تحت عنوان "رحيل مريم.. ليس مشهدا مسرحيا!" كتبت نجلة حمود في صحيفة "سفير الشمال" الإلكترونية: "لكل من إتصل ليسأل عن صحة خبر وفاة مريم.. نعم مريم رحلت، رحلت الفتاة المليئة بالحب والحياة بالفرح والطموح، رحلت من اعتادت العناد، وكسر المألوف، رحلت من تركت بصمات في كل مكان حلت به، تاركة وراءها أصدقاء كثر وتلاميذ كثر أحبوها وآمنوا بموهبتها.

هو ليس مشهدا مسرحيا من تمثيلها واخراجها، وليس سيناريو أعدته مع صديقاتها، وليس مزاحا ثقيلا على والدتها، ولا نكتة تخفف بها من تعب والدها ومرضه، هي الحقيقة المؤلمة التي أفجعت كل العائلة.

هي حقيقة، أن صغيرة العائلة رحلت، وهي التي لم تكبر في أعين والديها، حتى صدق الجميع أنها ما زالت برعما يتفتح، مريم لم تكبر في أعين أهلها ولا في أعين أصدقائها حتى تلاميذها في الجامعة تساءلوا مرارا عن عمرها، إبنة الثلاثين ربيعا رحلت قبل أن تنهي كامل ترتيبات زفافها وسفرها.

رحلت قبل أن تتمكن من وداع من إختارت أن تكمل حياتها معه، فكانت سعيدة ومتحمسة لخيارها.

رحلت من أسعفتني مرار الى المستشفى إثر نوبات ألم، ومن كانت تهزأ من مرضي المتكرر ومن انيني لشدة الألم فلا تستكين حتى تتأكد من أن ضحكة إرتسمت على وجهي، رحلت من إنهمكت بالآخرين وبأمور العائلة، فآثرت الرحيل بصمت، دون أن ينهمك بها أحد.. رحلت وهي نائمة كالأطفال.

مريم ليتك تألمت قليلا، ليتنا أسعفناك وانهمكنا بك، ليت أحدا كان بجوارك عندما لفظت أنفاسك الأخيرة.

رحيلك فاجعة مؤلمة لم ولن يتقبلها أحد بسهولة، أصدقاؤك رثوك على طريقتهم، وعاتبوك بأسلوبهم ورفضوا إستسلامك، فكيف للقلب العنيد أن يستسلم بسهولة، ولم يتحمل "الجلطات" المتتالية، التي كانت قاضية، فسقط جسدك النحيل أمام شبح الموت.

الموت الذي جسدته مرارا كان هذه المرة حقيقة، نجحتِ في تجسيد الدور في مسرحيتك "الميْرم" (الجسد المقهور والروح المنتفضة جسدتها مريم سابقا في سلسلة مشاهد وصولا الى العرض في المشهد الختامي أي مشهد التكفين الرائع، الذي أبكى الجميع، عندما خرجتِ بالنعش)، واليوم أدميتِ القلوب بخروجك من منزل العائلة في نعشك الحقيقي عروسا تختال على أيدي المحبين.

مريم، لن تستفيقي لتخبرينا ماذا حدث، ولن تُجسدي لنا أدورا أخرى، ولن تمارسي سحرك على والدك لاقناعه بما تريدين كالعادة وان كان مخالفا لقناعاته، هذه المرة مختلفة عن كل المرات.

"الميرم".. "خير أن أكون أما لقاتل، من أن أكون أما لقتيل|، عرض مسرحي يحاكي الآلام، التي تغرق فيه المنطقة العربية بمجملها تقريباً، ومن على خشبة دوار الشمس، جسدت مريم حمود موقع الجثة في العالم العربي.

وفي هذا العرض هدم وإعادة "تأطير" للصور والتسجيلات التي نتلقاها على الدوام، صور عن الحروب والأعمال المروعة التي تؤثر على إدراكنا وعلى حياتنا اليومية، نجحت فيه مريم في وصف روعة جمال الموت!.. حاول العرض أن يفهم كيف يمكن لصور حقيقية كهذه أن تبدو سوريالية في عالم اليوم؟ وكشف تعقيدات الواقع المشوش للحاضر الذي نعيشه، وقدرة الجسد على التحمل أو بالأحرى الاستسلام للتعذيب الذي تعيشه منطقتنا، وبالتالي فهم تعقيدات ما نعيشه على أجسادنا.

السيرة الذاتية

مريم حمود، ممثلة، مؤدية، كاتبة، صحافية، ومخرجة. شاركت في الكثير من العروض المسرحية في لبنان والعالم العربي، حازت على دكتوراه في التمثيل المعاصر، وتحديداً عن العنف في الفنون وبشكل خاص في الدول العربية والإسلامية. تركزت أبحاثها في السنوات الأخيرة حول دراسة وتحليل العنف، والصور العنيفة التي نتلقاها وما تخلقه حولنا وبداخلنا، وفي إدراكنا وتفاعلنا مع بعضنا البعض".