في إحدى ليالي الربيع الماضي وبينما كانت عقارب الساعة تشير إلى الحادية عشرة مساءً، توقّف أحد المارّة بسيّارته قرب الرصيف الغربي لكورنيش الرملة البيضاء. كان السائق يستمع إلى الراديو حين شاهد شاباً يعبر الطريق بشكلٍ متهوّر ومتسرّع حتى أنّ إحدى السيارات كادت أن تصدمه. أخفت صاحب السيارة صوت المذياع ونزل منها ليلمح شاباً آخر ممدّداً على الرصيف يشير بيديه ويصرخ. هنا بدأ الناس يتجمهرون حوله قبل أن يتم الإتصال بالصليب الأحمر ويُنقل الشخص المصاب إلى المستشفى.
في ذاك الوقت تلقّت فصيلة الرملة البيضاء اتصالا يفيد بدخول "م.ش" الى مستشفى المقاصد، إثر تعرّضه للطعن بالصدر من قبل مجهول في محلة كورنيش الرملة البيضاء وأنه بحالة اللاوعي ووضعه حرج.
لكن المصاب ما لبث أن فارق الحياة متأثراً بغرزات السكين التي تلقاها في منتصف القفص الصدري أدّت إلى تمزّق حاد في الرئة اليسرى.
الشبهات حامت حول عدد من السوريين لاسيما بعد أن أبلغ عنهم بعض الشبان القصّار من التابعية نفسها، فأوقفت دورية من مكتب معلومات بيروت كل من "وليد. ص"(مواليد 1994) و"محمد . م" (مواليد 1998) وشقيقه "احمد. م"(مواليد 1995)، وبعد تحليل داتا الإتصالات تبيّن تواصل الأول والثاني مع المغدور عبر خدمة "الواتساب".
باستجواب "محمد.م" اعترف بوجود علاقة لواط مع المغدور الذي يعرفه منذ سنتين مضيفا ان المجني عليه كان يعطيه 30 الف ليرة عن كل مرة يمارس فيه معه اللواط حيث كان هو -أي المتهم- يلعب دور الرجل، زاعماً أنّ علاقته به انقضت منذ سبعة أشهر.
أما الموقوف "وليد.ص" الذي يعمل خيّاطًا في منطقة حارة حريك فنفى أن يكون على علاقة لواط مع القتيل، بل اقتصرت علاقتهما على الصداقة مفيدا أنه يملك سكين ست طقات يضعه قرب التلفزيون عادة، ولدى مواجهته بوجود محادثات بينه وبين المغدور عبر الواتساب حيث تم تحديد موعد بينهما يوم الحادث، افاد انه لم يحضر اللقاء بسبب عدم توفّر المال لديه، فيما أفادت زوجة الأخير التي كانت طلبت منها فصيلة الرملة البيضاء احضار سكين يملكها زوجها، أنها عثرت على السكين مخبأة في الخزانة داخل كيس اسود في أعلى الخزانة، مشيرة الى ان زوجها انهى عمله يوم الحادث الساعة السابعة والربع فقصد منزل اهله القريب من منزله داخل مخيم برج البراجنة وعاد بعد نصف ساعة ومكث قليلاً ومن ثم ذهب لملاقاة ابن خاله على تخوم طريق المطار وعاد الى منزله الساعة التاسعة مساء وانهما سهرا حتى الساعة الثانية فجراً ثم خلدا للنوم وفي اليوم التالي توجه الى عمله كالمعتاد.
وأنكر "احمد.م" وهو شقيق "محمد.م" اي علاقة له بالجريمة مفيداً ان المجني عليه هو صديق شقيقه وانه يجهل وجود علاقة لواط بينهما.
اما المتهم الرابع "احمد .ن" فأنكر علاقته بهذه الجريمة ولدى مواجهته بأقوال القاصرين "عيسى.م" و"نزيه.ك" اللذين حضرا الى فصيلة الرملة البيضاء واخبرا عناصرها انهما يعرفان قاتل "م.ش" وانه يدعى "احمد.ن"، وهو يجرّ عربة صغيرة ويعلّق عليها سكيناً بطول 30 سم ذات قبضة خشبية وهي عبارة عن سكين مطبخ، وينقل في تلك العربة بعض التنك والبلاستيك، اجاب انه "بائع خردوات". وأضاف أنّه قبل يومين وعن طريق المزاح اخبر ثلاثة اولاد بأنه طعن أحد الأشخاص في محلة الرملة البيضاء ولم يكن يعرف ان الأمر سيصل الى هنا، معترفاً بقتله امرأة في محلة الأونيسكو في منزلها ليلاً قبل أربعة أيام من توقيفه في هذه الدعوى وأنه دائما يحمل سكين في تنقلاته.
واعتبرت حيثيات القرار الظنّي أن المتهمين الأربعة أقدما على قتل المغدور قصداً بواسطة سكين ممنوعة، ما يستتبع الظن بهم بجناية المادة 547 عقوبات التي تنص على عقوبة الإعدام ، كما خلص القرار الى طلب عقوبة الحبس من 3 اشهر حتى سنتين للمدعى عليهم "نور.ق" (لبنانية زوجة وليد) والسوري "عيسى.م" والفلسطيني "كايد .ح" بجرم كتم معلومات وفقا للمادة 222 عقوبات وأحالهم للمحاكمة أمام محكمة الجنايات في بيروت.