كان ريمي ربيز ابن الـ 20 عاماً يُجيد اللعب والتحكم بكرة القدم كتحكمه بحياته ونظامه الغذائي وكل تفاصيل أحلامه. كان يعرف متى يُسجل أهدافه وبأي مرمى، روحه الرياضية وشخصيته المرحة جعلتاه محبوباً بين أصدقائه ورفاقه. يعشق الحياة بكل فصولها، متحمسٌ الى أقصى الحدود ومتفوقٌ بكل عمل يقوم به. متصالحٌ مع أحلامه، يخطو خطواته بكل ثقة لكن الموت سبقه في ذلك النهار المشؤوم ليسقط أرضاً على مرأى من ناظري أهله. هكذا طُويت صفحته مع الحياة وتوفيّ فجأة. 
كان ريمي شاباً رياضياً وصحياً بامتياز، يعرف كيف ينظم وقته ويوفق بين دراسته الجامعية وهوايته الرياضية. لدى والدة ريمي سيلفيا ربيز الكثير لتخبرنا به عن ريمي، تقول في حديثها لـ "النهار" إنه "لطالما أحب ريمي الرياضة وكرة القدم، حقق إنجازه الأول ولم يكن قد تجاوز 16 عاما بإقناع مدربه بتشكيل فريق لكرة القدم والذي يُسمى اليوم Football Club Beirut للمشاركة بدورة في السويد (Gothia Cup). وأصبح يضم هذا النادي اليوم حوالى 300 لاعب، ولم نعرف عن هذا الموضوع إلا بعدما أطلعنا عليه مدربه بعد وفاته".
كان ريمي قليل الكلام وكثير النشاط والفعل. كان على وشك التخرج في علم الاقتصاد في الجامعة الأميركية لكن الموت خطفه بشكل مفاجىء دون سابق إنذار. تستعيد سيلفيا تلك الأيام وكأنها اليوم، تؤكد انه "كان ريمي يتمتع بصحة جيدة، لم يكن يشكو من شيء، كان حريصاً على نظامه الغذائي، يعرف ماذا يأكل وماذا يريد. كانت حياته مليئة ومنظمة قبل ذلك النهار المشؤوم الذي قلب حياتنا رأساً على عقب".


4 أيام معلّق بين كل هذه الأنانبيب
تروي والدة ريمي تفاصيل تلك الليلة قائلةً "جاء اخي من السفر وكنا على موعد عشاء معه في وسط بيروت. وصلنا الى هناك ونزل ريمي لملاقاة خاله ومصافحته وما إن وصل اليه حتى وقع أرضاً امام عيوننا. صُودف وجود طبيبة أطفال معنا، فأنعشته في إنتظار وصول الصليب الأحمر الذي أوصله الى مستشفى الجامعة الأميركية. كان كل شيء سريعاً، كنتُ عاجزة عن التصديق، لم أكن أستوعب ما جرى وما الذي يجري. نجح الفريق الطبي في إحياء ريمي ولكن بعد مرور 4 ايام معلقاً بين كل هذه الأنانبيب، توفي ريمي، توفي من دون ان نعرف لماذا رحل فجأة".
وفاة ريمي خلّفت وراءها مئات الأسئلة والفرضيات، كيف يمكن لشاب رياضي صغير العمر ان يموت فجأة. بدأ البحث عن الأسباب المسؤولة عن الوفاة المفاجئة، وأرسلت عينة من الدم الى ألمانيا لتكشف انه يحمل جيناً وراثياً مسؤولاً عن خلل في كهرباء القلب، وتالياً تُفسّر موته المفاجىء. بعد هذه النتيجة طُلب من عائلة ربيز إجراء فحوص دم لمعرفة من يحمل هذا الجين ليتبين ان والده هو حامله وهو لا يشكو من شيء. 
"غضبنا كثيراً، لا يمكن ان اصف شعورنا عندما عرفنا انه كان بإمكاننا ان نجري تخطيط قلب بسيطاً (EKG) ونعرف ان ريمي معرّض لخلل في كهرباء القلب وانه كان يمكن معالجته بالأدوية او بإرشادات وقائية تُجنبنا كل هذه المأساة. رحل ريمي وكان بإستطاعتنا أن نُنقذ حياته لو كان لدينا في لبنان التوعية الكافية لهذه المشكلة. يتوفى العديد من الشباب بشكل مفاجىء ولا نعرف السبب، أما الآن فنحن نعلم انهم يتوفون بسبب سكتة قلبية ناتجة من حالة جينية ووراثية تؤدي الى خلل في كهرباء القلب".
كان يصعب على عائلة ريمي ان يتقبلوا هذه الحقيقة الصادمة بعد خسارتهم، كيف لهم ان ينسوا مشهد سقوطه المفاجىء امام عيونهم من دون ان يتمكنوا من فعل شيء.

حوّلنا مأساته أملاً
بعد 7 أشهر من وفاة ريمي، وبعد أبحاث وقراءات عديدة واستشارة الأطباء حول كهرباء القلب وكيفية التشخيص والوقاية، قررت عائلة ريمي ان تُحوّل مأساة وفاته الى أمل. وفق سيلفيا "كنا امام خيارين إما السكوت والحزن ورؤية المزيد من الشباب يتوفون فجأة وإما انقاذهم من خلال إنشاء جمعية قلب ريمي ربيز (Remy Rebeiz Young Heart Foundation) والقيام بحملات توعوية في المدارس والجامعات وتسليط الضوء على أهمية إجراء تخطيط قلب بسيط وتشخيص الحالات المعرّضة لخلل في كهرباء القلب قبل فوات الآوان".
برأي والدة ريمي "هكذا بدأت رحلتنا بعد موت ريمي وحوّلنا مأساته أملاً بإنقاذ أرواح باقي الشباب، وقد نجحنا حتى اليوم بالكشف عن 15 حالة خطرة قد يكونون معرضين للموت، وذلك بفضل التوعية واجراء التخطيط. وكلما أنقذنا حياةً استرجعنا جزءاً من ريمي.لا يمكن ان أصف لكِ الشعور عندما ننقذ أحدهم ويكمل حياته بشكل طبيعي. نسعى الى تكثيف جهودنا خصوصاً في المدارس والجامعات والتركيز على تدريب اي شخص على عملية الإنعاش وكيفية استخدام جهاز تنظيم ضربات القلب (AED) وذلك بإقامة دورات تدريبية مع الصليب الأحمر اللبناني. ففي حالة ريمي لو كان هذا الجهاز موجوداً في المكان الذي سقط فيه لكنا انقذنا حياته".
4 سنوات مرّت على وفاة ريمي ولكن الوجع ما زال كما هو، كلما سمعت عائلة ريمي بخسارة احد الشباب بطريقة مفاجئة تعيش خسارتها مضاعفةً وكأنها بوفاتهم تخسر ريمي مجدداً. 
تود جمعية قلب ريمي ربيز إعلامكم أنها توفر تخطيط قلب مجانياً للشباب (عمر 12 الى 35) كل يوم سبت وأحد على مدار السنة في مستشفى فؤاد خوري (BMG) رأس بيروت. للاتصال بالجمعية: 322159-03 أو 273174-03