قطع الرئيس سعد الحريري، خلال جلسة مجلس الوزراء أمس، دابر أي تأويل خاطئ، واستنتاجات متسرعة، عندما تحدث وبصورة رسمية عن محادثاته في المملكة العربية السعودية، وقال: ان السعودية حريصة جدا على الاستقرار في لبنان، وكل ما يذكر في الاعلام غير ذلك مجافٍ للحقيقة.
ويأتي هذا التأكيد، بالتزامن مع ما كشفه البطريرك الماروني مار بطرس بشارة الراعي من انه سيلبي الدعوة الرسمية لزيارة المملكة العربية السعودية خلال أسبوعين، مشيرا إلى انه تلقى دعوة في شباط 2013 لزيارة المملكة لكن ظروفا غير مؤاتية حالت دون ذلك، مؤكدا انه يذهب إلى هناك كرجل حوار وسلام، ومعه شعاره «شركة ومحبة» رافضا ربط معالجة سلاح «حزب الله» بالحل في المنطقة، مطالبا بمبادرات عربية ودولية لإيجاد حل لمشكلة «حزب الله»، مؤكدا ان هناك تأثيرا ايرانيا على لبنان.. وأن موضوع «حزب الله» ليس لبنانيا محضا، وقال: يمكن ان يستغرق الحل في الشرق الأوسط مائة سنة، فهل ننتظر مائة سنة لإيجاد حل لمشكلة سلاح الحزب؟
ولاحظت مصادر سياسية ان هذا الموقف يُشكّل ردا على ما أعلنه الرئيس ميشال عون، في الاطلالة التلفزيونية التي أعلن فيها ان مصير سلاح «حزب الله» مرتبط بالحل في الشرق الأوسط..
وعلى قاعدة ان الشيء بالشيء يذكر، فقد تحدثت معلومات عن ان قيادة التيار الوطني الحر ورئيسه الوزير جبران باسيل لديهم ملاحظات، وتقييم سلبي للاطلالة التلفزيونية، لمناسبة مرور سنة على عهد الرئيس ميشال عون.
وتتعلق الملاحظات ليس بالمواقف التي أطلقت وإن كان بعضها اثار إشكالات، مع المجلس النيابي، ومع أطراف لا تتفق بالرؤية حول «حزب الله» لبنانيا وعربيا، وحتى دوليا وحسب، بل ايضا بإدارة الإطلالة منذ ان كانت فكرة إلى التنفيذ، فضلا عن الأسئلة المحرجة، والتي كانت تقتضي ظروفا أخرى لطرحها، وفي غير مناسبة.
وفي ما خص التباين الداخلي حول «حزب الله»، وسط احتدام المواجهة بعد الاستهدافات المتكررة من الجيش الإسرائيلي لمواقع أو شاحنات أسلحة تابعة لـ«حزب الله»، في سوريا، أو تتعلق بالنظام، ذكرت مصادر تؤكد دبلوماسية بارزة في بيروت ان الدول التي تواجه «حزب الله» سياسيا واقتصاديا وفي مقدمها الولايات المتحدة الأميركية لا تستهدف لبنان حكومة ومؤسسات بشكل خاص إنما تستعمل الحزب كمنصة لتوجيه الرسائل إلى إيران للضغط عليها في المفاوضات حول الملف السوري.
مجلس الوزراء
على ان اللافت بعد جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أمس في السراي، غداء المصالحة بين الوزيرين نهاد المشنوق وجبران باسيل، إلى مائدة الرئيس الحريري، بعد انتهاء الجلسة التي تخطت الوقت المحدد لها، فطار اجتماع اللجنة الوزارية لتطبيق قانون الانتخاب الذي كان موعده في الثانية والنصف بعد الظهر وارجيء إلى اليوم، وطار معه ايضا اجتماع اللجنة الوزارية الاقتصادية الذي كان محددا في السادسة مساء، وارجيء دون تحديد موعد جديد لها.
وبحسب مصادر وزارية، فإن الرئيس الحريري استهل الجلسة بكلام مقتضب عن زيارته للمملكة العربية السعودية، فشرح نتائجها، مؤكدا حرص المملكة على استقرار لبنان ووقوفها إلى جانبه، لافتا إلى ان اللقاءات التي أجراها هناك، ولا سيما مع ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان كانت إيجابية، آملا بأن يكون لها انعكاسات قريبا على لبنان، ولا سيما على الصعيد الاقتصادي.
اما غداء المصالحة، فلم تشأ المصادر ان تضعه حصرا بالوزيرين المتخاصمين، على اعتبار ان وزراء آخرين شاركوا في الغداء، بينهم الوزير علي حسن خليل ووزيرا القوات اللبنانية غسّان حاصباني وبيار بوعاصي، وقالت ان الرئيس الحريري تمنى على الوزراء بعد انتهاء الجلسة تناول الغداء معه، فبقي من بقي، ووصفت الأجواء بين المشنوق وباسيل خلال الغداء بأنها كانت عادية جدا.
وحرص باسيل، لدى مغادرته السراي على نفي توتر العلاقات بينه وبين المشنوق، لكنه أوضح انه اعترض على مذكرة وزير الداخلية بخصوص السماح للبلديات إعطاء رخص بناء على مساحة 150 مترا، باعتبارها مخالفة للقانون، وهناك مرسوم لا يمكن الغاؤه بمذكرة بل بمرسوم، لافتا بأن الاشكال انتهى بتشكيل لجنة وزارية للبحث في الملف ومتابعته.
وإلى جانب هذا الخلاف الذي ادرج في سياق الخلاف بين الوزيرين، لم يخل مجلس الوزراء من بعض التوتر على خلفية تعيين سفير لبناني في سوريا، خلال طرح البند الثالث من جدول الأعمال المتعلق بطلب وزارة الخارجية اجراء تعديل على نقل وتعيين سفيرين اثنين، حيث تمت الموافقة على تعيين السفير في الارجنتين انطونيو عنداري في الفاتيكان ونقل السفير المعين فيها جوني إبراهيم إلى الارجنتين، إذ طلب وزير الإعلام ملحم رياشي الكلام مقترحا باسم وزراء القوات على التحاق السفير اللبناني المعين في سوريا سعد زخيا بمركزه في دمشق، وعلى تقديم أوراق اعتماده إلى الرئيس بشار الأسد، مطالبا بتأجيل ذلك إلى حين عودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية على الأقل، مذكرا بأن سفراء عربا كثرا لم يقدموا اوراقهم إلى الأسد منذ بدأ الأزمة، الا ان اعتراض القوات لم يؤخذ بالاعتبار، بعد نقاش طويل شارك فيه أكثر من وزير، وبينهم الوزير باسيل الذي أشار إلى ضرورة استمرار العلاقات الديبلوماسية بين لبنان وسوريا، وأن تكون بديلا للتعاطي السابق من خلال المجلس الأعلى اللبناني - السوري وأيده في ذلك عدد من الوزراء.
تجدر الإشارة إلى ان السفير زخيا وصل أمس إلى دمشق، وقال في تصريح لمحطة «المنار» الناطقة بلسان «حزب الله» بأنه «مسرور لاستلامه مركز عمله في دمشق». وأنا سعيد لانني في بلدي، وبين أهلي، مؤكدا «انه سيعمل لمصلحة البلدين والشعبين الشقيقين».
وفي سياق ديبلوماسي، متصل، كشف تلفزيون «المستقبل» ان السعودية وافقت على تعيين السفير الجديد لديها فوزي كبارة، بعد ان كان الأمر مبهما في السابق، بحسب تعبير المحطة المذكورة.
واقر المجلس، من ضمن جدول أعماله، موضوع إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح، حيث سيتم إعطاء ثلاث رخص لشركات خاصة لانتاج الكهرباء باستخدام اراض في عكار، كما وافق على عرض وزارة الطاقة لموضوع تزويد مؤسسة كهرباء لبنان بحاجاتها من مادتي الفيول والغاز اويل، بعد ان أخذ هذا الموضوع نقاشا مطولا من قبل الوزراء استغرق أكثر من ساعة ونصف الساعة، خصوصا وأن عقود النفط تجدد دون دراسة مسبقة أو استدراج العروض منذ العام 2011، علما ان الدولة تدفع أكثر من ملياري دولار سنويا على عقود استيراد المحروقات لزوم مؤسسة الكهرباء.
وأعلن الوزير سيزار أبي خليل لـ «اللواء» بعد الجلسة، انه تمّ تخفيض حوالى 100 مليون دولار من الفاتورة النفطية، وانه وضع امام الوزراء مجموعة خيارات، من بينها اجراء مناقصة أو الاستمرار بتجديد العقود، وبالنهاية تمّ التوافق على اجراء المناقصة.
لجنة قانون الانتخاب
إلى ذلك، علمت «اللواء» ان اجتماع لجنة قانون الانتخاب حدّد عند الثانية عشرة ظهر اليوم، حيث سيركز النقاش على نقطتي الخلاف وهما: التسجيل المسبق والبطاقة البيومترية، حيث ما زال الوزير باسيل متمسكا برفض التسجيل المسبق للناخبين باعتبار انه يحد من حرية الناخب، ويصر ان تكون البطاقة البيومترية متاحة امام جميع الناخبين، وهو الأمر الذي يرأى فيه الوزير المشنوق نوعا من الصعوبة، لعدم تمكن الوزارة من إنجاز أكثر من ثلاثة ملايين بطاقة في الفترة المتاحة قانونا لاجراء الانتخابات في أيّار من السنة المقبلة، واقترح لذلك الخطة «ب» التي تقضي بتأمين حوالى 500 ألف بطاقة شرط ان يتم تسجيل مسبق لمن يرغب بأن يقترع خارج مكان قيد نفوس، ضمن المراكز العشرة التي ستنشأ لهذه الغاية وتدعى «ميغاسنتر».
وعشية اجتماع اللجنة، أوضح مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري، في دردشة مع الصحافيين أمس، ان الوقت بات مداهما للجميع، لافتا إلى ان لا موقف مبدئيا لتيار «المستقبل» حيال التسجيل المسبق، مؤكداً انه مع الحل الذي يسهل تطبيق القانون.
ولم تستبعد مصادر مطلعة أن يتم الاتفاق بنهاية المطاف على إجراء الانتخاب بموجب الهوية المعتمدة حالياً أو جواز السفر، طالما أن قانون الانتخاب يجيز ذلك، إذا لم ير إلى اعتماد البطاقة البيومترية.
زيارة الراعي إلى السعودية
في هذا الوقت، أعلن البطريرك الماروني بشارة الراعي، انه سيلبي الدعوة لزيارة السعودية بعد أسبوعين، وانه سيكون أول بطريرك ماروني يزور المملكة، علماً ان بطاركة آخرين من الروم الارثوذكس كانوا زاروا السعودية في مناسبات سابقة، أهمها قمّة الرياض العربية التي شاركة فيها البطريرك الراحل هزيم.
وكشف الراعي، في مقابلة مع تلفزيون المؤسسة اللبنانية للإرسال lbc، ضمن برنامج «حديث الناس» انه سبق ان تلقى دعوة مماثلة في شباط من العام 2013 من الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز لزيارة المملكة، لكن الوقت لم يكن مناسباً لتزامنه مع انتخاب بابا جديد للفاتيكان،، ثم جاء الفراغ الرئاسي، وخلاله توفي الملك عبد الله، وأنه فضل عدم القيام بالزيارة، خشية أن تعطى لها أبعاداً ومفاهيم غير مستحبة.
وأوضح ان الزيارة ستكون ليوم واحد، وسيرافقه فيها مطران ووفد اعلامي، وانه بعد أسبوع سيتبلغ برنامج الزيارة، ومبدئياً ستكون له لقاءات مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ومع ولي العهد الأمير محمّد بن سلمان، نافياً أن تكون للزيارة شروط، موضحا ان خطابه في ظل التوتر السائد في المنطقة سيكون خطاب توافق وسلام، وانه ليس سياسياً حتى تكون محادثاته سياسية.
ولفت إلى ان موضوع «حزب الله» ليس موضوعاً لبنانياً صرفاً، وإنما هو مرتبط بقضايا وشؤون إقليمية، موضحاً انه يخالف وجهة نظر الرئيس عون الذي ربط حل سلاح «حزب الله» بانتهاء أزمة الشرق الأوسط، على اعتبار ان حل هذه الأزمة قد يحتاج إلى سنوات عديدة، بينما هو يقول ان حل أزمة سلاح حزب الله مسؤولية دولية وعربية، التي يفترض أن يكون لها دور ، ملاحظاً أن هناك فرقاً بين رأيه وبين رأي الرئيس عون بانتظار حل أزمة المنطقة، مشدداً على ان مسألة القدس من الطبيعي أن تكون ضمن المحادثات التي سيجريها، لأن القدس تعنينا كمسيحيين في الدرجة الأولى.
عون في الكويت
ومن المقرّر أن يتوجه الرئيس ميشال عون يوم الأحد المقبل الى الكويت في زيارة رسمية تستمر يوماً واحداً، يلتقي خلالها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وكبار المسؤولين الكويتيين، ويجري معهم محادثات تتناول العلاقات بين البلدين والوضع في المنطقة، بالإضافة إلى أزمة النزوح السوري.
وسيرافق الرئيس عون في هذه الزيارة الوزراء: باسيل، جمال الجراح، عناية عز الدين، بيار رفول، أيمن شقير ورئيس مجلس الإنماء والاعمار المهندس نبيل الجسر.
وأفادت معلومات ان أبرز ملفات البحث ستتركز على خطة لبنان لإعادة النازحين السوريين ومشاريع الصندوق الكويتي للتنمية في لبنان، مشيرة إلى ان مسألة «خلية العبدلي» غير مطروحة للبحث، وكذلك مسألة تعيين سفير لبنان في الكويت، على اعتبار أن الخارجية لم ترسل أوراق اعتماد السفير المعين ريان سعيد بعدما تبلغت الاعتراض على تعيين شيعي في هذا الموقع في الكويت.
من ناحية ثانية، أوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللــواء» أن ما من معطيات حول قيام أي تواصل بين الرئيس عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع.
وأفادت المصادر أن أي تواصل يحصل يعلن عنه.
إلى ذلك رأت المصادر أن الرئيس يدفع في اتجاه التركيز على الملف الاقتصادي انطلاقا من الورقة التي يعمل عليها وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري بعد إقرارها في مجلس الوزراء في الجلسة التي انعقدت في قصر بعبدا مؤخراً .
في شـأن حياتي يومي شهدت شوارع العاصمة بيروت زحمة سير خانقة طوال ساعات نهار يوم أمس، اشتدت مع ساعات الليل الأولى، لا سيما عند المدخل الشمالي للعاصمة ما بين فندق فورسيزنز وبيال، ما أدى إلى اصطفاف طوابير السيّارات في المحلة، وحبس المواطنين فيها لساعات طويلة وتعطل أعمالهم.