يقول نائب رئيس النادي العلماني باتريك أزرق لموقع لبنان الجديد: بالنسبة لنا كل أحزاب السلطة فاسدة وفاشلة فلماذا نتحالف معهم؟
 
لعل الإنجاز الأبرز الذي تحقق في الإنتخابات الطلابية بجامعة القديس يوسف "اليسوعية" هو العرف الذي حطمه النادي العلماني هذه المرة وبقوة لأول مرة في السنوات الأخيرة.
فالنادي الذي يرفع شعار: "علمانية، ديمقراطية وعدالة إجتماعية" قرر خوض معركته الإنتخابية هذا العام بشعارات سياسية واضحة ورؤية إجتماعية وإقتصادية كاملة تدمج بين هموم الطالب وبناء الدولة الحديثة، وهذا بحد ذاته جرأة وشجاعة لمن يعرف تفاصيل النظام الطائفي في لبنان والقدرة الكبيرة لأحزاب الطوائف على كسر أي محاولة تغيير حقيقية في بلاد الأرز.
وتبشر النتائج الطلابية في اليسوعية بصورة التغيير القادم في ربيع 2018 وما سيعكسه ذلك على الحياة السياسية ككل ، فنحن اليوم أمام بديل حقيقي وجدي للأحزاب الطائفية التي أغرقت البلد بالفساد والديون وكادت أن تودي بحياة الوطن.
من هنا تبرز نتائج "النادي العلماني" في اليسوعية كبارقة أمل للشعب اللبناني ولفئة الشباب بالأخص لتخبرهم بأن أحزاب لبنان الطائفية ليست قدرا محتوما وأن التغيير مهمة ليست مستحيلة في حال توفرت الشروط لذلك.
ولا شك أن من أبرز أسباب نجاح "النادي العلماني" هو قدرته على مخاطبة الطلاب بلغة واضحة وشفافة تحاكي مطالبهم وإحتياجاتهم وتبتعد عن شعارات بالية ضجر منها الطلاب ولم تنتج سوى الأحقاد والكراهية والتخلف.
فالنسبية أثبتت نجاحها في أن تكون الوسيلة المثلى للتعبير عن طلاب لبنان من أجل مشروع تغييري متكامل ينهض بلبنان عبر قوى متحررة وعصرية كأعضاء "النادي العلماني" الذين أكدوا أنهم على مستوى الحدث.
ولمعرفة ما حصل، أجرى موقع "لبنان الجديد" مقابلة مع نائب رئيس "النادي العلماني USJ Secular Club " في اليسوعية باتريك أزرق للإستفسار عن تفاصيل ما حدث وأحوال النادي.
شعار النادي في المعركة الإنتخابية:
لخص الأستاذ باتريك شعار "النادي العلماني" بأنه يرتكز على ثلاثة أسس هي: علمانية و ديمقراطية وعدالة إجتماعية وإعتبر أن "الشعار هذا العام وللسنين القادمة، لأننا إنطلقنا هذه السنة عبر منصة (طالب)، سيبقى علمانية، ديمقراطية، عدالة إجتماعية ".
وأضاف أزرق "هذا الشعار مرتبط بشبكة AUB  و USJ secular club الذين عملوا عليها هذا العام وهي ( شبكة مدى ) ولها صفحة على الفايسبوك وشعارها علمانية، ديمقراطية وعدالة إجتماعية وهي حركة شبابية لتفعيل دور الشباب داخل وخارج الجامعات مثل حركات الستينات والسبعينات والتسعينات و2000 و 2005."
 
تاريخ النادي:
وعن تاريخ النادي قال باتريك أزرق أن "النادي العلماني تأسس سنة 2013 وحين تأسيسه لم يكن هدفه سياسي بل توعية وأصبح سياسيا كحاله اليوم، عام 2015 إنضم إليه فريق جديد وروح جديدة وقررنا أن يكون هدفه سياسي وبيحكي سياسي لأنه لم يعد يوجد خطاب سياسي محترم والعالم قرفت من شيء إسمه سياسة، لذلك في 2015 أعيد تأسيس النادي مع ورقة سياسية واضحة وعناوين واضحة وهدفنا كان ولا زال هو التثقيف السياسي لطلاب الجامعات في اليسوعية وتفعيل دور هؤلاء الطلاب داخل الجامعة وخارجها كالمشاركة في المظاهرات والندوات".
وأكمل قائلا: "النادي العلماني في 2015 لم يكن قادرا على خوض معركة إنتخابية بإسمه لسببين، الأول أنه كان يوجد قانون في الجامعات يمنع النوادي الجامعية من المشاركة في الإنتخابات والثاني أن البيئة في اليسوعية كانت لا تزال تحرم الحديث عن العلمانية أو أن نضعها في الواجهة، لذلك قررنا في 2015 أن يترشح كل شخص منا على حدة من دون الحديث عن النادي العلماني لكن بطبيعة الحال كان النادي يدعمنا عبر السوشيال ميديا وربحنا في كلية العلوم السياسية وأماكن أخرى.
وفي السنة التالية خلقنا منصة تسمى (صفحة بيضاء) وأردنا من خلالها تقديم صورة جديدة وأن نخرق  فأجبرنا جميع اللوائح على إعداد برامج قابلة للتطبيق وليست وهمية، ونجحنا وخرقنا في الحقوق بـ 3 مقاعد وحصلنا على عدد من الأصوات أكبر من عدد الأصوات التي حازت عليها 8 آذار على رغم تساوينا معهم بنفس عدد المقاعد، وخرقنا في كلية الإقتصاد وكليات أخرى كزحلة، ومع هذا لم يكن خطابنا سياسيا بعد مع علمنا أننا سنصل إلى وقت نخوض فيه معارك إنتخابية طلابية  ذات مضمون سياسي ."
 
إنتخابات 2017:
أكد باتريك أزرق أن النادي العلماني لم يشكل لوائح إلا في كليتي الإقتصاد والحقوق باليسوعية وأن العمل كان إنطلاقا من منصة "طالب" التي ستستمر حتى ل 10 سنوات قادمة وأكثر، فقال: "هذا العام إنطلقت منصة جديد هي (طالب) وستبقى ، وخضنا المعركة فقط في كليتي الحقوق والإقتصاد" وأضاف "في كلية الحقوق أعددنا لائحة كاملة وفي الإقتصاد نصف لائحة، وحصلنا في الإقتصاد على مقعد واحد مقابل 5 مقاعد ل 8 آذار و 5 ل 14 آذار ، أما في الحقوق فحصلنا على 5 مقاعد مقابل 6 مقاعد ل 14 آذار وقررنا خوض المعركة في هاتين الكليتين فقط لأننا لم نرد الدخول بقوة بخطاب سياسي قوي  يخيف الناس منا، أما المستقلون فيفعلون ذلك كون خطابهم يهتم فقط بشؤون الطلاب ولا يتكلمون بالسياسة داخل الجامعة وبرأينا هذا الشيء خاطىء فهذا كان مقبولا في 2015 عندما كان يوجد أزمة نفايات لكن اليوم لا نستطيع أن نبقى حياديين "وأكمل" قمنا بذلك ليس لأننا نريد تحقيق نتائج من أجل النتائج بل لكي لا ننتقص من أي حرف من فكرنا ومضموننا السياسي."
وعن إطلاق تسمية "المستقلون" على النادي العلماني أوضح أزرق قائلا "لا تزعجنا تسمية (المستقلين) لكننا نعتبر أنها أصبحت بلا معنى بمعنى أننا مستقلين من ثقافة الزعيم لكننا لسنا مستقلين من العمل السياسي أو ليس لدينا رؤية سياسية ونحن لسنا  مستقلين عن هموم الشباب وقضايا البلد ولا نحب أن يسمينا الإعلام بـ (المستقلين) لأن تسميتها تشوهت نوعا ما "وأكد أنهم كنادي" في المضمون مستقلون لكن يجب على الإعلام أن يبدأ بتسميتنا بالعلمانيين لأن في النهاية العلمانية أهم النقاط عندنا وإسمنا النادي العلماني سواء في اليسوعية أو الجامعة الأميركية" مشددا على أن القيمين على قنوات الإعلام "أحرار أن يأخذوا القرار الذي يعجبهم ولم نأت لنفرض أي شيء على أحد لكن تسمية (المستقلين) لم يعد لها وزن وأصبح لزاما أن نقول أنه على الرغم من إستقلالنا عن الزعماء والأحزاب  لكننا لسنا مستقلين عن الفكر السياسي والرؤية الإجتماعية والإقتصادية وخصوصا الشبابية".
إقرأ ايضًا: مخالفات دستورية حصلت في العام الأول للعهد
 
العلاقة مع أحزاب السلطة والمعارضة:
ونفى نائب رئيس النادي العلماني وجود أي تحالف ببن النادي وأحزاب السلطة وشدد على أن " النادي لم يتحالف مع أي حزب في السلطة أو المعارضة ولا ننوي ذلك لأن هدفنا ليس تحقيق النتائج فقط بل هدفنا أن نصل مع أفكارنا وهذا شيء مهم جدا لنا وبالنسبة لنا كل هذه الأحزاب فاسدة وفاشلة فلماذا نتحالف معهم؟" وأكد أنه "يوجد قبول واسع من الطلاب ولا أستطيع أن أقول إذا صوتوا لنا أم لاء لكن لاحظنا أن بعض الطلاب التي كانت تصوت ل 8 و 14 آذار صوتت لنا بعدما أدركوا وإقتنعوا  أن هناك بديل وأكثر وبعد أن أثيرت مواضيع تهمهم لم يسمعوا بها منذ مدة، أما الطلاب المتحزبة والمتشددة لأحزابها لم تصوت لنا خصوصا 14 آذار أما 8 آذار فبعضهم صوت والأكثرية منهم صوتوا  بـ (أبيض) لكي يفشلوا  14 آذار".
أما العلاقة مع حركة المستقلين في الجامعات فأوضح أزرق أن "في كلية الطب تحالفت كل أحزاب السلطة ضد حركة المستقلين وهم ليسوا تابعين لنا ونحن لدينا أشخاص في النادي وفي جو حركتهم الموجودة هناك و المستقلين أقرب حركة لنا  من باقي القوى ونحن على تواصل معهم."
وشرح أزرق العلاقة بين النادي وحزب الكتائب اللبنانية فقال: "برأينا حزب الكتائب أصبح قريب لنا في الآونة الأخيرة خصوصا بقضية الضرائب ولكن هذا لا يعني أننا خلفهم أو سنعمل معهم دائما لكن إذا كان هناك قضايا  معينة مشتركة لا مانع من ذلك، أكثر من ذلك فلا، مثلا إذا عادت قضية الضرائب فلا مانع من العمل سويا وأصلا نزلنا على المظاهرات معهم لكن أن نخوض المعارك الإنتخابية لا أعتقد ذلك خصوصا أنهم تحالفوا مع تيار المستقبل والقوات في الإنتخابات الطلابية وإذا أرادوا التغيير الحقيقي عليهم أن يبدأوا بالطلاب في الجامعات لا أن يكلمونا بقصص وهمية .بنفس الوقت، نحن وضعنا مساحة معينة بيننا وبينهم لعلمنا بقرب الإنتخابات ولأن هناك فرضية ولا أقول أننا متأكدون منها وهي أن الكتائب تتبع تكتيك معين لأجل الإنتخابات فقط أما على الصعيد الإستراتيجي فلا أعرف".
نشاطات النادي:
تحدث أزرق عن نشاطات النادي العلماني وهي نشاطات "تتعلق بالندوات والمظاهرات والإنسانيات ونشارك بإجتماعات تنسيق وفي نفس الوقت دائما نحاول خلق جدال ومناقشات من أجل الإستماع للرأي الآخر لأن هذا الشيء يساهم في توعية الناس."
تقييم عام للعملية الإنتخابية:
ووصف باتريك أزرق العملية الإنتخابية بأنها إيجابية بشكل عام وقال: " نحن كنادي علماني نرى أن النتائج هذا العام تفرحنا وإيجابية لأننا حصلنا على مقاعد وخضنا الإنتخابات مع رؤية سياسية واضحة ومطالب داخل وخارج الجامعة وهذا إنجاز لأنه لأول مرة ندمج بين علاقتنا بالطلاب وبناء الدولة" أما " بالنسبة للأجواء فكانت إيجابية من جهتنا لكن على صعيد الجامعة وخصوصا في كلية ( هوفلين ) فنرى أن التشنج الطائفي والحكي بعدو قديم حيث لا أحد قادر على المسامحة أو أن يسمع ويفهم موقف ورأي الآخر وهذا شيء لا يفرحنا لأنه من جهة هذا الجو يرعب الطلاب ومن جهة أخرى فهو يشد العصب ويؤدي إلى مشاكل لا تعين الطلاب وتساهم في تكريس علاقة الطلاب مع الأحزاب من الخارج" و بالنسبة لآلية الإقتراع "فليس لدينا أي تعليق سلبي عليها بل نجدها إيجابية مبنية على النسبية مع صوت تفضيلي للمرشح على رئاسة المجلس الطلابي، والنسبية تسمح بتواجد الجميع وأن يخوض الجميع معركة نظيفة."
أمل بمستقبل أفضل:
بالمحصلة ، يبرز النادي العلماني نفسه كبديل جدي وواقعي عن أحزاب الحرب والطائفية ويؤكد أن الأمل ببناء دولة المواطنة والعدالة موجود وعلى يد طلاب جاهزين لخوض غمار التجربة الإنتخابية مستقبلا على مستوى النيابة لكي يكونوا رواد لمشروع التغيير الحقيقي بطريقة شفافة ومن دون أقنعة طائفية.
ويظهر أيضا أن المنتسبين للنادي يعرفون الهدف جيدا ويتصرفون بطريقة عقلانية قائمة على أسس الخطة الواضحة والرؤية الناضجة والإستراتيجية المناسبة البعيدة عن الإستفزاز أو حب الظهور الإعلامي، وهم لا شك سيكونون النخبة التي يتطلع إليها أبناء الوطن قاطبة.