ورد في صحيفة "المستقبل" أنه في ظلّ "موجة" ملفات الارهاب التي "تجتاح" المحكمة العسكرية، لم يسبق لها أن شهدت ملفاً كملف فاطمة س. التي تُحاكم بجرم التحضير لتنفيذ عملية انتحارية بواسطة حزام ناسف ضد الجيش، وسعيها الانتقال إلى الرقة بغية الالتحاق بتنظيم "داعش" الإرهابي هناك.
قد تكون فاطمة المعروفة بـ"أم ماريا" نسبةً إلى أبنتها البكر، وقعت ضحية أربع نساء: هبة وزينب وماجدة وسارية اللواتي نجحن في اقناعها بـ"محاسن قيام الدولة الإسلامية وتكفير الجيش وفوائد العمليات الانتحارية" إلى درجة حملنها على الالتحاق بالتنظيم في الرقة بعد إخضاعها لدروس دينية حول الجهاد والتكفير.
بعد عدة لقاءات مع النسوة الأربعة في منزل زوجة أخيها الذي قتل في عرسال، باتت أم ماريا جاهزة، لتنفيذ عملية انتحارية بواسطة حزام ناسف، عملية كانت تستهدف مركزاً للجيش في محلة وادي حميد في عرسال، لكنها عدلت عن التنفيذ بسبب ابنتيها ليصار إلى توقيفها أثناء رحلة ترفيهية، على أحد حواجز الجيش في عرسال في أيار الماضي.
بدّلت ام ماريا الكثير من أفادتها الأولية أثناء استجوابها أمس أمام المحكمة برئاسة العميد الركن حسين عبدالله وعضوية المستشار المدني القاضي وسام ابراهيم وبحضور ممثل النيابة العامة القاضي رولان الشرتوني، "فعلى من أترك أولادي من بعدي"، خصوصاً وأن زوجها توفي في سوريا. هكذا تبرر فاطمة وتنقل عن تلك النسوة أن "لديهن أسلوباً في الإقناع"، وبأنها راحت تتهرب منهن بعدم استقبالهن بعدما رأت في منزل إحداهن حزاماً ناسفاً. كما تنفي محاولتها الالتحاق بالتنظيم في الرقة، وما سبب تنظيمها جواز سفر سوى للذهاب إلى تركيا للقاء أهل زوجها متحدثة عن شخص عراقي يسكن في سويسرا مجهول من قبلها أرسل لها حوالتين ماليتين "تفاجأت" بهما.
في "روايتها" أمام المحكمة أمس، تقول فاطمة بأن اجتماعها بالنسوة كان بهدف حفظ القرآن، ولم تتلقَ أي دروس دينية حول الجهاد والتكفير. وأضافت إن زينب حميد التي تنتمي إلى "داعش" فتحت لها حساباً على الفايسبوك باسم أم ماريا وليس باسم أم عبدالله الأنصارية كما ورد في التحقيق، إنما لم تنكر فاطمة أنها استطاعت من خلال حسابها هذا التعرف على عدد من الشبان الذين ينتمون إلى "داعش" في كل أنحاء العالم.
تقول أولياً أنها تعرفت على شخص عراقي يقطن في سويسرا وهو دعاها إلى اللقاء به في سوريا من أجل الزواج، لتنفي ذلك أمام المحكمة موضحة بأن هذا الشخص أرسل لها حوالتين ماليتين الأولى بقيمة 500 دولار بعدما علم أن زوجها متوفي والثانية بقيمة 300 من أجل الأضاحي وذلك قبل عيد الأضحى.
تعرفت فاطمة إلى زوجها عمر الخطيب في العام 2009 حيث كانا طلاب شريعة، فتزوجا قبل أن يعود إلى بلاده في العام 2011 حيث اندلعت الثورة السورية وبات مطلوباً للنظام وقتل في العام 2012 خلال قتاله إلى جانب النصرة. وقد نفت فاطمة ما يتعلق بزوجها حيث أفادت بأن اتصالها به انقطع لمدة خمسة أشهر وعلمت أنه توفي إنما لا تعرف عنه أكثر من ذلك، وهي سبق أن "رفضت" عرض زينب حميد بتزويجها من المدعو حسام الخطيب قريب زوجها والمعروف بأبو حسن الجزراوي.
ولا تنكر أم ماريا معرفتها معرفتها بنساء ينتمين جميعاً إلى "داعش" وهن زوجات مقاتلين في التنظيم ومن بينهن حليمة زوجة شقيقها الذي قتل "ولا نعرف من الذي قتله"، هؤلاء النسوة كن جميعاً يرتدين أحزمة ناسفة - قالت فاطمة اولياً - لتعود أمام المحكمة و"توضح" أن الرجال فقط كانوا يرتدون باستمرار تلك الأحزمة.
وفي التحقيق الأولي ذكرت فاطمة أن النسوة بدأن بإقناعها بوجوب القيام بعملية انتحارية كونها تحمل فكر "داعش"، تستهدف حاجز وادي حميد كونه يعيق عبور عناصر التنظيم. وعندما اقتنعت بذلك رحن يدربنها على كيفية ارتداء الحزام الناسف حيث كانت بانتظار ساعة الصفر، إلا أنها عدلت عن العملية بسبب أولادها وإنما كانت من مؤيدي فكر تنفيذ عمليات انتحارية في سوريا والعراق. وأمام المحكمة قالت فاطمة عن هذه الواقعة: "هيدا حكي مش مظبوط"، مضيفة إنها لم تذكر ذلك في التحقيق ولم تتدرب على شيء، وإن ما حصل معها هو "أن البنات كن يترددن إلى منزل زوجة شقيقها فأعجبني لباسهن وكن يدعونني لزيارتهن وبعد فترة من ذلك شاهدت عندهن سلاحاً على شكل مثلث وسألت زينب عن شيىء شاهدته قالت بأنه حزام ناسف، واستوضحتها عما إذا كان يتم شراءه من سوريا لأن أخي وخطيبي مطلوبين وكانا يرتديانه باستمرار"، وكان ذلك قبل توقيفها بنحو ستة أو سبعة أشهر.
وعن محاولتها الدخول إلى الرقة عبر تركيا قالت فاطمة في هذا المجال بأنها نظمت جواز سفر لها للقاء أهل زوجها في تركيا وليس بطلب من العراقي أزاد، وبأنها استحصلت على كتاب من المختار لتنظيم جوازي سفر لابنتيها كونهما ليستا مسجلتين.
وفي ردها على أسئلة ممثل النيابة العامة عن سبب وجود 79 اتصالاً بينها وبين سارية الحجيري المنتمية إلى تنظيم "داعش"، قالت فاطمة إنها تعرفت عليها في منزل زينب وهي صديقة الأخيرة، مضيفة بأنه وبعد أن حضرت معهن أول جزء من سورة البقرة قطعت علاقتها بهن وكانت تتهرب منهن كلما قصدنها في منزلها في عرسال التي انتقلت إليه من منزل أهلها في الأوزاعي "بسبب مدرسة الاولاد" وكانت تنتظر بفارغ الصبر انتهاء العام الدراسي للعودة إلى منزل أهلها.
وأصرت المتهمة على التأكيد بأنها عدلت طوعاً عن تنفيذ العملية حتى أنها قالت لزينب "روحي انت عملي عمليي انتحاريي".
وكيف انتسبت فكرياً للتنظيم قالت إن لديهم إصدارات عن أرض الخلافة وهي للإسلام إنما لم تنتسب فكرياً للتفجير والقتل، لتؤكد أخيراً بأن دور هبة وزينب في حياته "غلطة لا بل اكبر غلطة".