يصوّت مجلس النواب، في اليوم الثالث، من أيام وليالي جلسات المناقشة، على موازنة العام 2017، التي باتت بحكم المصروفة، بنداً بنداً، بعد تجاوز مطبات دستورية ومالية.. تمكن المجلس النيابي من حسم بعضها في ساعة متأخرة من ليل أمس، حيث جرى التصويت على إضافة مادة على قانون الموازنة، تتعلق بقطع الحساب للعام 2015، على ان يتعهد وزير المال باعداد قطع حساب عن السنوات الماضية.
وكان المجلس امام مشكلة: إقرار الموازنة أم إقرار قطع الحساب، فارتؤي إضافة مادة في صلب قانون الموازنة، وهو الأمر الذي اعتبره النائب نقولا فتوش غير دستوري، في حين رأى النائب سمير الجسر ان المخارج تأتي من ديوان المحاسبة.
ثم طالب الرئيس نبيه برّي بحسم الجدل بالتصويت، بعدما سقط اقتراح النائب بطرس حرب بتعليق المادة 87 من الموازنة، وعدم نشر الموازنة حتى اعداد قطع الحساب.
ونتيجة التصويت تمت الموافقة على إضافة المادة المقترحة بأغلبية 57 صوتا واعتراض 11 نائبا، هم إلى كتلة حزب الكتائب، النواب فتوش وجورج عدوان، وانطوان زهرا، وبطرس حرب، فيما امتنع نائب الجماعة الإسلامية عماد الحوت عن التصويت.
الحريري: الإنجازات
الأبرز في كلمة الرئيس سعد الحريري انتقاده الأصوات التي ذهبت باتجاه المزايدات غير المبررة وفي حدّ إنجازات الحكومة: «لا اقبل ان هذه الحكومة التي هي أكثر حكومة انجزت في أقل من سنة من تشكيلها، ان يعطى انطباع عنها إنها لا تعمل».
وقال: الحكومة انجزت قانون انتخاب، وسلسلة الرتب والرواتب، والاصلاحات، والضرائب، والتشكيلات الدبلوماسية والقضائية، ومجلس اقتصادي اجتماعي.
وفيما أكّد التزامه بالتسوية السياسية التي تحمي البلد، واقراره بأن الوضع المالي صعب، وأن النّاس شبعت تنظيرا وتريد الكهرباء، رفض ما جاء على لسان بعض النواب مما اسمي «بالاحباط السنّي». وقال: «اهل السنة ليسوا محبطين، وانا مسؤول عن كلامي، قد يكون بعض الزملاء محبطين، اتمنى ان لا يسقطوا احباطهم على اللبنانيين او طائفة اساسية ومؤسسة لهذه البلد، الذين لم يحبطه اغتيال رفيق الحريري لا يحبطهم شيء، اللبنانيون لم يحبطهم اغتيال الرئيس الشهيد، لا بل انتفضوا وأنجزوا وبقوا مستمرين، واهل السنة لم يحبطهم اغتيال رفيق الحريري، لا بل بقوا متمسكين بالاعتدال والدولة والعدالة، وبقوا مستمرين وسيبقون مستمرين بمشروع رفيق الحريري ونقطة على السطر».
السفن والرياح
ولم تجر رياح الرئيس نبيه برّي الذي احتفلت أوساطه، أمس، بيوبيله الفضي في رئاسة المجلس النيابي بحسب باعتباره «حارس التشريع»، بسبب ما كان يرغب بإنهاء جلسات مناقشة موازنة العام 2017، من قبل النواب، أمس، ومن ثم التصويت على بنودها مادة مادة، وذلك لأن النقاش حول مشروع الحكومة لتجاوز موضوع قطع حساب موازنات السنوات السابقة، أخذ جدلاً طويلاً في القانون والدستور، أظهر انقساماً نيابياً، بين من يؤيد إعطاء وزارة المال مهلة سنة لتقديم قطع الحساب، بحسب مشروع الحكومة وبين من يرفض ذلك باعتباره مخالفة دستورية واضحة لنص المادة 87، بحسب نواب «القوات اللبنانية» مع بطرس حرب ونقولا فتوش، وبين من تولى تقديم اقتراحات كحل وسط، مثل النائب سامي الجميل الذي اقترح التصويت على قطع حساب الع أم 2015 مع موازنة العام 2018، لكنه قوبل باعتراض من أمين سر تكتل «الاصلاح والتغيير» النائب إبراهيم كنعان، الذي اعتبر هذا الحل غير جائز قانوناً قبل موافقة ديوان المحاسبة على قطع الحساب.
وإزاء هذا الجدل، فضل الرئيس برّي تأجيل طرح مسألة التصويت على بنود الموازنة الـ76 إلى اليوم، ليتم التصويت على المشروع مادة مادة، لئلا يؤدي الانقسام النيابي، إلى ما يشبه «سلق المشروع»، خاصة وإن الساعة قاربت العاشرة والنصف ليلاً، لكنه أصر على طرح مشروع قطع الحساب على التصويت، فنال موافقة 57 نائبا من مجموع 70 نائباً ظلوا صامدين حتى نهاية الجلسة، بينما رفضه 11 نائبا هم: نواب الكتائب و«القوات اللبنانية»، وبطرس حرب ونقولا فتوش، وامتنع نائب الجماعة الإسلامية عماد الحوت، فيما أعلن مكتب النائب كنعان ليلاً انه امتنع أيضاً عن التصويب بسبب البلبلة التي سادت الجلسة، قبل رفعها إلى الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم.
وقبل أن يشرع المجلس في التشريع، وبالتالي الايعاز إلى وسائل الإعلام قطع النقل المباشر، أعلن الرئيس برّي في ختام مناقشة الموازنة ان عدد المتكلمين في جلستي أمس وقبله، بلغ 35 نائباً، وهنا طلب وزير المال علي حسن خليل الرد على النائب القواتي جورج عدوان، في ما يتعلق «القنبلة المالية» التي أعلنها أمس الأول بخصوص مصرف لبنان، متمنياً عليه لو أبقى النقاش حول هذا الموضوع خارج إطار الإعلام، مؤكداً بأن لديه أرقام تحويلات من مصرف لبنان عن السنوات العشرين الأخيرة كأرباح، وأن لديه كشفاً في هذا الموضوع، مشدداً علی ان المصرف يرسل تقارير سنوية تأتيه من مفوض الحكومة لدى البنك المركزي، مدققة من مدقق حسابات دولية، وهي معلن ومكشوفة.
غير ان عدوان لم يقتنع، ورد بدوره مشدداً على ان القانون يلزم مصرف لبنان بنشر كافة حساباته سنوياً، موضحاً ان هذا الأمر لم يحصل منذ 20 سنة.
وكان هذا الموضوع شغل الأوساط السياسية والمالية، وكان محور لقاء على الواقف بين الرئيسين برّي وسعد الحريري والوزير خليل والنائب عدوان، بعد انتهاء الجلسة الصباحية، وظل إلى ما بعد خروج الصحافيين الذين فهموا ان هذا الموضوع سيسحب من التداول، وربما أيضاً إلى غض النظر عن تشكيل لجنة تحقيق برلمانية، لأن الوقت غير مناسب لإنشاء هذه اللجنة بحسب وزير العدل سليم جريصاتي الذي أشار إلى أن الدولة اللبنانية لا تحاسب اليوم المصرف المركزي الذي يتحرك على أكثر من صعيد لحماية ثبات سعر صرف الليرة والاستدانة
أما الرئيس نجيب ميقاتي، فدعا إلى إبعاد مصرف لبنان عن التجاذبات السياسية، باعتباره يمثل حجر الزاوية في الاستقرار الاقتصادي والنقدي، ومن غير المسموح لأحد تناوله بهذا الشكل
وقائع الجلستين
سبق هذه النتيجة التي آل إليها مشروع الموازنة مبارزة نيابية في جولتين صباحية ومسائية، تناول خلالها 15 نائباً الملفات المطروحة، بهدوء على غرار أمس الأول، حيث غابت أرقام الموازنة في الكلام السياسي والانمائي والخدمات، لمصلحة المواقف الانتخابية، بحسب الرئيس الحريري الذي كان له ردّ مفصل على النواب في كل شاردة وواردة، اتى على ذكرها هؤلاء واضعاً النقاط فوق الحروف، معلناً التزام الحكومة بإحترام المهل الدستورية والقانونية والانطلاق لاعداد موازنة العام 2018 برؤية اقتصادية وإدارية ومالية وتنموية، في موازاة خطة مفصلة لمواجهة تداعيات النزوح السوري، بعد ان عدد إنجازات الحكومة على صعيد قانون الانتخاب وسلسلة الرتب والرواتب والتشكيلات الديبلوماسية والقضائية وتأليف المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
اما الوزير خليل، الذي كانت له ايضا مداخلة مطولة استغرقت أكثر من ساعة، فقد ردّ بدوره على كل الأسئلة التي طرحت والمواقف التي أطلقت من خلال التقرير المالي الذي اعده، واستهله بالتأكيد على انه لن تكون هناك أية تسوية على أية حسابات سابقة كانت أم حالية على حساب مالية ومصلحة الدولة، محذراً من اننا على مفترق طرق وقد نواجه تحديات كبيرة في السنوات المقبلة، وإما ان نصل إلى سيناريوهات قاتلة أو يفتح لنا باب النجاح والنهوض الاقتصادي. وأعلن اننا امام موازنة متواضعة وتم انفاق معظم بنودها لكن لا يمكن الاستمرار بدونها وهي تسمح بإعادة الانتظام إلى المالية العامة.
وقال: نحن امام واقع صعب جداً وإذا لم يكن هناك قطع حساب فهناك خلل دستوري الا ان الخلل الأكبر هو ان لا تقر الموازنة، كاشفا عن ان الظروف السياسية سمحت بأن نصل إلى اتفاق على إقرار موازنة الدولة، موضحا ان خدمة الدين العام حتى آخر 2016 بلغت 112،890 مليار ليرة أي ان 48 بالمئة من ايرادات الدولة تذهب لخدمة الدين ومرد ذلك إلى زيادة الانفاق.
مجلس الوزراء
إلى ذلك، يعقد مجلس الوزراء بعد ظهر الجمعة جلسته الأسبوعية في قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون، لمناقشة جدول أعمال حافل بـ60 بنداً، يتناول شؤوناً مالية وبيئية وكهربائية، إلى جانب شؤون إدارية وهبات وسفر، وخطة اقتصادية للسنوات الخمس المقبلة تحت عنوان: «هوية لبنان الاقتصادية والإجراءات الكفيلة لتحقيقها».
ومن أبرز المواضيع المطروحة:
- عرض وزارة الطاقة والمياه لمحضر لجنة المناقصات لتلزيم استدراج عروض لاستقدام معامل توليد الكهرباء، وفق إطار أعمال تحويل الطاقة، وذلك في ضوء رفض اللجنة المناقصة الثانية التي جرت الأسبوع الماضي، بعد استبعاد طلب ثلاث شركات الدخول في هذه المناقصة.
- عرض وزارة الطاقة ايضا اقتراح اللجنة الوزارية المكلفة درس مشروع استقدام 3 محطات استيراد للغاز الطبيعي المسال إلى لبنان، واجراء بعض التعديلات وإضافة تعديلين على دفتر الشروط.
- عرض وزارة البيئة لسياسة الإدارة المتكاملة للنفايات المنزلية الصلبة وإجراءات انفاذ السياسة المقترحة.
- ملف تلزيم مناقصة التفكك الحراري وتحويل النفايات إلى طاقة.