باعتبار ان «التوافق» كفيل بتقطيع استحقاقات الشؤون الداخلية، ايا كان طابعها، احتلت قضية تداعيات الحرب في سوريا، والتوترات الإقليمية، أو الإقليمية - الدولية الأولوية في الاهتمام الرسمي، سواء في قصر بعبدا، حيث التقى الرئيس ميشال عون سفراء الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن وممثلي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، لابلاغهم إن لبنان لم يعد قادراً على تحمل عدد النازحين السوريين على أراضيه، داعياً القوى العالمية للمساعدة في اعادتهم إلى المناطق التي يسودها الهدوء في بلادهم، في وقت كان فيه الرئيس سعد الحريري، والذي عاد مساء أمس إلى بيروت، بحث في قصر شيجي مع نظيره الإيطالي باولو جنتليوني التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر روما- 2 المخصص لدعم المؤسسات العسكرية والأمنية، من جيش وقوى أمن، فضلا عن مؤتمر باريس لدعم الاقتصاد، إضافة الى موضوع النازحين السوريين، وتفعيل العلاقات الثنائية، وطلب لبنان رفع القيود الإيطالية المفروضة على تصدير المنتجات الزراعية والصناعية اللبنانية.
وبحسب المعلومات، فإن الجانب الإيطالي في هذه المحادثات تعهد بتنظيم مؤتمر روما - 2 على ان يكون في كانون الثاني المقبل، والالتزام بحضور مؤتمر باريس لدعم الاستثمار في لبنان.
وعن تداعيات قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب عدم تجديد التصويت على الاتفاق النووي مع إيران بالنسبة للبنان وباقي المنطقة، أمل الرئيس الحريري في مقابلة مع صحيفة «لا ريبوبليكا» الإيطالية ان نتفادى أية تداعيات سلبية على لبنان، لكنه شدّد على ان التدخلات في الشؤون الداخلية للبلدان العربية غير مقبولة، وعلى إيران ان تلعب دورا ايجابيا يُساعد في التنمية الاقتصادية والأمان، وأن لا تساهم في الإخلال بالاستقرار.
التسوية صامدة
وفيما توقعت مصادر وزارية عقد جلسة لمجلس الوزراء يوم الجمعة المقبل، فور الانتهاء من جلسات إقرار موازنة العام 2017، علىان تعقبها جلسات متتالية للحكومة اعتبارا من الاثنين، وبوتيرة متسارعة من أجل إنجاز مشروع موازنة العام 2018، والذي أكّد وزير المال علي حسن خليل انه شبه مكتمل، بقي السجال بين وزيري الداخلية نهاد المشنوق الخارجية جبران باسيل، على خلفية «الفضيحة الديبلوماسية» بتصويت لبنان في انتخابات «الاونيسكو» خارج السرب العربي، يتفاعل إلى حدّ تصويب المشنوق على سياسات وزارة الخارجية، التي وصفها «بالشاذة»، في حين كثرت التكهنات حول تداعياته المحتملة على العلاقات بين تيّار المستقبل والتيار الوطني الحر، وعلى التضامن الحكومي، وبالتالي على التسوية السياسية الرئاسية، لا سيما مع ارتفاع منسوب التوتر الأميركي - السعودي مع إيران.
وفي إطار سجال آخر، وفيما يتوجه الوزير السابق اشرف ريفي إلى الرياض غدا، تلبية لدعوة تلقاها في إطار التشاور مع المملكة العربية السعودية، استمر السجال بين تيّار المستقبل والرئيس نجيب ميقاتي واللواء ريفي، واتهمت قناة المستقبل، من دون تسمية، مَن اتخذوا قرارا بإعلان الحرب على الرئيس الحريري، ومحاولة إلغائه.. حيث ردّت مصادر ريفي ان اللقاء مع القائم بالأعمال السعودي الوزير المفوض وليد البخاري وسفير دولة الإمارات حمد الشامسي لم يتطرق إلى الشؤون الداخلية اللبنانية.
وردّت أوسط الرئيس ميقاتي بأن «لا صمت بعد اليوم، فالكلمة مقابل كلمة، والتضليل مقابل حقائق..».
عون والسفراء
محلياً، كان البارز اجتماع الرئيس عون بحضور وزير الخارجية جبران باسيل مع سفراء الدول الكبرى والمنظمات الدولية والإقليمية المعنية بموضوع النازحين، حيث ابلغهم الرئيس «وطني لم يعد قادراًعلى تحمل المزيد».
واستمر اللقاء 50 دقيقة، دار خلاله حوار بين الرئيس عون والسفراء، ختمه بقوله: «انتم تعبرون عن مصالح بلادكم.. وأنا أجسد مصلحة وطني وشعبي».
وجاء في تغريدة على حساب الرئيس بموقع «تويتر» عودة النازحين إلى المناطق المستقرة والمنخفضة التوتر يجب ان تتم من دون ربطها بالوصول إلى الحل السياسي».
وقال عون ان من مصلحة المجتمع الدولي معالجة قضية اللاجئين تلافيا لخروج المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في لبنان عن السيطرة.
وقال دبلوماسي ان السفراء خلال الاجتماع وجهوا الشكر إلى لبنان على كرم استضافة اللاجئين. مضيفا ان السفراء اتفقوا على الحاجة لمضاعفة العمل على إيجاد حل سياسي يمكن السوريين من العودة بأمان وكرامة».
وقال متدث باسم المكتب الإعلامي ان عون قال للسفراء: ان هناك مناطق في سوريا الآن خارج إطار الحرب ومناطق عاد إليها الهدوء.
لكن جماعات حقوقية (رويترز) حذّرت من اجبار النّاس على العودة إلى بلد لا يزال يخوض حربا.
وقالت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين انها لا تعتبر الظروف في سوريا ملائمة لعودة آمنة للاجئين. وقال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري انه لا يمكن اجبار اللاجئين على العودة.
ولفتت معلومات لـ قناة الـOTV الناطقة بلسان التيار الوطني الحر، ان لقاء الرئيس عون وسفراء الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وهم السفير الروسي الكسندر زاسبكين، السفير البريطاني هوغو شورتر، السفيرة الأميركية اليزابيت ريتشارد، سفير الصين وانغ كاجيان، السفير الفرنسي برونو فوشيه، سفيرة الاتحاد الأوروبي ريستينا لاسن، ونائب ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة فيليب لازاريني، وممثل جامعة الدول العربية السفير عبد الرحمن الصلح، لفتت المعلومات إلى انه كان لافتا التنسيق المسبق في المواقف بين سفراء الدول الأوروبية والولايات المتحدة، بأن الوضع الأمني في سوريا ما زال هشا ولا يجب التسرع بإعادة غير مدروسة للنازحين ما قد يحدث انتكاسة للعودة ويؤدي إلى نزوح جديد إلى لبنان بشكل أكبر مما سبقه، وأشارت معلومات المحطة ان موقفي السفيرين الروسي والصيني جاءا مغايرين، في حين ان مواقف ممثّل الجامعة العربية وممثلة الأمم المتحدة جاءت مشجعة مع قرارات المنظمتين في شأن النازحين السوريين.
وذكرت مصادر رسمية دولية مواكبة لملف النازحين لـ«اللواء» ان رسائل عون جاءت من ضمن توافق سياسي بين اركان الحكم على تحريك ملف النازحين بشكل جدي وفعال لحث المجتمع الدولي على اعادة النازحين برعاية دولية، كما تريد الامم المتحدة والدول الاقليمية المعنية بالازمة السورية وبما يخدم اهداف لبنان ايضا، وذلك وفق نتائج مفاوضات جنيف واستانة التي توصلت الى خطوات معينة لخفض التوتر او وقف القتال نهائيا في بعض المناطق السورية، اضافة الى ما حررته القوات السورية وحلفائها من مناطق واسعة.
واوضحت المصادر ان الرئيس عون حث المجتمع الدولي على المبادرة الى حل ازمة النازحين عبر اعادتهم الى بلدهم، ولم يتطرق في رسائله الى التنسيق او التواصل مع السلطات السورية تاركا للامم المتحدة والدول المعنية بالازمة السورية تحديد الطريقة، لكنه شرح بالتفصيل وبالارقام النتائج والانعكاسات السلبية للازمة على كل المستويات في لبنان.
لكن المصادر اشارت الى انه يمكن للامم المتحدة او اي جهة دولية اخرى مضمونة اذا ارادت،ان تكون هي صلة الوصل مع السلطات السورية للتوصل الى آلية تنسيق تتيح عودة النازحين الى المناطق الآمنة التي يُتفق عليها.لكن لبنان في النهاية لم يعد يستطيع تحمل كلفة واعباء الازمة نظرا لما ترتبه من انعكاسات امنية واقتصادية واجتماعية، وحتى انعكاسات سياسية لأن ملف النازحين تسبب بإنقسام اضافي في البلد هو بغنى عنه.
ووجه الرئيس عون رسائل خطية الى رؤساء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن والامين العام للامم المتحدة والاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية عبر سفرائهم في بيروت الذين التقاهم امس، دعاهم فيها– حسب مضمون الرسائل- «الى التركيز على معالجة لب ازمة النازحين السوريين نفسها، إضافة الى تداعياتها، معتبرا انه اصبح لزاما على الامم المتحدة والمجتمع الدولي بذل كل الجهود الممكنة وتوفير الشروط الملائمة لعودة آمنة للنازحين السوريين الى بلدهم».
لجنة قانون الانتخاب
وتعود اللجنة الوزارية المكلفة درس تطبيق قانون الانتخاب الى الاجتماع اليوم في السرايا الحكومية بين فترتي مناقشة مجلس النواب في جلساته التشريعية لمشروع موازنة العام 2017المقررة اليوم.
وقال وزير الاشغال العامة يوسف فنيانوس لـ«اللواء»: نحن سنستمع الى كل ما سيعرضه وزير الداخلية نهاد المشنوق عن اجراءات وتوجه وزارة الداخلية، فإن قال مثلا انه يمشي بالبطاقة الانتخابية الممغنطة سنستفسر عن مدى قدرة الوزارة على إنجاز البطاقات في الوقت المتبقي للانتخابات النيابية، كما سنسأل عن كلفتها وعن امور اجرائية اخرى، علما اننا مع البطاقة الممغنطة لأنها من الاصلاحات الواردة في قانون الانتخاب، ونحن مع هذه الاصلاحات. وان قال انه لا يتمكن من انجاز البطاقة الانتخابية سنستمع الى البدائل ونناقشها ونقرر الموقف اللازم في ضوء ما يطرحه المشنوق.
وعن التسجيل المسبق للناخبين الراغبين في الاقتراع في مناطق سكنهم لا في مناطق قيد نفوسهم، اوضح فنيانوس ان فريقه السياسي مع التسجيل المسبق ولم نفهم حقيقة سبب رفض احد الفرقاء للتسجيل المسبق مع انه شرحه لنا لكننا لم نفهم السبب الفعلي. فكيف يمكن اجراء التصويت في مراكز «الميغا سنتر» للناخبين إن لم يسجلوا اسماءهم مسبقا لتعرف وزارة الداخلية عددهم ومناطقهم وتتخذ اجراءاتها الادارية والتقنية ليتمكنوا من التصويت؟
جلسات الموازنة
وتتحول الجلسات النيابية الثلاث التي دعا إليها الرئيس نبيه برّي اليوم وغداً وبعد غد إلى ما يشبه «المباراة النيابية» في ضوء نقل المناقشات والكلمات المتعلقة بموازنة العام 2017.
في مستهل الجلسة يُحدّد المجلس مطبخه التشريعي حيث سيتم انتخاب اللجان النيابية ورؤسائها ومقرريها، إضافة الى امين السر والمفوضين الثلاثة، حيث يتوقع ان يبقى القديم على قدمه، الا إذا ارتأت بعض الكتل اجراء تعديلات داخلية في أعضاء اللجان.
بعد ذلك، سيشرع المجلس في مناقشة مشروع الموازنة على مدى ثلاثة أيام في جلسات صباحية ومسائية في نقل مباشر، وهو ما يفتح شهية النواب على الكلام الانتخابي في محاولة لاستنهاض ناخبيهم وشد عصبهم، وانطلاقاً من ذلك فإن غالبية الذين سيتناوبون على الكلام سيعلنون رفضهم زيادة الرسوم والضرائب من دون إغفال ذهاب بعض النواب إلى المزايدات في ما خص قطع الحساب.
وعشية الجلسة، وصف رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، الذي سيكون المتحدث الأوّل في جلسة الموازنة لتقديم تقرير اللجنة، قبل ان يتلو وزير المال علي حسن خليل بعدذلك فذلكة الموازنة، إقرار الموازنة بأنه سيكون «خطوة تاريخية يستفيد منها لبنان لتعزيز ثقة اللبناني بدولته وثقة المؤسسات الدولية بالوضع المالي في لبنان بعد 12 عاما من التسيب في الانفاق والهدر والفوضى، مشددا على ان المطلوب إرادة سياسية حقيقية غير موسمية مرتبطة بالانتخابات».