بعيدا عن أي تسييس للموضوع أو إستغلاله لمآرب شخصية أو إنتخابية فإن مقاربة أحداث حي السلم بالأمس يجب أن تكون قانونية بالدرجة الأولى وواقعية أيضا.
فلا شك أن المحال والكافيتريات التي تم إزالتها وتدميرها هي تعديات على الملك الخاص في المنطقة ومخالفة للقانون ولو نظرنا إلى الخطوة التي قامت بها القوى الأمنية من حيث الهدف سنراها قانونية 100% ولمصلحة منطق الدولة.
لكن من ناحية أخرى لا بد من القول أن الأسلوب الخشن الذي إستخدمته القوى الأمنية بالتنسيق المسبق مع حزب الله هو أسلوب مستفز إستدعى ردات فعل عفوية من الأهالي والتعبير عن مشاعر مكبوتة لديهم وهنا ندخل على أرض الواقع.
فالمنطقة تغيب عنها الدولة وسلطتها منذ سنوات كثيرة بسبب منع حزب الله وهذا ما ضاعف عدد المخالفات والتعديات التي شكلت مورد رزق وحيد لهؤلاء الناس وبفضلها مرت أجيال وأجيال وإعتادت على هذه الطريقة في العيش ، ونحن نتحدث عن عشرات السنوات لا سنة أو خمسة سنوات فقط.
وأن تأتي الدولة فجأة ومن دون أي تمهيد للموضوع وتقطع أسباب رزق الناس مباشرة فهو أمر ظالم حتى لو كان قانوني فصحيح أن القانون جميل لكنه يكون أجمل عندما يكون أخلاقي وعادل في الآن معا.
والقانون العادل والأخلاقي هو الذي يقدم حلولا ومعالجات وبدائل لا أن أن يتجاهل هذه الأمور كما حصل في حي السلم بالأمس.
إقرأ أيضا : ّحيّ السّلُم ... أكواخ الفقراء وكذبة الطائفة الأقوى
نعم ، قد يكون بعض التجار من الأهالي أغنياء لكن لأي وقت سيبقون هكذا ؟
لعام واحد أو إثنان، وبعدها كيف سيعيشون ويعتاشون في بلد غلاء المعيشة !
كل هذه الأمور لم تقاربها الدولة وحزب الله بطريقة مقبولة ومتكاملة وهنا الخطيئة الكبرى ، فتطبيق القانون في حي السلم سينتج عنه إرتفاع معدلات البطالة والفقر وتدني معيشة الناس وهذه مشكلة يتحملها الحزب .
هنا المشكلة التي لم يرد حزب الله الإنتباه لها وهو أحد المساهمين في تكريس وحماية هذه التعديات عبر السنوات.
أحد الأهالي الغاضبين قال جملة معبرة تختصر واقع المشكلة عندما توجه للسيد حسن نصر الله قائلا :" قبل 30 سنة كان في أزعر واحد وتاجر مخدرات واحد واليوم في آلاف الزعران وتجار المخدرات بسببكم إنتو اللي حميتو الزعران وتجار المخدرات ".
وعن سبب لجوء الناس لهذا الواقع المزري يقول رئيس لجنة الأشغال في بلدية الشويفات هشام الريشاني ل " النهار " أن " المنطقة معدمة تماما ولا مشاريع إنمائية ما إضطر الأهالي إلى تدبر أمورهم بطرق غير شرعية ...نحن إلى جانبهم على صعيد إنعدام الإنماء إلا أننا نقف أيضا إلى جانب المعتدى على أملاكهم الخاصة وقد تلقينا شكاوى عديدة في هذا السياق ".
الأستاذ الريشاني وصف المشكلة بطريقة صحيحة لكنه يؤكد أيضا أنه لا يوجد بديل للقمة العيش بسبب غياب الإنماء ما يجعل وجهة نظر الأهالي هي الأقرب إلى الحقيقة.