بات حديث المصارف اللبنانية عن القانون الأميركي المتعلق بالعقوبات المصرفية على حزب الله، بنسخته الثانية للعام 2017، مرتبطاً بمحورين أساسيين هما تحييد الاقتصاد اللبناني عن الإنعكاسات السلبية للتشريعات الأميركية الجديدة، وتحصين القطاع المصرفي إزاء التداعيات الممكنة التي قد تترتب على القانون الجديد.
لم تنقطع الاتصالات بين القطاع المصرفي اللبناني والإدارة الأميركية منذ إصدار القانون الأول في العام 2016. ونشطت الاتصالات مع تلويح الإدارة الأميركية بإصدار النسخة الجديدة من القانون، لكن مع إصرار أكبر على تشديد الخناق على حزب الله. ما رفع حدة التوتر لدى المصارف، فأصبحت أولويتها شرح التداعيات السلبية لتشديد الخناق، على المصارف وعلى البيئة اللبنانية عموماً.
يندرج اللقاء المصرفي الذي عقدته جمعية مصارف لبنان، في الولايات المتحدة، بين 10 و13 تشرين الأول، مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبنك الفيدرالي الأميركي في نيويورك، بالإضافة إلى زيارات لمسؤولين في مجلسي النواب والشيوخ، ولا سيما اللجان المختصة بمشروع القانون المتعلق بحزب الله HIFPA، ضمن تحقيق نتائج إيجابية في ما يخص تحييد الاقتصاد اللبناني وتحصين القطاع المصرفي. وبرأي جمعية المصارف، فإن "التشريعات الحالية كافية، خصوصاً أن المصارف نجحت في تطبيق قواعد الامتثال من خلال الآلية التي وضعها مصرف لبنان، وقبول المرجعيات الدولية بها، بما فيها وزارة الخزانة الأميركية"، وفق ما أوضحه رئيس جمعية المصارف جوزيف طربيه، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده الاثنين 23 تشرين الأول، في مقر الجمعية، للحديث عن مجريات اللقاءات مع الجانب الأميركي.
أضاف طربيه أن "وفد الجمعية شدد، سواء أكان لدى الإدارة الأميركية أم لدى المصارف المراسلة، على أن لا يكون أي تطبيق للتشريعات الجديدة مضراً، أو أن تنتج عنه أضرار جانبية بلبنان واقتصاده ومصارفه المؤتمنة على مدخرات اللبنانيين". ما يشير إلى حجم القلق الذي تبديه المصارف من العقوبات الجديدة على حزب الله، والتي ستكون المصارف اللبنانية بوابتها الأساسية.
هذا القلق يُترجَم عبر زيادة الضغوط على المصارف لناحية إلزامية القيام بإجراءات إضافية للتحقق من هوية عملائها، وإذا ما كان لديهم ارتباطات مع حزب الله. وهذه الإجراءات الروتينية تزيد تململ العملاء وتهدد بسحب البعض ودائعهم، والمفاضلة بين مصرف وآخر في ضوء التشديد أو التراخي في الإجراءات. فضلاً عن المخاطر الأمنية التي تضعها المصارف في الحسبان، كتعرضها للتفجير، على غرار ما تعرض له الفرع الرئيسي لبنك لبنان والمهجر في حزيران 2016.
هي تحديات التمستها المصارف منذ العام الماضي، لكن مصادر مصرفية مطّلعة على ملف العقوبات، تقلل من حجم القلق أو الخوف، وتقول في حديث لـ"المدن" إن "التواصل مع الجانب الأميركي ضروري وعادي جداً"، وتُطمئن إلى أن "ما يحصل ليس عقوبات. فالعقوبات تستدعي وجود خطأ ما يُعاقب عليه المخطئ، وفي الحالة اللبنانية لا وجود لخطأ، وإنما هناك إجراءات وقوانين يجب تطبيقها، والمصارف اللبنانية توافق على ذلك".
ولتسهيل تطبيق القوانين، تكشف المصادر عن أن المصارف "طلبت من الأميركيين تزويدها بلائحة أسماء معينة، لأن التوجه إلى بيئة حزب الله عموماً، يعني أننا نقصد الشعب اللبناني. لكن الأميركيين لم يحددوا أي أسماء حتى الآن. ما يحتم على المصارف اللبنانية الإلتزام بالإجراءات فحسب". أما المخاطر والصعوبات "فالمصارف قادرة على تجاوزها. والتفجير الذي استهدف بنك لبنان والمهجر كان حدثاً فردياً، لكنه أعطى للأميركيين صورة عن ضرورة عدم التضييق على البيئة التي ينتمي إليها حزب الله".
هي لعبة شد حبال بين المصارف والإدارة الأميركية، حدودها عدم التضييق على بيئة حزب الله، لأنها جزء من النسيج اللبناني. وأبناء تلك البيئة هم عملاء أساسيون في المصارف اللبنانية. وهو أمر يُقلق المصارف، أكثر مما يُقلق الحزب.
خضر حسان