أضهرت خلاصة المشاورات الداخلية حول استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، مزيداً من الغموض لدى كلّ المستويات الرئاسية والرسمية والسياسية. فيما تحرّكَ لبنان في محاولةٍ لجلاء الصورة، عبر مهمّة أوكِلت للمدير العام اللواء عباس ابراهيم قادته إلى عمان وباريس، ترافقَت مع حركة فرنسية تجاه الرياض، تزامنَت مع إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنّ السلطات الفرنسية أجرت اتّصالاً غيرَ رسمي بالحريري. وكذلك موقف روسيّ لافِت لوّح بطرحِ ما يتّصل بوضع الحريري على مجلس الأمن. بالتوازي، مع تصعيد في الإجراءات السعودية تجاه لبنان، تُرجِم بالطلب من الرعايا السعوديين مغادرةَ لبنان في أسرع فرصة ممكنة وعدم السفر إليه، وتبعتها دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت. واقترن ذلك بتغريدة جديدة للوزير السعودي ثامر السبهان قال فيها إنّ «كلّ الإجراءات المتخَذة تباعاً، في تصاعدٍ مستمر ومتشدّد حتى تعود الأمور لنصابها الطبيعي».
بقيَ الداخل مضبوطاً على إيقاع استقالة الحريري وارتداداتها العابرة للحدود، في ظلّ جوّ ضبابي يَصعب معه تحديد معالم المرحلة المقبلة.
وقال مرجع كبير لـ«الجمهورية»: «لم تعُد المسألة مسألة استقالة، وبالتالي الأزمة كبيرة جداً وعميقة، وسبلُ المعالجة متعذّرة حتى الآن».
وعبَّر المرجع عن خشيته من أن يكون الهدف ممّا يجري هو إدخال لبنان في فراغٍ حكومي، قد تتولّد عنه فوضى، وإنْ وصلنا إلى هذه الحالة فمعنى ذلك أنّنا أمام كارثة تنتظرنا، وهو ما يجب التنبّه إليه والحؤول دون وقوعه والوصول بالأمور إلى هذا الحدّ».
وأضاف المرجع: «حتى الآن أحاولُ أن أقنِعَ نفسي بأنّ الرئيس الحريري غيرُ محتجَز، وأحاول أن أنظر بإيجابية إلى حركته ولقاءاته في المملكة وخارجها، التي تؤشر – إلى حدٍّ ما – إلى أنه حرٌّ، ولكن ما الذي يَمنعه من العودة إلى لبنان؟»
وردّاً على سؤال قال المرجع: «لستُ خائفاً، إنّما قلِق، وقلقِي يَزداد كلّما طالَ وضوح الصورة وكلّما تأخّرَ الحريري بالعودة إلى بيروت. عِلماً أنّ لبنان تلقّى تأكيدات دولية بالحِرص على استقراره ومنعِ تفلّتِ الأمور فيه، وأيضاً الحرص على الحكومة واستمرارها».
عون
يتقاطع هذا الكلام مع ما أكّده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال جولة المشاورات التي أجراها أمس، حيث لاحظ زوّاره تعاطفَه الواضح مع الحريري، معتبراً أنه إذا ما صحّت المعلومات التي تفيد أنّ هناك حجزاً لحرية رئيس الحكومة وهو موجود في منزله في السعودية الذي تحوّلَ ثكنة عسكرية، وإن صحّ احتجاز حرّيته فهذا أمر غير مقبول، فضلاً عن أنّه يشكّل انتهاكاً لمعاهدة فيينا التي تمنحُ الحصانات لرؤساء الجمهوريات ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية.
وبحسبِ الزوّار، فإنّ رئيس الجمهورية لا يَعتبر أنّ الحريري مستقيل، ونقِل عنه قوله: «نحن لا نقبل هذا الشيء سواء بحقّ دولة لبنان وبحقّ فئة من اللبنانيين، ولا أحد يحكينا بتشكيل حكومة جديدة، فحكومتُنا ما زالت قائمة».
برّي
وفي السياق ذاته، جاء كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره، حيث قال: «الرئيس الحريري ليس مستقيلاً».
أضاف: «إذا رجعَ إلى لبنان وأعلن استقالته فعندها يُبنى على الشيء مقتضاه، ولو أنه أعلن استقالته من بيروت لكانت دستوريةً ونافذة، ولكن حتى الآن هو غير مستقيل، لأنّ ما حصل ما زلتُ متوقّفاً عنده وأحاول ان أفتّش عن سابقة من هذا النوع فلم أعثر عليها لا في التاريخ الحديث ولا في التاريخ القديم».
وحول ما إذا كان هناك سقفٌ للانتظار إذا استمرّ الحريري غائباً ولم يعد الى لبنان، قال بري: «صبرُنا طويل».
وقيل له إنّ هناك من يُلوّح باستهداف الاقتصاد اللبنان، فقال: «لقد مرَرنا بمِثل هذه الظروف، وأقول إنّ لبنان يريد افضلَ العلاقات مع الدول العربية بما فيها السعودية، علماً انّنا لم نكن المبتدئين في هذا الذي يجري».
وإذ شدّد على الوحدة الداخلية قال: «لبنان أقوى من اميركا إنْ كنّا موحّدين، وأضعفُ مِن بيت العنكبوت إذا كنّا متفرّقين».
مسؤول كبير
إلى ذلك، نَقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول كبير في الحكومة اللبنانية امس، «أنّ لبنان يعتقد أنّ السعودية تحتجز رئيس وزرائه سعد الحريري» مضيفاً أنّ بلاده «تتّجه لدعوة دول عربية وأجنبية للضغط على الرياض لإعادته». فيما اعلنَ المتحدث باسمِ الامين العام للامم المتحدة ستيفان دوجاريك بأنّه «لا يمكنهم التحقّق إنْ كان هناك أيّ قيود على تحرّكات الرئيس سعد الحريري في السعودية».
وفي السياق ذاته، قال السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبيكين إنّ «موضوع عودة رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري متعلق بالحقوق السيادية للبنان ويجب ان يكون هناك احترام لهذه السيادة». اضاف أنه «إذا كان هناك مماطلة بالموضوع من دون التوضيح ستجري مناقشة مشتركة لهذا الملف في مجلس الامن».
لقاءات الحريري
إلّا أنّ أخبار السعودية أشارت إلى تحرّكٍ جديد الحريري، حيث اعلنَ مكتبه الاعلامي في بيروت انّه استقبل في دارته في الرياض في اليومين الماضيين السفيرَ الفرنسي في السعودية فرنسوا غوييت، رئيس بعثة الاتحاد الاوروبي في المملكة ميكيلي سيرفون دورسو، وقبله السفير البريطاني سايمون كولينز والقائم بالاعمال الأميركي في الرياض كريستوفر هينزل.
ورفضت الناطقة بإسم الخارجية الأميركية هيذر ناورت الإفصاح عن موقع عقد الإجتماع بين الحريري وهينزل أو الإدلاء بمزيد من التصريحات عن وضع الحريري، ووصفت المحادثات بأنها «محادثات خاصة حساسة ودبلوماسية».
الاتّحاد الأوروبي
وفي سياق الحركة الدولية قال مصدر اوروبي مطّلع لوكالة آكي الايطالية: «نحن نتواصل مع جميع الأطراف لحثّهِم على الشروع بحوار بنّاء يؤدي إلى عدم ضربِ الإنجازات التي تمّ تحقيقها خلال الأشهر الماضية في البلاد». وأعلن أنّ الاتحاد الأوروبي «يخشى حالة الشلل في لبنان ومهتمّ برؤية مؤسسات فاعلة في البلاد».
ونفى المصدر «أن تكون مؤسسات أو دول الاتّحاد قد مارست أو تمارس أيَّ ضغط لحثّ الحريري على التراجع عن قراره بالاستقالة».
مشاورات عون
ويُجري الرئيس عون مشاورات اليوم مع مجموعة الدعم الدولية والسفراء العرب، في محاولة لتبديد الغموض حول شكلِ ومعنى إقامة الحريري في الرياض وعدم قيامه بأيّ اتّصال معه، او ايّ من المسؤولين الرسميين منذ تقديم استقالته الى اليوم، وهو ما يَزرع المزيد من الشكوك حول وجودِ قيود تحدّ من حركته في هذه المرحلة.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» إنّ رئيس الجمهورية سيطلب من سفراء «مجموعة الدعم الدولية من اجلِ لبنان» الذين سيشاركون في لقاء جماعي في بعبدا اليوم والسفراء العرب إفرادياً «ضرورةَ التدخّل لجَلاء الغموض المحيط بوضع الرئيس الحريري.
كذلك سيثير معهم المعلومات حول تقييد حركتِه، من زاوية أنّها إذا كانت صحيحة فإنّها تُنافي اتّفاقية فيينا التي تعطي الحصانة الديبلوماسية لكبار المسؤولين ومنهم رؤساء الدول والحكومات ووزراء الخارجية، وتمنع فرضَ اية قيود على ايٍّ منهم في ايّ دولة أجنبية أياً كانت الظروف المحيطة بها، فكيف إذا كان الأمر يتعلق برئيس الحكومة اللبنانية أثناء توَلّيه المسؤولية».
وفي سياق متّصل، زار المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الاردن مكلّفا من رئيس الجمهورية والتقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي سبقَ ان أجرى اتّصالاً بالحريري خلال وجوده في المملكة قبل يومين، ومن عمان انتقل ابراهيم الى فرنسا التي وصَلها ليلاً، في سياق مهمّة مرتبطة باستقالة الحريري قد تقود الى جولةٍ اوروبية وربّما الى السعودية.
الراعي
ودخَلت بكركي بقوّة على خطّ الأزمة، حيث يتمّ الرهان على زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى الرياض ولقائه الملك سلمان والأمير محمد بن سلمان، وكذلك لقائه المرتقَب مع الحريري. وقد أجرى الراعي في اليومين الماضيين سلسلة مشاورات، وزار أمس، عون في قصر بعبدا حيث جرت جولة أفق حول الاوضاع الراهنة والتطورات الاخيرة.
وأكّد الراعي لرئيس الجمهورية وقوفَه الى جانبه في جهوده الآيلة الى تخطّي هذه المرحلة الدقيقة، خصوصًا بعد استقالة الحريري، منوّها بالإجماع الوطني حول هذه المساعي، ومؤكّداً على وجوب استثماره في إبعاد كلِّ خطرٍ عن لبنان.
كما كان قد بحث في موضوع زيارة الراعي الى السعودية تلبيةً لدعوة رسمية، فكان توافُق على اهمّية ما ستحمله الزيارة من تأكيد على ضرورة تحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية ورفضه الدخولَ في محاورها مع السعي الدؤوب لأن يكون واحة سلام واستقرار وحوار تختبر فيه الثقافات والديانات نموذج العيش معًا والتفاعل الحضاري والوطني.
وبما أنّ جدولَ اعمالِ الزيارة سيتضمن لقاءً مع الحريري، كان تأكيد على انّ سعيَ البطريرك حيال استقالة رئيس الحكومة سيكون مكمّلاً لِما يقوم به رئيس الجمهورية من اجلِ صونِ الوحدة الوطنية وتجنيبِ لبنان المزيدَ من الأزمات.
ومساءً أجرى الراعي سلسلة اتصالات هاتفية كان ابرزها ببرّي، وعرَض معه لأبرز التطورات الاخيرة الى جانب موضوع زيارته الى السعودية، وكان تأكيد على اهمّية العناوين الوطنية ووحدتِها في هذه المرحلة، والتي سيحملها البطريرك في زيارته. كذلك اتصل الراعي بالنائب بهية الحريري وبرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
«المستقبل»
إلى ذلك، لفت أمس الموقف الذي عبّرت عنه كتلة «المستقبل» النيابية والمكتب السياسي لتيار «المستقبل»، الذي اعتبَر «أنّ عودة رئيس الحكومة اللبنانية الزعيم الوطني سعد الحريري ورئيس تيار «المستقبل» ضرورةٌ لاستعادة الاعتبار والاحترام للتوازن الداخلي والخارجي للبنان، وذلك في إطار الاحترام الكامل للشرعية اللبنانية المتمثلة بالدستور واتّفاق الطائف ولاحترام للشرعيتين العربية والدولية.
وأكدت الكتلة والمكتب السياسي «على الوقوف مع الرئيس سعد الحريري ووراء قيادته قلباً وقالباً، ومواكبته في كلّ ما يقرره، تحت أيّ ظرف من الظروف».
المشنوق
كذلك بَرز موقف وزير الداخلية نهاد المشنوق بالتوازي مع ما أشيعَ عن مبايعةِ بهاء الحريري بدلاً مِن الرئيس الحريري، حيث قال من دار الإفتاء: «هذا كلام يدلّ على جهلِِ وتخَلّف لطبيعة السياسة في لبنان، وليس دليلاً جدّياً على حديثٍ جدّي حول الموضوع»، مشدّداً على أنّ «الأمور في لبنان لا تحصل بالمبايعة بل بالانتخابات، ومن يعمل على هذا المنوال لا يعرف لبنان».
وقال مرجع كبير لـ«الجمهورية»: «لم تعُد المسألة مسألة استقالة، وبالتالي الأزمة كبيرة جداً وعميقة، وسبلُ المعالجة متعذّرة حتى الآن».
وعبَّر المرجع عن خشيته من أن يكون الهدف ممّا يجري هو إدخال لبنان في فراغٍ حكومي، قد تتولّد عنه فوضى، وإنْ وصلنا إلى هذه الحالة فمعنى ذلك أنّنا أمام كارثة تنتظرنا، وهو ما يجب التنبّه إليه والحؤول دون وقوعه والوصول بالأمور إلى هذا الحدّ».
وأضاف المرجع: «حتى الآن أحاولُ أن أقنِعَ نفسي بأنّ الرئيس الحريري غيرُ محتجَز، وأحاول أن أنظر بإيجابية إلى حركته ولقاءاته في المملكة وخارجها، التي تؤشر – إلى حدٍّ ما – إلى أنه حرٌّ، ولكن ما الذي يَمنعه من العودة إلى لبنان؟»
وردّاً على سؤال قال المرجع: «لستُ خائفاً، إنّما قلِق، وقلقِي يَزداد كلّما طالَ وضوح الصورة وكلّما تأخّرَ الحريري بالعودة إلى بيروت. عِلماً أنّ لبنان تلقّى تأكيدات دولية بالحِرص على استقراره ومنعِ تفلّتِ الأمور فيه، وأيضاً الحرص على الحكومة واستمرارها».
عون
يتقاطع هذا الكلام مع ما أكّده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال جولة المشاورات التي أجراها أمس، حيث لاحظ زوّاره تعاطفَه الواضح مع الحريري، معتبراً أنه إذا ما صحّت المعلومات التي تفيد أنّ هناك حجزاً لحرية رئيس الحكومة وهو موجود في منزله في السعودية الذي تحوّلَ ثكنة عسكرية، وإن صحّ احتجاز حرّيته فهذا أمر غير مقبول، فضلاً عن أنّه يشكّل انتهاكاً لمعاهدة فيينا التي تمنحُ الحصانات لرؤساء الجمهوريات ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية.
وبحسبِ الزوّار، فإنّ رئيس الجمهورية لا يَعتبر أنّ الحريري مستقيل، ونقِل عنه قوله: «نحن لا نقبل هذا الشيء سواء بحقّ دولة لبنان وبحقّ فئة من اللبنانيين، ولا أحد يحكينا بتشكيل حكومة جديدة، فحكومتُنا ما زالت قائمة».
برّي
وفي السياق ذاته، جاء كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره، حيث قال: «الرئيس الحريري ليس مستقيلاً».
أضاف: «إذا رجعَ إلى لبنان وأعلن استقالته فعندها يُبنى على الشيء مقتضاه، ولو أنه أعلن استقالته من بيروت لكانت دستوريةً ونافذة، ولكن حتى الآن هو غير مستقيل، لأنّ ما حصل ما زلتُ متوقّفاً عنده وأحاول ان أفتّش عن سابقة من هذا النوع فلم أعثر عليها لا في التاريخ الحديث ولا في التاريخ القديم».
وحول ما إذا كان هناك سقفٌ للانتظار إذا استمرّ الحريري غائباً ولم يعد الى لبنان، قال بري: «صبرُنا طويل».
وقيل له إنّ هناك من يُلوّح باستهداف الاقتصاد اللبنان، فقال: «لقد مرَرنا بمِثل هذه الظروف، وأقول إنّ لبنان يريد افضلَ العلاقات مع الدول العربية بما فيها السعودية، علماً انّنا لم نكن المبتدئين في هذا الذي يجري».
وإذ شدّد على الوحدة الداخلية قال: «لبنان أقوى من اميركا إنْ كنّا موحّدين، وأضعفُ مِن بيت العنكبوت إذا كنّا متفرّقين».
مسؤول كبير
إلى ذلك، نَقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول كبير في الحكومة اللبنانية امس، «أنّ لبنان يعتقد أنّ السعودية تحتجز رئيس وزرائه سعد الحريري» مضيفاً أنّ بلاده «تتّجه لدعوة دول عربية وأجنبية للضغط على الرياض لإعادته». فيما اعلنَ المتحدث باسمِ الامين العام للامم المتحدة ستيفان دوجاريك بأنّه «لا يمكنهم التحقّق إنْ كان هناك أيّ قيود على تحرّكات الرئيس سعد الحريري في السعودية».
وفي السياق ذاته، قال السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبيكين إنّ «موضوع عودة رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري متعلق بالحقوق السيادية للبنان ويجب ان يكون هناك احترام لهذه السيادة». اضاف أنه «إذا كان هناك مماطلة بالموضوع من دون التوضيح ستجري مناقشة مشتركة لهذا الملف في مجلس الامن».
لقاءات الحريري
إلّا أنّ أخبار السعودية أشارت إلى تحرّكٍ جديد الحريري، حيث اعلنَ مكتبه الاعلامي في بيروت انّه استقبل في دارته في الرياض في اليومين الماضيين السفيرَ الفرنسي في السعودية فرنسوا غوييت، رئيس بعثة الاتحاد الاوروبي في المملكة ميكيلي سيرفون دورسو، وقبله السفير البريطاني سايمون كولينز والقائم بالاعمال الأميركي في الرياض كريستوفر هينزل.
ورفضت الناطقة بإسم الخارجية الأميركية هيذر ناورت الإفصاح عن موقع عقد الإجتماع بين الحريري وهينزل أو الإدلاء بمزيد من التصريحات عن وضع الحريري، ووصفت المحادثات بأنها «محادثات خاصة حساسة ودبلوماسية».
الاتّحاد الأوروبي
وفي سياق الحركة الدولية قال مصدر اوروبي مطّلع لوكالة آكي الايطالية: «نحن نتواصل مع جميع الأطراف لحثّهِم على الشروع بحوار بنّاء يؤدي إلى عدم ضربِ الإنجازات التي تمّ تحقيقها خلال الأشهر الماضية في البلاد». وأعلن أنّ الاتحاد الأوروبي «يخشى حالة الشلل في لبنان ومهتمّ برؤية مؤسسات فاعلة في البلاد».
ونفى المصدر «أن تكون مؤسسات أو دول الاتّحاد قد مارست أو تمارس أيَّ ضغط لحثّ الحريري على التراجع عن قراره بالاستقالة».
مشاورات عون
ويُجري الرئيس عون مشاورات اليوم مع مجموعة الدعم الدولية والسفراء العرب، في محاولة لتبديد الغموض حول شكلِ ومعنى إقامة الحريري في الرياض وعدم قيامه بأيّ اتّصال معه، او ايّ من المسؤولين الرسميين منذ تقديم استقالته الى اليوم، وهو ما يَزرع المزيد من الشكوك حول وجودِ قيود تحدّ من حركته في هذه المرحلة.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» إنّ رئيس الجمهورية سيطلب من سفراء «مجموعة الدعم الدولية من اجلِ لبنان» الذين سيشاركون في لقاء جماعي في بعبدا اليوم والسفراء العرب إفرادياً «ضرورةَ التدخّل لجَلاء الغموض المحيط بوضع الرئيس الحريري.
كذلك سيثير معهم المعلومات حول تقييد حركتِه، من زاوية أنّها إذا كانت صحيحة فإنّها تُنافي اتّفاقية فيينا التي تعطي الحصانة الديبلوماسية لكبار المسؤولين ومنهم رؤساء الدول والحكومات ووزراء الخارجية، وتمنع فرضَ اية قيود على ايٍّ منهم في ايّ دولة أجنبية أياً كانت الظروف المحيطة بها، فكيف إذا كان الأمر يتعلق برئيس الحكومة اللبنانية أثناء توَلّيه المسؤولية».
وفي سياق متّصل، زار المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الاردن مكلّفا من رئيس الجمهورية والتقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي سبقَ ان أجرى اتّصالاً بالحريري خلال وجوده في المملكة قبل يومين، ومن عمان انتقل ابراهيم الى فرنسا التي وصَلها ليلاً، في سياق مهمّة مرتبطة باستقالة الحريري قد تقود الى جولةٍ اوروبية وربّما الى السعودية.
الراعي
ودخَلت بكركي بقوّة على خطّ الأزمة، حيث يتمّ الرهان على زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى الرياض ولقائه الملك سلمان والأمير محمد بن سلمان، وكذلك لقائه المرتقَب مع الحريري. وقد أجرى الراعي في اليومين الماضيين سلسلة مشاورات، وزار أمس، عون في قصر بعبدا حيث جرت جولة أفق حول الاوضاع الراهنة والتطورات الاخيرة.
وأكّد الراعي لرئيس الجمهورية وقوفَه الى جانبه في جهوده الآيلة الى تخطّي هذه المرحلة الدقيقة، خصوصًا بعد استقالة الحريري، منوّها بالإجماع الوطني حول هذه المساعي، ومؤكّداً على وجوب استثماره في إبعاد كلِّ خطرٍ عن لبنان.
كما كان قد بحث في موضوع زيارة الراعي الى السعودية تلبيةً لدعوة رسمية، فكان توافُق على اهمّية ما ستحمله الزيارة من تأكيد على ضرورة تحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية ورفضه الدخولَ في محاورها مع السعي الدؤوب لأن يكون واحة سلام واستقرار وحوار تختبر فيه الثقافات والديانات نموذج العيش معًا والتفاعل الحضاري والوطني.
وبما أنّ جدولَ اعمالِ الزيارة سيتضمن لقاءً مع الحريري، كان تأكيد على انّ سعيَ البطريرك حيال استقالة رئيس الحكومة سيكون مكمّلاً لِما يقوم به رئيس الجمهورية من اجلِ صونِ الوحدة الوطنية وتجنيبِ لبنان المزيدَ من الأزمات.
ومساءً أجرى الراعي سلسلة اتصالات هاتفية كان ابرزها ببرّي، وعرَض معه لأبرز التطورات الاخيرة الى جانب موضوع زيارته الى السعودية، وكان تأكيد على اهمّية العناوين الوطنية ووحدتِها في هذه المرحلة، والتي سيحملها البطريرك في زيارته. كذلك اتصل الراعي بالنائب بهية الحريري وبرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
«المستقبل»
إلى ذلك، لفت أمس الموقف الذي عبّرت عنه كتلة «المستقبل» النيابية والمكتب السياسي لتيار «المستقبل»، الذي اعتبَر «أنّ عودة رئيس الحكومة اللبنانية الزعيم الوطني سعد الحريري ورئيس تيار «المستقبل» ضرورةٌ لاستعادة الاعتبار والاحترام للتوازن الداخلي والخارجي للبنان، وذلك في إطار الاحترام الكامل للشرعية اللبنانية المتمثلة بالدستور واتّفاق الطائف ولاحترام للشرعيتين العربية والدولية.
وأكدت الكتلة والمكتب السياسي «على الوقوف مع الرئيس سعد الحريري ووراء قيادته قلباً وقالباً، ومواكبته في كلّ ما يقرره، تحت أيّ ظرف من الظروف».
المشنوق
كذلك بَرز موقف وزير الداخلية نهاد المشنوق بالتوازي مع ما أشيعَ عن مبايعةِ بهاء الحريري بدلاً مِن الرئيس الحريري، حيث قال من دار الإفتاء: «هذا كلام يدلّ على جهلِِ وتخَلّف لطبيعة السياسة في لبنان، وليس دليلاً جدّياً على حديثٍ جدّي حول الموضوع»، مشدّداً على أنّ «الأمور في لبنان لا تحصل بالمبايعة بل بالانتخابات، ومن يعمل على هذا المنوال لا يعرف لبنان».