أثارت مداخلة النائب جورج عدوان حول قضية "مصرف لبنان" المركزي، في جلسة مجلس النواب الثلاثاء الماضي استنفارًا لافتًا في الساحة اللبنانية، في وقت أوضحت فيه "القوات اللبنانية" موقفها عبر التأكيد على ثقتها بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وبأن كلام عدوان لم يكن اتهامات، إنما تساؤلات ينتظر الإجابة عليها.
وفي التّفاصيل، وجه عدوان انتقادًا قاسيًا لمصرف لبنان وحاكمه رياض سلامة، اعتبرها البعض أنها إتهامات بهدر المال العام بلا أي رقابة أو محاسبة، حيث طالب عدوان بلجنة تحقيق برلمانية في هذا الملف، كما وطلب من وزير المال علي حسن خليل، إطلاع مجلس النواب على أرباح مصرف لبنان منذ 20 عامًا إلى اليوم، وقال عدوان أثناء كلمته في الجلسة: "من الصادم أن نعلم أن الواردات من مصرف لبنان 61 مليون ليرة، ونحن لدينا 27 ألف مليار بسندات خزينة، والمصرف مجبر بدفع مليار دولار للخزينة من أرباحه على السندات"، متسائلاً "أين المراقبة والمحاسبة؟" فهي غير موجودة لأن مصرف لبنان لديه علاقات أكبر من أن يتخطاها أحد، ونحن مشغولون بالضرائب".
وبما أن مصرف لبنان يحظى بأرباح مرتفعة القيمة من سندات الخزينة وسندات اليوروبوندز، وقانونيًا تنص المادة 113 من قانون النقد والتّسليف على "تحويل 80% من مجمل الأرباح التي يُحققها مصرف لبنان إلى الخزينة العامة في كل سنة"، لفتت صحيفة "الأخبار" إلى "أن المصرف لا يحوّل لخزينة الدولة إلا مبلغاً مقطوعاً يُقارب 40 مليون دولار سنوياً، منذ عام 2009 حتى اليوم، ما يعني أنه يُغطي خسائره، ويموّل جزءًا من كلفة هندساته المالية من خلال الموازنة العامّة، خلافاً للمزاعم المتكررة بأن هذه الكلفة والخسائر لا ترتب أي أعباء على المال العام ولا تُسهم في زيادة الدين العام".
إقرأ أيضًا: جعجع: لا عودة لنظام الأسد إلى لبنان، وهكذا لاحق النظام زوجتي
سلامة يرد على عدوان
من جهته سارع سلامة إلى الرد على كلام عدوان، قائلاً "لم تمضِ سنة من السنوات الـ 20 التي تحدث عنها النائب عدوان، ولم يُقدم المصرف المركزي على قطع الحساب السنوي، والتقدّم به إلى وزارة المال، ودفع ما يتوجب عليه أن يدفعه ضمن القانون"، مضيفًا "إنّ حسابات مصرف لبنان خاضعة للتدقيق من قبل شركتين دوليتين خارجيتين لا علاقة لهما بمصرف لبنان".
واعتبر سلامة أن هناك نقص في تحليل النائب عدوان قائلاً "إن مصرف لبنان من حيث القانون يقبل الودائع من المصارف ويدفع عليها فوائد، وعليه يقوم بعمليات مفتوحة مع الأسواق بناء للمادة 70 من قانون النقد والتسليف للحفاظ على الإستقرار النقدي، لذا إن مصرف لبنان لديه مداخيل ومصاريف من الفوائد".
كما وأشار سلامة إلى أن "مصرف لبنان خلال الفترة التي تحدث عنها النائب عدوان (أي منذ عام 1993) حوّل إلى الخزينة 4 مليارات و500 مليون دولار، وزاد أمواله الخاصة من 60 مليون دولار إلى 3 مليارات دولار".
رد سلامة لم يكن مقنعًا
رد السلامة لم يكن مقنعًا وذلك للأسباب التالية:
أولاً: مسألة تحويل 4.5 مليارات دولار إلى الخزينة منذ عام 1993، والتي تضمنت وفقًا لصحيفة "الأخبار" عمليات سابقة قام بها مصرف لبنان عبر احتساب فروقات سعر الذهب، واستعمالها دفترياً في إطفاء جزء من الدين العام الحكومي، ولا سيما في أعقاب باريس2، وبالتالي لا تمثل هذه حصة الخزينة من الأرباح المفروضة بموجب قانون النقد والتسليف!
ثانيًا: لا يُطبق مصرف لبنان المادة 117 من قانون النقد والتسليف، والتي تُشير إلى أن يقدّم حاكم المصرف لوزير المالية قبل 30 حزيران من كل سنة التالي:
- الميزانية.
- حساب الأرباح.
- الخسائر عن السنة المنتهية.
- تقريراً عن عمليات المصرف.
-نشر الميزانية والتقرير في الجريدة الرسمية خلال الشهر الذي يلي تقديمها لوزير المالية.
ومن هنا تُشير الصحيفة إلى "أنه منذ عام 2002 لم يطبّق سلامة هذه المادة الا مرّة واحدة، عندما نشر في 14/7/2016 (العدد 36 من الجريدة الرسمية) تقريراً ناقصاً عن عام 2015".
ضرورة تشكيل لجنة تحقيق برلمانية
قالت مصادر "القوات" حسب صحيفة "الشرق الأوسط"، إن "النائب عدوان سيمضي في ملفه الكامل الذي يملكه حتى النهاية، وسيلاحق مسألة تشكيل لجنة تحقيق برلمانية لتوضيح كل الأمور، ووضع النقاط على الحروف لإزالة أي التباس، خصوصًا فيما يتعلق بالهندسة المصرفية، والأرباح التي اتسمت بالتمييز في توزيعها على المصارف"، وأوضحت: "كل ما نطلبه هو أن تكون السياسة المالية والرؤية الإقتصادية، بما فيها مصرف لبنان، من مسؤولية الحكومة وليس من مسؤولية الحاكم".