عندما يتم تناول موضوع الفساد الناتج عن المحاصصة في لبنان تجد أن حزب الله على لسان قادته ونوابه ووزرائه يتكلمون دائما بلغة المطالبين بمكافحة الفساد والوقوف في وجهه.
فنوابه في البرلمان اللبناني يتعبون على أنفسهم كثيرا وهم يحاولون إظهار أنفسهم على أنهم بعيدين عن أجواء " التنفيعات " والمصالح ويطالبون دائما بلقمة عيش المواطن ومكافحة الفساد كما لو أنهم من عالم آخر وليسوا مشاركين في إدارة هذا النظام بل ومصادرة أهم قرار وطني وسيادي فيه وهو قرار السلم والحرب.
وبعيدا عن أن حزب الله بأجهزته وشخصياته غارق هو أيضا في فساد المنظومة الحاكمة في لبنان في العديد من الأماكن سواء في المرفأ أو تجارة المخدرات والكبتاغون ، فهو أيضا عندما تدق ساعة تصحيح مسار العمل التشريعي لمكافحة الفساد تراه يأخذ موقفا حياديا ويتجنب المواجهة كما حصل في قضية الضرائب.
فهو إجتهد كثيرا في إقناع الناس بأن الضرائب قبل الطعن بها هي لصالح الجميع وليست مفروضة على الفقراء ولكن المجلس الدستوري بطعوناته أظهر العكس وأعيدت صياغة الضرائب وسقطت إجتهادات الحزب الذي أيضا تجنبها في المرة الثانية بإستثناء النائب علي عمار للأمانة الذي صوت ضدها.
إقرأ أيضا : إقرار إضافة مادة للموازنة وهؤلاء هم النواب الذين صوتوا ضد الإضافة في مجلس النواب
ويبدو اليوم أن حزب الله دخل مرحلة التأقلم مع واقع الفساد فصرح نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم لجريدة " الجمهورية " قائلا : " لا شك في أن الحكومة هي حكومة محاصصة لأن تركيبتها فيها الأطراف المتنوعة التي تراعي بعضها في التعيينات وكل التفاصيل الأخرى. والسؤال المطروح ، كيف تخرج الحكومة من المحاصصة ؟ لا أعلم متى يكون الجواب عليه دقيقا وصحيحا في هذه الحكومة وفي الحكومات المقبلة " وأضاف " المهم هو أن تكون المشاريع الوطنية محل إهتمام خارج المحاصصة كقضايا الكهرباء والمياه والنفايات وتوفير فرص العمل ومعالجة قضية النزوح وغيرها من القضايا الوطنية ...."
كلام قاسم ليس عاديا بل هو إعتراف علني بدخول حزب الله رسميا نادي المنظومة السياسية في لبنان التي تجيد لعبة المحاصصة وما ينتج عنها من فساد وتبريرها لاحقا.
فهو يقول بالفم الملآن أنه وما يمثله من حزب الله طبعا، لا يعرف متى تنتهي المحاصصة في لبنان ليس الآن فقط بل في المستقبل أيضا.
ولا يمكن الكلام عن محاصصة في لبنان دون ربطها بموضوع الفساد الذي يعتبر أحد تجلياتها وسبب الفشل الحاصل في البلد.
ولعل الشيخ نعيم قاسم لا يدرك أيضا أن قضايا الكهرباء والمياه والنفايات وتوفير فرص العمل ومعالجة قضية النزوح وغيرها لا يمكن معالجتها في لبنان إلا عبر لعبة المحاصصة.
لو عنده إثبات عكس هذا الكلام فليظهره أمام رأي العام.