زيارة سليماني الأولى إلى إقليم كردستان العراق جاءت عشية إجراء الاستفتاء على استقلال الإقليم يوم 25 أيلول الماضي.
محمود عثمان، أحد السياسيين الأكراد القدامى، الذي ساهم في إقامة الحكم الذاتي في كردستان العراق عام 1970، أكد، في حديث لصحيفة "واشنطن بوست"، أن سليماني زار عاصمة الإقليم، أربيل، لإقناع رئيسه، مسعود بارزاني، بإلغاء الاستفتاء، إلا أن تدخله باء بالفشل.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول كردي كبير التقى سليماني، قوله: "الإيرانيون كان موقفهم واضحا جدا، حيث أكدوا أنه سيكون هناك نزاع، وأن هذه الأراضي (المتنازع عليها) سيتم فقدانها".
وبعد ذلك، زار سليماني مراسم تشييع جثمان زعيم "حزب الاتحاد الوطني الكردستاني" والرئيس العراقي السابق، جلال طالباني، في مدينة السليمانية، يوم 6 تشرين الأول، ليلتقي خلالها عددا من زعماء الحزب، وهو ثاني أكبر قوة سياسية في كردستان العراق يخضع له جزء من قوات "البيشمركة"، لإقناعهم بضرورة الانسحاب من محافظة كركوك المتنازع عليها والغنية بالنفط والغاز.
وأشار دبلوماسي إيراني رفيع مقرب من مكتب علي خامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، في حديث لـ"رويترز"، إلى أن قائد فيلق القدس تحدث مع بافل طالباني، نجل الرئيس الراحل جلال طالباني، وقال له: "يجب أن تأخذوا العبادي على محمل الجد الكبير، وعليكم أن تفهموا ذلك".
من جانبه، قال مصدر كردي مقرب من "الحزب الديمقراطي الكردستاني" الذي يقوده رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود بارزاني، إن "عائلة طالباني تقف وراء الهجوم على كركوك"، زاعما أن أفرادها "طلبوا مساعدة من سليماني، ووحداته كانت موجودة على الأرض".
وأعتبر المسؤول أنه "بات واضحا أن إيران تدير العمليات الهادفة لتدمير الحزب الديمقراطي الكردستاني".
ونقلت "رويترز"، استنادا إلى مصدر إيراني مطلع، أن سليماني كان موجودا في كركوك لمدة ساعتين قبل يومين من إطلاق عملية القوات العراقية في المحافظة من أجل تقديم "تعليمات عسكرية".
وبعد ذلك، أجرى الجنرال سليماني اجتماعا مع قيادات في حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" في مدينة السليمانية قبل يوم من بدء رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، العملية العسكرية في محافظة كركوك.
وحمل سليماني رسالة واضحة لقيادات حزب الاتحاد الوطني الكردستاني جاء فيها، حسب الوكالة: "تراجعوا، أو تجازفون بفقدان طهران بصفتها حليف استراتيجي لكم".
وأوضح نائب كردي حضر الاجتماع وطلب عدم ذكر اسمه أن الجنرال الإيراني قال لقيادات الحزب: "إن العبادي تقف وراءه جميع القوى الإقليمية والغرب، ولم يوقفه أي شيء من إجباركم على العودة إلى الجبال حال اتخاذه قرارا حول ذلك".
وفي غضون ذلك، أكدت صحيفة "واشنطن بوست"، نقلا عن مصدر آخر من حزب بارزاني، أن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني "أبرم صفقة مع قاسم سليماني".
وأوضحت الصحيفة الاميركية، نقلا عن تصريحات المتحدث باسم "الاتحاد الوطني الكردستاني"، سعدي بيرة، أن الحديث يدور عن اتفاق تم التوصل إليه بين بغداد وأربيل بواسطة سليماني، كان يقضي في البداية بتسليم قوات "البيشمركة" الكردية جميع المواقع النفطية والقواعد العسكرية في كركوك للقوات الحكومة العراقية مع بقاء 700 مقاتل كردي على بعض أراضي المحافظة، إلا أن بغداد رفضت تبني البند الأخير، مما أسفر عن خروج جميع المقاتلين الأكراد من المنطقة.
وأوضح بيرة، في تصريحات صحفية رسمية، يوم الخميس، أن هذا الاتفاق كان ثلاثيا إذ شاركت في عملية إبرامه، فضلا عن العراق وإيران، السلطات التركية، مشيرا إلى أن ممثل تركيا كان رئيس الاستخبارات التركية، آكان فيدان.
واعتبر بيرة أن هذا الاتفاق كان ضروريا لمنع نزيف الدماء.