لا يعير حزب الله أي اهتمام للتصعيد الأميركي والخليجي ضده. يعتبر أن ما يجري التداول به من سيناريوهات حرب محتملة فقاعات صابون، أو بالحدّ الأقصى مساع لرفع معنويات حلفاء واشنطن، بعد ما تعرّضوا له.
يشبّه حزب الله مسرح المنطقة برقعة الشطرنج، ويعتبر أن المعركة تدور بالواسطة وليس مواجهات مباشرة. سيطر الأميركيون على الرقة وسلّموها للأكراد مع التلويح بإقامة حكم ذاتي هناك. وكانوا قد حاولوا توجيه صفعة لمحور الممانعة في كردستان، فجاءهم الردّ في كركوك. على هذه الشاكلة يدور الصراع في المنطقة. وحتى الآن لن يخرج عن هذه القواعد.
يرفض الحزب الردّ على الكلام الأميركي التصعيدي وإستذكار تفجيرات المارينز قبل 34 عاماً. ويعتبر أن ما يقوله الرئيس دونالد ترامب وفريق عمله، حسابات أميركية داخلية، أما حساباته الخارجية، فتتعلق برفع معنويات الحلفاء، تزامناً مع بروز مناخ عام في المنطقة، يوحي بأن الفريق الذي ينتمي إليه حزب الله يحقق المكتسبات في أكثر من حجر على طاولة الشطرنج. لذلك، تجري حملة التهويل التي تتحدث عن احتمال حصول تطور عسكري أو ضربة إسرائيلية. وهذه الحملة إعلامية وسياسية، من دون أي إجراءات عملانية. ففي الميدان ليس هناك ما يوحي بذلك.
ويرى حزب الله أن السباق الحقيقي يتركز على الحدود الشرقية في سوريا، ومن يستطيع الوصول قبل الآخر إلى الحدود السورية العراقية. ولكن بما أن احتمالات الحرب بعيدة حتى الآن، فإن التهويل والتصعيد السياسي من جانب الإدارة الأميركية، والعقوبات التي ستفرض، بالإضافة إلى نشر جهات إسرائيلية وأميركية صور مسؤولين وقياديين في الحزب هو نوع من الحرب البديلة ضده. حرب معنوية وسياسية. ويهدف نشر الصور إلى الإيحاء بأن المعركة مستمرة وقد تكون مفتوحة على احتمال حصول عمليات اغتيال طالما أنهم غير قادرين على الدخول في حرب مفتوحة. ولا ينفي حزب الله أن العقوبات ستكون مؤذية على بيئته. ولكن، هل سيكون هناك ردّ على هذه العقوبات؟ تجيب المصادر بأنه لن يكون هناك إمكانية للرد، حتى الآن. رغم تأكيد وزير الخزانة الأميركي بأن بلاده ستناقش مع حلفائها فرض عقوبات أكثر قسوة على حزب الله.
هذا الكلام يتزامن مع مناقشة الكونغرس الأميركي ثلاثة مشاريع قوانين، لفرض عقوبات على الحزب والحرس الثوري الإيراني. الأول يحمل الرقم 1698، ويتعلق بالصواريخ البالستية، ويشمل كل الجهات من أشخاص ومؤسسات ودول ساهمت في امتلاك إيران هذه الأسلحة، وكل الأطراف التي تستفيد منها أو من استخدامها. والثاني يحمل الرقم 359، ويتعلق بمطالبة الاتحاد الأوروبي بتصنيف حزب الله بشقيه السياسي والعسكري تنظيماً إرهابياً، والضغط على الأوروبيين لفرض عقوبات على حزب الله. أما المشروع الثالث فيحمل الرقم 3342، ويتعلق بفرض عقوبات على الحزب على خلفية مشاركته في الحرب السورية واتخاذه المدنيين دروعاً بشرية.
ويؤكد الحزب أنه مستمرّ في مهماته القتالية في سوريا. وينفي بشكل قاطع الكلام عن إمكانية انسحابه من سوريا في هذه المرحلة. وتوضح المصادر أن "بعض الفرق انسحبت من مناطق حُسمت فيها الأمور عسكرياً، كما حصل قبل فترة في القلمون، لكن المعركة مستمرة، ونحن نرسل تعزيزات إلى الشرق السوري، ونشارف على الوصول إلى البوكمال. والمسألة هي من يصل إلى الحدود قبل غيره، والحسم للميدان. ولكن، ماذا لو وصل حزب الله والجيش السوري والإيرانيون إلى البوكمال؟ هل سيكون هناك احتمال توجيه ضربات أميركية لهم؟ تجيب المصادر: "لا نعتقد أن هناك إمكانية لحصول مواجهات مباشرة، لأن المواجهات تدور بشكل غير مباشر". ورغم أن لا إمكانية لإندلاع مواجهة مباشرة في سوريا، إلا أن الحزب يعتبر أن المعركة لم تنته، ولا يمكن ترك الميدان، لأن من يترك الميدان الآن سينكفئ في المستقبل. لذلك، الانسحاب من سوريا غير وارد اليوم، وهو لن يحصل قبل الوصول إلى الحلّ السياسي واستتباب الأمن بشكل كامل في سوريا.