تواصل القوات العراقية الاتحادية اندفاعها نحو مشارف مدينتي أربيل والسليمانية في إقليم كردستان، متجاوزة حدود الخطة التي أعلن عنها رئيس الوزراء حيدر العبادي وتتضمن إعادة الانتشار في مناطق سيطرت عليها قوات البيشمركة الكردية بعد انسحاب الجيش العراقي منها صيف 2014، إثر اجتياح داعش مساحات واسعة من البلاد.
ولم تعد المسافة الفاصلة بين القوات الاتحادية ومركز مدينة أربيل، تزيد على 40 كم، بعد انسحاب قوات البيشمركة من ناحية “ألتون كوبري”، شمال كركوك، لتكون على مقربة من آخر نقطة تفتيش للقوات الكردية، قبل الدخول إلى عاصمة الإقليم الكردي.
وانسحبت القوات الكردية من الناحية التي يسكنها خليط من الأكراد والتركمان، بعد قتال دام مع القوات الاتحادية استخدمت فيه المدفعية وأسفر عن مصرع ما يزيد عن 40 مقاتلا من الطرفين وجرح نحو 60 آخرين.
وأعلنت قيادة قوات البيشمركة الكردية أن ميليشيات الحشد الشعبي هاجمت مواقعها، الجمعة، في ناحية ألتون كوبري “باستخدام أسلحة أميركية ومدفعية إيرانية”، مشيرة إلى أن “الغرض من الهجوم السيطرة على كامل الحدود الإدارية لمحافظة كركوك من قبل القوات العراقية”.
وأثارت أنباء سيطرة القوات الاتحادية على “ألتون كوبري” الذعر في أربيل، وسط شائعات بشأن إمكانية دخولها إلى مركز إقليم كردستان.
وخسرت القوات الكردية جميع المناطق التي سيطرت عليها صيف 2014، فيما بدأت تغادر مواقع تسيطر عليها منذ 2003، على غرار ناحية “ألتون كوبري”.
وتوقفت الحركة كليا بين كركوك وأربيل بعد الاشتباكات، مع استمرار موجة النزوح الكردي من كركوك إلى أربيل والسليمانية.
ودخلت المرجعية الشيعية العليا في النجف على خط الأزمة بين بغداد وأربيل، داعية الطرفين إلى بدء حوار تحت سقف الدستور.
الحشد الشعبي ينفى وجود خطة لـ"تجاوز حدود كركوك"
وعبر عبدالمهدي الكربلائي، وهو ممثل المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، في خطبة الجمعة، عن تقدير الأخير “للأطراف المختلفة التي عملت على تفادي الصدام المسلح في كركوك والمناطق المشتركة”، مشيرا إلى أن “انتشار القوات الاتحادية في المناطق المتنازع عليها لا يعد انتصارا لطرف وهزيمة لآخر”.
وقال الكربلائي إن “قدر العراقيين عربا وكردا وتركمانا أن يعيشوا سوية ويتكاتفوا لحل المشاكل”، داعيا حكومة العراق المركزية إلى “طمأنة المواطنين الأكراد وتوفير الحماية لهم”.
وأضاف أن على القيادة السياسية الكردية “توحيد صفها والعمل على تجاوز الأزمة الراهنة بالحوار مع الحكومة الاتحادية تحت مظلة الدستور”، مشيرا إلى أن “حرق الصور والأعلام (الكردية التي اتهم الحشد الشعبي بارتكابها)، تصرفات لا أخلاقية تضر بالسلم ونطالب بمعاقبة مرتكبيها”، داعيا العراقيين إلى الابتعاد عن “التعاطي الانتقامي” مع الأحداث الأخيرة التي تشهدها بعض المناطق.
ووفقا لمراقبين، فإن خطاب المرجعية الصريح يشير إلى “إدراكها لعمق المخاوف الشعبية في كردستان بشأن أنباء تمدد الحشد الشعبي إلى حدود الإقليم”.
لكن القيادي في الحشد الشعبي، كريم النوري، نفى وجود خطة لـ”تجاوز حدود كركوك”.
وقال النوري إن “القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي، أصدر أوامره لجميع القطعات العسكرية بعدم تخطي حدود محافظة كركوك باتجاه مدينة أربيل”، نافيا الأنباء التي تحدثت عن نية القوات العراقية بلوغ نقطة التفتيش المؤدية إلى أربيل.
وشرح النوري سبب دخول قوات الحشد الشعبي في ناحية “ألتون كوبري” قائلا “ذهبنا إلى هناك عقب الأحداث التي رافقت حرق مقر الجبهة التركمانية في ألتون كوبري”.
لكن محافظ أربيل، نوزاد هادي، اعتبر أن ما يجري في كركوك “خطة سياسية باستخدام أسلحة الدول الصديقة”، في إشارة إلى استخدام القوات العراقية أسلحة أميركية خلال عملية إعادة الانتشار في كركوك والمناطق المتنازع عليها.
وقال إن “الدفاع عن حدود أربيل شرف كبير، لكن التفاوض هو الحل الأمثل”. وأضاف أن “ألتون كوبري تابعة لحدود كركوك، والجهود مستمرة لإيقاف التحركات العسكرية”.