يقول دبلوماسي على صلة قريبة من الأزمة اللبنانية الطارئة، إن الأوضاع تنذر بما هو أصعب، وبتصعيد كبير، مبدياً أسفه لكيفية التعاطي الرسمي اللبناني مع حقيقة الأزمة ووضعها. ويعتبر أن اللبنانيين بمسؤوليهم الرسميين والحزبيين، لا يبدون جاهزين لمقاربة جدية للأزمة، إذ إن طريقة التعاطي وزحمة المشاورات الحاصلة والمواضيع المتناولة فيها، تبدو في مكان، فيما الأزمة في مكان آخر. بالتالي، فإن الحالة اللبنانية يجتاحها الإنكار في هذه المرحلة، لأن اللبنانيين لا يريدون مقاربة لبّ المشكلة، ومقاربتها بأبعادها السياسية والإقليمية.
ويأسف الدبلوماسي لهذه الطريقة اللبنانية التي لا توحي بإمكانية إيجاد حلّ قريباً، بل تسمح بتصعيد المواقف وتشديد الضغط، إذ إن هناك من يسعى في لبنان إلى استفزاز السعودية ووصفها بأنها تحتجز رئيس حكومة، فيما الوضع مغاير. ويصف الدبلوماسي الواقع بأنه عمل سياسي إقليمي في سياق تطورات دولية كبرى، اقتضت الحاجة فيه إلى خلع القفازات، والعمل بشكل مباشر أو فج. وهذا مقصود سعودياً لأن السعودية تريد إيصال رسالة إلى الجميع، بأن وقت المزاح قد ولّى، وأمام اللبنانيين خياران، إما انسحاب حزب الله من الحكومة، وإعلانه استعداد الانسحاب من سوريا وتسليم سلاحه، أو انتظار لبنان عقوبات إقتصادية ومالية كبيرة جداً، مع إمكانية طرد لبنانيين من الخليج، وصولاً إلى التصعيد العسكري. ويشير إلى أن الأزمة في عمقها هنا، وليس في مشاورات، والبحث عن وساطات، ومحاولات استفزازية للسعودية عبر إشاحة النظر عن اللب الأساسي للمشكلة والذي يتجلى بحزب الله، وأخذ النقاش إلى مكان آخر.
من هنا، ينفي الدبلوماسي علم بلاده، أو أي دولة أخرى، بكل ما يصدر في الصحافة اللبنانية أو على ألسنة مسؤولين رسميين، تارة بتحضير بهاء الحريري لاستلام الدفة السياسية الحريرية، أو بأن سعد الحريري محتجز. ويشير إلى وجود جو دولي كبير وضاغط يصبّ في مصلحة التحرك السعودي، لأن هناك قراراً دولياً بضرورة التخلص من حزب الله. وهذا متفق عليه بين السعودية وعد كبير من الدول، فيما لم يتخذ الاتحاد الأوروبي الموقف نفسه بشكل مطابق تماماً.
وسط هذه الضغوط، كانت المشاورات في قصر بعبدا، بموازاة النشاط الذي اضطلعت به دار الفتوى، وعلى هامشهما الحراك الفرنسي، إذ التقى السفير الفرنسي على مدى الأيام الثلاثة الماضية مختلف المسؤولين. وتقول مصادر متابعة إن الحراك الفرنسي كان ينصب على إنجاح وساطة معينة، بقبول استقالة الحريري، والذهاب نحو تشكيل حكومة تكنوقراط، أي لا يشارك فيها حزب الله، لكن هذا المسعى اصطدم بعائقين، الأول لبناني وهو رفض الاستقالة قبل عودة الحريري، والثاني سعودي، إذ إن السعودية لن ترضى بتشكيل حكومة لا تضم حزب الله، فيما الحزب يحافظ على سلاحه ونشاطه، بمعنى أن الشرط السعودي يبلغ حدّ منع حزب الله من المشاركة في القتال في سوريا واليمن، وتسليم سلاحه، أو وضعه على سكّة الحلّ، وعدم احتضان المعارضات الخليجية، لا سيما السعودية أو البحرانية أو اليمنية أو الكويتية في بيروت. وطالما أن هذه الوساطة فشلت، هناك كلام يدور في الكواليس الدبلوماسية بأن لا مجال لأي وساطة لا تقوم على تنفيذ هذه الشروط. وهذا يعني أن الأمور تنذر بالأسوأ. إلا أن المساعي الفرنسية مستمرة، ومنها زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى السعودية.
وهذا الكلام التقى مع دعوة السعودية رعاياها الزوار والمقيمين إلى مغادرة لبنان فوراً وعدم التوجه إليه من أي وجهة دولية، وقد أرفق هذا الكلام بتغريدة للوزير ثامر السبهان من واشنطن، أكد فيها أن "كل الاجراءات المتخذة تباعاً وفي تصاعد مستمر ومتشدد حتى تعود الامور لنصابها الطبيعي". تختصر المصادر الوضع بأنه "صعب للغاية" وبأن ثمة أجواء حرب تلوح في الأفق، لكن ليس معروفاً شكلها ولا توقيتها ولا ظروفها ولا إلى أين ستؤدي؟ لكن الأكيد أن الجو الدولي، يشي بضغوط كبرى على حزب الله، وبأنه من غير المسموح تنامي قوته وتوسع نفوذه، لأن ذلك يمثّل تهديداً للعالم.