لم يعد خافيًا أن الوزير السوبر والمدلل جبران باسيل اخترق جدار الصلاحيات التي حددها الدستور لوزارة الخارجية التي يشغلها مستخفًا بالقوانين المرعية الإجراء ومتجاوزًا حدود اللياقات والأخلاقيات وضاربًا بعرض الحائط أهم ركيزة من ركائز الوزارة وهي التعاطي بالكثير من الدبلوماسية والحنكة.
وهو يستند بذلك إلى الركن الرشيد والشديد عمه الرئيس العماد ميشال عون في القصر الجمهوري ببعبدا وراح يوزع سهام الإنتقاد والإتهام في كل الإتجاهات دون مراعاة للتوافق الحكومي وللأسس التي تم التفاهم عليها بين كافة الأطراف السياسية والتي أنتجت إنتخابات رئيس للجمهورية بعد فراغ رئاسي دام لأكثر من سنتين ونصف ومهد لتشكيل الحكومة الحالية التي يشغل إحدى وزاراتها.
ففي شأن الجبل أطلق الوزير جبران باسيل مواقف ليست مريحة للتعايش السكاني بين المسيحيين والدروز في هذه البقعة من لبنان معتبرًا أن العودة السياسية للجبل لم تتحقق بعد رغم أن زعيم الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط كان قد أدلى بحديث لمحطة التيار الوطني الحر أشاد فيه بإنجازات عهد الرئيس عون في سنته الأولى وأظهر فيه ودًا وتثمينًا للرئيس.
إقرأ أيضًا: لبنان بين التشدد الأميركي والتباين الأوروبي
وأطلق باسيل أيضًا مواقف تتعلق بالقوات اللبنانية داحضًا شعار "أوعا خيك" واستبدله بشعار "أوعا حالك" وطارحًا مسألة الأحجام كشرط للتعاون في موضوع الإنتخابات النيابية المقبلة، علمًا بأن رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع هو من رشح العماد ميشال عون للرئاسة الأولى انسجامًا مع لقاء معراب والمصلحة العونية - القواتية.
أما ثالثة الأثافي فكانت إستهداف الوزير باسيل لوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق حيث وجه انتقادًا حادًا وجارحًا على إدارته ملف الإنتخابات بإستخدامه عبارات فيها الكثير من الوقاحة عندما قال: "يا بيقلع هيك أو بيقلع هيك" أي بمعنى إما يسير وفق ما يريده باسيل أو يتم الإستغناء عنه في الحكومة على الرغم من أن كلام بهذا المستوى من التحدي قد يترتب عليه تفاعلات من شأنها تفجير الحكومة وهي ليست من صلاحيات لا الوزير ولا حتى رئيس الجمهورية.
وتحدثت المعلومات أن موقف باسيل من المشنوق له علاقة بمحاولة وزير الخارجية الإستئثار بإدارة ملف إنتخابات المغتربين وفق رغبات رئيس التيار الوطني الحر، الأمر الذي يرفضه الوزير المشنوق مع الإشارة إلى أن الإنتخابات هي من صلاحيات وزارة الداخلية وهناك إنتقادات لباسيل تتعلق بعزمه على تجيير أصوات المغتربين لمصلحته.
إقرأ أيضًا: لبنان في ظل الكباش الأميركي - الإيراني
ولم يتأخر الوزير المشنوق كثيرًا في رده العنيف على باسيل الذي جاء في بيان له أسف فيه لـ "الإصرار عند بعض الفرقاء السياسيين على تشويه النقاش الدائر حول الإنتخابات النيابية وحول السجالات المرتبطة بها أكانت سياسية أو تقنية".
ومما جاء في البيان "يبدو أن الوزير باسيل ما عاد يفرق بين حدوده وحدود الآخرين ولا عاد قادرًا على التمييز بين موقعه كوزير وبين أحلامه كمرجعية فوق الدستور والدولة والمؤسسات وبتطاول مرفوض على الصلاحيات والأعراف. أقول للوزير باسيل مباشرة: لست الآن ولن تكون في أي لحظة في المستقبل في موقع يحدد لي أولا وللفريق السياسي الذي انتمي اليه، لا صلاحياتنا ولا دورنا ولا مكانتنا في النظام السياسي اللبناني وهو موقع ودور ومكانة نستمدهم حصرًا من الشرعية الشعبية ومن الثقة البرلمانية ومن دستور الطائف".
وتابع المشنوق قائلا لباسيل "أما اعتقادك بأنك في موقع من يعين الوزراء ويقيلهم او يعدل في حقائبهم ومسؤولياتهم فهو يعبر عن أحلام شخصية وخاصة فابحث عن حلول لهذه الأحلام حيث ترتاح ".
من الواضح أن باسيل يسعى إلى دور أكبر من حجمه بكثير ويبحث عنه في اللحظة الخطأ وبالمواقف الخطأ وفي المكان الخطأ وبالإستغلال وهو بذلك كمن يبيع الماء في حارة السقايين .