في انتظار مصادقة الكونغرس وتوقيع الرئيس الأميركي فيما بعد على قانون العقوبات المالية ضد حزب الله، يعلن بعض أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين استعدادهم للتقدم باقتراح قانون جديد من شأنه فرض عقوبات على الحرس الثوري الإيراني وحزب الله. لم تتضح بعد ماهيّة العقوبات الجديدة، التي من المفترض أن تطال برنامج الصواريخ البالستية الإيرانية، بالإضافة إلى أنشطة الحرس الثوري وحزب الله العسكرية في المنطقة، والتي يصفها الأميركيون بأنها أنشطة إرهابية مزعزعة لاستقرار دول متعددة. كذلك من المتوقع أن يتضمن هذا القانون مقترحات عدة بشأن ضرورة رسم سياسة واضحة للوقوف في وجه إيران ونفوذها في المنطقة، ورسم استراتيجية لوقف السلوك الإيراني المتهور.
يزداد الضغط الأميركي والخليجي أكثر فأكثر على إيران وحلفائها. وفي موازاة الضغط السياسي للإدارة الأميركية وبعض الدول الحليفة لاسيما المملكة العربية السعودية، يستمر الضغط الإجرائي من خلال الكونغرس. ما يفتح الباب أمام أسئلة متعددة بشأن تتطور الامور.. ووجهتها، أو إذا ما كان التصعيد سيؤدي إلى توترات عسكرية تنعكس في المنطقة.
تتلقف إيران كل التصعيد الذي تواجهه، وتحاول استخدام أوراق متعددة لمواجهة الضغط الذي يتعرّض له، تعتبر أنها تمسك بأوراق عدة في سوريا ولبنان وتحديداً على جبهة الجنوب، التي بإمكانه إشعالها حين يحتاج إلى ذلك لإيصال رسائل بالنار إلى القوى الدولية، لكن هذه الورقة ستكون الاخيرة التي ستلجأ إيران إلى استخدامها، فيما لديها أوراق سورية وعراقية قادرة على تحريكها للجم هذه الهجمة ضده.
ميدانياً، تمسك إيران بأكثر من مفتاح تستطيع من خلاله إيصال الرسائل وخصوصاً في سوريا، وفي السياسة كذلك، في ظل التسوية اللبنانية المعقودة التي تعتبر إيران نفسها أنها حققت إنتصاراً من خلال إيصال حليفها ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية. وهو الذي أكد قبل أيام خلال لقائه السفير الإيراني على رأس وفد أنه حريص على العلاقة الجيدة بين لبنان وإيران، وحريص على تعزيز التعاون وثقافة الحوار. بالإضافة إلى وجود حكومة خاضعة بالمبدأ لسيطرة حزب الله. وهذا ما أثبتته الأيام وفق الإيرانيين، لأن أي فريق غير قادر على إقالة الحكومة، لأن إقالتها تعني تشكيل حكومة أخرى موالية بشكل كامل للحزب وإيران. وتعتبر أن تعليق الرئيس سعد الحريري على الاستراتيجية التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضدها، بإعلانه وقوف لبنان على الحياد، هو موقف كافٍ لارضائها وتثبيت صحة رؤيتها. وهذا الاستثمار السياسي سيتعزز أكثر من خلال الزيارة التي سيجريها نائب الرئيس الإيراني إلى لبنان في الشهر المقبل على رأس وفد كبير يضم رئيس البنك المركزي الإيراني، إذ سيعرض مزيداً من التعاون والمساعدة للبنان في مختلف المجالات ومنها المجال العسكري.
هذا الحراك السياسي سيكون أحد أوجه الردّ الإيراني، فيما لدى الحزب خيارات متعددة للردّ، على العقوبات المالية، لاسيما إذا ما كانت ستطاول فئات واسعة من البيئة المؤيدة إليه. ويراهن الحزب وإيران على فشل حصول ابتعاد شعبي شيعي عنهما. وسيكون ردّ الحزب في المجال الأول سياسياً، عبر تحميل المؤسسات الرسمية مسؤولياتها ازاء ما يتعرض له مواطنون لبنانيون ومؤسسات لبنانية من حصار مالي وإقتصادي، واعتبار أن ما تقوم به السلطات الرسمية المعنية، غير كافٍ لمواجهة ما يتعرض له اللبنانيون.
إلى جانب ذلك، لا تزال آلية رد الحزب على هذه العقوبات غامضة، لكن الأخطر منها هو السياق الذي تأتي من خلاله، إذ تتزامن مع ضغط أميركي وعربي عليه وعلى إيران، ومع تشدد في لهجة الأمم المتحدة وامينها العام بحقه، من خلال مقاربة القرار 1559 وإعادة تسليط الضوء على ضرورة تطبيقه، كما أن هناك خشية لدى الحزب من أن يتوسع الموقف الأميركي الخليجي ليشمل بعض الدول الأوروبية لتشديد الضغوط عليه وعلى إيران. ولا شك أن أي تصعيد جدّي من هذا النوع، فإنه سيقابل بتصعيد من الحزب، لأنه لن يكون قادراً على السكوت عن هذه الإجراءات. وهذه قد تؤدي إلى حرب في الأشهر المقبلة، قد تأخذ شكل ضربات متفرقة متصاعدة أو أكثر من ذلك، ما ينعكس في مجمل المشهد الممتد من العراق إلى لبنان.