إذا كان ما صرح به مستشار رئيس الجمهورية الإعلامي جان عزيز دقيقًا من حيثية صحة ومتانة الرسالة التي تلقتها الرئاسة والتي تقول بوضوح بأن المرحلة التي نمر بها الآن هي أشبه ما تكون بمرحلة ما قبل سنة 1982 وما تلاها من إجتياح إسرائيلي إستهدف إقتلاع منظمة التحرير من لبنان وإرسال ما تبقى من مقاتليها إلى تونس مع قيادة المنظمة فهذا يؤكد ما قلناه ونقوله منذ ما بعد إستقالة الحريري بأن مقاربة المشكلة بهذه الخفة والسذاجة هو ضرب من الجنون.
وعليه نجد لزامًا علينا مرة بعد الأخرى بأن نشير بالبنان إلى خطورة المرحلة، مع لحاظ الفارق بأن حزب الله ومقاتليه هذه المرة هم لبنانيون ويعيشون في بلدهم وقراهم وبين أهليهم، وهذا يعني بأن إقتلاع الحزب أو ترحيله بما يشبه ما حصل مع مقاتلي منظمة التحرير هو أمر متعذر وغير وارد ولا أعتقد أنه من الأهداف المطروحة عند أعداء الحزب.
وبالتالي فإذا صح التشبيه بمرحلة 82 من زاوية التحضيرات العسكرية وحجم الهجوم المتوقع إلا أن معالم أهداف 2006 هي السقف المراد تحقيقه، بمعنى أدق فإن كل المطلوب هو 1701 بوجه عربي هذه المرة وبكل مضامينه وأهمها تراجع سلاح ومقاتلي الحزب عن الحدود ومن الساحات العربية وعودته إلى لبنان.
إقرأ أيضًا: كلمة عاصفة ولو من دون سبابة
الأنظار الآن تتجه نحو حزب الله ومن ورائه إيران التي تستعمل الحزب كرأس حربة في مشروعها الدفاعي وكقاعدة عسكرية متقدمة في هجومها على أخصامها على طول الجغرافيا العربية وصولًا إلى ما بعد بعد هذه الجغرافيا، وهل ستجنب لبنان والحزب مخاطر المواجهة عبر القبول والإذعان سلميا لهذا الإتفاق الجديد أم أنها ستغامر مرة جديدة قبل التوقيع.
وهنا لا بد من التذكير لعلها تنفع الذكرى، بأننا كنا نناشد حزب الله منذ ما بعد الإنسحاب الإسرائيلي من الجنوب 2000 بالقبول بصعود الجيش اللبناني إلى الحدود مع العدو ليمارس دوره الطبيعي بحماية لبنان، وكتبنا وكتب الكثيرون وصرخنا وصرخ الكثيرون يومها بهذا المطلب الطبيعي والبديهي ولم نلق يومها آذان صاغية ولم نسمع إلا المعزوفة إياها بأننا لا نرضى أن يتحول الجيش اللبناني إلى حرس حدود وبأن الجيش أضعف من أن يقوم بالدفاع عن لبنان، هذه المعزوفة استمرت إلى أيام قليلة قبل إنتهاء حرب ال 2006 عندما صرح السيد نصرالله يومها، تحت القصف ومن بين الركام بأن "إنتشار الجيش اللبناني على الحدود هو مطلب وطني!" وتم التوقيع على ال1701 اللبناني.