حزم الرئيس سعد الحريري خياراته الوطنية والإقليمية، وأعلنها إستقالة مُدوّية من المملكة العربية السعودية، إستقالة وضعت لبنان على حافة الإنفجار، هذا الإنفجار الذي كانت تباشيره بدأت تلوح بالأفق عبر تهديدات الرئيس الأميركي لحزب الله والتّضيّيق عليه مالياً،والتي وافتها تهديدات الوزير ثامر السّبهان، والذي دأب منذ فترة على توجيه التهديدات الصريحة لإيران وأدواتها الإقليمية وفي مقدمتها حزب الله، وفي هذا الخضم كان الرئيس الحريري ما زال قابعاً في المنطقة الرمادية، محاولاً تجنيب لبنان مخاطر جمّة، إلاّ أنّ الحزم السعودي اتجاه حزب الله بدا واضحاً بحيث أنّ الرئيس الحريري لم يتمكن هذه المرّة من الإفلات من عقاله وشركه، والحريري في نهاية الأمر محكوم بالضغوطات السعودية إقليمياً والضغوطات الداخلية، خاصة أنّ التسوية الرئاسية أصابتها أعطاب خطيرة في الآونة الأخيرة، وكانت الأزمة السورية في طليعة النقاط الساخنة بين أقطاب العهد (عون- الحريري- جعجع)، مُضافاً إليها توجهات حزب الله المعادية للملكة السعودية وانخراطه الفاعل في أحداث المنطقة الملتهبة.
إقرأ أيضا : الحريري يعلن استقالته من السعودية: أيدي إيران ستُقطع
إذا كانت استقالة الحريري بالأمس على درجة كبيرة من الخطورة، فإنّ خطاب السيد نصرالله اليوم لن يقلّ عنها أهمية وخطورة، بما عُهد عنه عدم المهادنة في المسائل السياسية والأمنية الحسّاسة المرتبطة بالسياسات الإيرانية في المنطقة، مع أنّ المُرتجى غداً أن يعمد قائد المقاومة للمهادنة وتجنيب لبنان حروباً ضارية، من الواضح أنّ بُنية البلد الضعيفة والمُنهكة لا تتحمّل ويلاتها وأكلافها الباهظة، اللهم إلاّ إذا كانت الأمور قد بلغت نهاياتها المحتومة، وعندئذٍ لا يبقى أمام اللبنانيين سوى التّضرُع للّه بالقول: اللّهم إنّا لا نسألك ردّ القضاء، ولكن نسألك اللُّطف فيه.