ورد في صحيفة "المستقبل" أنه في منتصف العام 2013، ورد كتاب معلومات إلى أحد الأجهزة الأمنية يفيد عن وجود أشخاص مشبوهين يقومون بترويج المخدرات وتعاطيها داخل أحد الملاهي الليلية في محلة الأشرفية، وأن المروّج الاساسي ف. ف. هو من بين هؤلاء الاشخاص.
في تلك الفترة، كان ضابط برتبة عميد، يشغل مركز المدير الاقليمي في بيروت للجهاز الأمني، فتوجه على رأس قوة تضم تسعة عناصر لمداهمة الملهى بهدف أولي هو ملاحقة وتعقب صاحب الملهى هـ.أ.هـ. الذي يقوم بمهمة توزيع المواد المخدرة على الساهرين وفقاً للمعلومات الواردة.
عدد كبير من الروّاد كان يتواجد في ذلك الملهى يناهز الستين، فجرى تفتيشهم، وضُبطت مواد مخدرة، كانت مرمية على الأرض، وفقاً لما تم تداوله من أنباء عن تلك المداهمة. كما جرى توقيف عدد من الاشخاص فيما تُرك صاحب الملهى بعد اقتياده إلى مبنى الجهاز الأمني.
يومذاك لم يتم إعلام النيابة العامة لأخذ إشارتها سواء لجهة التوقيفات والترك أو لجهة إجراء فحوص مخبرية لهم، إنما جرى التصرف بشكل استنسابي من قبل القوة المداهمة، وتحديداً لجهة ترك جميع الاشخاص بمن فيهم "المروّج الكبير" ف. ف. ما استتبع الادعاء على الضابطين لجهة مخالفتهما سنداً إلى المادة 352 من قانون العقوبات التي تنص على أن "كل شخص في الخدمة العامة التمس أو قبل لنفسه أو لغيره هدية أو وعداً أو أي منفعة أخرى ليعمل عملاً منافياً لوظيفته أو يدعي أنه داخل في وظيفته أو ليهمل أو يؤخر ما كان عمله واجباً عليه عوقب بالأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تنقص عن ثلاثة أضعاف قيمة ما أخذ أو قبل به".
غير أن التحقيق مع الضابطين أثبت عكس ذلك وفق ما ورد في القرار القضائي الذي صدر بحقهما أخيرا بعد أربعة أعوام على الحادثة وبعد إحالة العميد على التقاعد ليمنع عنهما المحاكمة من الجرم المسند إليهما لعدم كفاية الدليل بحقهما.
في استجوابه أمام قاضي التحقيق، أفاد العميد بأن الذين تم تركهم من رواد الملهى لم يضبط بحوزتهم أشياء ممنوعة، ولم يظهر عليهم تعاطي المخدرات، وقد قام مع عناصره بتفتيشهم تفتيشاً دقيقاً رغم صعوبة الرؤية داخل الملهى الذي كان مظلماً حيث استخدموا أضواء أجهزتهم الخليوية قبل إحضار مصباح لتسهيل العمل، ومعاودة تفتيشهم في الخارج، وقاموا باستجلاء هوياتهم من دون استجوابهم.
ويضيف العميد "المتقاعد" إن الحبوب المخدرة وجدتها القوة المداهمة داخل الملهى وحول "البار" بالقرب من موزع الموسيقى وتحت الطاولات الصغيرة، مؤكداً بأنه أوقف صاحب الملهى والعاملين فيه باعتبارهم مسؤولين عن الأشياء الممنوعة. وقال: "إن المداهمة تمت وفقاً لإشارة النيابة العامة، وقمت في اليوم التالي بالاتصال بالمحامي العام لمتابعة القضية معه فاعتذر عن متابعة الإشراف على التحقيق بسبب تبديل جدول الأعمال في النيابة العامة بين القضاة، ولم يتابع حينها التحقيق مع المحامي العام المذكور، وتسلّمه قاضٍ آخر من المحامين العامين".
ويتابع العميد: "عدت وسلّمت التحقيق إلى مساعدي الذي تابعه مع الموقوفين بعدما تركت الأشخاص غير المشبوهين منهم، ولاحقت تاجر المخدرات وعملت على توقيفه بعد عدة أيام حيث كان ف. ف. يحضر المخدرات ويسلمها إلى صاحب الملهى". وختم العميد إفادته قائلاً: "أنا لا أعتبر نفسي مذنباً في أي عمل قمت به خلال المداهمة وما أُسند إليّ غير صحيح".
أما مساعده العقيد الركن فأفاد من جهته بأنه شاهد مواد وحبوباً وسوائل مخدرة في البراد وفي زوايا الملهى، وقد قام بضبطها، ولم يتم ضبط أي منها مع رواد الملهى المتواجدين في الداخل. وأضاف بأن العميد كان المسؤول عن المداهمة ولم يتسلم أي موقوف إنما طلب منه العميد إجراء تحقيق مع أربعة أشخاص علم منه أنهم كانوا موقوفين وهم صاحب الملهى والمسؤول عن الموسيقى ع. م. و"البارمان" ف. ص. وعامل التنظيفات ي. ب. وبعد التحقيق معهم راجع النيابة العامة التي أشارت بعدم استماعهم وإحالتهم إلى مكتب مكافحة المخدرات لإجراء التحقيق معهم. وأكد بأنه نفّذ هذه الإشارة بعد مراجعته المسؤول المباشر عنه وأنه لم يكن في بداية المداهمة ولم يشاهد سوى الأشخاص الأربعة الذين ذكرهم نافياً بدوره ارتكابه أي خطأ وما أسند إليه خصوصاً لجهة الرشوة، معتبراً أن هدف المداهمة تحقق بإلقاء القبض على مروجي المخدرات وأصحاب الملهى والمسؤولين عنه.