"فليرجع الحريري لنتشاجر، لنتكلم بسلاح حزب الله... المهم أن يرجع"، قالها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في إطلالته الأخيرة بمناسبة يوم الشهيد، فاتحاً بذلك باب الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل حتى بما يخص أكثر النقاط الخلافية الكبرى حساسيةً بين الفريقين، وهو سلاح حزب الله. ولاقاه رئيس الحكومة سعد الحريري من الرياض، عندما أكد أنه سيعود إلى لبنان وسيكون هناك حوار.
يقول أحدهم إن سلاح حزب الله من الخطوط الحمراء التي لا يرضى الحزب أن يكون محط نقاش حتى، ويرى أن ما صدر عن نصر الله كان من باب المزاح لا أكثر. ويردّ آخر قائلاً إن الكلام عندما يصدر عن شخص بمستوى السيد نصر الله فهذا يعني أنه لا بدّ لنا من أخذه على محمل الجد حتى لو جاء في سياق المزاح.
في كانون الأوّل من العام 2014، عقد "حزب اللّه" و"تيّار المستقبل" اجتماعهما الأوّل برعاية رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي في عين التينة، لتخفيف التوتر والتشنج الطائفي، في ظل الحرائق المشتعلة في المنطقة، وضرورة إبقاء لبنان بمنأى عن الصراع. واستمر هذا الحوار الذي عوّل كثيرون على انقطاعه باكراً حتى آذار الماضي، تاريخ عقد الجلسة 41 لحوار حزب الله – المستقبل، وهي الجلسة التي يتم فيها تحديد موعد لجلسة حوار جديدة.
وشكل هذا الحوار في ظل الفراغ الرئاسي وأزمات البلد المضبوطة على إيقاع أزمات المنطقة، ضرورة ملحة وإن كان قوامه بيانات مقتضبة ركزت على العناوين الكبرى بعيداً عن التفاصيل ومن دون التطرق إلى الملفات الخلافية بين الفريقين ولا سيما الأزمة السورية.
ومر الحوار الثنائي بنكسات عدة وتوقف في الفترة الأخيرة، إلا أن مفاعيله استمرت وتجلت بالتسوية الرئاسية والاتفاق على تسمية سعد الحريري رئيساً للحكومة. إنما عودة الحوار الثنائي في هذه المرحلة بالذات يحمل معه عناوين جديدة هي أكثر حساسية من السابق، خصوصاً في ما يتعلق بسلاح حزب الله، وارتباطه بإيران وتدخله في صراعات إقليمية، وارتباط المستقبل بالسعودية والذي خرج عن إطاره المألوف إلى إطار أكثر وضوحاً لا سيما بعد استقالة الحريري من رئاسة الحكومة.
أعاد خطاب نصر الله ومقابلة الحريري الحوار إلى الواجهة، فهل يمكن أن تعيد الأوضاع المتأزمة هذا الحوار إلى الحياة من جديد؟ وما هي مواقف الفريقين اللذين طالما أكدوا على ضرورة الحوار بصورة دائمة ومستمرّة لمصلحة لبنان؟
تؤكد مصادر قريبة من حزب الله لـ"ليبانون ديبايت" أن الحوار بمعناه العام "غير قائم في الوقت الراهن مع تيار المستقبل" لكن ثمة "خطاً ساخناً مفتوح دائما وبكل الأوقات لضبط بعض الامور التي قد تحصل في الشارع".
وعن الحوار الثنائي بمعناه الخاص تقول المصادر نفسها أن الحوار الثنائي بين الفريقين كان سقفه المؤسسات، أما اليوم فلا حوار ثنائي يجمع بين الطرفين، واليوم من يمثل موقف حزب الله بهذا الحوار هو الرئيس بري، وإذا ارتأى بري إعادة فتح طاولة الحوار فسيكون ذلك.
وعلم "ليبانون ديبايت" أن رئيس الجمهورية ميشال عون تلقى في الأيام الماضية دعوات لعقد طاولة حوار شامل بين الأفرقاء اللبنانيين. وتعبّر المصادر عن موقفها من هذا الحوار، بقولها إنه "رهن البنود التي سيتخللها، لا النية فقط".
وأكدت المصادر أن قرب حزب الله من الحريري في الفترة الأخيرة فجّر الحكومة وأدى إلى إجبار الرياض الرئيس الحريري على الاستقالة، لذا "نعتقد أن فريق المستقبل السياسي في الوقت الراهن بوارد إعادة الكرة تحسباً".
من جهته، أكد النائب في كتلة المستقبل نبيل دو فريج أن لا حوار ثنائي اليوم بين الفريقين. ورأى أن المستقبل "معروف بأنه تيار الحوار، ويداه دائماً مفتوحتان للحوار، تحت سقف سيادة لبنان ورفض التدخلات الخارجية".
ولفت دو فريج إلى أن المستقبل مستعد للدخول بالحوار الشامل الذي يمكن أن يدعو إليه الرئيس عون، شرط أن يكون حوار بنّاء يصل في نهاية المطاف إلى نتائج، وألا يكون حواراً شكلياً وصُوَرياً غايته فقط تهدئة الوضع بالمسكنات من دون معالجتها.