غداةَ العقوبات الأميركية على إيران و»حزب الله»، بَرز هجوم سعودي مزدوج على «الحزب» وتمثّلَ بموقفٍ وتغريدة. الموقفُ عبّر عنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مؤكّداً لــ«رويترز» أنّ «حرب المملكة في اليمن ستستمر لمنعِ حركة الحوثي المسلّحة من التحوّل جماعة «حزب الله» أخرى على الحدود الجنوبية للسعودية». وأضاف: «سنستمر إلى أن نتأكّد من أنّه لن يتكرّر هناك «حزب الله»، لأنّ اليمن أشدّ خطورةً من لبنان». أمّا التغريدة فأطلقها وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان، وقال فيها عن «حزب الله» من دون أن يسمّيه مباشرةً: «للجمِ حزب المليشيا الإرهابي، يجب معاقبةُ مَن يعمل ويتعاون معه سياسياً واقتصادياً وإعلامياً، والعملُ الجادّ على تقليمِه داخلياً وخارجياً ومواجهته بالقوّة».
إزاءَ الضغط الدولي غير المسبوق على «حزب الله»، سجّلت مصادر قريبة من الحزب لـ«الجمهورية»:

ـ أوّلاً: إنّ الولايات المتحدة الأميركية تمارس دائماً ضغوطاً على «حزب الله»، وبالتالي هذه الضغوط ليست بجديدة.

ـ ثانياً: العقوبات الاميركية الحالية تندرج في إطار ما يُصطلح على تسميته «الحرب البديلة». أي عندما تفشل إسرائيل في شنّ حروب عسكرية مباشرة على «حزب الله»، ويَمنعها هو مِن تحقيق أهدافها، تلجأ أميركا عادةً الى نظام الحرب البديلة: إمّا عقوبات، أو تشويه إعلامي، أو عمل سياسي في المحافل الدولية.

ـ ثالثاً: الحزب جزء من المجتمع اللبناني، وبالتالي أيّ عقوبات عليه هي عقوبات على الاقتصاد الوطني اللبناني. ونأمل في أن تتّخذ الحكومة إجراءات مناسبة للحيلولة دون تأثير هذه العقوبات على لبنان واللبنانيين».

من جهة ثانية، أكّدت المصادر نفسُها أنّ الكلام عن سحبِ عناصر لـ«حزب الله» من سوريا «ليس له أيّ أساس»، مشيرةً الى «أنه بين فترةٍ وأخرى، يجري تموضُع قوات إمّا بين لبنان وسوريا، أو في الداخل السوري، وبالتالي ما أشيعَ مِن معلومات في الآونة الأخيرة حول انسحاب «حزب الله» هو غير صحيح إطلاقاً».

وعن تهويل إسرائيل بالحرب على لبنان، أكّدت المصادر «أنّ إسرائيل، وفي موازاة العقوبات الاميركية على «حزب الله» وعلى إيران، تمارس نوعاً مِن الضغط والتهويل على «حزب الله» وعلى لبنان، ونُدرك أنّها لجأت في الآونة الاخيرة الى إجرءات دفاعية على الحدود مع الجنوب وبالتالي لا نعتقد أنّ الحرب الاسرائيلية على لبنان احتمالٌ قريب، مع أنّنا لا ننفي أبداً أنّ لدى اسرائيل دائماً نيّاتٍ عدوانية ضد لبنان، وخصوصاً للانتقام من خسارتها الكبرى في حرب تمّوز».

مجلس وزراء

سياسياً، كانت جلسةً «بيومترية» بامتياز تلك التي عَقدها مجلس الوزراء في السراي الحكومي أمس وشهدت نقاشاً طويلاً على مستويين: البيومترية المطلقة أو البيومترية عبر الخطة B التي طرَحها وزير الداخلية نهاد المشنوق، وهي البطاقات المحدودة التي لا تتعدّى المليون، وسُبل تمويلها.

وعلمت «الجمهورية» أنّ رئيس الحكومة سعد الحريري، وبعد الانتهاء من جدول الأعمال، طلبَ مناقشة النقطة العالقة في التسجيل المسبَق للناخبين والبطاقة البيومترية، دافعاً في اتّجاه بتّها.

فحسَم المشنوق استحالة إصدارِ الوزارة البطاقات البيومترية لجميعِ اللبنانيين، قائلاً: «هذا الأمر كان ممكناً قبل 30 أيلول، أمّا الآن فما أستطيع فِعله هو إصدار بين 500 إلى مليون بطاقة فقط تُعطى للناخبين الذين يسجّلون اسماءَهم مسبقاً، لأنّهم سيقترعون خارج أماكن القيد».

لكنّ الوزير جبران باسيل أصَرّ على رفضِه التسجيلَ المسبَق. فيما وزراء حركة «أمل» و»حزب الله» ومعهم الوزير طلال أرسلان أصرّوا على التسجيل المسبق ضمن خطة المشنوق المتكاملة.

أمّا وزراء «القوات اللبنانية» و«المستقبل» و«المردة» والآخرون، فلم يكن لديهم مشكلة في هذا التسجيل المسبق، علماً أنّ «التيار الوطني الحر» وافقَ على البطاقات البيومترية المحدّدة للـ«ميغا سنتر» لكن من دون تسجيل مسبَق. ولم ينتهِ النقاش الى اتّفاق على هذه النقطة وظلّت الامور عالقة نتيجة تمسّكِ باسيل بموقفه.

عندها طرِح موضوع البطاقة البيومترية في حدّ ذاتها لجهةِ تلزيم إنجازِها بموجب مناقصة أو بعقدٍ بالتراضي. فقال المشنوق: «لديكم 3 أيام لتقرّروا، وهناك استحالة في إجراء مناقصة». لكنّ معظم الوزراء أصرّوا على المناقصة.

وعزا المشنوق سببَ تمسّكِه بإجراء عقدٍ بالتراضي مع شركة «ساجيم» التي سبقَ وأصدرَت بطاقات الهوية العادية قبل ذلك إلى أنّ الشركة تمتلك كلّ «الداتا المتعلقة بها، وبالتالي سيكون أسهلَ عليها أن تصدرَ الـ«بيومترية» في وقتٍ أسرع».

لكنّ بعضَ الوزراء لم يقتنعوا، واعتبروا أنّ هذه «الداتا» هي ملكٌ للدولة اللبنانية وليست لشركة. فلم يحصل اتّفاق على هذه النقطة. والأمر الثالث الذي ظلّ عالقاً هو التمويل، إذ اقترَح الحريري إعطاء سِلفة بقيمة 72 مليون دولار والسَماح لوزارة الداخلية بالتصرّف فيها للبدء بتحضير الانتخابات، خصوصاً أنّ هناك شِبه إجماع على إنشاء الـ«ميغا سنتر» والتي تحتاج إلى تجهيزات عالية.

فحصَل جدلٌ تقنيّ ومالي كبير حول تأمين السِلفة وما إذا كان مجلس الوزراء يستطيع تغطيتَها من احتياطي الموازنة. فاقترَح بعض الوزراء أن تمرّ عبر الهيئة العليا للإغاثة. في حين رأى آخرون أنّها تحتاج الى فتحِ اعتماد بقانون يُصدره مجلس النواب.

وقال الوزير علي حسن خليل: «في المبدأ يجب أن نستردَّ قانون تمويل الانتخابات من مجلس النواب ونقتطعَ منه قيمة السِلفة إذا تَوافقتم عليها». وفي غياب الاتّفاق، قال الحريري: «هذا الأمر يجب أن يُحسَم في اجتماع يُعقد مساء غدٍ (اليوم)، وعليه سأدعو الى جلسة لمجلس الوزراء يوم الاثنين لاتّخاذ القرار بشكل نهائي».

وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»: «إنّ النقاش الذي حصَل هو عبارة عن «خبصة، فلا أحد يَعرف من أين ستأتي هذه الأموال؟ وإلى أين ستذهب؟ عدا عن استمرار الخلاف على نقاط أساسية في «خطة A» و«خطة B». وتساءلت: «هل يكون المخرج في «الخطة C» وبالتالي الذهاب الى انتخابات عادية جداً واكتشاف أنّ كلّ هذا الوقت قد تمّ تضييعُه سدىً»؟

«الداتا»
وفي موضوع «داتا» الاتصالات حصَل نقاش طويل حول إعطاء حركة الاتصالات إلى الأجهزة الأمنية، وبعد رفضِ وزراء «التيار» و«حزب الله» إعطاءَها لمدة 6 أشهر، مطالِبين بـ3 أشهر فقط، تقدّم خلالها وزارات الداخلية والدفاع والاتصالات تصوّراً قانونياً وإدارياً حول حاجتها إلى المعلومات الأمنية من دون المسِّ بخصوصيات الناس، اتُّفِق على تمديد إعطاء «الداتا» لـ 4 أشهر.

وذكرَت مصادر «التيار» لـ«الجمهورية» أنّ وزراءَه «اعترضوا على إعطاء الأجهزة «الداتا» كاملةً، ونبّهوا إلى أنّها ستكون المرّة الأخيرة التي تُعطى فيها كاملة.

ونجَحوا في تقصير المدّة من 6 إلى 4 أشهر، وطالبوا بأن تضعَ الأجهزة الأمنية تصَوُّرَها لجهة ضمانِ عدم المسّ بحرّيات المواطنين». وأشارت الى أنّ «في موضوع عقود استيراد المحروقات لزوم كهرباء لبنان، أصرّ وزراء «التيار» على وجود مناقصة، فيما حاولت كلّ الاطراف إمرارَ الوقت لتتجدّد العقود تلقائياً».

وفي ما يتعلق بآلية تطبيق قانون الانتخاب، أكّدت المصادر نفسُها أنّ «التيار» ما زال على موقفه وهو أنّ ما يُطلب يحارب 3 أمور، وهي: منع التزوير، حرّية الناخب ورفعُ نسبة المشاركة.

ووصَفت موقف «القوات اللبنانية» في هذا الموضوع بأنه «شعبويّ لمنعِنا من إنجاز البطاقة البيومترية». واتّهَمت المشنوق بـ»أنّه يعرقل الإنجاز لعدمِ جدّيتِه في العمل، ويَعمل على «قصقصةِ» القانون»، مشيرةً إلى «أنّ «حزب الله» وحركة «أمل» يضعان شروطاً تحتاج إلى قانون».

عناوين خطاب عون
إلى ذلك تتّجه الأنظار إلى خطاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي سيلقيه بعد ظهر اليوم في افتتاح السنة القضائية 2017-2018 في قصر العدل في بيروت، في حضور رئيس مجلس النواب نبيه بري والحريري.

وعلمت «الجمهورية» أنّ عون سيركّز على العناوين السياسية التي تعني المناسبة وتأكيد التلازم الواجب قيامُه بين الأمن والقضاء. وسيشدّد على ضرورة الإسراع في بتّ الأحكام في الملفات المطروحة أمام القضاة على مختلف المستويات القانونية والقضائية، «لأنّ العدالة المتأخّرة، في رأيه، ليست عدالة».

وسيدعو عون الجسمَ القضائي إلى تطهير نفسِه، «فالحفاظ على أعلى مستوى من المهمّات الملقاة على عاتقه يَستلزم الحفاظَ على طهارةِ الرسالة التي تتعدّى كونها وظيفةً أو تكليفاً بمهمّةٍ ما.

والحكمُ بالعدل حقّ من حقوق الإنسان وليس مِنّة من أحد، يناله الإنسان ليرتقي به إلى الدرجة العليا من الحق المكتسَب. والحُكم «باسم الشعب اللبناني» يسمو إلى مرتبة عالية»، وعلى القضاة أن يرتقوا ويَسموا في مواقعهم ليكونوا على هذا المستوى من النزاهة والعدالة والتجرّد».

وسيضعُ عون إكليلاً على النصب الخاص بتخليد ذكرى القضاة الأربعة الذين استشهدوا فوق قوسِ المحكمة في صيدا.

الحريري إلى قبرص
ومن جهةٍ ثانية، يغادر الحريري إلى قبرص غداً السبت ملبّياً دعوةَ الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسيادس الذي زار لبنان مطلعَ هذا الصيف، ويُجري معه محادثات تتناول الأوضاع العامة والعلاقات الثنائية بين البلدين. وسيُقيم اناستاسيادس عشاءً على شرفه.

ملفّ النازحين
وفيما لم ينعقد اجتماع اللجنة الوزارية المكلّفة ملفّ النازحين أمس، حملَ رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل الى القيادة الروسية خطّةً عملية لحلّ أزمةِ النزوح السوري في لبنان، تبدأ بمخيّمات في المناطق الحدودية وتنتهي بمناطق آمنة في العمق السوري.

وعلمت «الجمهورية» أنّ الجميّل تبَلّغَ من الممثل الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لشؤون دولِ الشرق الاوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف استعدادَ روسيا لتأديةِ دورٍ تنسيقي بين النظام السوري والفصائل المعارضة لإعادة النازحين السوريين من لبنان إلى بلادهم في حال طلبَت الحكومة اللبنانية من روسيا القيامَ بمِثل هذا الدور.

ويواصل الجميّل زياراته لموسكو ويَعقد اليوم اجتماعات في مجلس الدوما.