"لم أكن يومًا بوارد الدخول إلى دهاليز عالم السياسة، ولم أعرف طيلة حياتي أن اوارب في الكلام أو أن أقول ما يطلبه المستمعون، ولست ممن يمتلكون البال الطويل أمام التجني، ولا أتحمل التحامل بخاصة في موضوع الرئيس سعد الحريري، وبعد أن إستفزني كلام الصحافية الراقية السيدة ليندا مشلب، وفهم كلامي على غير ما قصدت بأنه نيل من شرف السيدة مشلب، وأنا ممن لا يقبلون أبدًا أن توجه اية ايحاءات إلى أي امرأة عاملة في أي حقل كان، فإني وإرضاء لضميري، أعتذر منها ومن عائلتها على صفحتي".
بهذه التدوينة الفيسبوكية اعتذر وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي من الإعلامية ليندا مشلب على الموقف المحرج والغير أخلاقي الذي وضعها فيه، بعد أن رد على سؤالها بتلميحات جنسية تخطى فيها كل اللياقات وآداب التعامل مع الإعلاميات خلال مقابلته التلفزيونية، وربما لم يسبقه أحد من الشخصيات اللبنانية على هذا التصرف الذكوري والبذيء على الهواء، وأظهرت نظرته الإحتقارية والدونية للنساء.
وأسلوب الكلام الذي اعتمده هذا الوزير مع الإعلامية مشلب لم يدل إلا على مستواه الأخلاقي المتدني، لكن المرعبي يؤكد أنه كوزير لشؤون النازحين ليس أهل للإئتمان على أعراض النازحات السوريات، ولهذا فإن إعتذاره اليوم لا يمكن أن يمحي ما حصل وما تعرضت له ليندا، وما تتعرض له صحافيات من ترهيب ذكوري ومسٍّ بالأعراض.
إقرأ أيضًا: بالفيديو: هذا ما حصل بين الوزير مرعبي وإعلامية ال NBN على الهواء مباشرة
ومن هنا نطرح عدة اسئلة عن المحاور، فماذا لو كان من يحاور المرعبي إعلامي رجل وليس إعلامية؟ وماذا لو طرح هذا الإعلامي نفس سؤال مشلب للمرعبي فكيف كان سيرد هذا الوزير؟ وبأي طريقة؟ أم أنه وجد الفرصة المناسبة وهي أن من يحاوره إعلامية "أنثى" فاستغل الظرف ليقلب السؤال إلى مهزلة وإحراج للمذيعة، التي ردت عليه بكل إحترام وفضلت عدم الخوض في السجال الذكوري المهين الذي استخدمه المرعبي.
وليست مشلب الإعلامية الأولى التي تتعرض لهكذا مواقف، بل إن إعلاميات كثيرات يتعرضن يوميًا لمثل هذه العبارات فقط لكونهن نساء.
العنف اللفظي ضد المرأة
بات العنف اللفظي كابوسًا يطارد المرأة اللبنانية أينما ذهبت في البيت والشارع ومكان العمل، فهناك دائمًا من يواجهها بعنف لفظي جارح وعدواني، وله في غالب الأحيان طابع الإهانة ويقف القانون هنا وهناك، عاجزًا عن معاقبة الفاعل.
الذكورية وإهانة المرأة
تعيش المرأة في لبنان بأسوأ حالاتها وأكثرها رداءة من حيث جُملة الحقوق والحريات العامة في خضم مجتمع ذكوري مُهيمن على مفاصل الحياة وإدارتها وسطوته في التحكم بأمور ذلك المجتمع على حساب المرأة، بالإضافة إلى النظرة "الدونية" الضيقة التي ما زال مجتمعنا يحاور المرأة بها.
وعلى الرغم من توقيع الدولة اللبنانية على اتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز والعنصرية ضد المرأة عام 1997، وتحفظها على بعض بنودها لكنها على ما يبدو لا تزال مقصرة في تنفيذ بنودها، والذي حصل مع الزميلة مشلّب هو خير برهان على وجود الثقافة الذكورية عند البعض.
فمتى ستتحرر المرأة اللبنانية من المجتمع الذكوري ونظرته الدونيّة لها؟!