سنة مرت على تبوؤ العماد ميشال عون سدة الرئاسة الاولى في جمهورية كانت على شفير الهاوية المؤسساتية والسياسية، لا بل كانت في غرفة العناية الفائقة الاقليمية والدولية، فلا اتفاق على قانون انتخاب تجدد عبره الحياة السياسية ولا انتخابات نيابية، ولا تشكيلات ديبلوماسية وقضائية وادارية ، ولا موازنة وقطع حساب. جرود سائبة للارهابيين. لبنان كله كان في مهب الريح.
بعد مرور سنة من عهد الرئيس ميشال عون، الامور تغيرت، الجرود محررة وممسوكة بفضل تضحيات الجيش اللبناني والمقاومة، ولكن ايضا بفضل القرار السياسي الداعم لانهاء الوجود الارهابي على الحدود الشرقية للوطن.
بعد سنة على رئاسة عون الاولى، انتظمت المالية العامة للدولة عبر اقرار الموازنة والعمل على انجاز قطع الحساب في الاشهر القليلة المقبلة، اعطيت الحقوق لأصحابها في اقرار السلسلة، تمت التشكيلات والتعيينات القضائية والديبلوماسية. كذلك، اقر قانون انتخاب يعتمد النسبية كقاعدة ويتقدم على خلفه بالتمثيل العادل بين المكونات الاساسية اللبنانية.
ولكن رغم الانجازات النوعية للعهد، فاللبنانيون لا يزالون يعانون من سوء خدمات الدولة بتوزيع الكهرباء ومعالجة النفايات ومياه الشفة، والخدمات الاستشفائية وسوء حال الطرقات واللائحة تطول. كذلك فان الهدر مستمر والمؤسسات الرقابية ليست ذا فاعلية كبيرة، مع العلم ان الرئيس عون طالبها بعدم الخضوع للضغوطات وبممارسة مسؤولياتها وصلاحياتها المناطة لها من الدستور، اذ قالت اوساط مالية لـ«الديار» ان القدرة على التوفير في المال العام ممكن ان تصل الى حد الملياري دولار، مع العلم ان ارث عشرين سنة من سوء الادارة هو ارث ثقيل على العماد عون ولا يمكن بأي حال ان تصطلح الامور بالسرعة التي يتخيلها البعض او يزايد بها شعبوياً على العهد. وتضيف هذه الاوساط ان الامل يبقى كبيراً في ان يعالج الاعوجاج المؤسساتي في الدولة قي عهد عون، اذ ينتظر اللبنانيون الكثير الكثير من العهد وصاحبه.
السبهان والردود عليه
بموازاة ذلك، عاد وزير الدولة لشؤون الخليج العربي في السعودية ثامر السبهان الى تحريضه، وهذه المرة حرّض الحكومة على حزب الله، اذ غرد على «تويتر» قائلاً : «ليس غريبا ان يعلن ويشارك حزب المليشيا الإرهابي حربه على المملكة بتوجيهات من ارباب الارهاب العالمي. ولكن الغريب صمت الحكومة والشعب في ذلك». لكن المقاومة وبفعل صبرها وتفهمها للأوضاع تنزع فتيل الفتنة، حيث اعتبرت مصادر قريبة من المقاومة ان حزب الله لا يهتم لكلام السبهان ولو انه يعبر عن جزء من السياسة السعودية والتوجه الاميركي - الاسرائيلي في المنطقة. كما اشارت المصادر الى ان ليس من الصدفة ان تتلاحم المواقف الاميركية والسعودية والاسرائيلية من المقاومة في فلسطين ولبنان والمنطقة. كما ان المصادر نفسها اكدت ان كلام السبهان موجه لرئيس الحكومة و14 آذار، وان كان لاحد ان يرد فعلى هذا الفريق ان يفعل. غير ان المصادر اكدت ان 8 آذار لن تضغط حكومياً للرد على السبهان تفهما لوضع الحريري وللرغبة المشتركة معه بعدم تصعيد الامور، وان المظلة الاقليمية والدولية لحفظ استقرار لبنان لا تزال موجودة.
اللجنة الوزارية للانتخابات وجلستها اليوم
ومن المتوقع ان تعقد اللجنة الوزارية المخصصة لبحث الامور اللوجستية للانتخابات جلسة حاسمة اليوم في السراي حيث تدل المؤشرات على بوادر حلحلة قد تفضي الى الوصول الى مخرج لاجراء الانتخابات في موعدها، كما قد تصل الى التفاهم على النقاط الخلافية المتمثلة في البطاقة البيومترية وقضية التسجيل المسبق والانقسام السياسي الحاصل حولها ، خصوصاً ان معظم المكونات تطالب بإجراء الانتخابات النيابية في وقتها. كما ان رئيس الجمهورية اكد في عدة مناسبات تمسكه واصراره على ذلك، وشاركه في ذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري في حسم حصول الانتخابات في وقتها عندما دعا الى «تبكيرها» في اشارة واضحة ان لا مجال لتأجيل جديد للانتخابات النيابية.
الا ان مصدراً وزارياً في فريق 8 آذار مشارك في اللجنة الوزارية لتطبيق قانون الانتخاب، توقع في حديث لـ «الديار» ان لا يخرج الاجتماع الثالث بنتائج حاسمة او نهائية وان الامور «غير ناضجة». ويؤكد المصدر ان ملف البطاقة البيومترية اصبح وراءنا، وان من الاستحالة السير فيه لقصر المدة الفاصلة عن الانتخابات حيث من المستحيل اجراء 3 ملايين و600 الف بطاقة في غضون اشهر وقبل ايار، وان من الطبيعي ان تسلم البطاقة لكل اللبنانيين من الناخبين قبل اشهر من اجراء الانتخابات.
لذا يقول المصدر الوزاري في 8 آذار «اننا سنناقش امر العودة الى الانتخاب ببطاقة الهوية وطباعتها لكل من لا يملك بطاقة هوية من الناخبين وهو امر لا بد منه».
وفي المسألة العالقة الثانية يؤكد المصدر الوزاري ان لا تقدم في ملف التسجيل المسبق للاقتراع مكان السكن، اذ يعارض هذا الامر الوزير باسيل ويشاركه الاعتراض كل من النائب وليد جنبلاط والرئيس سعد الحريري بينما يصر الرئيس بري على التسجيل المسبق.
من جهة أخرى، اعتبرت مصادر قيادية في «القوات اللبنانية» ان اجتماع اللجنة الوزارية اليوم يأتي استكمالاً لمشاورات يوم الجمعة الماضي، حيث كان الرئيس سعد الحريري قد تقدّم باقتراح جديد يقضي بالتسجيل المسبق مع اعتماد جواز السفر البيومتري. وأضافت المصادر، أن القوى السياسية ستعطي جوابها اليوم على هذا الاقتراح، وقد تخلت كل القوى، باستثناء الوزير جبران باسيل، عن البطاقة البيومترية، كون هناك استحالة تقنية بحسب المطالعة التي قدمها وزير الداخلية نهاد المشنوق لإصدار الكمية اللازمة في الوقت المتبقي.
وخلصت المصادر عينها، إلى أن الاتجاه النهائي سيبرز في اجتماع اليوم بالنسبة للسير باقتراح الرئيس الحريري، مع العلم أن الأمور باتت في مراحلها النهائية.
جولة باسيل في الشوف
وكان رئيس التيار الوطني الحر ووزير الخارجية جبران باسيل بدأ جولة في منطقة الشوف في حضور ممثل الحزب الاشتراكي النائب أكرم شهيب، وشملت الزيارة دير القمر ومعاصر بيت الدين وقرى شوفية حيث كان له عدد من «الوقفات» والكلمات التي اكد فيها على ان «أهمية قانون النسبية تكمن في مشاركة الجميع ودخولهم بشكل طبيعي في خيارات الناس، بحسب تمثيلهم وهذه هي المصالحة الحقيقية بين الناس وبين السياسيين التي تأتي بشكل طبيعي نتيجة خيارات الناس التي ندعوهم فيها الى التلاقي والمحبة والتفاهم». كما دعا باسيل اهالي الشوف للمشاركة في الانتخابات مقيمين ومهجرين في المكان الذي يستطيعون الوصول اليه للانتخاب، وقال: «لا نستطيع ان ندير لكم ظهورنا، وللـ 35 عاما التي عشتموها خارج منطقتكم، نريدكم ان تعودوا ونقصر لكم المسافات رويدا رويدا، وبداية ذلك المشاركة والتصويت في الانتخابات وهذه أقصر طريق للعودة وأكثرها متانة».
وفي سياق متصل، قال مصدر اشتراكي لـ «الديار» ان كلام باسيل فيه الكثير من الايجابية على عكس خطابه الاخير في رشميا، واشار الى ان جولة باسيل تؤسس لعلاقة جديدة مع المختارة معتبراً الذي حصل امس الاول خطوة ايجابية بين التيار والحزب الاشتراكي رغم عدم «تحويل» باسيل لزيارة النائب وليد جنبلاط في المختارة والتي تعتبر سابقة في الجبل ان يزور زعيم سياسي الشوف دون المرور بالمختارة.