تحل اليوم الذكرى السنوية الأولى لإنتخاب الجنرال ميشال عون رئيسا للجمهورية في لبنان بعد فراغ عانى منه لبنان لأكثر من عامين توقفت فيه عجلات المؤسسات في الدولة وشلت الإدارات العامة.
بالأمس أطل فخامة الرئيس ميشال عون بحوار إعلامي من قصر بعبدا مع 8 مدراء أخبار لمحطات إعلامية لبنانية ناقش فيها جردة عام كامل من ما سماه إنجازات تحققت ودافع عن أسلوب وأداء العهد قائلا أنه : " لما تسلمت الدولة كانت expired ومجلس النواب أيضا " كدلالة على الشلل الذي كان حاصلا في أروقتها.
ولا شك أنه من الظلم مطالبة الرئيس عون بتحقيق كل شيء وبناء الدولة الحقيقية في هكذا فترة لكن من العدل أيضا أن يتم إجراء عملية محاسبة لما حصل خصوصا أنه منتخب من الشعب قبل المجلس النيابي غير الشرعي كما قال ومن حق الشعب أن يفعل ذلك.
وأهم ما لفت النظر في العام الأول هو حجم المخالفات الدستورية التي حصلت والتي ليس بالضرورة أن يتحمل مسؤوليتها شخص الرئيس مباشرة بل تركيبة ومنظومة العهد بأكملها مسؤولة عن ذلك ويدخل في باب تحمل المسؤولية كل من سكت أو حتى تحفظ على أي مخالفة دستورية.
إقرأ أيضا : المحاصصة مستمرة بعد عام واحد على حكم الرئيس ميشال عون
المخالفات الدستورية :
حصل منذ إنتخاب الرئيس ميشال عون 3 مخالفات دستورية واضحة للعيان وهي كالتالي :
1- التمديد للمجلس النيابي للمرة الثالثة
2- عدم إجراء إنتخابات فرعية
3- إقرار الموازنة من دون قطع حساب.
إقرأ أيضا : اللبنانيون منقسمون حول إنجازات وإخفاقات العهد في الذكرى السنوية الأولى
فبعد الإتفاق على قانون إنتخابي نسبي في الربيع الماضي جرى التمديد للمجلس النيابي للمرة الثالثة على التوالي بالرغم من أن التيار الوطني الحر كان قد طعن في التمديد السابق أمام المجلس الدستوري لإعتباره مخالفا للدستور وبنى الرئيس عون على أساس هذا الطعن قراءة دستورية وقانونية تفيد بأن المجلس النيابي الحالي غير شرعي وهذا ما أكد عليه بالأمس على الرغم من أن نفس هذا المجلس هو من إنتخبه رئيسا وبالتالي تبعا لمعايير التيار فإن التمديد الثالث هو غير دستوري أيضا ومع هذا وافق عليه العهد.
أما الإنتخابات الفرعية التي كان من المزمع إجراءها بسبب الشغور في مقعدي طرابلس ( علوي وأرثوذكسي ) ومقعد الرئيس عون في كسروان ( ماروني )، فقد تم تطييرها ولم يكن هناك نوايا جدية في العمل لأجلها أو الدفع بإتجاهها خصوصا في أوساط التيار الوطني الحر وتيار المستقبل وهذا يشكل مخالفة واضحة للدستور الذي ينص على ضرورة إجراء الإنتخابات الفرعية في حال شغور أحد المقاعد فتقول المادة 41 منه :" إذا خلا مقعد في المجلس يجب الشروع في إنتخاب الخلف في خلال شهرين ولا تتجاوز نيابة العضو الجديد اجل نيابة العضو القديم الذي يحل محله. أما إذا خلا المقعد في المجلس قبل إنتهاء عهد نيابته بأقل من ستة أشهر فلا يعمد إلى انتخاب خلف ".
والمخالفة الثالثة تتمثل في إقرار الموازنة العامة من دون قطع حساب حيث تم التصويت في مجلس النواب على قانون يسمح بإقرار الموازنة من دون قطع حساب ويتيح لوزارة المالية أن تعد هذه الحسابات خلال فترة لا تتجاوز العام وهذا مخالف للمادة 87 من الدستور اللبناني التي تقول صراحة :" إن حسابات الإدارة المالية النهائية لكل سنة يجب أن تعرض على المجلس ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة الثانية التي تلي تلك السنة وسيوضع قانون خاص لتشكيل ديوان المحاسبات ".
إقرأ أيضا : عون: لست مكبّل اليدين.. والإنتخابات ستحصل!
والغريب في هذه المخالفة أن التيار الوطني الحر كان الأحرص بين جميع القوى السياسية على إجراء قطع حساب يسبق إقرار الموازنة وطالب بتعديل دستوري لتجميد مفاعيل المادة قبل أن يتراجع عن ذلك.
بالمجمل ، تعتبر هذه المخالفات نكسة لإنطلاقة العهد رغم أنه لا يتحمل وزرها وحده بل تشاركه في ذلك و تحرجه طبقة سياسية أصبحت تعتبر الدستور لعبة للتسلية فقط وهنا واجب فخامة الرئيس أن يقاوم هذه المحاولات ولا يستسلم لها لأن الدستور هو السلاح الوحيد والفعال لإستراتيجية شاملة لمكافحة الفساد وبناء الدولة الحقيقية والقوية.