الحريري او تيار المستقبل.
السفير السعودي سيجمع القوى المعارضة لحزب الله
فيما وصل السفير السعودي الى بيروت لأول مرة منذ فترة طويلة والذي تم اعتماده منذ فترة، وسيبدأ مهامه، ويمكن اعتبار وصول السفير السعودي الى لبنان هو لتجميع القوى التي تؤيد موقف السعودية من خلال تحرك سياسي وديبلوماسي في مواجهة حزب الله.
كذلك سيتحرك حزب الله في مواجهة مطالب الرئيس سعد الحريري، ويجمع حلفاءه حوله، وستكون الكرة في ملعب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في شأن كيفية معالجة استقالة الرئيس سعد الحريري، اذا اعلنها، وكيفية تشكيل حكومة جديدة، خاصة اذا قرر الرئيس الحريري عدم ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة.
عون لابو الغيط: المقاومة والجيش حررا الجنوب
وفي محادثات الرئيس ميشال عون مع أبو الغيط امين عام الجامعة العربية، قال رئيس الجمهورية ان لبنان حرر بواسطة المقاومة والجيش اللبناني ارض الجنوب كلها، من دون مساعدة أي دولة في العالم، كذلك تصدى لبنان لحرب عدوانية إسرائيلية سنة 2006 ولبنان يعتبر حزب الله حزباً مقاوماً وليس حزباَ إرهابياً، ومشاركته في الحكومة تأتي من ضمن مشاركة كل المكونات السياسية، كما ان لبنان نأى في نفسه عن الحروب في المنطقة لذلك لا يجب ان يكون البيان الختامي لمؤتمر القاهرة يحمل الدولة اللبنانية المسؤولية بالنسبة الى الصراعات الإقليمية. كذلك فعل الرئيس بري عندما استقبل أبو الغيط ودافع عن المقاومة وابلغ أبو الغيط انه لم يكن يجب تحميل الدولة اللبنانية مسؤولية صراع إقليمي من خلال مؤتمر بيان القاهرة.
لبنان يعيش ازمة كبرى غير معروفة النتائج
الرئيس المصري الذي سيقابل الحريري سيسعى الى التهدئة لكن مصر تريد التهدئة على الساحة اللبنانية وهي تدعم نظام الرئيس بشار الأسد وارسلت أسلحة مصرية الى النظام السوري، لكن في المقابل، فان مصر تربطها علاقة قوية بالسعودية وتقف ضد ايران في مدّ النفوذ الإيراني الى الخليج العربي. ورغم مساعي الرئيس السيسي للتهدئة ومحاولة إيجاد تسوية بين الرئيس سعد الحريري والرئيس ميشال عون وبقية الأطراف ومع حزب الله فان الحل غير متوفر ولبنان سيعيش ازمة حكومية كبرى، فعلى الصعيد السياسي ستكون هنالك حرب سياسية عبر التصريحات فقط، ولن يتم السماح بأي تحرك شارعي او ميداني، بل سيقوم الجيش اللبناني بحفظ الامن بقوة مع كامل الاجهزة الأمنية ولن تحصل أي مشاكل امنية. اما على صعيد التسوية السياسية فقط سقطت في لبنان ويعيش لبنان ازمة غير معروفة النتائج، لانه يصعب تشكيل حكومة جديدة مع مقاطعة الطائفة السنية لتشكيل حكومة جديدة، كذلك لا يمكن تشكيل حكومة جديدة من دون اشتراك حزب الله ولذلك فالازمة الحكومية مفتوحة.
الرئيس عون يملك تصوراً للحل هل سيقبل استقالة الحريري؟
ويقول البعض ان لدى رئيس الجمهورية تصوراً لحل الازمة الحكومية، ولكن هل سيقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون استقالة الرئيس الحريري ويجري مشاورات نيابية لتشكيل حكومة جديدة، وهذه أسئلة لم يفصح عنها رئيس الجمهورية بل ابقاها قيد الكتمان بانتظار عودة الحريري وإعلان مواقفه واعلان حزب الله مواقفه، وبالتالي فان الرئيس عون متفق مع الرئيس بري على كيفية إدارة الأمور والتشاور سوية بعد حصول الازمة والصراع بين تيار المستقبل وحزب الله وبالتالي بين ايران والسعودية على الساحة اللبنانية.
الحريري لن يستقر في بيروت بشكل كامل!
والى حين ان تتشكل الحكومة الجديدة، اذا حصل ذلك، فان الحكومة الحالية ستكون هي حكومة تصريف الاعمال لكن الحريري لن يقيم في بيروت بشكل دائم، بل بعد زيارته بيروت والاجتماع مع الرئيس عون سيعود الى السعودية، ثم سيذهب الى فرنسا، ثم يمر في بيروت، ولن يكون في موقع متابعة تصريف الاعمال، وسيكون على الوزراء تصريف الاعمال دون متابعة رئيس الحكومة، وهي إشكالية جديدة تقع للمرة الأولى في هذا الشكل في لبنان منذ بداية الحرب.
اما على صعيد العربي الدولي فتجري اتصالات فرنسية مع السعودية واتصالات فرنسية مع الأطراف اللبنانية من الرئيس عون الى الرئيس الحريري، الى اطراف أخرى، كذلك تشاور الرئيس الفرنسي مع الرئيس الأميركي في شأن ازمة لبنان والصراع السعودي ـ الإيراني. وكان الموقف الفرنسي والأميركي متوافقاً على وقف امتداد النفوذ الإيراني، إضافة الى محاولة منع ايران من تطوير الصواريخ البالستية.
فرنسا لا تستطيع ايجاد حل للأزمة اللبنانية
لكن هل ستستطيع فرنسا إيجاد حل للتسوية السياسية في لبنان، والجواب كلا، لن تستطيع فرنسا لان المواجهة السعودية ـ الإيرانية هي في اعلى مستوى، ولم تلعب واشنطن ولا روسيا ولا أوروبا دور الوسيط بين طهران والرياض، من اجل إيجاد حوار إيراني ـ سعودي والحوار الإيراني - السعودي مقطوع كليا بل ان المواجهة حاصلة عمليا. وولي العهد السعودي اتصل بوزير خارجية اميركا وابلغه موقف السعودية خلال 48 ساعة الماضية وان السعودية ماضية في مواجهة امتداد النفوذ الإيراني وابلغه ان السعودية لن تقبل بأن يسيطر حزب الله على لبنان والاشتراك في القتال في سوريا والعراق ودعم الحوثيين في اليمن.
وتجاوب معه وزير خارجية اميركا، الا ان وزير خارجية اميركا ابلغ ولي العهد السعودي ان واشنطن حريصة جدا على الاستقرار في لبنان، وتعتبر الاستقرار في لبنان خطاً احمر، وان واشنطن موقفها يختلف بالنسبة للحفاظ على الاستقرار في لبنان عن موقفها في شأن سوريا والعراق، فهي لم تتدخل بقوة في حرب سوريا والعراق، لكنها حريصة على استقرار لبنان وفصله عن الوضع العراقي - السوري - اليمني.
المشكلة الاقتصادية في لبنان
على صعيد الحفاظ على سعر الليرة اللبنانية تجاه الدولار، فان مصرف لبنان هو الضمانة والضمانة الكبرى هو حاكم مصرف لبنان الأستاذ رياض سلامة الذي اقام هندسات مالية جعل مصرف لبنان يحصل على 43 مليار دولار، قوة احتياطية للحفاظ على الليرة اللبنانية، وانه يمكنه الدفاع لسنوات عن سعر الليرة اللبنانية تجاه الدولار.
اما الاقتصاد في لبنان فسيتراجع والهيئات الاقتصادية برئاسة الوزير السابق عدنان قصار قامت بإبلاغ الرؤساء وتريد ابلاغهم ان حدة الخلاف السياسي والازمة الحكومية ستؤديان الى تراجع الاقتصاد اللبناني تراجعا كبيرا.
مشكلة المصارف
اما على صعيد المصارف اللبنانية فهي قوية ولديها رأس مال من أرباحها قامت بحفظه بتعاميم من مصرف لبنان، الا ان مشكلة المصارف انها قامت بتسليف القطاع الخاص واللبنانيين، بقيمة 60 مليار دولار، ومع تراجع الاقتصاد اللبناني لن يكون باستطاعة الذين استدانوا قروضا من المصارف تسديد المبالغ المتوجبة عليهم لذلك سيكون هنالك تنسيق بين مصرف لبنان وجمعية المصارف لكيفية معالجة تحصيل ديون 60 مليار دولار من القطاع الخاص في لبنان ومن أصحاب شركات ومشاريع وعقارات وغيرها استدانوا هذه المبالغ من المصارف. وعلى الأرجح قد يتم جدولة الديون من جديد الا ان الفوائد المصرفية سترتفع، والأمور مرهونة لمدة الازمة السياسية عما اذا كانت ستستمر أسابيعاً او اشهراً او سنة واكثر.
عهد عون يقف على مفترق طرق خطر
الا ان عهد الرئيس ميشال عون يقف امام مفترق طرق خطير جدا في الخمس سنوات الباقية من العهد فاذا كانت السنة الأولى ناجحة عبر التسوية السعودية ـ الإيرانية التي انعكست على وصول عون وعودة الحريري الى رئاسة الحكومة فان هذه التسوية سقطت وبات عهد الرئيس ميشال عون امام معادلة كيفية إقامة توازن جديد في لبنان ومعالجة انعكاس الصراع الإيراني ـ السعودي على الساحة اللبنانية.
شارل أيوب