قارب رئيس الجمهورية ميشال عون «بواقعية» انجازات السنة الاولى من عهده، مجددا التأكيد على ثوابته السياسية داخليا وخارجيا دون مفاجآت تذكر، وذلك في لقاء مفتوح مع وسائل الاعلام اللبنانية المرئية، في تجربة تحتاج الى كثير من المراجعة حول جدواها لما اصابها من «تشتيت» للافكار حيال اكثر من ملف اساسي ومهم بسبب «تشاطر» البعض وغياب «الانضباط» الذي حال دون جنوح البعض الاخر نحو «مماحكات» سياسية تعكس الانقسام اللبناني لكنها تجاوزت حدود اللياقة في حضرة رئيس البلاد...
وبحسب اوساط سياسية مطلعة على التفاصيل المحيطة بهذا اللقاء فان الاطلالة المباشرة على الهواء، وعدم الاستعاضة عنها بكلمة مسجلة يتلوها الرئيس امام اللبنانيين لتقويم سنته الاولى في بعبدا، كان الهدف الاول منها تقديم صورة مختلفة عن العهد، وكذلك اعطاء «السلطة» الرابعة الحق في لعب دور «الرقابة» «والمحاسبة» نيابة عن الرأي العام اللبناني، لكن الجزء الاهم من هذه الاطلالة جاء للرد على الكثير من «الشائعات» وبعض «التقارير» الدبلوماسية التي كانت ترصد «صحة» رئيس الجمهورية خلال الاشهر القليلة الماضية، وقد ورد في احد التقارير الذي رفعته سفارة غربية في بيروت مؤخرا ان الرئيس تعرض تكرارا ومرارا «لوعكات» صحية استدعت نقله الى المستشفى اكثر من مرة بعيدا عن الاعلام، وجاءت هذه المقابلة المفتوحة على الهواء، لتثبت عدم صحة كل هذه الشكوك وتؤكد ان الرئيس «بصحة جيدة»، وهو ما لاحظه الجميع بالامس..
في هذا الوقت غادر رئيس الحكومة سعد الحريري الى السعودية في زيارة تأخرت عن موعدها لنحو اسبوعين، لم يتلق خلالها جوابا على رغبته بزيارة المملكة، وهي تتزامن مع تغريدات تصعيدية جديدة لوزير الدولة لشؤون الخليج تامر السبهان، انتقد فيها بعنف حزب الله مؤكدا «قدرة السعودية على «درء وباء» «ميليشيات الحزب الشيطانية بعد اتهامه باستهداف الدول الخليجية»، وقد رد وزير الشباب والرياضة محمد فنيش في «دردشة» مع «الديار» على هذه التغريدات بالقول انه لم يسمع «بهذا السبهان فهو «صغير» ورجل شتام ولا يستحق اي «تعليق»..
«استدعاء» الحريري
وقد التقى الرئيس الحريري مساء امس ولي العهد محمد بن سلمان وبحث معه بحسب الخبر الرسمي شؤوناً اقليمية وثنائية، لكن اوساطاً مطلعة على ظروف هذه الزيارة اكدت ان رئيس الحكومة الغى التزاماته في بيروت وتوجه على «عجل» الى السعودية بعد ان تلقى «اتصالاً عاجلاً» من الديوان الملكي ابلغه بضرورة الحضور الى المملكة لان ولي العهد يريد لقاءه، ولهذا اضطر فريق عمله الى القول بان الحريري يقوم بزيارة «عمل»، وذلك استباقا للنتائج التي يجهل رئيس الحكومة طبيعتها في ظل تسارع عملية التغيير داخل المملكة، وسط «ضبابية» لديه حيال ما تريده السعودية منه في المرحلة المقبلة، وهو سيحصل حكما على «توضيحات» سعودية بشأن طبيعة ملامح السياسة السعودية مع المرحلة المقبلة على الساحة اللبنانية، انطلاقا من التغييرات الحاصلة في سوريا، وبعد الزيارة الاخيرة للملك سلمان الى موسكو.. وتبقى الاسئلة مفتوحة حول طبيعة ما سيتبلغه الحريري؟ ومدى قدرته على الحفاظ على التوازنات الداخلية في ظل تصعيد سعودي - اميركي ممنهج ضد حزب الله؟ فهل تورط المملكة حلفاءها مرة جديدة بمغامرة غير محسوبة؟ وماذا عن مصير الحكومة؟ وكذلك مصير التسوية الرئاسية؟ الاجابات ستكون اكثر وضوحا بعد عودة رئيس الحكومة الى بيروت.. حيث تجدر مراقبة كيفية مقاربته للامور «ليبنى على الشيء» مقتضاه..
البحث عن تمويل
وفي ملف آخر يحمل الحريري عبئا «ثقيلا « يتعلق بالاستحقاق الانتخابي الذي سيكون مفصليا لجهة تحديد وزن «تيار المستقبل» على الساحة السنية، ويحتل الشق المالي حيزا مهما لدى رئيس الحكومة الذي يأمل الحصول على رد ايجابي على طلبه بتوفير الدعم المالي الكافي لادارة العملية الانتخابية، وهو امر كان قد طلبه من السبهان خلال زيارته الاخيرة الى بيروت، وقد تأخر الرد، بسبب وجود تيار داعم لنظرية «عدم الحصرية» على الساحة السنية في الدائرة المحيطة بولي العهد، والبعض هناك لم يغفر بعد لرئيس الحكومة خياره في الذهاب الى التسوية الرئاسية التي افضت الى انتخاب الرئيس ميشال عون الذي اثبت خلال عام من رئاسته انه زاد تمسكا بخياراته الاستراتيجية الملتصقة بحزب الله... ويأمل الحريري ان يكون المناخ قد تبدل الان ويعود الى بيروت باجوبة حاسمة وواضحة تسمح بحصول انفراجة مالية.
«صداع» بقاعي
وفي سياق متصل بالملف الانتخابي برز «صداع» آخر للرئيس الحريري قبل انطلاقه الى السعودية وهو يخشى من ظاهرة جديدة تشبه «انشقاق» الوزير اشرف ريفي في الشمال، ولكن هذه المرة في البقاع، وهو ابلغ الدائرة المحيطة به وخصوصا مدير مكتبه نادر الحريري بضرورة ايجاد حل سريع للازمة في وزارة الاتصالات، مع الحرص على عدم احراج الوزير جمال الجراح لكي لا يؤدي ذلك الى اخراجه، فالاخير بحسب اوساط بقاعية «يمسك» رئيس الحكومة من «اليد» التي توجعه في هذا الملف، وبحسب الارقام الانتخابية «لماكينة» تيار المستقبل يحتل الجراح المرتبة الاولى في استطلاعات «التيار» الداخلية»، وبات اليوم بالنسبة الى «قاعدة» «التيار» في البقاع بمثابة «روبن هود» الذي يسد ثغرة غياب «الخدمات» المادية والعينية لتيار المستقبل ورئيس الحكومة في المنطقة، بسبب ازمة «شح» الاموال المستفحلة منذ سنوات. فالجراح منذ توليه المسؤولية قدم خدمات توظيفية للعشرات من الشبان «العاطلين عن العمل» كما انه على صلة وثيقة مع التيارات السنية المتشددة بعد سنوات من دوره الفاعل «كوسيط» موثوق لديها، وهو اليوم يشكل «غطاء» لكل «ايتام» «جبهة النصرة» على امتداد الساحة البقاعية، وهذا ما يمنحه الافضلية عند التيار «المعتدل» «وكذلك «المتطرف»..
ولان الحريري لا يرغب «بنكسة» جديدة في توقيت غير مناسب عقد اجتماعا في بيت الوسط يوم الاحد، ضمه ومدير مكتبه إلى الوزير الجراح والمستشار نبيل يموت ومدير عام «اوجيرو»عماد كريدية، من أجل إيجاد تسوية بين الوزير والمدير العام. وعلم في هذا السياق ان الجراح كان غاضبا للغاية من ما اسماه عدم ادراك يموت وكريديه لفداحة ما ارتكباه على المستوى السياسي، ومدى الاضرار الفادحة التي ستلحق بتيار المستقبل، وكان لافتا بحسب الاوساط البقاعية ان الحريري كان حريصا على عدم اغضاب الجراح وتهدئة الامور، وذلك على عكس رغبة نادر الحريري الذي اعتبر ان تصرفات الجراح تجاوزت الحدود عندما وجه «سهامه» اليه شخصيا من خلال اجراءه المتهور اتجاه يموت...
ووفقا لتلك الاوساط، رمى الجراح «الكرة» في «ملعب» رئيس الحكومة بعد ان اصبحت القضية في عهدة مجلس شورى الدولة، الذي ينتظر اجابة عن سؤال حول عدم الأهلية التقنية لمستخدمي هيئة »أوجيرو« بتمديد الألياف البصرية، وتفسير سبب عدم تكليف «أوجيرو» بمد هذه الالياف، خصوصا ان الوزير طلب من كريدية الرد بإفادة تؤكد عدم قدرة الهيئة على القيام بهذه الأعمال، ورفض كريدية هذا الطلب، وتوجه الوزير الى الحريري بالقول الان «شوف كيف بدك تحلها»؟؟؟
«اوجيرو»
وفي هذا السياق تؤكد مصادر في «اوجيرو» أنها «باشرت فعلاً بتنفيذ المشروع وأتمت أجزاء لا بأس بها منه، لكن الوزيراختار منح الشركات الخاصة أرباحا خيالية ما سيدر عليها مئات ملايين الدولارات على حساب خزينة الدولة،اما المراجعة التي تقدمت بها نقابة العاملين في «أوجيرو»، والاتحاد العمالي العام، امام مجلس شورى الدولة فهي بحسب تلك الاوساط ستتابع حتى إلغاء قرارات الوزير، اما اذا حصل عكس ذلك «فلكل حادث حديث»...
جردة عام رئاسي اول..
في هذا الوقت قدم رئيس الجمهورية جردة لانجازات العهد في سنته الاولى، مؤكدا عدم وجود خوف على الليرة ام على القطاع المصرفي، وجزم بحصول انتخابات نيابية في العام 2018» مؤكدا ان الالغام لا تمنع حصول الانتخابات، جازما بعدم حصول تعديل لقانون الانتخابات، مشيرا الى انه لا يمكن البدء بمحاربة الفساد قبل تثبيت ركائز الدولة..
وفي حوار اعلامي مفتوح مع ثماني محطات تلفزيونية لبنانية اكد رئيس الجمهورية ان لبنان لا يمكن ان يكون طرفا في الصراع العربي- العربي وقال ان «العرب اشقاء ولا يمكننا ان نقف مع شقيق ضد آخر وايران قوة اقليمية لا يمكن تجاهلها.. مؤكدا في ملف سلاح حزب الله ان وحدتنا الوطنية هي الاساس وعلى الجميع ان يتفهمونا في الخارج لان الوحدة الوطنية هي الاساس، وربط بين الحل في الشرق الاوسط وبين معالجة سلح حزب الله، واشار الى ان هناك عجز مادي ومالي داخلي على صعيد التجهيزات الجيش، ولدينا اسرائيل ومشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وهذه تحتاج الى حل من الخارج بين القوى المحيطة باسرائيل، ونحن لم نكن بموقع الاعتداء وهناك خوف من هذه الاعتداءات، ولذلك سيبقى الحال على ما هو عليه».. ونفى رئيس الجمهورية وجود قاعدة عسكرية اميركية في حامات.. وقال انه راض عن تعاون الاجهزة الامنية، وهو مطمئن للوضع الامني في لبنان...
وفي ملف النزوح، قال ان «المجتمع الدولي لا يريد ارجاع النازحين السوريين الا بعد انتهاء الحرب، وهذا غير مقبول، نحتاج الى اتصالات سياسية مع سوريا، وهناك انقسام في الحكومة حيال هذا الامر، في فرنسا تحدثنا عن الامر، وفي الامم المتحدة، وانا على اطلاع على كلام الرئيس الحريري مع موسكو حيال ملف النازحين.. وعن زيارته الى سوريا قال اننا متفقون على ان نعالج هذه الملفات بعيدا عن الخلافات، لم نقطع العلاقات مع سوريا ولا تزال موجودة بواسطة السفراء، نافيا وجود علاقات وزارية مع دمشق»..
واكد الرئيس ايضا ان نظام المحاصصة هو امر واقع في البلاد ولم تتوافر بعد لدينا بعد كل وسائل محاربة الفساد ونعمل على تأمينها، واشار الى وجود شائعات كثيرة في لبنان، مؤكدا ان الوزير جبران باسيل يدير حزب التيار الوطني الحر وليس البلد..