تنقّل البلد بالأمس بين المؤتمرات والكلام الذي قيل فيها وينطوي على كثير من الطموحات، فمِن مؤتمر الطاقة الوطنية اللبنانية والآمال المعلّقة على الثروة النفطية لتحريك عجلة الإقتصاد ودفعه الى الأمام الى افتتاح السنة القضائية وتأكيد رئيس الجمهورية ميشال عون على استقلالية القضاء ووعده بشمول القضاء بالتغيير بما يجعله سلطةً منتخَبة. في حين يستمرّ القانون الانتخابي قابعاً في قعر التبانيات السياسية حوله، فيما يتزايد ثقلُ ملفّ النازحين السوريين، الذي برز تطوّرٌ حولَه تمثلّ بالتمهيد لتسجيل ولادات النازحين، وذلك في خطوة انطلقت قبل أيام ووُصفت بأنها تصبّ في سياق التحضير لإعادة النازحين الى بلدهم.
سياسياً، حلّ موضوع العقوبات الأميركية الجديدة أو التي يحضّرها الكونغرس الأميركي على «حزب الله» في مقدّمة المتابعات المحلية، وبدا واضحاً من المقارَبات السياسية أن الخشية لا تكمن فقط بالعقوبات المعلَنة، بل بما قد يحمله هذا المسلسل الذي يبدو أنه سيستمرّ، وفق ما أكّده أحدُ المسؤولين لـ«الجمهورية».

واللافت للانتباه أن لا موقفَ رسمياً من «حزب الله» حول هذا الامر، في ما يبدو أنّ ثمّة قراراً متّخَذاً من قبل الحزب لتجاهل العقوبات وعدم مقاربتها إعلامياً وبيانياً.

«حزب الله» والعقوبات

وفيما أكّد مصدرٌ قيادي في الحزب لـ«الجمهورية»: قلنا ونكرّر أنّ هذه العقوبات مهما كان حجمُها، لن تستطيع أن تغيّر في الحزب شيئاً وإذا كانوا يعتقدون انّ هذه العقوبات تُضعف الحزب، فهم مخطئون، لأنها بالعكس تزيده تصميماً وثباتاً في موقعه المقاوِم للعدوّ الإسرائيلي والتكفيريين»، قال نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم: «حزب الله» أصبح الخبز اليومي لخطابات الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإدارته، فهو يتّهم الحزب، وينعته بالإرهاب، ويهدّده بالعقوبات والمواجهة وقد أقرّ مجلسُ الكونغرس أو النواب العقوبات ضد الحزب، كلّ ذلك لأنّ «حزب الله» نجح في تحرير الأرض وعطّل مشروعَ التوطين في لبنان وفتح آفاقَ تحرير فلسطين».

قانون الإنتخاب

من جهة ثانية، انتهى إجتماعُ اللجنة الوزارية حول القانون الانتخابي الذي انعقد أمس برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، الى التوافق على اجتماعٍ آخر الإثنين المقبل، في غياب أيّ مؤشرات عن تمكّنها من تجاوز التعقيدات الماثلة أمام القوى السياسية، وقد أقرّ بذلك وزير الداخلية نهاد المشنوق بقوله إنّ الخلافات بينها القوى السياسية هي التي حالت دون الاتفاق على كيفية تطبيق أحكام المادة 84 من قانون الانتخاب المتعلّقة بالاقتراع في مكان السكن، لمَن يرغب، وفق التسجيل المسبَق، أو بدونه».

وقالت مصادرُ اللجنة لـ«الجمهورية» إنها لا تستطيع أن تُبدي تفاؤلاً في إمكان التوافق بين أعضاء اللجنة في ظلّ التباينات القائمة حول مجموعة من الامور، فيما برز تطوّرٌ مهم تمثل بتوافق الجميع على تمديد تسجيل المغتربين حتى 25 شباط من أجل إشراك أوسع شريحة ممكنة من المنتشرين الذين فاق تسجيلُهم لغاية اليوم التسعة آلاف مغترب.

وعدّدت المصادر نقاطَ الخلاف مشيرةً الى «البطاقة البيومترية التي نصّ عليها، فهذه البطاقة مع عامل الوقت لم يعد ممكناً تنفيذُها على نحوٍ يتمكّن كل مواطن من امتلاك بطاقة ممَغنطة، أو هوية أو بيومترية، تمكّنه من أن يصوّت أينما وُجد، فهذه المسألة انحسرت لتصل الى موضوع اقتراع المواطن في أماكن سكنه ومسالة الميغاسنتر، هناك توافقٌ على المبدأ هنا، لكنّ الخلاف القائم هو على التسجيل المسبَق أو عدم التسجيل المسبق، أما في ما خصّ توزيع هذه البطاقة لكل اللبنانيين قبل الانتخابات فوزير الداخلية أكّد «أنّ هذا الأمر صعب، وإذا أردتم بطاقة كاملة البيانات الصحيحة، فأنا استطيع أن أجهّز من 500 ألف الى مليون و200 ألف بطاقة». وأيضاً النقاشُ عالقٌ هنا.

ويبقى موضوعُ اعتماد بطاقة الهوية خارج مكان السكن، فالاختلاف حولها ما زال قائماً وهناك مَن يؤكّد أنّ هذه البطاقة تعتريها أخطاء في المعلومات، وأنّ التزوير كبيرٌ فيها. ما يعني أنّ اللجنة تسير في هذا الحقل، تحاولُ أن تفكّكَ الخلافات وليس معلوماً متى وكيف ستتمكّن من ذلك»؟

القوات لـ«الجمهورية»

وفيما تحدّث الوزير المشنوق عن تقدّمٍ طفيف، قالت مصادر «القوات اللبنانية» إنّ الإنجازَ الأبرز الذي تحقّق تمثّل بإقرار جميع المكوّنات تقريباً بصحة ما كانت ذهبت إليه «القوات» وحيدةً برفض التلزيم بالتراضي، كما أقرّت بضرورة إخضاع الأمر لمناقصةٍ شفّافة احتراماً لقانون المحاسَبة العمومية، باعتبار أنّ أيَّ مبلغ يفوق الـ100 مليون يجب إحالته على إدارة المناقصات، فكيف بالحري بمبلغ يفوق الـ133 مليون، وشدّد ممثلُها في اللجنة الوزير بيار بو عاصي على أنّ البيانات هي ملكُ الدولة اللبنانية حصراً وليس أيّ شركة من الشركات، وبالتالي تُسلّم الدولة تلك البيانات للشركة التي ترسو عليها المناقصة.

وأشارت المصادر الى أنّ الاتفاق تمّ على إجراء مناقصة للبطاقة البيومترية ولكن من دون ربطها بالانتخابات المقبلة، فيما تقدّم الرئيس الحريري باقتراحٍ جديد قوامه التسجيل المسبَق مع استخدام جواز السفر، سيما أنّ هناك أكثر من 400 ألف جواز سفر بيومتري، وبالتالي الفئة المسجّلة تقترع بجواز السفر، ودعا الحريري إلى درس هذا الاقتراح من أجل بتّه في جلسة الاثنين سلباً أم إيجاباً.

لكنّ المؤسف أنّ الوزير جبران باسيل بقيَ متمسِّكاً بالبطاقة البيومترية لكل الشعب اللبناني على رغم استحالة تحقيق هذا الأمر تقنيّاً، ووافق على التسجيل المسبَق شرط أن يتمّ قبل يومٍ واحد من الانتخابات، الأمرُ الذي أكّد الوزير المشنوق اسْتحالةَ تحقيقِه كون لوائح الشطب توزَّع قبل شهر ولا يصحّ عدم معرفة العدد من أجل تهيئة رؤساء الأقلام والأمور التقنيّة الأخرى.

فنيش لـ«الجمهورية»

وقال الوزير محمد فنيش لـ«الجمهورية»: اللجنة تجتمع وتناقش آلية تنفيذ قانون الانتخاب، وفي كل الأحوال موقفنا معروف، نحن مع إجراء الانتخابات في مواقيتها، ونحن نتعامل في اجتماعات اللجنة على قاعدة التسهيل وإزاحة أيِّ عقبةٍ من أمام إجراء الانتخابات، وطبعاً مع التقيّد بالأصول وليس كيفما كان.

النازحون

في هذا الوقت، شهد ملفُّ النازحين السوريين خطوةً لافتة أُدرجت في سياق وضع هذا الملف على طريق إعادتهم الى بلدهم.

وتتجلّى هذه الخطوة في توجّهٍ ببدء تسجيل ولادات النازحين التي تقدَّر بعشرات الآلاف، وقال أحد الوزراء لـ«الجمهورية» إنّ الولادات لدى النازحين تكاد لا تُحصى، وما أمكن تسجيله حتى اليوم يزيد عن 260 ألف حالة ولادة منذ العام 2011. وعلمت «الجمهورية» أنّ مراسلاتٍ عدة حصلت منذ مطلع الشهر الجاري بين وزارتَي الخارجية والداخلية والسفارة السورية في لبنان 

الراعي و«الكتائب»

وفيما أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وجوبَ عودة النازحين الى بلادهم. قال مصدر كتائبي مسؤول لـ«الجمهورية»: «النائب سامي الجميل يتولّى مِن موقعه كمعارضة برلمانية القيام بما تتقاعس السلطةُ الحاكمة عن القيام به من مبادراتٍ وخطواتٍ في اتّجاه المجتمع الدولي وعواصم القرار في محاولةٍ لحلّ المشاكل ذات البعد الإقليمي والدولي التي يعاني منها لبنان وفي مقدمها ملفُّ النازحين السوريين وسبل إيجاد الحلول المطلوبة من دون توريط لبنان في سياسة المحاور وبما يتناسب مع تحييده عن الصراع الدائر في سوريا بين النظام ومعارضيه».

اضاف: «كان حرياً بالمعنيّين في الحكومة القيام بما تقوم به المعارضة من اتّصالاتٍ مع موسكو وغيرها، لكن، وإزاء تقاعس السلطة كان لا بدّ للمعارضة أن تتحمّل مسؤولياتها.

باسيل إلى الشوف

على صعيد آخر، يقوم الوزير باسيل بجولة شوفيّة غداً الأحد، برفقة الوزيرَين سيزار ابي خليل وطارق الخطيب، ستتخلّلها لقاءاتٌ شعبية وغداءٌ جامع في أكثر من 10 محطات أبرزها: دير القمر والناعمة معاصر الشوف الباروك وشحيم وحصروت الدامور الوردانية.

ورفضت مصادر «التيار» تصوير الزيارة وكأنها خطوةٌ تراجعية عمّا قاله في رشميا وسوق الغرب وقالت لـ«الجمهورية»: باسيل لم يقل إنه ضد المصالحة بل متمسّك بها لكنه يرى أنها تحتاج الى عناصر لكي تكون مكتمِلة، فقد أُسيء فهمُ كلامه وهذا ما أكّد عليه النائب وائل ابو فاعور.
ووصفت المصادر علاقة «التيار» مع النائب وليد جنبلاط بالعادية مؤكِّدةً ترحيبَه بزيارة باسيل الى الشوف.

شمعون لـ«الجمهورية»

ورحّب رئيسُ حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون بزيارة باسيل الى دير القمر، وقال لـ«الجمهورية»: «دير القمر بلدة مفتوحة للجميع ولا تقفل أبوابها في وجهِ أحد واهلاً وسهلاً بمَن يطلّ». وأوضح شمعون أنه غيرُ مدعو لكي يشارك في الاستقبال «وأجندتي مليئةٌ بالمواعيد يوم الأحد و«مش فاضي».

واعتبر أنّ باسيل وزيرٌ ورئيسُ حزب ويحقّ له أن يتجوّلَ حيثما يشاء. وعن تداعيات كلام باسيل في رشميا وسوق الغرب أجاب شمعون: «بتصير»، كلُّ واحدٍ منا يُخطئ».