ما ان انتهت حركة إقرار الموازنة والجلسات النيابية المكثفة طوال أسبوع واكثر، وتم إقرار الموازنة، إضافة الى تناول الموضوع المالي في البلاد، حتى ظهر امر ثالث آخر بين حزبين مسيحيين هما الأكبر، حزب التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية.
وسرت اشاعات عن احتمال استقالة وزراء القوات اللبنانية من الحكومة، فقال وزير قواتي لـ «الديار» انها غير واردة فعليا الان، لكن رئيس جهاز الاعلام والتواصل في القوات شارل جبّور قال: «الاستقالة واردة ومطروحة منذ اللحظة الاولى لوجودنا في السلطة، فاذا شعرنا ان وجودنا داخل الحكومة له حضور منتج لنقلة فعلية نتمناها في مؤسسات الدولة، فالاستقالة مستبعدة، اما اذا تعذر علينا المساهمة في التغيير فالاستقالة واردة»، واكد جبور «اننا لن نقدّم استقالتنا هدية لاي طرف يتمناها ليرتاح من عبء دور القوات ومعارضتها».
ماذا يقول وزير قواتي؟
وزير قواتي في الحكومة اللبنانية سألته «الديار» عن احتمال استقالة وزراء القوات من الحكومة، فأجاب: ان الاستقالات غير واردة الان. لكن هنالك خلاف بين مقاربة العهد والتيار الوطني الحر لادارة شؤون البلاد من جهة، ومقاربة حزب القوات اللبنانية لادارة شؤون البلاد والأداء الحكومي في لبنان من جهة اخرى.
وأضاف الوزير القواتي ان التيار الوطني الحر كان يتوسط مع الدكتور سمير جعجع لاقامة علاقة جيدة مع الرئيس سعد الحريري، وقام حزب القوات اللبنانية بما يلزم، كي تكون علاقة التيار مع الرئيس سعد الحريري بأفضل احوالها. انما ما حصل انه عندما تواصل التيار الوطني الحر مع الرئيس سعد الحريري والعهد مع الرئيس الحريري، قام الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر بتجاوزنا وأقاموا علاقة مباشرة مع الرئيس سعد الحريري واستفردوا من خلال تقاربهم بالتعيينات، فأعطوا حصة الشيعة للشيعة وحصة جنبلاط، وحصة السنّة لسعد الحريري، اما الحصة المسيحية فاحتكرها الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر.
هذا ما قاله الوزير القواتي، اما شارل جبور فقال: نحن اوصلنا العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، ولولا القوات لما فتحت طريق بعبدا أمام العماد عون، وهذا الدعم للجنرال كان له كلفة كبيرة على القوات، اذ ان قوى سياسية عاتبتنا داخليا وخارجياً، الا ان القوات كانت مقتنعة بهذه الخطوة. واشار الى انه رغم الخلاف نحن شديدو الحرص على ابقاء التفاهم مع التيار حياً يرزق لاجل مصلحة المسيحيين.
واكد جبور ان هناك خطاً احمر لن نتخطاه وهو العودة الى ما قبل ورقة التفاهم، الا اننا نشعر ان التيار الوطني انتقل من ثنائية منفتحة على كل المكونات السياسية الى احاديّة في القرارات، وهذا الامر يضرّ العهد ولا يخدمه ابداً، فنحن نريد ان يكون العهد على مسافة واحدة من 8 و14 آذار.
وقال جبور مثلا في مسألة الكهرباء نحن اردنا التعاطي بشفافية منذ البداية في هذا الملف، لكن التيار اختصر ملف الكهرباء ليتسلمه وحده. ورغم معارضة وزراء القوات في مجلس الوزراء لمناقصات الكهرباء مضوا فيها الى ان قامت إدارة المناقصات بإيقاف مناقصة الكهرباء. وكان يجب التعامل بشفافية في ملف الكهرباء.
ماذا يقول نائب عوني؟
نائب عوني في التيار الوطني الحر قال لـ «الديار» انه لا يوجد طلاق في العلاقة بل ان العلاقة تمر بمرحلة اختبار كأي علاقة بين طرفين سياسيين، وأكد نائب التيار الوطني الحر ان ورقة التفاهم بين القوات والتيار تمر في مرحلة تجربة صعبة، وان التيار يتمسك بالتفاهم، ولا نية لديه لالغاء ورقة التفاهم. غير ان النائب العوني قال ان هنالك مبالغة من قبل القوات اللبنانية من خلال توقعاتها بمناصفة التيار الوطني الحر التعيينات المسيحية في الدولة. وان توقعات القوات اللبنانية هذه كانت خاطئة.
وقال النائب العوني انه لا يجوز الخلط بين حصة الرئيس عون كرئيس للجمهورية في التعيينات المسيحية، وحصة التيار الوطني الحر في التعيينات المسيحية، خصوصا في ما يتعلق بملف تعيين المسؤولين في مؤسسات الدولة والوزارات والمراكز الأساسية في القطاع العام حيث ان عرفا وتاريخيا يكون لرئيس الجمهورية الحق في اختيار الشخصيات المؤهلة لاستلام وظائف في الوزارات وفي الإدارات العامة للدولة على كل المستويات، خاصة الفئة الاولى في إدارة الدولة، والذي هو عرف وتاريخي من حصة رئيس الجمهورية، إضافة الى تعيين سفراء من خارج الملاك، إضافة الى التعيينات الرئيسية في مؤسسات الدولة ومراكزها، وقال ان القوات اللبنانية تبالغ بمطالبها وان مقاربتها في شأن ملف الكهرباء هو ملف لا يريد التيار ان يدخل في صراع فيه مع القوات، لكن وزراء القوات قدموا اعتراضات كثيرة في مجلس الوزراء ضد خطة وزراء التيار لمعالجة موضوع الكهرباء وملفه.
وهنا تجدر الإشارة الى ان الوزير القواتي كان قد صرح لـ «الديار» انه لو سمع التيار الوطني الحر رؤية حزب القوات لحل مشكلة الكهرباء، منذ 7 اشهر وحتى الان، لكان تم حل جزء كبير من مشكلة الكهرباء وبشفافية كاملة وبعيدا عن اية صفقات.
الانتخابات النيابية
اما في شأن الانتخابات النيابية، فيبدو ان التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية كل واحد منهما سيذهب في طريقه للتحالف مع الجهة التي يراها مناسبة لايصال مرشحيه الى المجلس النيابي، وليس هنالك من تحالف انتخابي بين حزب القوات والتيار الوطني الحر، وان التحالفات ستكون وفق الدوائر الانتخابية والمناطق، فالقوات قد تتحالف مع جنبلاط مثلا في عاليه، والتيار الوطني الحر قد يتحالف مع جنبلاط في منطقة أخرى، كذلك قد يتحالف جعجع مع الحريري في منطقة، ويتحالف التيار الوطني الحر مع حزب الله في منطقة أخرى، وبالتالي، فان عملية الانتخابات النيابية لن يكون فيها تحالف انتخابي بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية، وستكون قاعدة التحالفات هي على أساس الدوائر وهي قضية مصالح في إيصال اكبر عدد مرشحين لكل حزب منهما وفق ما تراه قيادة التيار الوطني الحر او قيادة حزب القوات اللبنانية.
لقاء عون ـ جعجع
هذا وقال مصدر سياسي موثوق ومطلع على الأوضاع السياسية وخاصة الأحزاب المسيحية، ان كل الخلافات الحاصلة حاليا بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية لا يمكن حلها الان، لكن يمكن البحث في إيجاد حلول لها بعد عودة الدكتور سمير جعجع رئيس حزب القوات من الخارج، وحصول لقاء بينه وبين الرئيس العماد ميشال عون. ويكون اللقاء ثنائي لا يحضره احد من القوات او من التيار.
وهنا المفصل الأساسي، فاما ان يتفق رئيس الجمهورية العماد ميــشال عون مع الدكتور سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية، ام يبقى الخلاف بينهما ويزداد عندها.
ويشير المصدر السياسي الى ان القوات اللبنانية لم تعد راضية عن أداء العهد وأداء التيار الوطني الحر في الحكومة وفي التعيينات وفي معالجة ملف الكهرباء وغيره، وهي بالتالي، مع اقتراب الانتخابات النيابية قد يناسبها ان تكون في المعارضة عن قناعة لان المعارضة قد تجذب لها أصواتا شعبية اكثر، واحتمال وصول مرشحين للقوات كنواب الى المجلس النيابي كي يكون لحزب القوات كتلة نيابية هامة.