يُحكى أنَّ فلاحاً صينياً فَقَدَ حصانه الذي يساعده في أعمال الحقل، فجاء إليه جيرانه في العشية يواسونه سائلين: أية مصيبة حلَّت بك؟ هزَّ الفلاح رأسه قائلاً: " ربما، من يدري !"في اليوم التالي رجع الحصان إلى صاحبه ومعه ستة جياد بريَّة أدخلها الفلاح إلى حظيرته فجاء إليه الجيران يهنئونه قائلين: " أي خيرٍ أصابك! "هزَّ الفلاح رأسه قائلاً: " ربما، من يدري !" في اليوم الثالث عمد الإبن الوحيد للفلاح إلى أحد الجياد البرية فأسرجه عنوة واعتلى صهوته، ولكن الجواد الجموح رماه عن ظهره فوقع أرضاً وكسرت ساقه فجاء الجيران إلى الفلاح يواسونه قائلين:" أية مصيبة حلَّت بك! "فهزَّ الفلاح رأسه قائلاً: " ربما، من يدري! " في اليوم الرابع جاء ضابط التجنيد في مهمة من الحاكم لسوق شباب القرية إلى الجيش، فأخذ من وجدهم صالحين للخدمة العسكرية وعفَّ عن إبن الفلاح بسبب عجزه، فجاء الجيران إلى الفلاح يهنئونه قائلين: " أي خير أصابك ! " فهزَّ الفلاح رأسه قائلاً: ربما، من يدري !"
إقرأ أيضا : اختلاف الفقه السّني - الشيعي بقضايا الطلاق ينسحب على استقالة الحريري
هكذا يقوم التفكير في العالم الغربي الذي ينظر إلى الحياة والإنسان والوجود بأكمله، لا يقوم بحتمية المصير لأنه ينظر إلى الإيجاب والسلب وبالتالي ينهض في سبيل التطور ولا يعتبر أنَّ الإيجاب والسلب في صراع وتقاتل في مقابل بعضهما البعض، بحيث يكون الصراع من أجل سيادة أحدهما على الآخر وبالتالي إلغائه بخلاف التفكير الذي يقوم في العالم الشرقي إذ أنه يعتبر الصراع بين الموت والحياة والشيطان والرحمن، وينبغي لأحدهما القضاء على الآخر.
المغزى من سرد هذه الحكمة هو أنه نعيش في بلد ضيق ضمن فريقين يحاول كلٌ منهما السيطرة وإلغاء الآخر، وخصوصاً عند موقف رئيس حكومة لبنان الشيخ سعد الحريري في المملكة العربية السعودية من تقديم إستقالته وتعليل أسباب هذا الموقف المفاجئ، فراح المثقفون والمحللون والمسؤولون يحللون أوضاع المملكة السعودية بحيث أنَّ المصيبة تكمن فيها،وغير مستعدين للنظر إلى ما قد يحدث في وطننا وربما في المنطقة بأكملها، باعتبار أننا نعيش في حالة من الكمال النفسي والأمني والإجتماعي والإقتصادي وربما الوضع الديني أيضاً.