لا صوت يعلو في البلد فوق سقف التوافق والتفاهم على أولوية حتمية لا رجعة عنها: الاستقرار والاستمرار في التشاور حول سبل تمرير المرحلة بأقل الأضرار الوطنية الممكنة. ولأنّ الرأي الرئاسي استقرّ بين بعبدا وعين التينة على عدم الشروع باتجاه اتخاذ أي خطوة دستورية تفاعلية مع استقالة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري قبل عودته إلى بيروت، باتت الدولة في حالة «حبس أنفاس» بانتظار الحريري لقطع الشك باليقين حول مسألة استقالته حتى يُبنى عليها مقتضاها الدستوري والسياسي والحكومي. في حين واصل الحريري مشاوراته العربية أمس وتلقى في هذا الإطار اتصالاً هاتفياً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس تم خلاله بحث التطورات اللبنانية والفلسطينية وآخر المستجدات في المنطقة.

وفي الغضون، استأنف رئيس الجمهورية ميشال عون مشاوراته السياسية والديبلوماسية في قصر بعبدا على أن يجتمع غداً مع السفراء العرب وممثلي مجموعة الدعم الدولية للبنان للتداول معهم في آخر المستجدات الوطنية 

والإقليمية. وإذ يزور البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي القصر الجمهوري خلال الساعات المقبلة للتشاور مع عون في التطورات، علمت «المستقبل» أن الراعي يستعد لزيارة المملكة العربية السعودية الإثنين المقبل تلبيةً لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان عبد العزيز، في حين كان البطريرك الماروني قد أجرى مساء أمس اتصالاً هاتفياً بمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان معرباً عن دعمه «للجهد الوطني الذي تبذله دار الفتوى في هذه المرحلة الدقيقة». علماً أنّ مزيداً من الوفود والشخصيات كان قد أمّت أمس الدار لإبداء التأييد لتوجّهات دريان وتأكيد الالتفاف حول خياراته الوطنية.

وفي عين التينة، جدد رئيس مجلس النواب نبيه بري التشديد على أهمية تحصين الساحة الداخلية وضرورة عودة الحريري إلى بيروت لبت مسألة دستورية استقالته، معتبراً أنّ «الحكومة ما زالت قائمة وإعلان رئيسها استقالته بهذا الشكل لن يغيّر من كامل أوصافها»، وأضاف خلال لقاء الأربعاء النيابي: «اللبنانيون رغم كل الأزمات التي واجهتهم استطاعوا أن يتجاوزوا كل الصعاب متسلّحين بوحدتهم وبتحصين ساحتهم الداخلية، وما يواجهنا اليوم يفترض منّا جميعاً أن نحصّن هذه الوحدة».