لا تجد مجلسًا عامًا أو خاصًا، ولا حديث في وسائل الإعلام التقليدي والجديد إلا وهو مشغول بموضوع مكافحة الفساد بعد سلسلة الخطوات والإجراءات الجادة التي تم اتخاذها مؤخرا في هذا الصدد ضد مجموعة من المشتبهين بالضلوع في ممارسته. هذه الإجراءات فتحت الأبواب على مصاريعها لطرح التساؤلات وفتح باب النقاش والجدل حول كل ما يتعلق بقضايا الفساد -الإداري والمالي تحديدا-.
بعيدا عن مناقشة الظروف التي هيأت لنموه وانتشاره، الكل يؤكد على مدى تغلغل الفساد بأشكاله المختلفة في مختلف مفاصل الاقتصاد وتأثيره السلبي الكبير على التنمية بمشاريعها المختلفة. والكثيرون كانوا يشككون في القدرة على مواجهة ومكافحة وكبح جماح الفساد. وجاءت هذه الاجراءات لتثبت أن ملاحقة المشاركين فيه لن يكونوا بمأمن من الملاحقة القانونية مهما علا شأنهم.
الفساد تمظهر بأشكال مختلفة وعديدة ، وبلغ لمستويات في العديد من الإدارات والمؤسسات الرسمية والأهلية، وأوشك أن يكون حالة. وكانت محاربته شبه مستحيلة في ظل غياب الشفافية وضعف أجهزة الرقابة وعدم وجود صلاحيات مناسبة لديها.
نحن الآن نتحدث عن مرحلة جديدة تتسم بالوضوح والشفافية، وتهدف إلى تطمين المستثمر المحلي والخارجي بوجود ضوابط وتشريعات وأنظمة تحمي الاستثمارات وتؤكد على التنافسية العادلة. وهذا لا يتأتى بطبيعة الحال إلا باستكمال المنظومة القانونية والتشريعية التي تجعل من ارتكاب الفساد جريمة محددة شكلا ومضمونا، وعبر توفر أنظمة رقابية فعالة تمتلك صلاحيات مناسبة، ووسائل إعلام تساهم في الكشف والمتابعة والتحقيق.
ما نتطلع إليه جميعا هو أن تحقق هذه الاستراتيجية في مكافحة الفساد أهدافها كاملة، وأن تنعكس آثارها على مختلف الأصعدة والمؤسسات، وتساهم في الإسراع بتنفيذ المشاريع المتأخرة وعلاج الهدر المالي. وأن تشمل كذلك جميع أشكال الفساد من تعيين على أساس المحسوبية والواسطة بدلا من الكفاءة، وغياب رقابي على المشاريع والصفقات العملاقة، وسوء تنفيذ للمشاريع الخدمية،وغيرها من الحالات التي بدأنا نرى معالجات لها.