هي العدالة ولو بعد حين.. وفي حكم مُبرم أصدره المجلس العدلي بعد ظهر أمس في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد بشير الجميل ورفاقه العام 1982، جاء الحكم ليقضي بإنزال عقوبة الإعدام بحق قتلة الجميل «السوريَّين القوميَّين» حبيب الشرتوني ونبيل العلم وتجريدهما من حقوقهما المدنية، مع إلزامهما بالتكافل والتضامن بدفع تعويضات شخصية لعائلات الشهداء من المدعين الـ23 فاقت المليارين ونصف المليار ليرة. فبعد 35 عاماً أصدر المجلس برئاسة القاضي جان فهد أمس، حكماً وصف الجريمة بأنها «إرهابية» وأعطاها وصفاً سياسياً شكّل منعطفاً خطيراً في تاريخ لبنان «خصوصاً بعد أن بدأت تحوم في الأفق بوادر حلحلة للأزمة السياسية والأمنية التي كانت تعصف بالبلاد منذ العام 1975».

واستند الحكم الذي صدر بالاتفاق، إلى الاعترافات الواضحة التي أدلى بها المتهم حبيب الشرتوني الذي أوقف بعد يومين من الجريمة في منزل خالته الذي كان مسرحاً للعملية حيث أقدم في ذلك المنزل على الضغط على زر التفجير بعد تردد لدقيقتين قبل أن يدوي انفجار ضخم سقط بنتيجته الرئيس الجميل شهيداً مع 23 شهيداً آخرين فضلاً عن وقوع 64 جريحاً.

ويضيء الحكم على نشأة الشرتوني الذي انضم إلى صفوف «الحزب السوري القومي الاجتماعي» حيث تعرف حينها على مسؤول الأمن نبيل العلم الذي حثّه على تنفيذ الجريمة بعدما زوّده بالصواعق والمتفجرات التي نقلها الشرتوني إلى الطابق الأول في المبنى الذي يشغل فيه «بيت الكتائب» في الأشرفية الطابق الأرضي بعد مراقبة حثيثة قام بها الشرتوني للمبنى الذي كان يقصده الجميل بعد ظهر كل يوم ثلاثاء من كل أسبوع.

وأقام عضو كتلة «الكتائب اللبنانية» النائب نديم الجميل مهرجاناً شعبياً حاشداً في ساحة ساسين في الأشرفية، بعد صدور الحكم في قضية اغتيال الرئيس الجميل ورفاقه تحت شعار «باسم الشعب اللبناني العدالة لنبقى»، في حضور عائلة الرئيس الشهيد عقيلته النائبة السابقة صولانج الجميل وكريمته يمنى، بالإضافة إلى رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل، وزير الخارجية والمغتربين رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، وزير الشؤون الاجتماعية بيار بوعاصي، وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسابيان، وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون، ممثل رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مرشح «القوات» عن مقعد بيروت عماد واكيم، النائب سيرج طورسركيسيان، الوزيرين السابقين سجعان القزي ونقولا الصحناوي، النائب السابق فارس سعيد.

وقال نديم الجميل في كلمة للمناسة: «نحن اليوم في الأشرفية، التي دافع عنها بشير وسقط على أرضها، وكانت بداية التحرير والمقاومة»، لافتاً إلى أنّ «الأشرفية اليوم هي بداية العدالة لبشير وكل شهداء لبنان»، وأضاف: «على بُعد مسافة قريبة من هنا استشهد جبران تويني وبيار الجميل ورفيق الحريري وكل شهداء ثورة الأرز»، مشيراً إلى أنّه «وكما نحتفل اليوم في الأشرفية، سنحتفل غداً بكل شهيد للبنان، للعدالة لكمال جنبلاط ورفيق الحريري وبيار الجميل وكل شهيد من 14 آذار». وأردف: «هؤلاء الشهداء الذين سقطوا من أجل سيادة لبنان سقطوا على يد منظومة واحدة»، موضحاً أنّ «المجلس العدلي لم يصدر حكماً بحق الشرتوني والعلم، بل بحق منظومة متكاملة امتدت على مدى 30 سنة ومدّت يد الإجرام إلى شهدائنا»، مشدداً على أنّ «هذه المنظومة احتلت لبنان وما زالت تحتله عبر عناصر وأدوات أخرى (...) فهناك أشخاص ينفذون مخططات إيرانية وسورية على الأراضي اللبنانية، وهذا أمر مرفوض».

وفور انتهاء المهرجان توجّهت عائلة الرئيس الشهيد وأصدقاؤه إلى ضريحه في مسقط رأسه بكفيا، حيث تمّ وضع أكاليل من الزهر، ونص حكم المجلس العدلي إيذاناً بتطبيق العدالة. وتقدم الحضور الرئيس أمين الجميل وعقيلته السيدة جويس، النائب نديم الجميل ووالدته صولانج وشقيقته يمنى. 

وكان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع قد غرّد عبر «تويتر» بعد صدور الحكم قائلاً: «ما بيصح إلا الصحيح، ولو بعد حين».

إلى ذلك، أعلن المكتب الإعلامي لوزير الداخلية نهاد المشنوق في بيان أمس أنه «أجرى من مكتبه سلسلة اتصالات شملت قائد الجيش العماد جوزف عون، وقادة الأجهزة الأمنية والوحدات التابعة لقوى الأمن الداخلي، بغية مواكبة الأوضاع الأمنية في البلاد، بعد صدور الحكم في قضية اغتيال الجميل، وطلب من القادة الأمنيين التشدد في منع أي اضطراب أمني من أي جهة أتى».

مجلس الوزراء

وعلى الطريق نحو تثبيت دعائم الدولة ومؤسساتها، أنعشت مقررات مجلس الوزراء أمس المستشفيات الحكومية بجرعة تعيينات مهمة لمجالس إدارات 6 منها (بيروت – الكرنتينا، فتوح كسروان البوار، سبلين، الياس الهراوي، صيدا، جزين) بينما أرجئت تعيينات مستشفى طرابلس الحكومي إلى الأسبوع المقبل بطلب من رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري لاستيفاء لائحة الأسماء التي سيُصار إلى تعيينها بالتنسيق مع وزير العمل محمد كبارة. علماً أنّ التعيينات ضمت نحو 30% من النساء في إدارات المستشفيات الحكومية الجديدة وفق ما طلب الحريري من نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة غسان حاصباني. 

وإذ جرى إقرار مقترح اللجنة الوزارية المختصة إجراء بعض التعديلات على دفتر الشروط الخاص بمشروع استقدام ثلاث محطات لاستيراد الغاز المسال، تم تأجيل بحث ملف النفايات الصلبة وتصور وزارة البيئة بهذا الخصوص ربطاً بغياب الوزير المختص طارق الخطيب. في حين قرر مجلس الوزراء تمديد المهل أسبوعاً لاستكمال الشركات المستندات المطلوبة لدى إدارة المناقصات التي ترفع تقريرها إلى لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة مهمتها درس العروض تمهيداً لوضع نتيجتها على طاولة مجلس الوزراء، وسط اعتراض وزراء حزب «القوات اللبنانية» على القرار ورفضهم المشاركة في اللجنة.

وكان كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء قد نوها في مستهل جلسة بعبدا بالإنجازات الوطنية المتلاحقة، بحيث أشاد عون بإقرار قانون الموازنة للعام 2017 «للمرة الأولى منذ العام 2005»، داعياً إلى الإسراع في درس وإقرار مشروع موازنة العام 2018، مع إشارته كذلك إلى إنجاز إصدار التشكيلات القضائية الشاملة «للمرة الأولى منذ العام 1999». ثم أطلع رئيس الجمهورية المجلس على التحرك الذي قام به لطرح قضية النازحين «بهدف استنهاض المجتمع الدولي والأمم المتحدة»، لافتاً وفق ما نقلت مصادر وزارية لـ «المستقبل» إلى أنه يسعى ويدعو إلى تشكيل «لوبي دولي» لمعالجة هذه القضية، وشدد عون في هذا السياق على ضرورة «عدم ترك أي خيار يؤدي إلى رفع عبء النزوح السوري عن لبنان»، قائلاً: «لن ننتظر الوصول إلى حل سياسي أو حل أمني للأزمة السورية بل واجب علينا أن ندافع عن مصلحة وطننا، وما التحرك الذي أقوم به إلا لتحقيق هذا الهدف لأنّ انفجار مسألة النازحين لن تقتصر شظاياه على لبنان وحده بل على دول كثيرة غيره».

بدوره، أشار الحريري إلى أنّ اللجنة الوزارية الخاصة بالنازحين سوف تعقد الأسبوع المقبل اجتماعات لدرس ورقة العمل التي أعدتها وزارتا الداخلية والخارجية تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء، وقال: «ما يهمنا هو التخفيف من العبء الذي يقع على عاتق لبنان من جراء أزمة النازحين، ومع الحرص الشديد على التعاطي مع هذا الملف من زاوية إنسانية لا يمكننا إلا أن نركز في جهدنا على المحافظة على مصالح اللبنانيين أولاً، ذلك أنّ شعاري كان وسيبقى لبنان أولاً على رغم الملاحظات والانتقادات التي نسمعها من حين إلى آخر». وفي معرض تهنئته اللبنانيين بإقرار موازنة العام 2017 أضاف الحريري: «هذا الإنجاز هو للبنان وللعهد وللحكومة، ويُضاف إلى إنجازات أخرى تحققت مثل التشكيلات الديبلوماسية، والمناقلات القضائية وقانون الانتخاب والتعيينات وغيرها». وأردف: «كل ما فعلته الحكومة كان لمصلحة لبنان واللبنانيين، ومع ذلك ثمة من ينتقد، وهذا أمر طبيعي في بلد ديموقراطي مثل لبنان، لكن اللبنانيين يرون بأم العين الإنجازات التي تتحقق وهذا ما يهمنا لأننا نعمل من أجل مصلحة البلاد من دون تمييز بين أحد من أبنائها».