يقول حسين صادقي سفير إيران الأخير لدى السعودية إن مصير النظام السعودي لن يكون مماثلا لمصير النظام البهلوي الإيراني وإن الصورة التي يرسمها الإعلام الإيراني وغيره عن السعودية هي صورة خاطئة وناتجة عن سوء فهم المجتمع السعودي القبلي التقليدي، مضيفا أن النظام السعودي اتخذ دروسا وعبرا عن نظام الشاه ولهذا السبب لم يكرر أخطاء الشاه في تحديث المجتمع عبر القوة وفرض قيم الحداثة على المجتمع التقليدي الذي لديه قيم دينية وثقافية مختلفة عن قيم الحداثة.
ويرى صادقي أن من أهم الأسباب لسقوط الشاه هو أنه انبهر بالحداثة الغربية وحاول تحديث النظام، ثم اتجه إلى المجتمع الإيراني لتحديثه وإدخال القيم الغربية فيه خلال عملية فوقية جعلت المجتمع يصمد أمام تلك العملية.
ويعتقد السفير صادقي أن النظام السعودي بعد إنتصار الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 إتخذ إجراءات وخطوات من أجل تجنب خطر السقوط، منها درس هفوات الشاه وثانيا العمل من أجل ملأ الشرخ بين الدولة والشعب وثالثا القيام بالإصلاحات التدريجية في المجال المجتمعي والمدني وفيما بعد الإصلاحات السياسية وكان النظام متلائما مع المجتمع في مسار الإصلاحات، حيث لم يقم بإصلاحات يرفضها المجتمع لأن إحدى العوائق الرئيسية لتحديث المجتمع السعودي هو أن المجتمع كان يرفض الكثير من التغييرات والإصلاحات وليس النظام فضلا عن أن العلماء التقليديين المتشددين أيضا يرفضون التغييرات.
إقرا أيضا: حجب صحيفة كيهان الإيرانية بسبب تهديد الإمارات
ويشير صادقي إلى حديثه مع مسؤولين سعوديين قبل 15 عاما عندما سألهم عن سرّ رفضهم للإنفتاح السياسي والمجتمعي وعدم إعطاء حق قيادة السيارات أو حق التصويت للنساء، فردّ عليه المسؤول السعودي بأننا لا نكرر أخطاء الشاه ونفتح المجال بقدر ما تسمح الأجواء لأن هناك قوى مجتمعية تصمد أمام التغيير.
ويضيف السفير الإيراني السابق أن الإصلاحات التي قام بها محمد بن سلمان أخيرا ومنها إعطاء حق قيادة السيارات للنساء وحق التصويت ودخول الملاعب الرياضية ليست وليدة اليوم بل إنها بدأت منذ عهد الملك الراحل فهد، ثم استمرت في عهد الملك عبد الله عبر إشراك جميع المكونات الطائفية ومنها الشيعة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، ويعتبر تشكيل ذاك المؤتمر خطوة متقدمة في مسار الإصلاحات.
ونقل صادقي عن الراحل نايف بن عبد العزيز قوله بأن عدم حرية القيادة للنساء ليس رأي الإسلام ولا رأينا، بل إن المجتمع التقليدي السعودي يرفض حاليا قيادة النساء للسيارات.
إقرا أيضا: إيران والهجوم الباليستي على مطار الملك خالد
وأشار السفير الإيراني خلال حواره المطول مع موقع " دبلوماسي إيراني" إلى العوامل المؤثرة على التطورات السياسية في السعودية ومنها إنتصار الثورة الإيرانية ثم أحداث 11 أيلول وأخيرا ثورات الربيع العربي، التي أوصل الحكام السعوديين إلى ضرورة التطور والإصلاحات.
وبينما يرى جان بولتون سفير أمريكا السابق في الأمم المتحدة أن مصير التحولات السياسية في السعودية مثير للقلق، فإن السفير الإيراني الذي عاش سفيرا في الرياض لأكثر من 10 أعوام يرى بأن التحولات السياسية في السعودية هي تحت سيطرة أمراء القرار ومؤسسات البحوث والدراسات وغرف الفكر وليست عشوائية وعفوية.
رؤية السفير صادقي للنظام والمجتمع السعوديين تختلف عما يروج له الإعلام الإيراني وحتى الأوروبي. فهل تتجه السعودية إلى حداثة حقيقية بعد خطوات إجتازتها في التحديث؟