لم تتبلور حتى الان خريطة الطريق الى الانتخابات النيابية في ايار المقبل، ما يثير القلق من تفاقم الازمة الناجمة عن الخلافات حول آلية اجراء هذا الاستحقاق رغم التأكيد الذي يصل عند حدود الجزم بأن هذه الانتخابات حاصلة لا محالة في موعدها.
وبعد ساعات طويلة من الجدل والنقاش على مدى يومين متتاليين لم تتوصل الحكومة والاغلبية المشاركة فيها الى اتفاق حول النقاط المتعلقة بالعملية الانتخابية الاجرائىة، لا سيما البطاقة البيومترية والتسجيل المسبق.
وقال احد الوزراء المشاركين في  لجنة متابعة موضوع الانتخابات امس انه لم تتمكن اللجنة من احراز تقدم ملموس بشأن هاتين النقطتين وبقيت المواقف على حالها مشيرا الى اجتماع اخر ستعقده اللجنة برئاسة الرئيس الحريري بعد غد الاثنين وبعد عودة رئىس الحكومة من زيارة قصيرة الى قبرص يبدأها اليوم.
واضاف «اذا ما استمر الجدل على هذا المنوال، وبقيت الامور في دائرة هذا الخلاف دون حسم النقاش بشكل ايجابي فإن ذلك يمثل تهديدا للانتخابات، وبالتالي سيخلق مشكلة كبيرة في البلد لانه ممنوع اي تأجيل او تمديد.
وكشفت مصادر وزارية ان النقاش الطويل في مجلس الوزراء وفي لجنة المتابعة الوزارية كاد في البداية ان يصل الى اتفاق او الى التسلم بالتسجيل المسبق للناخبين الراغبين بالاقتراع في اماكن السكن، لكن ما حصل هو ان الخلاف انتقل الى موضوع البطاقة البيومترية التي عارض وزراء كثر تلزيمها بالتراضي واصروا على ان تخضع لادارة المناقصات وفق الاصول.
وهذا الموقف تبناه معظم أعضاء لجنة المال والموازنة التي ناقشت اول امس المشروع نفسه وكانت في صدد التصويت على اعادته الى الحكومة لولا فقدان النصاب في اللحظة الاخيرة.
كما انتقد وزراء كثيرون كلفة البطاقة 202 مليار ليرة، مؤكدين انه لا يمكن ان يمر التلزيم بالتراضي لمثل هذا المبلغ الكبير.
ونقل احد الزوار في هذا المجال عن الرئيس نبيه بري رفضه القاطع لتلزيم مشروع البطاقة البيومترية بالتراضي، وقال ان اي تلزيم مالي لن يمر الا وفق الاصول في دائرة المناقصات ولو كان قرشا واحدا.
وقال الزائر ان رئىس المجلس يحرص على مثل هذا الموقف وقد اكد عليه امام رئىس الحكومة والحكومة والنواب في جلسة الموازنة، مشيرا الى ان ما يشدد عليه الرئىس بري في هذا المجال هو جزء من محاربة الفساد التي اكد عليها خصوصا بعد اقرار الموازنة.
ووفقا لاجواء النقاش الدائر فقد ابلغت وزارة الداخلية انها لا تستطيع انجاز البطاقة البيومترية في المهلة المتوافرة وفق مسار ادارة المناقصات لكن وزراء قالوا بأنه يمكن تخفيض مدة المهلة للمناقصة اذا ما اردنا اعتماد (الخطة ب) اي انجاز عدد من هذه البطاقات لا يتجاوز النصف مليون ناخب او اكثر قليلا.
وكشفت المصادر الوزارية ايضا ان الخلاف الذي سجل في اليومين الماضيين هو خلاف عامودي حادّ لا يوحي بامكانية التوصل الى توافق او نتائج ايجابية في الاجتماع المقبل للجنة متابعة الانتخابات.
واشارت ايضا الى ان النقاش في اليوم الاول تطرق الى تخفيض كلفة البطاقة البيومترية (وفق العدد الذي سينجز) من 202 مليارا الى 70 مليار ليرة. لكن كل شيء بقي يراوح مكانه بسبب الخلافات حول التلزيم والتسجيل وغيرها.
ووفقا لما جرى ايضا فإن حركة «امل» وحزب الله والقوات اللبنانية واخرين يشددون على التسجيل المسبق، لتفادي اية استنسابية في عملية توزيع البطاقات البيومترية او حتى في حال اعتمدت الهوية.
وفي خضم هذه الازمة يبقى السؤال ما هو المخرج وما هو مصير الانتخابات اذا ما استمرت الخلافات حول آلية العملية الانتخابية؟
يقول مصدر نيابي بارز ان هناك عناصر ايجابية تعزز الاعتقاد بأن الانتخابات ستحصل في موعدها ولن يكون هناك تحديد جديد للمجلس، ومن بينها ما يأتي :
1- تأكيد على مستوى الرئاسات الثلاث بأن الاستحقاق الانتخابي سيجري في موعده، لا بل ان هناك اجماعا او شبه اجماع من قبل القوى السياسية على هذا الموقف.
2- وجود بديل للبطاقة البيومترية في نص قانون الانتخاب وهي الهوية وجواز السفر. فقد نصت المادة 95 من القانون على اعتمادها بديلا للبطاقة البيومترية، وان مضمونها يؤكد ان لا حاجة لأي تعديل في قانون الانتخاب.
3- ان اي تأجيل للانتخابات ولو كان تأجيلا قصيرا سيشكل صدمة كبيرة عند الرأي العام اللبناني، ويحرج العهد.
ويضيف المصدر «انه على الرغم من الجدل الحاصل اليوم حول آلية اجراء الانتخابات فإنها في النهاية ستحصل في موعدها شاء البعض ام ابى. اما طبخة البحص التي نشهدها اليوم فهي لن تنضج اي شيء».

 

 

 


كيف تتوزع المواقف للقوى السياسية؟
تقول مصادر مطلعة ان حركة «امل» وحزب الله متفقان تماما في شأن موضوع الانتخابات وان موقفهما يتلخص بالتالي:
1- تلتزم الحركة والحزب بنص المادة 84 في اعتماد البطاقة البيومترية لكنهما يناقشان موضوعها من زاوية اجرائىة ومن زاوية اجراء الانتخابات في موعدها ولا شيء اخر.
2- يرفض الثنائي الشيعي تلزيم هذه البطاقة بالتراضي ويؤكد على مرورها بادارة المناقصات وفق الاصول.
3- يؤكد الثنائي ايضا على انه في حال تعذر تأمين البطاقة البيومترية فإن الحل موجود وهو منصوص في المادة 95 من قانون الانتخابات اي اعتماد الهوية او جواز السفر.
4- يشدد حزب الله وامل على تسجيل الناخبين المسبق في اعتماد البطاقة البيومترية او الهوية بالنسبة للراغبين في الانتخاب في اماكن السكن.
من جهة اخرى يبدو التيار الوطني الحر وتيار المستقبل متفقان على رفض التسجيل المسبق، وهما يركزان على تأمين البطاقة البيومترية للانتخابات المقبلة، لكن كل منهما لم يبد معارضة في اعتماد الهوية اذا لم تؤمن البطاقة.
ويشار ايضا الى ان وزير الداخلية وضع مشروع قانون البطاقة الذي احالته الحكومة الى المجلس على اساس تلزيمها بالتراضي بحجة انه لم يعد هناك من مهلة كافية لاجرائها في اطار ادارة المناقصات.
وعلى المحور المسيحي يبدو واضحا ايضا ان «القوات اللبنانية» تؤيد التسجيل المسبق وترفض التلزيم بالتراضي، وهي مع اعتماد الهوية في نهاية الامر اذا لم تؤمن البطاقة.
وفي الحديث عن عدد البطاقات البيومترية الواجب تأمينها اذا ما اعتمدت (الخطةأ) اي لكل الناخبين فإن هذا العدد يصل الى ثلاثة ملايين وثمانمئة الف بطاقة.
اما بالنسبة للهويات فإن عددها الان حوال مليوني واربعمئة الف هوية، وبالتالي هناك حاجة لاكمال العدد اي لتأمين ما يقارب المليون واربعمئة الف هوية، مع العلم ان هناك اخطاء في عدد كبير من الهويات يقدره البعض بعشرات الالاف.
وبالرغم من هذا العدد من الهويات الواردة فيها اخطاء بالاسماء او بأرقام السجلات او بنوع الجنس، فإن مشكلة البطاقة البيومترية انه لا يمكن توفير هذا العدد الكبير منها في المهلة المتاحة قبل الانتخابات النيابية. ولذلك فإن الخيار النهائي هو في اجراء هذه الانتخابات في ايار وعلى اساس الهوية او جواز السفر. وجوابا على السؤال الذي يطرح نفسه هل هناك فرصة للتأجيل؟
يقول مصدر وزاري «نحن نناقش على اساس ان تجري الانتخابات في موعدها، لكن قد يكون لدى البعض نوايا غير معلنة، وهناك همس بأن هذا البعض يريد تحويل البطاقة الى ذريعة للمطالبة بتأجيل الاستحقاق الانتخابي».