عندما يُطلُّ فخامة رئيس الجمهورية على اللبنانيين مع رؤساء تحرير الإعلام المرئي، يُفترض باللبنانيين أن يستبشروا خيراً من هذا اللقاء، ويطمئنوا بعده إلى ما يمكن أن يُفصح عنه الرئيس من إنجازاتٍ تحقّقت، وإنجازات قيد التّحقُق، وإنجازات موعودة في المدى المنظور، ويطمئنوا إلى قدرة الدولة وتصميمها على حماية الأمن الداخلي وصيانة سلامتها الخارجية من أيّ عدوان، وذلك بقواها الذاتية وقدراتها العسكرية وإمكانياتها الدبلوماسية، وعلاقاتها الخارجية مع الأشقاء والأصدقاء والمنظمات الدولية، ويناموا بعد ذلك على أمل تحقيق الوعود التي أطلقها الرئيس "القوي" لدولة "قويّة".
إقرا أيضا: النائب عمار ... قبلة اليد من المسلم ذلّة، فما بالك بتقبيل النّعال!
إلاّ أنّ ما تمخّض عنه اللقاء مُخيّب للآمال، ومدعاة للقلق والخوف والإشمئزاز، فسياسة المُحاصصة باتت طاغية وشرعية وسارية المفعول، وذلك رغم أنف المؤسسات الرقابية، وفي مقدمتها المجلس الدستوري وديوان المحاسبة والتفتيش المركزي، وهيئة إدارة المناقصات ومجلس الخدمة المدنية والمعهد الوطني للإدارة. أمّا على صعيد درء المخاطر العسكرية التي باتت على أبواب الحدود الجنوبية، فالرئيس يعتمد ثلاث ضمانات يرى أنّها كافية، أولها القرار الدولي رقم ١٧٠١ الذي يرعى سلامة الحدود الجنوبية، لكنّ هذا القرار سيغدو أول ضحايا العدوان الإسرائيلي في حال اندلاعه، أمّا الضمانات الثانية والثالثة فهي تفاهم مار مخايل بين حزب الله والتيار الوطني الحر، ومن ثمّ البيان الوزاري لحكومة الحريري، وهذا ربما من قبيل: وداوني بالتي كانت هي الدّاءُ .
الكلمة الفصل في هذا الحوار البائس، أنّ العهد والحكومة والشعب جميعاً في عهدة المقاومة وسلاحها الفعّال، ولا يبقى سوى أن يُصلّي اللبنانيون لحفظ المقاومة مع الرجاء بأن تقوى على حمل المهام الجسام التي ألقاها الرئيس على عاتقها في حال تعرُّض لبنان لعدوان إسرائيلي، لا سمح الله، فقد غسل الرئيس يديه مُسبقاً من دماء اللبنانيين، وبات على المقاومة حمل الصليب وآلامه.
إقرا أيضا: جمال عبد الناصر ... أنور السادات ... جبران باسيل
ظهر للجميع عجزُ الإعلاميّين مجتمعين عن شفاء غليل اللبنانيين بإدارة حوار مُثمر وفعال مع رئيس الجمهورية، حوار لم يُقدّم إجابات شافية في معظم المسائل التي طُرحت، واكتفى رؤساء التحرير بشرف اللقاء، والظهور بطلّات بهية وبدلات أنيقة، وانضباط رائع، كتلامذة صف ابتدائي أول في مدرسة ابتدائية من خمسينيات القرن الماضي، حتى أمكن القول بأنّ اللقاء خرج بفضيحة مزدوجة للإعلام والعام الأول للعهد القوي، وكان من الممكن، أو يُستحسن تفاديه .
قال عبدالملك بن مروان لبنيه: " كُلّكم يترشّح لهذا الأمر، ولا يصلُح له منكم إلاّ من كان له سيفٌ مسلول، ومالٌ مبذول، وعدلٌ تطمئن إليه القلوب."