مرّة جديدة، تستبيح طائرات العدوّ الإسرائيلي الأجواء اللبنانية لتشنّ عدواناً على أهداف في الداخل السوري، تدّعي إسرائيل أنها وسائط عسكرية كاسرة للتوازن تمنع وصولها إلى يد المقاومة في الداخل اللبناني. وخلال ساعات المساء الأولى، لم تفارق الطائرات الحربية الإسرائيلية الأجواء اللبنانية وسمع هديرها في العاصمة بيروت والجنوب والبقاع، لتقوم عند نحو الساعة العاشرة مساءً باستهداف منطقة الحسياء قرب مدينة حمص.
وحتى ساعات متأخرة من ليل أمس، لم يكن قد اتضح الهدف السوري الذي تعرّض للعدوان، إلّا أن المعلومات أكّدت قيام الدفاعات الجويّة السورية بالردّ على الطائرات المغيرة بصواريخ أرض ــ جو، سمع دويّ انفجارها في منطقة البقاع، كما سمعت أصوات الصواريخ الإسرائيلية التي انطلقت من فوق منطقة بعلبك نحو حمص.
العدوان الإسرائيلي شبه اليومي على سوريا ولبنان، كان محطّ اهتمام رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، الذي كشف أمس أمام النوّاب في لقاء الأربعاء، عن معلومات وصلت إليه حول نيّة إسرائيل تشييد جدار عازل على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلّة، وقضم جزء من الأراضي اللبنانية. وحدّد رئيس المجلس النيابي مواصفات الجدار، الذي يمتد في الجنوب من القطاع الغربي من نقطة مقابل رأس الناقورة حتى نقطة مقابل بلدة علما الشعب، ويمتد في القطاع الشرقي من نقطة مقابل العديسة حتى نقطة مقابل كفركلا. وبحسب برّي، وعلى الرغم من أن قائد «اليونيفيل» في لبنان الجنرال الإيرلندي بيري، كان قد طلب من العدو الإسرائيلي عدم إقامة أي بناء في المناطق المتحفظ عليها، لكن الخرائط الإسرائيلية تبيّن أن هذه النقاط في الناقورة وعلما الشعب والعديسة مشمولة بالجدار، عدا عن أن إقامة هذا الجدار، تتطلب عمليات تجريف وحفر وتغيير معالم الأرض في غالبية المناطق الزراعية التي يملكها لبنانيون. وحذّر برّي من خطورة الخطوة الإسرائيلية والاعتداء على السيادة اللبنانية، مؤكّداً ضرورة وضع حدّ لمثل هذه الاعتداءات، و«تستدعي تحركاً سريعاً تجاه الهيئات الدولية لوضع حد لها». كذلك شجب قيام مجموعة من المتطرفين اليهود بتسهيل من جيش العدوّ بالاعتداء على منطقة مشهد الطير في مزارع شبعا، حيث قام هؤلاء بالدخول إلى مقام النبي إبراهيم الخليل في مزارع شبعا المحتلّة، وممارسة الطقوس اليهودية وتدنيس المقام بالاحتفالات والصخب. وقال رئيس المجلس إنه يضمّ صوته إلى «صوت أهلنا من منطقة حاصبيا ومرجعيون بأن يتقدم لبنان بشكوى إلى الامم المتحدة».
من جهة ثانية، لم تتضح بعد انعكاسات زيارة الرئيس سعد الحريري للمملكة العربية السعودية في الأيام الماضية، ولقاءاته مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ووزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان. إلّا أن برّي أمس، كرّر لـ«الأخبار» اطمئنانه لفحوى الزيارة، بناءً على الاتصال الذي تلقّاه من الحريري أول من أمس، مشيراً إلى أن «الاستقرار في لبنان ثابت في هذه المرحلة». وفيما لم تتسرّب أي معلومات عن مضمون الزيارة، إلّا أن مصدراً مستقبليا أكّد لـ«الأخبار» أن «زيارة الحريري حقّقت نجاحاً»، لكونه «استطاع أن يضع معادلة وسطية بين ما تريده السعودية وما يريده الرئيس للحفاظ على الاستقرار اللبناني». بدوره، أكّد أكثر من مصدر سياسي مراقب قال لـ«الأخبار» إن «العبرة في سلوك الحريري في المقبل من الأيام»، وإن «التأثير السعودي إن كان هناك نيّة لزعزعة استقرار لبنان سيكون محدوداً في مقابل الحرص الأميركي والأوروبي وموازين القوى الداخلية على حفظ الاستقرار والنأي بلبنان عن توتّرات المحيط»، وإن «الخلاف السياس اللبناني سيبقى مضبوطاً تحت سقف معيّن حتى يحين موعد الانتخابات النيابية في بداية الصيف المقبل». وتوقّع أكثر من مصدر أن يقوم النائب وليد جنبلاط بزيارة السعودية قريباً، وهو كان قد أكّد سابقاً للسعوديين أنه يلبّي دعوة المملكة للزيارة، بعد زيارة الحريري.
على صعيدٍ آخر، استجوب النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم للمرّة الثانية المدير العام لـ«أوجيرو» عماد كريدية، واستمع إليه في التهم التي وجّهها الوزير جمال الجرّاح إليه. وطلب إبراهيم من كريدية تزويده بمستندات وقرارات، لكي يستكمل التحقيق. فيما أكّدت مصادر متابعة أن «الوزير الجرّاح تراجع عن اتهاماته بحقّ كريدية، لكنّ النيابة العامة المالية تريد متابعة الملفّ لفهم الأسباب التي أدت إلى هذه الاتهامات».