بتأييد أقل من نصف عدد أعضاء المجلس النيابي (61 نائباً) وامتناع 8 نواب، ورفض 4 نواب، أقرّت موازنة العام 2017، بعد نقاشات مالية، واعتراضات، وانسحابات وإثارة نقاط دستورية، أبرزها تمرير الموازنة من دون قطع الحساب، الذي يتصل بعمل الحكومة من خلال التأكيد من المصاريف التي تتم على أساس الموازنة السابقة، وهذا في صلب العمل الرقابي.
ومن المتوقع ان يحتدم الجدل الدستوري حول ما إذا كان مجلس النواب عدّل مادة دستورية، أو علّق العمل بها من قبل الحد المطلوب للتعديل الدستوري، الذي له اصوله الاجرائية والعددية، فضلاً عن مخالفته الصريحة للمادة 87 من الدستور.
وإذا كانت المواقف تتراوح بين اعتبار إقرار الموازنة أكثر إيجابية من عدم اقرارها وانها تمهّد للانطلاق بموازنة العام 2018، التي أعلن الرئيس سعد الحريري ان الحكومة ستنجزها في الأيام القليلة المقبلة، فإن معلومات لم تحسم ليل أمس، تحدثت عن اتجاه لدى بعض النواب للمراجعة امام المجلس الدستوري بعد نشر قانون الموازنة.
الموازنة بالمناداة
تلافياً لاحتمال الطعن به، على غرار ما حصل مع قانون ضرائب سلسلة الرتب والرواتب، أقرّ المجلس النيابي مشروع قانون موازنة العام 2017 بالمناداة على أسماء النواب الحاضرين، الذين لم يكن يتجاوز عددهم عند التصويت الـ73 نائباً، فنال موافقة 61 نائباً ومعارضة 4 نواب وامتناع 8 نواب هم نواب «حزب الله» والرئيس نجيب ميقاتي وانطوان زهرا، فيما طالب نواب الكتائب الثلاثة الذين كانوا حاضرين وعارضوا المشروع مع النائب بطرس حرب تسجيل تحفظهم عن إقرار الموازنة من دون قطع الحساب الذي كان أقرّ ليل أمس الأوّل مشروع الحكومة بهذا الصدد بما يعني تعليق العمل بالمادة 87 من الدستور مؤقتاً ولمدة تتراوح بين ستة أشهر وسنة.
وجاء إقرار الموازنة للمرة الأولى في لبنان منذ 12 عاماً بعد ثلاث جلسات متواصلة وعلى مدى ثلاثة أيام صباحاً ومساءً، تخللتها مداخلات لـ35 نائباً، وردين مفصلين من الرئيس سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل، قبل ان تغرق الهيئة العامة في نقاش تشريعي وتفصيلي لمواد مشروع القانون مادة مادة، استغرق نحواً من 7 ساعات متواصلة كان نجمها الرئيس فؤاد السنيورة، صباحاً ومساء خرج بعدها القانون مثخناً بالتعديلات والاضافات على أرقام النفقات والواردات، بحيث ذهبت التخفيضات التي ادخلتها لجنة المال والموازنة والمقدرة بنحو 1004 مليارات ليرة، ادراج الرياح، ما دفع رئيسها النائب ابراهيم كنعان الى القول: «يبدو ان لكل جمعية ملائكتها ولكل وزارة من ينصرها»، في حين اعتبر زميله النائب حسن فضل الله ان مداولات 4 أشهر في لجنة المال ذهبت هباءً وطارت بفعل التنفيعات والمحاصصات.
ومع ذلك، فقد أصرّ كنعان على تضمين موازنة العام 2018 التخفيضات على الاحتياطي والجمعيات وابعاد قوانين الضرائب والبرامج من متن الموازنة، متحدثاً عن اتفاق على هذا الشأن مع الرئيس برّي والوزير خليل، منوّهاً بأنه حافظ على وفر الاتصالات بـ155 مليار ليرة.
وكان جرى نقاش مستفيض حول موازنة وزارة الاتصالات بعد اعتراض عدد من النواب ومنهم الوزير مروان حمادة والنواب بطرس حرب وحسن فضل الله وياسين جابر على السلفة الكبيرة المعطاة للوزارة وعلى تكليف شركة او شركتين احتكار تنفيذ مشروع تمديد شبكة «الفيبر اوبتيك» لتوسعة الهاتف الثابت والانترنت من دون اجراء مناقصة واستدراج عروض، بل تم الامر بقرار وزاري غطاه رئيس الحكومة.
واشارت معلومات احد المعترضين الى ان بعض الشركات التي كانت راغبة بالاشتراك في مشروع تمديد الشبكة تقدمت بشكوى امام مجلس شورى الدولة وقد تربحها. وتقرر في نهاية النقاش إنتظار قرار مجلس الشورى من اجل تهدئة اعتراضات النواب، لكن جرى تخفيض سلفة وزارة الاتصالات لتمويل المشروع من 150مليار ليرة الى النصف تقريباً.
ومثل هذا النقاش جرى أيضاً حول موظفي برنامج الأمم المتحدة للتنمية UNDP، وايجارات الأبنية الحكومية، ولا سيما مبنى «الاسكوا»، فضلاً عن المدارس المجانية والجمعيات الأهلية.
واعتبر الرئيس برّي خلال هذا النقاش المالي، ان ما يجري هو نوع من ترقيع الأمور، داعياً إلى ان تكون أكثر جدية في موازنة العام المقبل.
وقال: هذه الحكومة هي حكومة المجلس، لذلك أي باب يأتيك منه الريح سده وأستريح، فلنذهب إلى دائرة المناقصات عند أي تلزيم.
وإذ لم يسجل في الجلسات أي احتكاك أو سجال شهدت الجلسة المسائية حالة اعتراض قام بها وزير شؤون النازحين معين المرعبي بسبب عدم إقرار 50 مليار ليرة لموضوع الاستملاكات في عكار وكذلك بعلبك الهرمل وقد وصل الأمر إلى حدّ خروجه من الجلسة معترضاً على ترك الأمر للموازنة المقبلة، لكنه عاد في وقت لاحق وصافح الرئيسين برّي والحريري وقبلهما.
اما الرئيس الحريري، فقد حرص بعد الانتهاء من إقرار الموازنة على لقاء الصحافيين في بهو المجلس وتحدث إليهم مهنئاً اللبنانيين على الإنجاز الكبير الذي تحقق بعد 12 عاماً بإقرار الموازنة بالتعاون مع المجلس النيابي ومع الرئيس برّي الذي كانت له اليد الطولى في هذا الإنجاز، وقال: كانت هناك بعض الخلافات في وجهات النظر وهذه هي الديمقراطية، فخلال 12 سنة صحيح ارتكبت مخالفات دستورية لأنه لم تكن هناك موازنة، والبعض تبجح بأن عدم إقرار قطع الحساب مخالفة وهذا صحيح، ولكن أيضاً عدم إقرار الموازنة مخالفة دستورية.
اضاف: ليس لدينا عصا سحرية، ولكن التوافق السياسي الموجود يصحح الأخطاء التي كانت تقع فيها الدولة، مؤكداً ان الحكومة تقوم بجهود لمكافحة الفساد ووقف الهدر، ومن يتحدث عن الهدر والفساد هو نفسه كان مشاركاً في حكومات سابقة فماذا فعل لوقف الهدر ومحاربة الفساد؟
وجدّد التأكيد بأننا نحاول التسريع في وضع الدولة على المسار الصحيح.
بدوره وزير المال علي حسن خليل وصف ما حصل الإنجاز الحقيقي الذي يعيدنا إلى مرحلة الانتظام المالي، وقال: سنعمل على إقرار موازنة العام المقبل في الموعد الدستوري وسنبدأ بتحديد جلسات نقاش في مجلس الوزراء لهذه الغاية.
تعيينات في مجلس الوزراء
من ناحية ثانية، وزّع أمس على الوزراء ملحق لجدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد عصر اليوم في القصر الجمهوري، يتضمن مجموعة مراسيم لتعيين أعضاء مجلس إدارة لمستشفيات حكومية في بيروت وطرابلس وصيدا وزحلة وجزين وفتوح كسروان وسبلين، خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وبحسب هذه المراسيم، فقد توزعت التعيينات على الشكل الآتي:
{ مستشفى بيروت الحكومي - الكرنتينا.
- ميشال حنا مطر رئيساً لمجلس الإدارة.
- الدكتور جورج إبراهيم الكعدي، الدكتور نقولا نصري رباط، الدكتور كريكور بيدرو ناجريان، والمحامي محمّد محمود يموت، أعضاء. بالإضافة إلى الصيدلية ديانا نبيل شربل مفوضا للحكومة، والسيدة كارين صقر مديرة عامة لمستشفى بيروت.
{ مستشفى طرابلس الحكومي:
- الدكتور محمّد فواز عمر حلاب رئيساً لمجلس الإدارة.
- الدكتور عمر أحمد رضوان مولوي والمحامي محمود سعيد أم هاني، الدكتور مصطفى محمّد إسماعيل الأيوبي، الدكتور إيمان عبد السلام البابا والدكتور عمر فايز البيطار (اعضاء) بالإضافة إلى تعيين جمال خالدعبدو مفوضا للحكومة، وناصر يوسف كنعان عدرا مديرا عاما.
{ مستشفى صيدا الحكومي:
- الدكتور أحمد إسماعيل المهدي رئيسا لمجلس الإدارة (ومدير).
- الدكتور أحمد علي حسن موسى، السيدة منى مصطفى ترياقي، الدكتور رفيق يوسف كنعان والمحاسبة سهى عبد القادر عنتر (اعضاء).
بالإضافة إلى تعيين الدكتور حسن نمر علوية مفوضا للحكومة.
{ مستشفى زحلة الحكومي (مستشفى الرئيس الياس الهراوي).
- الدكتور نقولا معكرون رئيسا لمجلس الإدارة.
- المحاسبة كريستين الياس سبانغ، المحامي موسى الياس إبراهيم، الدكتور زين الدين علي السيّد والدكتور عبد الله موسى (اعضاء) بالإضافة إلى تعيين الدكتور غسّان ندرة زلاقط مفوضا للحكومة والدكتور سامي خطار أبو رجيلي مديرا عاما.
{ مستشفى جزّين الحكومي:
- الدكتور جوزف طانيوس المعروف بانطوان الكسرواني رئيسا لمجلس الإدارة (ومدير).
- الدكتور يوسف خليل ناصر، والمحامي روني جرجي عون (عضوين)، بالإضافة إلى تعيين الدكتورة ماريز انطوان كرم مفوضا للحكومة.
{ مستشفى فتوح كسروان الحكومي - البوار.
- الدكتور اندره منصور قزيلي رئيسا لمجلس الإدارة (ومدير).
- المحاسبة كوليت توفيق عطاالله، الدكتور رضوان نقولا ناضر، الدكتور جيزيل جوزف نادر، الصيدلي كريستيان سمعان لطيف (اعضاء)، بالإضافة إلى تعيين الدكتور ناظم اميل متى مفوضا للحكومة.
{ مستشفى سبلين الحكومي:
- الدكتور غنوة خليل الدقدوقي رئيسا لمجلس الإدارة، الدكتور أحمد الصغير، الدكتور فاطمة إبراهيم الحاج، الدكتور ناجي جوزف القزي والدكتور فادي سليمان (اعضاء).
بالإضافة إلى تعيين الدكتور يونس حمزة مفوضا للحكومة، ولينا راضي نجم مديراً.
ويناقش مجلس الوزراء، الى ذلك جدول اعماله المؤلف من ٦٠ بنداً من بينها: طلب الموافقة على اجراء دراسة حول مستقبل لبنان الاقتصادي للسنوات الخمس المقبلة تحت عنوان «هوية لبنان الاقتصادية والاجراءات الكفيلة لتحقيقها» وتكليف وزير الاقتصاد والتجارة التفاوض مع شركة «ماكينزي» للاستشارات لهذه الغاية. ومن المفروض ان تعطي الحكومة هذه الشركة توجهاتها الاقتصادية وهي تضع الدراسة حول تفاصيل الخطة وكيفية تنفيذها.
وقد اثار هذا الموضوع تحفظ عدد من الوزراء في اللجنة الوزارية الاقتصادية التي بحثت الخطة الاقتصادية للحكومة، مفضلين لو انه تمت الاستعانة بخبرات وكفايات لبنانية اقتصادية وهي موجودة بدل تكليف الحكومة اعباء مالية نتيجة تكليف هذه الشركة الاجنبية إجراء الدراسة، مشيرين الى ان هذه الشركة ستستعين هي بدورها باختصايين لبنانيين لإعداد هذه الدراسة.وقديشهد هذا البند نقاشا مستفيضا خلال عرض تفاصيل الموضوع حوله قبل اتخاذ قرار تكليف الشركة.
ورحبت المصادر الوزارية بإدراج ملف التلزيم العائد لمناقصة التفكك الحراري وتحويل النفايات الى طاقة، الذي اعدّه الاستشاري»رامبول»، وفي البند الذي يليه مباشرة ويتضمن عرض وزارة البيئة لسياسة الادارة المتكاملة للنفايات المنزلية واجراءات إنفاذ السياسة المقترحة لهذه الغاية، معتبرة ان تلزيم ملف النفايات امر ايجابي ويبشّر ببدءمرحلة معالجة ازمة النفايات.لكنها ابدت مخاوف «من حصول مفاجآت كما يحصل عادة» تؤجل الموضوع.
اما بالنسبة إلى موضوع معامل الكهرباء، والمطروح ايضا على الجلسة، فقد أوضح وزير الطاقة سيزار أبي خليل لـ «اللواء» انه رفع إلى مجلس الوزراء تقرير إدارة المناقصات عن نتيجة فض عروض شركات استجرار الكهرباء التي لم ترس على أي شركة الا التركية. وقال انا منفتح على النقاش في مجلس الوزراء لأي قرار سيتخذ والمهم ان نجد حلا لمشكلة الكهرباء.
وأوضح أبي خليل ان المناقصة هي واحدة لتأمين الكهرباء سواء في البحر أو إنشاء معامل في البر، لكن بما ان البحر مجاني ومتاح ذهبنا إلى بواخر توليد الطاقة ولا مانع من إنشاء معامل في البر إذا وجدنا الأرض لذلك، لافتا إلى اننا بحاجة إلى 800 ميغاوات، ولا يهم كيف نؤمنها سواء عبر البحر أم بمعامل في البر.
وقالت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن جلسة مجلس الوزراء تشكل اختبارا لما ساد الجو السياسي في أعقاب المواقف التي أطلقت مؤخرا. ولفتت المصادر إلى أن أصداء جلسات مجلس النواب ستتردد في الجلسة، موضحة ان ما من احد راغب في زعزعة الحكومة، لكن ذلك لا يمنع الأطراف من التعبير عن مواقفها.
وأفادت أن الرئيس ميشال عون سيضع المجتمعين في أجواء لقائه مع السفراء الخمسة والموقف من قضية النازحين السوريين. وكشف وزير الإعلام ملحم الرياضي انه سيعيد طرح ملف تلفزيون لبنان لجهة تقاضي الموظفين رواتبهم، علماً ان الرئيس الحريري كان أعلن خلال جلسة إقرار الموازنة أمس ان تعيين مجلس إدارة تلفزيون لبنان قد يتم اليوم أو في الجلسة التي تلي.
وسيتطرق مجلس الوزراء إلى زيارة الرئيس ميشال عون إلى كل من إيران وإيطاليا وإلى الكويت المقررة في 5 ت2 المقبل.