«يا جماعة أنا بألف خير وإن شاء الله أنا راجع هاليومين»، «خلينا نروق، وعيلتي قاعدة ببلدها المملكة العربية السعودية مملكة الخير».
هذا كان تعليق رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري، على حسابه في «تويتر»، أمس (الثلاثاء).
تغريدة الحريري أتت بعد مقابلته الأولى مع تلفزيون «المستقبل» منذ أعلن استقالته الشهيرة، وهي الاستقالة التي ألقت حجراً ضخماً في المياه السياسية اللبنانية الآسنة.
في المقابلة مع المذيعة بولا يعقوبيان، وهي، عنيتُ المذيعة، عاكسة لجلّ دعاوى الميديا اللبنانية، المعادية منها قبل الموالية، حول أساطير استقالة الحريري، التي دشّنها حسن نصر الله، والتيار العوني، وجماعة برّي، ومن لفّ لفّهم.
كما قلنا في المقالة السابقة، جماعة نصر الله، ومن تحالف معهم، عوض مناقشة صلب استقالة الحريري وسببها «غيّروا» الموضوع إلى شكل استقالة الحريري ومكانها.
حتى بعد مقابلة الحريري مع بولا يعقوبيان في «المستقبل»، أصرّ إعلاميون لبنانيون، من مراسلي الفضائيات، على «مضغ» أقراص الوهم الإعلامي من جديد، وسألوا المراسلة التي قابلت الرجل، ووجّهت إليه أغلب اتهامات المؤامرات الخيالية في الميديا اللبنانية، ومع ذلك أصرّ مَن حاور المذيعة في مطار بيروت وهي عائدة، على أن الحريري لم يكن في بيته، بل في مكان ما، ولا نعلم عن هذا الـ«ما» شيئاً! وحلفت لهم المذيعة أنها قابلت الحريري في بيته وعند أهله وأنها مع الفريق تناولوا طعام العشاء على مائدته!
تخيلوا وصلنا إلى هذا الحدّ من التفاصيل التافهة، كل ذلك هرباً من فريق نصر الله ومن يحالفه مناقشة أصل المسألة، هذا الأصل الذي ركّز عليه الحريري في مقابلته مراراً، وهو: مصير دولة لبنان التي يريد بعض قادتها من الجميع أن يقبل واقعها الضارّ، واقع أنه ثمة دولة يتحكم بها حزب أو تشكيل مصنف إرهابياً، يقتل ويدرب القتلة في اليمن والبحرين والكويت والقطيف... وطبعاً سوريا والعراق.
تلك هي المسألة... سلاح ودور «حزب الله» في منطقتنا. ونهاية عهد التكاذب والتسويف مع هذا الواقع المدمر، ذاك مفيد قبل أن يكون لجيران لبنان، فهو للبنان نفسه.
الحال أن هذا الجنوح الإعلامي اللبناني، لا نقول كله، لافت للنظر، فرغم كل الحقائق والأدلة المشاهَدة بالعين، والمسموعة بالأذن، هناك في هذه الميديا من يركض ركضاً في أودية الغيّ والوهم وإطلاق الكذبة ثم تصديقها ثم إجبار الآخرين على تصديقها أيضاً!
سبب استقالة الحريري هو الموضوع، ليس أي قصة ثانية، ولن يجدي شيئاً هذا التكالب الحماسي الجماعي على تغيير الموضوع.

 

مشاري الذايدي