في ظل التلويح الأميركي بنقض الإتفاق النووي الموقع بين إيران والدول الغربية الست فإن الإدارة الأميركية تسعى إلى أن تنال موافقة الدول الأوروبية وتحظى بدعمها إزاء موقفها من إيران والإستراتيجية التي ينادي بها الرئيس دونالد ترامب ضد الهيمنة الإيرانية وتوسعها في دول المنطقة، وكذلك فإن الكونغرس الأميركي يحض الأوروبيين إلى السير في اتخاذ مجموعة من الخطوات تبدأ باتخاذ قرار يعتبر حزب الله ميليشيا إرهابية ويصنفه كباقي التنظيمات المتشددة التي تمارس أعمال قتل وترهيب مثل تنظيم داعش وجبهة النصرة وأمثالهما بإعتبار أن الحزب هو ذراع إيران القوي والأداة المنفذة لأوامر طهران وأحد تفاصيل مشروع إيران التوسعي في المنطقة.
كذلك فإن السعي الأميركي يشمل التنسيق بين الدول الأوروبية والعابر للحدود لمواجهة الحزب بتجميد حساباته المصرفية في أوروبا بما في ذلك المؤسسات التي تمارس نشاطاتها تحت شعارات إجتماعية والعاملة تحت عناوين خيرية وحظر النشاطات الهادفة إلى جمع الأموال للحزب والأهم إصدار مذكرات توقيف بحق عناصره وذلك بإتخاذ إجراءات تشمل التعاون بين الأجهزة الإستخباراتية الأوروبية مع الأجهزة الأميركية المتعلقة بهذا الشأن.
إقرأ أيضًا: هل يبقى لبنان خارج دائرة تأثير العقوبات الأميركية؟
فالصراع الأميركي الإيراني له إنعكاسات سلبية على لبنان وهو المتضرر الأول من العقوبات الأميركية على حزب الله وسيكون ذلك محرجًا للدبلوماسية اللبنانية وللبنان الرسمي بإعتبار أن الحزب يشكل جزءًا من تركيبته السياسية والإجتماعية.
وعليه فإن المسؤولين اللبنانيين سعوا ويسعون إلى تحييد القطاع المصرفي اللبناني عن العقوبات الأميركية المرتقبة والتي يتوقع أن تأخذ بعدا أكثر ضررًا وتأثيرًا إذا سارت الدول الأوروبية في ركاب الخطوات الأميركية وعمدت إلى إتخاذ ذات الإجراءات التي تلوح بإتخاذها إدارة الرئيس دونالد ترامب.
ويحاول الساسة اللبنانيين الإستفادة من التباين الأوروبي الأميركي في العديد من القضايا ذات الصلة ومنها الإعتراض الأوروبي الجماعي على سعي الإدارة الأميركية إلى نقض الإتفاق النووي الإيراني وكذلك السير بإتخاذ خطوة تصنيف حزب الله كليًا تنظيمًا إرهابيًا وليس فقط جناحه العسكري.
إقرأ أيضًا: لبنان في ظل الكباش الأميركي - الإيراني
وبالتالي فإن تواجد قوات الطوارئ الدولية - وهي بغالبيتها من جنسيات أوروبية - في المنطقة الحدودية تشكل وإلى حد ما حائلًا وعقبة أمام الإندفاعة الأوروبية لأن مثل هذا الموقف قد يعرض عناصر هذه القوات الأوروبيين للأذى والخطر مع إحتمال دفع حزب الله الأهالي في المنطقة لإثارة الحملات ضدهم وتقييد حركتهم وهو ما تحاول الدول الأوروبية تجنبه بإعتبار أن وجودها على الأرض اللبنانية يشكل لها عامل قوة ويحفظ لها موقعًا دافعت عنه لدى إعادة التجديد للقوة الدولية العاملة في الجنوب إنطلاقًا من مساهمتها في الحفاظ على السلام في لبنان والمنطقة.
وترى مصادر عربية أن الموقف الأوروبي قد لا يكون موحدًا في دعم قرار الكونغرس الأميركي وقد تلجأ بعض الدول الأوروبية إلى مسايرة الولايات المتحدة الأميركية في موقفها المتشدد من إيران وحزب الله فيما دولًا أخرى قد لا تفعل ذلك حيث سيعمد البعض منها إلى إتخاذ الإجراءات ولكن بصمت ودون ضجيج حرصًا على مصالحها مع إيران وفي لبنان.
سيما وأن هناك دولًا أوروبية لا تجد مصلحة في اتخاذ خطوات عقابية بحق حزب الله بل أنها تشخص المصلحة في التواصل معه بإعتباره مشاركا في الحياة السياسية اللبنانية إن كان في الحكومة أو في مجلس النواب إنطلاقًا من حرصها على إستقرار الوضع الأمني في لبنان وعدم تعريضه لأي هزة جراء أي خطوات قد تتسبب بتوسيع شقة الخلافات الداخلية.