وأوضحت الصحيفة في افتتاحيتها، أن القادة العراقيين والتحالف الدولي ضد "داعش"، تجاهلوا كثيراً التحذيرات بأنه ما لم يتم التصدي للانقسامات بين المجموعات العرقية على الأراضي والسلطة السياسية، فإن الانتصار على الإرهابيين سيتبعه أكثر من صراع أهلي.
وأشارت إلى أنه وفي غضون أيام فقط من سقوط آخر المدن التي كان تنظيم الدولة يسيطر عليها، فإن القوات العراقية والمليشيات الشيعية دخلت مدينة كركوك منذرة باندلاع صراع أهلي جديد في العراق.
رئيس الإقليم الكردي مسعود بارزاني، أصر على إجراء الاستفتاء في الخامس والعشرين من أيلول الماضي، على الرغم من رفض حكومة بغداد، برئاسة حيدر العبادي، إجراءه، ومعارضة الولايات المتحدة الاميركية التي تعتبر أقرب الحلفاء لبارزاني، كما أن هذا الاستفتاء شمال مدينة كركوك الغنية بالنفط والتي تعتبر خارج أراضي الإقليم الكردي، وهي منطقة وصفها الدستور العراقي بأنها متنازع عليها.
القوات الكردية التي شاركت بمعارك التحالف الدولي ضد داعش وسعت من وجودها العسكري، فوصلت إلى كركوك ومناطق سهل نينوى، إلا أن القوات العراقية والحشد الشعبي تمكنوا من طردهم منها بعد اتفاق مع جناح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي كان يسيطر فعلياً على المدينة، حيث انسحبت قواته أمام جيش العراق والحشد دون قتال.
الآن سيراقب الجميع ما هي الخطوة التالية للقوات العراقية تحت قيادة رئيس الوزراء حيدر العبادي وقوات الحشد الشعبي التي تأتمر بإمرة إيرانية، فهل ستقبل التفاوض مع الأكراد، أو أنها تمضي قدماً في سيطرتها على كركوك والمناطق الأخرى التي ما زالت تحت سيطرة الأكراد؟
وتشير الصحيفة الأميركية إلى أن كركوك الغنية بالنفط، وهي إحدى المناطق المتنازع عليها، كان يفترض أن يتم فيها إجراء استفتاء لتحديد مستقبلها، إلا أن ذلك لم يحصل، وهذا هو إحدى نقاط الخلاف الرئيسية التي كان واضحاً أنها ستظهر مباشرة عقب الانتهاء من تنظيم الدولة.
وكان العبادي قد وعد منذ مدة طويلة بمعالجة الانقسامات الطائفية في البلاد، ويبدو أنه مستعد حقاً لذلك، ولكن "الشيعة المدعومين إيرانياً" يعرقلون خطواته-وفق قول الصحيفة-، وسبق أن دعا العديد من القادة الأكراد إلى إصلاح النظام السياسي المتداعي في بغداد.
وتختم " واشنطن بوست" قائلةً: "لقد ادعت القيادة الأميركية، سواء في عهد باراك أوباما أو الرئيس الحالي دونالد ترامب، أن المهمة في العراق تتلخص بالقضاء على تنظيم داعش، والآن يمكن رؤية عواقب هذا الرأي بوضوح في كركوك.
بدورها، تخوّفت صحيفة الاندبندنت البريطانية من أن يرتكب ترامب الأخطاء نفسها التي اتركبت إبان غزو العراق في العام 2003.
وكتبت تقول إن "إن المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية هانز بليكس يستطيع أن يرى حاليا كثيرا من الشبه من بين معاملة إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش مع ملف أسلحة الدمار الشامل المزعومة لدى نظام صدام حسين وبين تعامل إدارة دونالد ترامب مع الملف النووي لإيران".
وتضيف الصحيفة "أن الديبلوماسي السويدي السابق بليكس يرى الأخطاء نفسها تتكرر في رحلة سعي واشنطن لتفكيك البرنامج النووي الإيراني برفض ترامب الإنصات للخبراء الذي يؤكدون أن طهران ملتزمة بدورها في الاتفاق النووي".
وتوضح الانديندنت "أن رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير وجورج بوش أصرا على أن نظام صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل يمكنها إلحاق الضرر بالغرب في 45 دقيقة وحتى يقنعا العالم بذلك قدما أدلة مزيفة ورفضا جميع الادلة التي قدمها فريق المفتشين الدوليين التابع للأمم المتحدة والذي نفى وجود هذه الأسلحة وهو الأمر الذي تأكد بعد غزو العراق وزعزعة استقرار المنطقة بأسرها".
ويقارن كاتب المقال بين الموقف الأميركي السابق من العراق والموقف الحالي من إيران قائلا إن الخلاف الرئيسي هو أن "بوش كان مدفوعا بعدد من المتشددين المدنيين في إدارته والذين كانوا يرغبون في خوض الحرب لكن حاليا فإن ترامب محاط بقادة عسكريين سابقين لايرغبون في الحرب ويريدون استخدام الوسائل السلمية".
وتخلص الاندبندنت إلى ان "الولايات المتحدة هذه المرة غير قادرة على شن النوع نفسه من الحرب وغزو إيران واحتلالها وتفكيك نظامها السياسي لذلك فإنه يؤكد خطورة اللهجة التي يستخدمها ترامب لأنها يمكن أن تدفع بالأمور إلى خارج نطاق السيطرة."
(BBC- الخليج أونلاين)