هل الانسان مفطور على الدين أم أن الدين ثقافة مكتسبة؟
يجيب سماحة العلامة السيد محمد حسن الامين: “معنى أن يكون الإنسان مفطورا على الدين، معناه أن الإنسان إذا خيّر، فإن فطرته أي العقل السليم سيعرفه على وجود الخالق، وما يستتبع هذا الوجود الإلهي من شكر على نعمة الوجود، ومن التزامات تجاه الخالق الذي لا تدركه الأبصار ولا الأسماع، ولكن تدركه البصائر ويدركه العقل.
والحق أن الإنسان مؤهل بذاته لأن يكون متديناً، ومع ذلك فإن الله أضاف لهذه الفطرة إرسال الرسل من الأنبياء، وهذا الأمر، أي إرسال الأنبياء هو من اللطف الإلهي، فالله ليس عليه أن ينذر عباده بعد أن زودهم بالفطرة التي يمكن أن تهديهم لوجود الخالق وعبادته، أما عندما تنحرف الفطرة ولا تعود إلى وظيفتها، فإن الإنسان يقع في الضلال، لذلك نلاحظ أن القرآن الكريم والكتب السماوية تريد من الإنسان أن يستخدم العقل المجرّد أي إدراك الإنسان أن المخلوقات في الكون من حوله لا بد لها من خالق ومدبر، إن إدراك الإنسان هذا مسألة عقلية فطرية، لا تحتاج إلا لحضور البديهة، لا إلى معادلات شاقة وصعبة، فلو سألت صبياً مميزاً “هل يمكن أن يوجد شيء بدون سبب موجب له، “لقال على البديهة إن ذلك مستحيل، فكل الموجودات تحتاج إلى من يوجدها”.
هل يستطيع الانسان أن يعيش دون معنى؟ ومن أين يستمد هذا المعنى؟
يجيب السيد الامين: “يستطيع الإنسان أن يعيش دون معنى ولكنه لا يمكن له أن يحيا دون معنى، وهناك فرق بين “العيش” و”الحياة”.
أن يعيش بدون معنى، هو أن تكون حياته كلها مسخرة للطعام والشراب وتلبية حاجاته الطبيعية. فلا يستطيع أن يكون إنسان بل حيواناً ناطقاً، بل أشبه بحيوان غير ناطق.
لذلك لا بد للإنسان من معنى لحياته يستحق ان يحيا لأجله، وأول الشروط للمعنى أن يدرك الإنسان أنه كائن مميز عن سائر المخلوقات، بميزه نوعية وهي العقل وما يستتبع من حرية تمكنه من إعمار هذا الوجود والأرض التي يعيش عليها، ويمكنه أن يمتلك منظومة قيم وعادات وبناء اجتماع يليق بالامتيازات التي أعطيت للإنسان، لذلك يجد الإنسان معناه بقدر فعاليته في الجماعة التي يعيش فيها ومساهمته في رقيها ودفعها إلى المزيد من تحرّي تحقيق الحرية والعدل بالحقوق والواجبات، وبهذا تصبح مسألة حقوق الإنسان مسألة طبيعية، فلا يمكن أن يتوفر للإنسان هذا النوع في الحياة الكريمة دون وجود حقوق له مهما يكون لونه أو جنسه أو انتماؤه الديني أو السياسي”.