نقاشات الموازنة تحرج الرئيس فيستعجل وتوتر بين القوات وسلامة
المستقبل :
خسر «داعش» أمس مدينة الرقة، التي كانت معقله الأبرز في سوريا، بعد أكثر من أربعة أشهر من المعارك العنيفة التي خاضها ضد «قوات سوريا الديموقراطية» المدعومة من التحالف الدولي بقيادة أميركية، ليُصاب التنظيم الإرهابي بنكسة كبرى بعد سلسلة هزائم ميدانية في سوريا والعراق المجاور، وليخسر 87 في المئة من أراضي «دولة الخلافة» التي أعلنها عام 2014 في البلدين.
وبخسارة الرقة دخل «داعش» مرحلة لفظ أنفاسه الأخيرة فعلياً، إذ بات وجوده محصوراً في منطقة ذات طابع صحراوي على جانبي حدود سوريا والعراق، مع إصرار كل أعدائه، المتعددي الغايات والأهداف، على الاستمرار في الحملة ضده حتى النهاية، لتزول «الدولة» على الأرض وتبقى حاضرة إعلامياً عبر «خلايا نائمة» وانتحاريين.
وفور إعلان «سوريا الديموقراطية» سيطرتها بالكامل على وسط الرقة، تجمع عدد من مقاتليها عند دوار النعيم الذي شهد عمليات إعدام وحشية نفذها التنظيم خلال سيطرته على المدينة، ما دفع سكان المدينة الى استبدال تسميته بدوار «الجحيم».
ورفع المقاتلون رايات «سوريا الديموقراطية» الصفراء ابتهاجاً، وفي مقدمهم قائدة حملة «غضب الفرات» روجدا فلات التي حملت سلاحها
على كتفها. وسارع مقاتلون إلى التقاط الصور مع ابتسامة عريضة أمام أبنية مدمرة ووسط شوارع مليئة بالركام وهياكل سيارات محترقة، فيما غرق آخرون في دموعهم تأثراً.
وقال المقاتل الشاب شفكر هيمو من دوار النعيم «سترجع الفرحة إن شاء الله إلى المدينة كافة، ذهب اللون الأسود (راية التنظيم) والآن بات دوار النعيم أصفر اللون».
وأعرب عضو مجلس الرقة المدني عمر علوش عن سعادته لطرد التنظيم من المدينة التي كانت تُعد أبرز معاقله. وقال: «بقضائنا على عاصمة داعش، حققنا انتصاراً للشعب السوري وللعالم».
ودفعت المعارك عشرات الآلاف من المدنيين إلى الفرار من المدينة.
ومع انتهاء المعارك، حذرت منظمة إنقاذ الطفل «سايف ذي شيلدرن» في بيان من أن توقف القتال لا يعني انتهاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة.
وقالت مديرة المنظمة في سوريا سونيا خوش: «قد تصل العمليات العسكرية في الرقة إلى نهايتها لكن الأزمة الإنسانية هي أكبر من أي وقت مضى».
وألحقت المعارك منذ اندلاعها في المدينة في حزيران الماضي دماراً كبيراً بالأبنية والبنى التحتية. وتسببت بمقتل 3250 شخصاً بينهم 1130 مدنياً على الأقل، وفق المرصد السوري الذي أفاد عن وجود مئات المفقودين من المدنيين تحت أنقاض الأبنية المدمرة.
وجاءت سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية» بشكل كامل على المدينة بعد سيطرتها على دوار النعيم ليل الإثنين - الثلاثاء بعد سيطرتها على المشفى الوطني ثم الملعب البلدي أول من أمس.
وشكلت هذه النقاط الواقعة وسط الرقة، آخر الجيوب التي انكفأ إليها العشرات من المقاتلين الأجانب في صفوف التنظيم المتطرف في الأيام الأخيرة.
وأعلن الناطق الرسمي باسم «قوات سوريا الديموقراطية» طلال سلو بعد ظهر الثلاثاء «تم الانتهاء من العمليات العسكرية في الرقة» مؤكداً «سيطرة قواتنا بالكامل على الرقة».
وأضاف «انتهى كل شيء في الرقة» مشيراً إلى «عمليات تمشيط تجري للقضاء على الخلايا النائمة إن وجدت، وتطهير المدينة من الألغام» التي زرعها مقاتلو التنظيم في وسط الرقة.
ومن المقرر بحسب سلو أن تعلن قوات سوريا الديموقراطية «قريباً في بيان رسمي تحرير المدينة».
وبدأت قوات سوريا الديموقراطية بدعم من التحالف الدولي هجوماً واسعاً في محافظة الرقة في تشرين الثاني 2016، لتتمكن بعد سبعة أشهر من دخول المدينة.
وتسارع التقدم العسكري في وسط المدينة بعد خروج نحو ثلاثة آلاف مدني نهاية الأسبوع الماضي، بموجب مفاوضات قادها مجلس الرقة المدني ووجهاء من عشائر محافظة الرقة.
وبموجب الاتفاق أيضاً، خرج 275 شخصاً بين مقاتلين سوريين في صفوف التنظيم وأفراد من عائلاتهم من دون أن تُعرف وجهتهم حتى الآن.
وتضاربت المعلومات حول خروج مقاتلين أجانب أيضاً، لكن مسؤولين محليين أكدوا عدم مغادرة أي منهم.
ومع السيطرة على المدينة «يكون وجود تنظيم داعش في كامل محافظة الرقة قد انتهى» وفق المرصد السوري.
ومني «داعش» بسلسلة خسائر ميدانية في سوريا والعراق المجاور. وقال المتحدث باسم التحالف الدولي ريان ديلون في تغريدات على موقع تويتر أمس الثلاثاء تزامنت مع الذكرى الثالثة لتأسيس التحالف: «طرد شركاؤنا تنظيم داعش من 87 في المئة من الأراضي التي سيطر عليها وحرروا أكثر من 6,5 ملايين شخص».
وأضاف «يخسر التنظيم على مختلف الصعد. لقد دمرنا شبكاته وقضينا على قادة من كافة المستويات».
ويقدر التحالف أن عدد مقاتلي التنظيم الذين ما زالوا ينشطون في العراق وسوريا يراوح بين ثلاثة آلاف وسبعة آلاف مقاتل.
في سوريا، يحتفظ التنظيم حالياً بسيطرته على بعض الجيوب المحدودة في محافظة حمص وحماة (وسط) وقرب دمشق وفي جنوب البلاد. ويشكل الجزء المتبقي تحت سيطرته في محافظة دير الزور (شرق) «مركز ثقله»، على رغم أنه خسر خلال أقل من شهرين سيطرته على أكثر من نصف المساحة التي كان يحتلها.
وفي العراق المجاور، ما زال التنظيم يسيطر على مدينتين في منطقة صحراوية في غرب البلاد.
جوازات سفر وأموال
وكانت الرقة أول مدينة كبيرة يسيطر عليها «داعش» في أوائل عام 2014 قبل أن تجعل سلسلة انتصاراته السريعة في العراق وسوريا الملايين من الناس تحت حكم «الخلافة» التي أعلنها من جانبه، والتي سنت قوانين وأصدرت جوازات سفر وعملات.
واستخدم التنظيم المدينة مركزاً للتخطيط والعمليات لمعاركه في الشرق الأوسط وهجماته في الخارج واتخذها أيضاً مركزاً لاحتجاز رهائن غربيين قبل قتلهم وتصوير القتل ونشر التسجيلات على الانترنت.
والرقة التي سيطرت عليها قوات سوريا الديموقراطية الثلاثاء مدينة عمرها آلاف السنين. وكانت بلغت أوج ازدهارها في عهد الخلافة العباسية. في العام 722، أمر الخليفة المنصور ببناء مدينة الرافقة على مقربة من مدينة الرقة. واندمجت المدينتان في وقت لاحق.
بين عامي 796 و809، استخدم الخليفة هارون الرشيد الرقة عاصمة ثانية الى جانب بغداد، لوقوعها على مفترق طرق بين بيزنطية ودمشق وبلاد ما بين النهرين. وبنى فيها قصوراً ومساجد.
وفي عام 1258، دمر المغول مدينتي الرافقة والرقة على غرار ما فعلوا ببغداد.
وتتمتع الرقة بموقع استراتيجي في وادي الفرات عند مفترق طرق مهم. وهي قريبة من الحدود مع تركيا وتقع على بعد 160 كيلومتراً شرق حلب وعلى بعد أقل من مئتي كلم من الحدود العراقية.
وأسهم بناء سد الفرات على مستوى مدينة الطبقة الواقعة الى الغرب منها في ازدهار مدينة الرقة التي لعبت دوراً مهماً في الاقتصاد السوري بسبب النشاط الزراعي.
وكانت أول مدينة كبيرة تسقط بيد المعارضة السورية في الرابع من آذار 2013، وبعد عامين من بدء الثورة ضد النظام السوري، تمكن مقاتلو المعارضة من السيطرة على مدينة الرقة لتكون أول مركز محافظة في سوريا يخرج عن سلطة النظام.
واعتقل مقاتلو المعارضة المحافظ وسيطروا على مقر المخابرات العسكرية في المدينة، أحد أسوأ مراكز الاعتقال في المحافظة، بحسب المرصد السوري.
كما تم تدمير تمثال في المدينة للرئيس السابق حافظ الأسد.
واندلعت معارك عنيفة بين «داعش» ومقاتلي المعارضة وبينهم جبهة النصرة في بداية كانون الثاني 2014 وانتهت بسيطرة التنظيم على كامل مدينة الرقة في الرابع عشر من الشهر ذاته
الديار :
ستة اشهر تفصلنا عن الانتخابات النيابية والقانون الانتخابي ينص على البطاقة البيومترية لكن الامور تتجه الى عدم انجازها في هذه الانتخابات. أي تعديل ليس بالامر السهل والتعديل قد يجر تعديلا اخر ولذلك لا يمكن اعتبار هذا التعديل اذا جرى انه تقني بل هو اساسي. فكيف ستجري الانتخابات النيابية وعلى أي اساس؟
حتى الان لم يتم اللجوء الى اي نص قانوني للتعديل بل بقي ذلك في الاطار الكلامي والمواقف كما انه لم يتم البحث بشكل جدي في موضوع البطاقة في مجلس الوزراء. ومتى ترفع لجنة الانتخابات تعديلاتها الى الحكومة لاقرارها؟ كلها اسئلة بحاجة الى اجوبة شافية.
وفي هذا السياق، برز في القانون الانتخابي الجديد ثغرات لدى بعض الاحزاب والطوائف خاصة لدى الطائفة السنية حيث يعاني الرئيس سعد الحريري من وجود قوى سنية فاعلة في الشمال، كالرئيس نجيب ميقاتي واللواء اشرف ريفي وفيصل كرامي، وامتدت المعاناة الى قلب كتلته مع تمرد النائب خالد الضاهر و«عنعنات» احمد فتفت الذي وجه انتقادا لحزب الله من اجل احراج الرئيس الحريري. الى جانب ذلك يعاني الحريري من مشكلة اساسية في صيدا واقليم الخروب حيث للجماعة الاسلامية الثقل الاساسي في هاتين الدائرتين. وتأتي قوة الجماعة الاسلامية بعد الحريري مباشرة، وقد اعلنت انها لن تتحالف مع الحريري اذا لم يكن هناك تحالف معه في باقي المناطق وليس في بيروت فقط لان حجم شعبيتها كبير واكبر من حصولها على نائب واحد هو النائب عماد الحوت. فهل عدم التحالف بين تيار المستقبل والجماعة الاسلامية سيطيح بمقعد النائب فؤاد السنيورة في صيدا وربما محمد الحجار في اقليم الخروب؟
وفيما يعاني الحريري المشكلة السنيّة، يبدو الثنائي الشيعي مرتاحا في الجنوب، اما في دائرة بعلبك - الهرمل فسيواجه معركة حقيقية في ظل قوة الناخب السني والناخب المسيحي بعد اعلان القوات اللبنانية مرشحها في هذه الدائرة، وكذلك التيار الوطني الحرّ، فيما النائب اميل رحمة هو المرشح المرجح على لائحة الثنائي الشيعي.
وفي بيروت، يسعى الحريري الى التحالف مع التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحزب الطاشناق والقوى الارمنية الاخرى وحركة امل. ورغم الحديث عن تحالف الحريري مع جنبلاط بعد اللقاء الثلاثي هناك اشكالية حول المقعد الدرزي في بيروت وعلى خلفية «من يسمي هذا المرشح» الا ان المعلومات تشير الى احتمال اتفاق الحريري وجنبلاط على اسم مشترك للمقعد الدرزي في بيروت.
اما المعركة الكبرى تبقى في قضاء البترون - بشري - زغرتا - الكورة علما ان كلام الحريري عن تحالفه مع الوزير سليمان فرنجية في زغرتا ومع التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في البترون اثار استغرابا لان هذه القوى لا يمكن ان تكون في لائحة واحدة، فكيف سيوزع الحريري اصواته، كما ان الحريري فتح معركة مع حليفه السابق الوزير بطرس حرب الذي يتمتع بحضور بارز في منطقة البترون.
في الوقت ذاته، لن تنضج التحالفات بشكلها النهائي في معظم الدوائر وكل فريق سياسي يرتب بيته الداخلي. وعلى هذا الاساس، بعض المرشحين الذين كشفت عنهم بعض الاحزاب قد لا يكون ترشيحهم ثابتاً بل هو قابل للتغيير. والحال ان تيار المستقبل لم ينظم شؤونه الداخلية بعد وما زال بحاجة الى مزيد من الوقت لترتيب وضعه لينشئ تحالفاته مع الاحزاب الاخرى في حين يظهر ان المساكنة هي سيدة الموقف بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في التحالفات وفي اسس العلاقة حيث لا طلاق ولا اتفاق بين الجانبين، ولكل دائرة حساباتها وتحالفاتها.
في نطاق متصل تبين ان هناك ثلاثة خيارات امام الحكومة حول اقرار البطاقة البيومترية وهي: الخيار الاول يقضي بعدم اقرار البطاقة في انتخابات 2018 في حين ان الخيار الثاني وهو مبادرة وسطية اطلقها وزير الداخلية نهاد مشنوق وعرفت ايضا بالخطة «ب» تنص على اعطاء البطاقة البيومترية للذين اعتمدوا التسجيل المسبق او بمعنى اخر للمقترعين الذين اختاروا التصويت في مناطق سكنهم وليس مكان ولادتهم. اما الخيار الثالث هو العودة الى استخدام الهوية او جواز السفر على غرار ما حصل في انتخابات 2009 وذلك لانقضاء الفترة الزمنية لانجاز البطاقة البيومترية لانتخابات 2018. وعلمت «الديار» بأن مبادرة المشنوق غير عملية وانه من الغير الممكن اعطاء البطاقة البيومترية لمن يريد كما ان تلزيم البطاقة يجب مناقشته في مجلس النواب وذلك يشير الى ان خيار الهوية او جواز السفر هو المرجح للانتخابات النيابية المقبلة. وبناء على ذلك، اذا لم تنجز البطاقة لن يعود هناك ما يسمى بالتسجيل المسبق بل سيكون على الناخبين التصويت في مكان ولادتهم وهذا يتطلب تعديلاً على القانون الانتخابي في هذا المجال.
ورأت مصادر سياسية، ان القانون الانتخابي الجديد يؤثر على التحالفات القائمة وفي الوقت ذاته يشجع على عدم تحالف «الحلفاء» «لانها مش اخر الدنيا». و اشار الى احتمال تحالف الاضداد انتخابيا بما ان القانون الجديد يحتم احيانا هكذا تحالفات.
كلام باسيل عن المصالحات
على صعيد اخر، جاء كلام الوزير جبران باسيل عن المصالحة في الجبل سلبياً في العديد من جوانبه ولم يكن شعبيا والاعتراضات محقة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، اذا كان كلام باسيل ضد المصالحة يصب في خانة شد العصب الانتخابي؟ فلماذا هذا الحق ممنوع عليه ومسموح لغيره، ولماذا لم يصدر اي اعتراضات على موقف الاشتراكي من محاولته اعتراض زيارة الوزير السابق وئام وهاب الى الباروك واعتبارها انها امر خارج عن المألوف؟ وبالتالي، فان كل الكلام اليوم هو كلام انتخابي وتحريضي وطائفي من كل الاطراف وهذا يسيء الى اجواء البلد واجراء انتخابات في جو مشحون. وعليه، هل ستشهد البلاد توترات محلية قبل الانتخابات من اجل شد العصب الانتخابي؟
اما عن موقف وزير الخارجية جبران باسيل من المصالحة في الجبل، اعتبرت المصادر السياسية ان موقف باسيل لم يكن موفقا ذلك لانه لم يحصل على تأييد فريق سياسي واحد لا بل على العكس برز اجماع على المصالحة. واضافت ان المصالحة لها رمزية كبرى وهي العودة الى الجبل والحرص على العيش المشترك مشددة ان الخلاف السياسي لا يجب ان ينعكس على الطوائف. وتابعت هذه المصادر ان المصالحة لها رمزية سيادية مهدت الطريق لتأسيس ثورة 14 آذار حيث فتح نداء المطارنة برعاية البطريرك صفير في 20 ايلول 2000 الطريق لتأسيس قرنة شهوان في 3 نيسان 2001 والتي ترجمت تقاربا مسيحيا على الارض. وهذا المسار السيادي وحّد المسارات السياسية وادى الى لقاء البريستول ومن ثم الى 14 اذار. بيد ان النظام السوري كان يعمل على اساس «فرق تسد» اما البطريرك صفير اراد ان ينهي هذه الحالة عند الافرقاء المسيحيين واللبنانيين ولذلك شدد على اجراء المصالحة لاعادة اللحمة بين المسيحيين والدروز ولازالة خوفهم من بعض. وهكذا اسست المصالحة لمحطة تأسيسية ادت الى خروج الجيش السوري لاحقا من لبنان وفقا لهذه المصادر.
«قبة باط»
بالمقابل، اشارت اوساط سياسية ان هجوم النائب انطوان زهرا على رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل لم يكن ليحصل لو لم يكن هناك ضوء اخضر من القيادة القواتية. وهذه النبرة العالية التي اعتمدها زهرا تؤكد عمق الخلاف القائم بين الوطني الحر والقوات اللبنانية.
خطابات شعبوية في مجلس النواب
اما النقاش حول الموازنة، فقد طغى الخطاب الانتخابي الشعبوي على جلسة مجلس النواب في حين ان البعض الاخر ركز على انتقاد الوضع الاقتصادي وسياسة الحكومة بشكل واضح محذرين من كارثة مالية مثل نجيب ميقاتي وقد تميز خطابه بمعارضة صريحة وواضحة.
المصالحة الفلسطينية تنعكس بانشاء لجنة في عين الحلوة
على صعيد اخر، انعكست المصالحة الفلسـطينية بين حركة فتح وحماس على تشكيل لجنة مختصة بمعالجة ملف المطلوبين اللبنانيين والفلسطينيين واعادة احياء آلية الاتصال بين الفصائل الفلسطينية والجيش اللبناني. وتجدر الاشارة الى ان المطلوبين يقيمون في مربعات امنية في مخيم عين الحلوة تحت حماية امنية لجماعات اسلامية متطرفة لها علاقة بـ«جبهة النصرة» وتنظيم «داعش». وبعد الاعلان عن المصالحة الفلسطينية، انعكس جو من الارتياح في المخيم بالتزامن مع رفع وتيرة الاتصال مع الجيش حول الوضع الامني بعد قطيعة سجلت بين الطرفين جراء اصرار الجيش على مطالبة القيادة الفلسطينية بالاسراع في معالجة ملف تسليم المطلوبين.
الجمهورية :
لم يجد النواب أفضل من المداخلات المُتلفزة والمنقولة مباشرة على الهواء سبيلاً للإدلاء ببيانات إنتخابية «مجاناً» لاستدرار تأييد الناخبين، الذين تُقبل شرائح كثيرة منهم على الاستحقاق الانتخابي ببرودة ممزوجة بمرارة من ممثليهم في الندوة النيابية الذين خذلوهم في ما مضى ولم يعبّروا عن تطلعاتها في كثير من المجالات. فالمداخلات النيابية التي امتزج المالي فيها بالسياسي والطائفي والمذهبي والشخصي والمزاجي لم تناقش أرقام موازنة صرفت لسنة مالية انصرمت ولا ارقام موازنة سنة 2018 التي يفترض ان تكون هي موضوع النقاش، بمقدار ما ناقشت قضايا خلافية سياسية تتخطّى الداخل الى الاقليم لا علاقة لها بالموازنة على الاطلاق. وكان اللافت انّ الجميع اشتكوا من شيء هم السبب فيه حكومة ومجلساً، ليكون التبرير انّ أهمية إقرار موازنة 2017 تكمن في انها وضعت البلد للمرة الاولى منذ العام 2006 على سكة إقرار الموازنات العامة السنوية بدءاً من الآن وصاعداً، على أمل ان تكون الخطوة التالية إقرار موازنة 2018 في الاسابيع المقبلة. علماً أن مجلس الوزراء سيجتمع بعد غد الجمعة في بعبدا ويتناول هذه الموازنة في جانب من جلسته.
في الوقت الذي باشر مجلس النواب مناقشة موازنة 2017 تنتهي اليوم المهلة القانونية لإرسال موازنة سنة 2018 الى المجلس النيابي، ويفترض ان يدعو رئيس الحكومة سعد الحريري قريباً الى جلسات متتالية لمناقشتها.
وبمقدار ما جاء معظم المداخلات النيابية في اليوم الاول من ثلاثية مناقشة الموازنة أمس تكراراً مَمجوجاً لانتقادات لسياسة حكومة هي صورة مصغرة عن مجلس ممثّل فيها بغالبية كتله النيابية، بمقدار ما أظهرت إفلاس طبقة نيابية مَدّدت لنفسها ولا ترى ضيراً إن نالت تمديداً جديداً في ضوء التساؤلات عن مصير الانتخابات المقبلة وتشكيك البعض في إمكانية إجرائها في ايار 2018، حتى ولو كلّفها ذلك اللعب على الاوتار الطائفية والمذهبية تحت عنوان «يا غيرة الدين» لِتوَسُّل تأييد الناخبين.
ولكن الجولة المسائية حصل فيها ما قلب ظهر المجنّ نتيجة تناول نائب القوات اللبنانية جورج عدوان مصرف لبنان في مداخلته، بمطالبته بلجنة تحقيق تدقق في حساباته منذ عشرين عاماً وحتى الآن.
وقال: «من الصادم ان نعلم انّ الواردات من مصرف لبنان 61 مليار ليرة سنوياً، نحن لدينا 27 الف مليار ليرة سندات خزينة والمصرف مُجبر بدفع مليار دولار لخزينة الدولة من أرباحه على السندات سنوياً»، متسائلاً: «أين المراقبة والمحاسبة؟ هي غير موجودة لأنّ مصرف لبنان لديه علاقات أكبر من ان يتخطّاها أحد، ونحن مشغولون بالضرائب بينما يجب ان يُدخل مصرف لبنان مليار دولار سنوياً».
سلامة يرد
ولكن اتهامات عدوان استدعت رداً سريعاً ومُتلفزاً لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، خصوصاً لجهة أنّ مصرف لبنان يجب أن يدفع للخزينة ما يقارب المليار دولار نتيجة الفوائد على سندات الخزينة، فقال:
1 - لم تمض سنة من السنوات الـ ٢٠ التي تحدث عنها النائب عدوان، ولم يقدم المصرف المركزي على قطع الحساب السنوي والتقدّم به إلى وزارة المال ودفع ما يتوجب عليه أن يدفعه ضمن القانون.
2 - إنّ حسابات مصرف لبنان خاضعة للتدقيق من قبل شركتين دوليتين خارجيتين لا علاقة لهما بمصرف لبنان.
3 - تحدّث النائب عدوان عن مداخيل المصرف المركزي من سندات الخزينة التي في محفظته وكأنها هي فقط البند الوحيد في المصرف وتشكّل الدخل الكلّي للمصرف، بينما مصرف لبنان من حيث القانون يقبل الودائع من المصارف ويدفع عليها فوائد، وعليه أيضاً أن يقوم بعمليات مفتوحة مع الأسواق بناء للمادة 70 من قانون النقد والتسليف للحفاظ على الاستقرار النقدي. ولذا، هنالك نقص في تحليل النائب عدوان وهو أنّ مصرف لبنان لديه مداخيل ومصاريف من الفوائد.
رد نيابي
وتساءلت مصادر نيابية عن خلفية هجمة عدوان على مصرف لبنان وعلى الحاكم بالتحديد؟ وقالت لـ»الجمهورية»: «صحيح انّ هناك خلطاً بين السياسة المالية والسياسة النقدية، لكن اذا كان هناك من امور للمعالجة فهي لا تعالج على الهواء خصوصاً انّ اللبنانيين ينظرون الى مصرف لبنان طوال هذه السنوات على انه ضمان للاستقرار المالي. فكيف سيتقبّلون إعلان عدوان انّ نحو مليار دولار تحجب سنوياً من مصرف لبنان عن الخزينة بغضّ النظر عمّا اذا كان هذا الرقم صحيحاً أم لا؟
المشنوق
سياسياً، وفي سياق الخلاف المستمر بين وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير الخارجية جبران باسيل، سُئل المشنوق أمس عن هذا الخلاف ووصفه السياسة الخارجية المُتّبعة بـ»الشاردة» وما اذا كان هناك تنسيق مع الحريري حول هذا الموضوع؟ فأجاب: «لم أتشاور مع الرئيس الحريري في الموضوع ولم أدّع يوما انني تشاوَرت معه بهذا الخصوص.
انا اقول رأيي في مشكلة سياسية أراها امامي، هذه المشكلة السياسية لا تعالج بالكلام الشخصي». وشدّد على «ضرورة التفاهم داخل الحكومة حول مفهوم موحّد للسياسة الخارجية»، واعتبر أنّ «رئيس الجمهورية فوق السياسات وأب لكل السياسات».
باسيل والمصالحة
في غضون ذلك ظلّت مواقف باسيل خلال جولته في الجبل حول المصالحة و»العودة» تتفاعل في الاوساط السياسية، خصوصاً في الاوساط «الاشتراكية» و«المستقبلية» و»القواتية».
وهو جَدّد أمس موقفه من هذه المصالحة وغَرّد عبر «تويتر»، قائلاً: «أنا قلت في رشميّا واكرّر انّ المصالحة لا خوف عليها لأنها بين الناس وهي أقوى من ان تسقطها القوى السياسية، ولكن العودة لا تكتمل الّا متى كانت نفسية وسياسية-إدارية واقتصادية، وهي لم تكتمل بعد، وهذه هي الحقيقة ونحن سنعمل بالمصالحة على استكمالها».
وأضاف: «كذلك لمَن لا يريد ان يفهم: لبنان لم يصوّت لقطر ضد مصر، لبنان أبعَدَ نفسه عن المشكلة كما ينص البيان الوزاري بعد أن عجز عن تأمين التوافق العربي».
«التيار»
وتعليقاً على السجال القائم بين باسيل والمشنوق، قالت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ»الجمهورية»: «إنّ هذا الإشتباك السياسي-الديبلوماسي لن يزعزع التفاهم القائم بيننا وبين تيار «المستقبل»، خصوصاً أنّ الرئيس سعد الحريري حريص على التسوية الرئاسية وهو صمّام الأمان لها».
«المستقبل»
وعبر «الجمهورية» إنتقد نائب مستقبلي «تصرفات وزير الخارجية التي تجاوزت كل الحدود»، آخذاً عليه «اللقاء مع الوزير وليد المعلّم وحديثه عن ضرورة سلاح «حزب الله» و»البَهدلة» التي تَسبّب للبنان بها في انتخابات رئاسة منظمة الاونيسكو، وكلامه الطائفي والعنصري، والآن نبش القبور وكأنه بذلك ينسف مصالحة الجبل، وبالتالي ينسف كل مساعي البطريرك صفير».
«الإشتراكي»
وشددت مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي على «الوفاق والتعاون والسلم الاهلي في الجبل». وقالت لـ«الجمهورية»: «همّنا دائماً هو الحفاظ على السلم الذي أرسَيناه في الجبل من خلال المصالحة التاريخية، والتي شَدّد عليها مراراً البطريرك الماروني في اكثر من زيارة الى الجبل، وكذلك رئيس الجمهورية. نحن فتحنا أيدينا للجميع وتعاوَّنا مع الجميع، وما زلنا مستعدين للتعاون والشراكة مع كل القوى السياسية».
وأضافت: «في كل مسارنا السياسي منذ انتهاء الحرب حتى اليوم لم نعمل إلّا للمصالحة، وأيّ اهتزاز في الجبل لا سمح لله معناه «راح البلد». فلندَع الشعبوية والخطاب الانتخابي بعيداً عن العيش المشترك الواحد في الجبل، والمسيحيون متضايقون من هذا الخطاب أكثر من الدروز، والناس يريدون العيش ولا يريدون فتح قبور الماضي».
بعبدا والمشنوق
وفي غضون ذلك، لفت الأوساط السياسية كلام المشنوق من السراي الحكومي أمس من انّ «نسبة جرائم النازحين السوريين أقلّ من نسبة جرائم اللبنانيين»، وانّ «عدد النازحين السوريين لم يرتفع هذه السنة أبداً»، مضيفاً: «أنا مع وضع إطار قانوني وجدي ومُثمر وعملي لإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم وفق القوانين الدولية».
ووجدت هذه الأوساط في كلام المشنوق ردّاً على مذكّرة رئيس الجمهورية الى رؤساء الدول الخمس ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي وممثلي الأمم المتحدة والجامعة العربية حول نسبة الجرائم المرتكبة على يد سوريين في لبنان.
لكنّ دوائر قصر بعبدا رفضت الرد على كلام المشنوق، وقالت لـ«الجمهورية»: «لا يشكّل رداً على مضمون مذكرة رئيس الجمهورية التي عَمّمها أمس على ممثلي المجتمع الدولي والعربي ولا توضيحاً لمضمونها».
وأضافت انّ عون جَمع الإحصاءات في مذكرته من تقارير الأجهزة الأمنية، وخصوصاً من مديرية السجون في قوى الأمن الداخلي والامن العام المُكلّف أمن الحدود وحركة السوريين ما بين البلدين، ومن دوائر القضاء والأحكام الصادرة عن المحاكم المختصة الناظرة في كثير من القضايا، وتحديداً الجرائم المرتكبة على الأراضي اللبنانية والمرتبطة بالنازحين السوريين، وهي أرقام موثّقة وإحصاءات بالمقارنة مع الجرائم الأخرى المرتكبة على يد لبنانيين وغير لبنانيين، وهي تظهر حجم ما أشار اليه عون في رسائله الى رؤساء الدول».
اللواء :
في اليوم الأوّل، من أيام وليالي مناقشة موازنة العام 2017، والتي تفتح الباب لمناقشة وإقرار موازنة 2017، بدت مداخلات النواب أقرب إلى «الملل» مقدمة صورة باهتة عن «نواب الامة»، حيث تاهت المداخلات والتدخلات في غياهب «كل شيء»، ما خلا الموازنة وأرقامها.. كل ذلك كان حاصلا لولا المواقف المدوية التي صدرت على لسان نائب «القوات اللبنانية» جورج عدوان، والتي وجهت انتقاداً قاسياً لمصرف لبنان والحاكم، بلغ حدّ الاتهام، إذ قال: «من الصادم ان نعلم ان الواردات من مصرف لبنان 61 مليون ليرة، نحن لدينا 27 ألف مليار بسندات خزينة، والمصرف مجبر بدفع مليار دولار للخزينة من أرباحه على السندات».
وتساءل النائب «القواتي» وسط ذهول رئيس المجلس والنواب: «اين المراقبة والمحاسبة؟ غير موجودة لأن مصرف لبنان لديه علاقات أكبر من ان يتخطاها أحد، ونحن مشغولون بالضرائب».
ومضى عدوان إلى أبعد من ذلك، إذ كشف انه سيطالب بلجنة تحقيق برلمانية في هذا الملف خلال يومين، طالبا من وزير المال علي حسن خليل، ان يطلعنا على أرباح مصرف لبنان منذ 20 عاما الى اليوم...
وأحدثت قنبلة النائب عدوان «المالية» ارتجاجات في غير اتجاه، فانتقدت الهيئات الاقتصادية على لسان رئيس غرفة التجارة والصناعة في بيروت وجبل لبنان محمّد شقير موقف النائب «القواتي» ورأى فيه ضرب للاقتصاد، واصفاً اياه، بأنه ليس وليد الصدفة، بالتزامن مع وجود حاكم مصرف لبنان في الولايات المتحدة الأميركية والذي سارع من هناك لإصدار بيان ردّ فيه على نائب الشوف عن حزب «القوات»، مشيرا إلى انه لم «تمضِ أي سنة لم يقدم فيها مصرف لبنان قطع الحساب السنوي».
وبانتظار ما سيتردد من أصداء على لسان نواب المعارضة اليوم، والرئيس فؤاد السنيورة، ورد وزير المال، اتخذ الرئيس نبيه برّي قرارا باختصار الجلسات والاسراع بإقرار الموازنة، بعدما تحوّلت الجلسات إلى «سوق عكاظ» نيابية، تتناول كل شيء الا أرقام الموازنة وأبوابها.
وكان الرئيس برّي رفع قرابة التاسعة والدقيقة 25 من مساء أمس، أولى الجلسات الثلاث للموازنة، واعداً باختصارها اليوم في جلسة ثانية واخيرة يفترض ان يتحدث فيها 17 نائباً، يتوقع ان يكون آخرهم الرئيس فؤاد السنيورة، قبل ان يتولى وزير المال علي حسن خليل الرد على مداخلات النواب، الذين تحدث منهم في الجلسة الأولى 18 نائباً ايضا صباحا ومساء.
وسبق الشروع في مناقشة الموازنة، جلسة سريعة لم تستغرق أكثر من عشر دقائق، أعاد خلالها المجلس انتخاب مطبخه التشريعي، من دون تغيير يذكر سوى في مقعد النائب خالد زهرمان في لجنة الشباب والرياضة الذي صودف وجوده في ثلاث لجان خلافا للنظام الداخلي فحل مكانه النائب ايلي عون.
اما في وقائع الموازنة، التي تعقد للمرة الأولى منذ 12 سنة، بسبب غياب التشريع في موازنات السنوات السابقة، بسبب الخلافات السياسية والتجاذبات والتوترات فضلا عن «حجة» قطع الحساب و«حكاية» الـ11 مليار دولار التي انفقتها حكومات الرئيس السنيورة، فاللافت انها اتسمت بالهدوء والسلاسة، وبدا انها كانت محصنة بالتفاهم السياسي الذي أرساه توافق الحكومة والمجلس على سبل معالجة أزمة طعن المجلس الدستوري بالقانون الضريبي المموّل لسلسلة الرتب والرواتب، وما انتجته من خوف على الليرة اللبنانية، ومصير مالي أشبه بأزمة اليونان.
وقد عبرعن صمود هذا التفاهم رفض عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض الدخول في سجال مع نائب «المستقبل» أحمد فتفت، الذي كانت له مداخلة نارية، استغرقت ساعة كاملة، صوب فيها على سلاح «حزب الله» متحدثا عن لبنانيين بسمنة ولبنانيين بزيت، ومتوقفاً عند ممارسات ظالمة واستنسابية تمارس في حق الطائفة السنية التي تشعر باحباط نتيجة القرارات المذهبية للمحكمة العسكرية، داعيا إلى وقف المزايدات في مسألة التوطين، متسائلاً: ايعقل ان يقول البعض عن نفسه انه عنصري، في إشارة إلى الوزير جبران باسيل الذي اتهمه فتفت بنبش قبور حرب الجبل وكأنه اشتاق الى الحرب الأهلية.
اما نائب القوات اللبنانية انطوان زهرا، فلم يوفّر بدوره الهجوم على باسيل واتهامه ايضا بنبش القبور للتصويب على مصالحة الجبل، معتبرا ان «هناك محطات بحجم التاريخ صنعها رجال كبار، كالبطريرك الماروني نصر الله صفير لا نقبل ان تكون محل جدل والمس بها ممنوع».
ومع ان الوزير باسيل أعاد تصحيح الموقف الذي سبق واعلنه في رشميا بقضاء عاليه الأحد الماضي، بالنسبة لمصالحة الجبل، مؤكدا في تغريدة له عبر «تويتر» انها «أقوى من ان تسقطها القوى السياسية»، وانها «لا خوف عليها» وإن لم تكتمل بعد لكننا سنعمل بالمصالحة على استكمالها، الا ان النائب العوني حكمت ديب شاء ان يرد على فتفت وزهرا، موضحا ان ما قاله باسيل هو من منطلق الحرص على المصالحة، مشيرا الى انه لم يعد جائزاً الصمت على بعض الأمور التي ترسخ وتثبت المصالح التي نريدها ان تستمر برموش العين.
عدا عن هذه المساجلات التي عكرت صفو الجلسة، من دون ان تؤثر على مجرياتها، كان ثمة كلام في السياسة، جاء على لسان الرئيس نجيب ميقاتي الذي صوب على الحكومة، حيث رأى وجود خلافات جوهرية تتعلق بآلية العمل الحكومي ومركزية القرار، محذرا من انه إذا استمر الوضع على هذا المنوال سنكون امام أزمة حقيقية في وقت أحوج ما نكون فيه لتحصين الداخل.
وفي إشارة إلى العلاقة المهتزة بينه وبين الرئيس الحريري، على خلفية السجال الأخير معه، تمنى ميقاتي على الحكومة ان تأخذ ملاحظاته بالاعتبار، وأن يتسع صدرها للنقد البناء والايجابي، ملاحظاً انها (أي الحكومة) في الفترة الأخيرة ضاق صدرها من أي ملاحظة، في وقت يضج الشارع باخبار القرارات الارتجالية والاتفاق المفرط، ناهيك عن الخلافات الوزارية.
وإلى هذا الكلام السياسي، كان هناك كلام لافت في الجولة المسائية للنائب القواتي جورج عدوان الذي فجر «قنبلة مالية»، عندما طالب وزير المال باطلاع مجلس النواب على أرباح مصرف لبنان منذ 20 سنة، بتقرير مفصل، موضحا انه سيتقدم بطلب تشكيل لجنة تحقيق برلمانية، لأن مصرف لبنان يجب ان يدفع للخزينة ما يقارب المليار دولار نتيجة الفوائد على سندات الخزينة.
ومع ان هذا الاتهام اثار الرئيس السنيورة الذي رغب بالرد على عدوان، الا ان الرئيس برّي لفت نظره إلى انه يستطيع الرد عليه غداً، فاكتفى السنيورة بعبارة واحدة وهي «اننا نستطيع الخروج من الأزمة حتى لا يتسرب الخوف من المواطن».
ولاحقا، ردّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على عدوان، مؤكدا انه لم «تمض سنة من السنوات الـ20 ولم يقدم المصرف المركزي على قطع الحساب السنوي والتقدم به إلى وزارة المال ودفع ما يتوجّب عليه أن يدفعه ضمن القانون، مشيراً إلى أن مصرف لبنان حول إلى الخزينة، خلال الفترة التي تحدث عنها عدوان 4 مليارات و500 مليون دولار، وزاد أمواله الخاصة من 600 مليون دولار إلى 3 مليارات دولار.
ويتوقع أن يحمل اليوم الثاني من مناقشات الموازنة بعض الحماوة، ولا سيما وان من بين طالبي الكلام اليوم إلى جانب الرئيس السنيورة نواباً في المعارضة أبرزهم رئيس الكتائب النائب سامي الجميل والنائب بطرس حرب، وأعلن الرئيس برّي في نهاية الجلسة المسائية انه ينوي أن ينتهي من النقاش اليوم، ولذلك فإنه سيشطب من لائحة الكلام اسم أي نائب يناديه ولا يكون حاضراً في القائمة.
اللجنة الوزارية
على صعيد آخر، لم تلتئم اللجنة الوزارية لدرس آليات تطبيق قانون الانتخاب، برئاسة الرئيس الحريري، للبحث في المستجدات الانتخابية، خصوصاً لناحية حسم الجدل حول التفاصيل المتبقية، ومنها التسجيل المسبق واقتراع الناخبين في مكان السكن بدل مكان الولادة، إضافة إلى اعتماد البطاقة البيومترية، من دون أن يُحدّد موعد لانعقاد اللجنة.
لكن مصادر معنية قللت من أهمية التفاصيل المتبقية التي لن تشكّل عقبة أمام الاستحقاق النيابي، جازمة بأن التباين في وجهات النظر حول التسجيل المسبق سيحسم قريباً لمصلحة اعتماده مع انشاء ما بات يعرف بـ«الميغاسنتر» كمكان مخصص للناخبين الذين يرغبون بالمشاركة في الانتخابات من مكان سكنهم، من دون أن يتكلفوا عناء الذهاب إلى مكّان ولادتهم من أجل الاقتراع.
وفي مجال اجتماعي، متصل، أعلن رئيس الغرف الاقتصادية محمّد شقير الموافقة على إعادة النظر بالاجور في القطاع الخاص، بشرط عدم تدخل الدولة بالاجور.
غليان
وسط هذه الأجواء، وعشية صدور الحكم في قضية اغتيال الرئيس بشير الجميل، والمتوقع في الأيام القليلة المقبلة، عاشت بعض احياء الأشرفية في بيروت نوعا من الغليان أمس، وقبل الاحتفال بصدور الحكم بعد غد الجمعة، على خلفية تعليق يافطة تحمل تهديدا جديدا إذا صدر حكم عن المجلس العدلي باعدام المتهم بقتل الجميل، حبيب الشرتوني، وهو ينتمي إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي.
ونزل مناصرو الكتائب والقوات إلى الشوارع ردا على التهديد، ورفعت صور الجميل واعلام الكتائب في عدد من شوارع الأشرفية لا سيما في ساحة ساسين، تحت شعار: «اذا عدتم عدنا».
الاخبار :
بعد التوتّر الذي خلّفه التراشق بين وزيري الداخلية نهاد المشنوق والخارجية جبران باسيل، على خلفية التصويت اللبناني في انتخابات منظمة اليونيسكو الأسبوع الماضي، سادت أجواء من التهدئة أمس بين الطرفين، دفعت بباسيل إلى التأكيد أن لبنان لم يمنح صوته لقطر ضد مصر، مشيراً إلى أن «لبنان أبعد نفسه عن المشكلة كما ينص البيان الوزاري، بعد أن عجز عن تأمين التوافق العربي».
إلّا أن التهدئة بين التيار الوطني الحرّ وتيار المستقبل الذي برز المشنوق فيه كأعلى صوتٍ ضدّ سياسات باسيل الخارجية، لم تمنع وزير الداخلية من تكرار مواقفه على قناة «أو تي في» أمس. وبعد أن حيّد رئيس الجمهورية ميشال عون، أكّد «أنني لم أتشاور مع الرئيس الحريري في الموضوع»، منتقداً موقف الحريري من دون أن يسمّيه: «أنا أقول رأيي في مشكلة سياسية أراها أمامي. هذه المشكلة لا تعالج بالكلام الشخصي، ومن لا يرى أن هناك مشكلة لا يرى جيداً حتى لو كان من فريقي السياسي.
السياسة الخارجية تعني كل الحكومة، ولا تعني جهة واحدة ولا وزيراً واحداً فقط». وعن تصويت لبنان في اليونيسكو لفت الى أنه قال في تصريحه عبارة «إن ثبت الأمر»، في إشارة إلى احتمال دعم لبنان لقطر.
وفي حين يبدو الحريري وعون غير معنيّين بالتراشق الإعلامي بين باسيل والمشنوق، علمت «الأخبار» أن رئيس الحكومة منزعج من موقف وزير الداخلية بسبب الإحراج الذي قد يسبّبه له في السعودية ومصر، خصوصاً بعد تأكيد وزير الخارجية أن تصويت لبنان في اليونيسكو جرى بالتنسيق مع عون والحريري.
وفي ظلّ ازدياد الضغوط السعودية والإماراتية على الحريري لدفعه إلى مواجهة مواقف عون وحزب الله، يتواصل موسم «الاستدعاءات» لسياسيين لبنانيين الى الرياض. وعلمت «الأخبار» أن آخر المستدعين الوزير السابق أشرف ريفي الذي يتوجه الى السعودية اليوم. وفي حين كان من المفترض أن يزورها الحريري الأسبوع الماضي، غادر النائبان وليد جنبلاط ووائل أبو فاعور بيروت أمس من دون أن تعرف وجهة سفرهما. إلّا أن أكثر من مصدر رجّح أن يكونا قد توجّها إلى السعودية، علماً بأن جنبلاط كان قد أكّد سابقاً أنه يفضّل أن يلبّي الدعوة بعد زيارة الحريري إلى المملكة وليس قبلها.
وفيما استمرت الردود على باسيل بعد مواقفه بشأن مصالحة الجبل، بعد أن كرّر أمس مواقفه ذاتها التي أطلقها في رشميّا، تولّى حزب القوات اللبنانية، بعد الحزب الاشتراكي، الرّد على تصريحات وزير الخارجية، فوصف رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع المصالحة بأنها «أهم خطوة حصلت في آخر 50 عاماً»، وأن «المكان الوحيد الذي حصلت فيه مصالحة حقيقية هو في الجبل وبمبادرة طيبة من الطرفين اللذين كانا على علاقة بها، وهما الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية، تحت مظلة كبيرة هي البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، فمن يُقاتل هو من يُصالح».
ردّ جعجع على باسيل، واكبه هجوم لنائبَي القوات أنطوان زهرا وجورج عدوان في جلسة مجلس النواب أمس؛ فأشار الأول الى أن «التعلم من التاريخ ليس نبشاً بالتاريخ وقبوره»، فيما شنّ الثاني هجوماً لاذعاً على السياسات المالية والاقتصادية في البلاد، وعلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رامياً بسهامه صوب عون والحريري معاً، على خلفية التشكيلات القضائية وصفقة الكهرباء، وملمّحاً إلى أن هناك من يحاول إقالة «رئيس دائرة المناقصات لأنه ينفذ القانون». وقدّم عدوان مداخلة طويلة في الجلسة أشار فيها إلى «أننا متجهون إلى الخراب كما حصل في اليونان»، ما استدعى ردّاً من سلامة (راجع صفحة 6). مصادر مقرّبة من الحاكم اتهمت عدوان بأنه «تهجّم على الحاكم بسبب خلافات حول شقيقه الذي كان محامياً لشركة «الميدل إيست» ومستشاراً قانونياً لبعض المصارف وتمّ إخراجه من عمله لأسباب مهنيّة، فيما أكّد عدوان لـ«الأخبار» أن «هذا الكلام معيب»، وأن «موقفي ليس شخصيّاً، بل أنا أتحدث باسم القوات اللبنانية، ونحن نشعر أننا متجهون نحو كارثة مالية، وعلينا رفع الصوت لتداركها».
تصويب عدوان على التيار الوطني الحرّ على خلفية ملفّ الكهرباء يكمل مشهد التوتر المتزايد بين الطرفين خلال الفترة الأخيرة. وتتهم القوات باسيل بأنه أوعز إلى الدوائر المختصة في القصر الجمهوري الطلب من الأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل سحب البند المتعلق بتعيين رئيس وأعضاء مجلس إدارة تلفزيون لبنان من على جدول أعمال مجلس الوزراء لهذا الأسبوع، لأن الاتفاق لم يتم بعد مع القوات اللبنانية على إنهاء عمل مديرة الوكالة الوطنية للإعلام لور سليمان. وحين ردّ فليفل على دوائر القصر بأن تعيين مدير للوكالة لا يحتاج إلى مجلس الوزراء، أصرّت الدوائر المذكورة على سحب البند من دون تأخير. وفيما عُلم أن وزير الإعلام ملحم الرياشي لا يزال مصراً على رفض المقايضة التي يطرحها باسيل، فإن عدم تعيين مجلس إدارة هذا الأسبوع للتلفزيون يعني أن لا رواتب للعاملين في التلفزيون وللمتعاقدين والمياومين هذا الشهر.
من جهة أخرى، وبعد الحماسة الزائدة التي تحلّى بها الحريري وباسيل الشهر الماضي لحسم آليات تطبيق قانون الانتخاب واستكمال اللجنة الوزارية المكلّفة عملها، مضى أكثر من شهر على آخر اجتماع عقدته اللجنة، بعد أن تحوّلت الحماسة إلى برودة غير مفهومة. وفي حين كان من المفترض أن تعقد اللجنة اجتماعها أمس، بعد إبلاغ الوزراء المعنيين بالموعد، تأجلت الجلسة بحجة تزامنها مع جلسة مجلس النوّاب، من دون أن يحدّد موعد لاحق لها.