تصعيد بين الحريري وعون , وأميركا تستعد لفرض عقوبات جديدة
المستقبل :
في تأكيد على ما أعلنته المملكة العربية السعودية من ترحيب بالاستراتيجية الأميركية الجديدة حيال إيران، شدد الملك سلمان بن عبدالعزيز «على ضرورة تضافر الجهود واتخاذ مواقف حازمة تجاه الإرهاب والتطرف وراعيه الأول إيران».
وجاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه الملك سلمان مساء أول من أمس بالرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد يوم واحد من إعلان الأخير استراتيجيته الجديدة تجاه إيران ورفضه تجديد منح الثقة للاتفاق النووي الذي أبرمه الغرب مع طهران في العام 2015، مطالباً وزارة الخزانة الأميركية باتخاذ إجراءات عقابية ضد الحرس الثوري بصفته قوة داعمة للإرهاب، وهذا ما بدأت به الوزارة فعلاً من خلال مباحثات قامت بها مع أطراف دولية للتنسيق في هذا الشأن.
فقد ذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن الملك سلمان أكد خلال الاتصال مع الرئيس الأميركي «تأييد المملكة وترحيبها بالاستراتيجية الحازمة» التي أعلنها «تجاه إيران وأنشطتها العدوانية ودعمها للإرهاب في المنطقة والعالم»، مشيداً «بالدور القيادي للإدارة الأميركية الجديدة والتي تدرك حجم تلك التحديات والتهديدات»، ومؤكداً «ضرورة تضافر الجهود واتخاذ مواقف حازمة تجاه الإرهاب والتطرف وراعيه الأول إيران».
وأبدى ترامب تقديره لمبادرة العاهل السعودي ودعمه، مؤكداً حرص الولايات المتحدة على «العمل مع حلفائها لتحقيق الأمن والسلم العالمي».
وفي خطاب تضمن ملامح استراتيجية إدارته إزاء إيران، كان ترامب أعلن رفضه الإقرار بأن إيران التزمت بالاتفاق النووي الذي وقع عام 2015، وقال إنه سيحيل الأمر على الكونغرس ويستشير
حلفاء الولايات المتحدة في كيفية تعديل الاتفاق، كما اتهم ترامب إيران بدعم «الإرهاب» وشدد على أنه سيغلق «جميع الطرق على طهران للحصول على السلاح النووي».
وفي أول رد فعل عربي ودولي، أعلنت السعودية تأييدها لاستراتيجة ترامب بعد ساعات من إعلانها.
كذلك تابعت القاهرة باهتمام بالغ تفاصيل الاستراتيجية الجديدة التي أعلنها الرئيس الأميركي للتعامل مع إيران، وأكدت على ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي.
وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية المستشار أحمد أبو زيد، أن بلاده تابعت باهتمام تفاصيل الاستراتيجية الجديدة التي أعلنها ترامب للتعامل مع إيران، وما تضمنته من عناصر تحمل أسباب ودواعي قلق مصر البالغ تجاه سياسات إيران، التي تؤدي إلى عدم استقرار دول المنطقة، وتؤثر على الأمن القومي العربي، وأمن منطقة الخليج، والذي يُعد امتداداً للأمن القومي المصري.
وقال المتحدث المصري، إن القاهرة طالبت دوماً بضرورة تعزيز عوامل بناء الثقة في الشرق الأوسط من خلال أهمية تبني القوى الإقليمية سياسات ومواقف لا تشكل تهديداً لاستقرار وأمن المنطقة، والتوقف عن أي تدخلات سلبية في الشؤون الداخلية للدول العربية.
وفي تداعيات الخطاب الرئاسي بخصوص إيران، قال وزير الخزانة الأميركي ستيف منوتشين إنه يعتزم فرض عقوبات جديدة على الحرس الثوري.
ورداً على سؤال بشأن ما إذا كان ينوي فرض عقوبات قال منوتشين لبرنامج «صنداي مورنينغ فيوتشرز» بقناة «فوكس نيوز»: «نعم» وأضاف أنه بحث الخطط الأميركية مع نظرائه في العالم خلال أحدث اجتماعات للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وقال منوتشين: «أجريت محادثات مباشرة جداً مع نظرائي بشأن ما نسعى للقيام به تجاه إيران. سنعمل معهم في هذا الشأن».
ونفى وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أن يكون تهديد ترامب بالغاء الاتفاق النووي مع إيران أضعف من فرص واشنطن الديبلوماسية في كبح البرامج النووية والباليستية لكوريا الشمالية.
وقال تيلرسون لشبكة «سي إن إن» «أعتقد أن ما ينبغي على كوريا الشمالية تعلمه من هذا القرار هو أن الولايات المتحدة ستتوقع اتفاقاً مطلوباً جداً مع كوريا الشمالية».
وقالت نيكي هايلي سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة إن واشنطن تتوقع الإبقاء على الاتفاق النووي مع إيران مضيفة أن إدارة ترامب تريد التوصل لرد «متناسب» مع تصرفات طهران على المسرح العالمي.
وأضافت «أعتقد أنه في الوقت الحالي سترون أننا باقون في الاتفاق لأننا نأمل أن نحسّن الأوضاع وهذا هو الهدف» مشيرة إلى القلق إزاء اختبارات إيران لصواريخ باليستية ومبيعاتها للأسلحة ودعمها للإرهاب.
وأضافت هايلي لقناة (إن.بي.سي) أن السبب في أن الولايات المتحدة تتابع عن كثب الاتفاق النووي مع إيران هو تصاعد التوترات مع كوريا الشمالية بسبب برنامجها النووي «وما نقوله الآن في ما يتعلق بإيران هو لا تسمحوا لها بأن تكون كوريا الشمالية المقبلة».
وفي مقابلة مع برنامج «ميت ذا برس» قالت هايلي «برغم ذلك نحن لا نقول إنهم ينتهكون الاتفاق».
وفي أوروبا، قالت متحدثة باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بعد مكالمة هاتفية بينها وبين المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إن بريطانيا وألمانيا اتفقتا على الالتزام بالاتفاق النووي مع إيران.
وأضافت في بيان «اتفقتا على الالتزام الكامل للمملكة المتحدة وألمانيا بالاتفاق». وتابعت «اتفقتا أيضاً على ضرورة مواصلة تصدي المجتمع الدولي لأنشطة إيران التي تزعزع استقرار المنطقة وبحث سبل مواجهة المخاوف من برنامج إيران للصواريخ الباليستية».
وأعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في لقاء تلفزيوني أنه سيزور إيران «في الوقت المناسب»، وذلك بعد يومين من رفض ترامب «الإقرار» بالتزام طهران بالاتفاق النووي.
الديار :
بعد مضي اكثر من عشر سنوات على اقرار آخر موازنة عامة صوت عليها البرلمان اللبناني في 2005، يتوقع ان يناقش مجلس النواب هذا الاسبوع الموازنة العامة للدولة لسنة 2017 بعد ان ابدت معظم الكتل ارتياحها وموافقتها على المخرج الذي اقترحه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والقاضي بإقرار الموازنة على ضمانته الشخصية على ان ينجز فريق وزارة المالية قطع الحساب و» ترميم» الحسابات المالية للدولة اللبنانية في حقبة 1993-2016 في غضون بضعة أشهر. هذا الانجاز المالي له عدة دلالات، اولا قدرة العهد والحكومة على اعادة الحياة المالية للدولة الى طبيعتها وانتظامها حسب القانون والدستور والاعراف. ثانيا، اعطاء اشارة قوية للمؤسسات المالية المحلية والدولية الى استعادة الدولة لعافيتها المؤسساتية وزيادة الثقة فيها، كذلك الامر للجهات المانحة والمنظمات الدولية والتي ضعفت ثقتها بالدولة اللبنانية و بشفافيتها (والطريق طويل) نتيجة فشل الحكومات السابقة بإتمام واجباتها في الادارة المالية، اذ كانت الدول المانحة والمنظمات الدولية تخشى على الهبات والقروض والمساعدات المرصودة للبنان من ان تهدر وتصرف دون حسيب او رقيب كما حصل على سبيل المثال في حكومات السنيورة، حيث لم يسجل الاخير في سجلات وزارة المالية اي من الهبات المقدمة للدولة اللبنانية خلال حقبة ترؤسه للحكومة (على الاقل) بعد 2005.
المخالفات المالية بالوثائق والأرقام
هذا وحصلت الديار على نسخة من مشروع قانون قطع حساب الموازنة العامة والموازنات الملحقة للعام 2015، ويظهر جليا الارتكابات والمخالفات المالية التي تمت في حقبة ما اصبح يعرف بعهد السنيورة المالي الذي بدأ في العام 1993 الى الامس القريب (مع الاخذ بعين الاعتبار التقطع-الوجيز عن استلام السنيورة أو من يدور في فلكه وزارة المالية في بعض الحكومات) حيث يفند مشروع القانون الخطوات الخاطئة والمخالفات التي ارتكبت مما ادى الى فوضى عارمة في المالية العامة ومستنداتها في منتصف التسعينات وصولا الى عدم تسجيل الهبات وعدم استرجاع سلفات الخزينة وصرف الأموال دون الرجوع الى مجلس النواب واللائحة تطول. (مشروع القانون منشور بالكامل في الصفحة 8).
مصادر بعبدا : لا تسوية حول قضية الـ 11 ملياراً والحسابات المالية
وفي اطار مسعى البعض لربط الموازنة وقطع الحساب بقضية ال 11 مليار دولار الذين صرفوا خلال حقبة السينورة في رئاسة الحكومة، أكدت مصادر مقربة من القصر الجمهوري ان الرئيس عون وانطلاقاً من خطاب القسم الذي اكد فيه محاربة الفساد واحترام الدستور لن يقبل وبأي شكل من الاشكال تسوية مخالفات دستورية اكانت سابقة ام حالية وخصوصاً عندما يتعلق الامر باحترام عمل المؤسسات والمالية العامة. واكدت المصادر ان الرئيس عون لا يقبل حلاً خارج متطلبات الدستور والقانون لأي مسألة ومن ضمنها مسألة الـ11 مليار دولار، والتي هي مرتبطة بإنفاق رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة في سنين محددة لمبالغ من المال العام دون اذن من مجلس النواب وهذا يشكل مخالفة دستورية ولا علاقة لها باموال منفقة دون قيود. اذ ان المخالفة دستورية بامتياز عبر تخطي القوانين والاعراف في عدم الرجوع الى المؤسسات. وتجدر الاشارة الى انه عندما كان يسأل السنيورة وفريقه عن الموضوع، كان يأتي الجواب ان مجلس النواب مقفل بسبب الاحداث السياسية آنذاك وعلى الدولة ان تنفق، غير ان فترة اقفال المجلس النيابي لم تتعدَّ السنة بينما الصرف امتد لـ4 سنوات دون الرجوع الى البرلمان.
اما في الشق المتعلق بالحسابات المالية المتراكمة منذ 1993 والتي تسعى وزارة المالية بجهد جبار لإعادة تشكيلها وانهاء ترميمها في الاشهر المقبلة، بعد ان كان السنيورة وفريقه المالي «ادوا قسطهم للعلى» خلال وجودهم في الوزارة المعنية، كما اشار خبير مالي (في حديث مع الديار 3 تشرين الاول) عمل في وزارة المالية طوال فترة ما يعرف بحقبة فؤاد السنيورة في المالية العامة، حيث اشار الى تراكم الاخطاء والممارسات الخاطئة لهذه المرحلة والعمل الفوضوي في اجراء الحسابات المالية منذ 1993، فقد كان يلجأ السنيورة الى فريق خاص به وغير تابع لوزارة المالية لاجراء الحسابات. ويشير هنا الخبير الى ان اقل ما يمكن قوله هو ارتكاب اخطاء جسيمة في تجميعها وصولا الى حرية التصرف بالحسابات وحصول مخالفات وارتكابات ضد المال العام.
بالعودة الى الحسابات المالية للدولة، فعند انجازها سوف يعرف اللبنانيون اين انفقت اموالهم وكم كانت مستويات العجز الفعلية في هذه السنوات وغيرها من المؤشرات. كما يمكن ان يكشف عن سوء ادارة واستخدام السلطة والتطاول على المال العام. هنا تؤكد مصادر بعبدا انها ستدعو المؤسسات والقضاء الى تحمل مسؤوليتهم الاخلاقية والتاريخية تجاه الدستور والشعب عبر التحرك والاقتصاص من المرتكبين ومن سوّلت لهم أنفسهم التفريط بأموال اللبنانيين.
باسيل في الجبل
من جهة اخرى، اذا كانت مصالحة الجبل التي حصلت بين البطريرك صفير والوزير وليد جنبلاط ادت الى كسر الجليد والحاجز النفسي بين المسيحيين والدروز، فانها لم تثمر عودة فعلية للمسيحيين الى قراهم او انخراطهم في الحياة السياسية. كما اتى امس كلام لرئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل الذي يؤكد فيه ان الوقت حان لكي يعود المسيحيون الى الحياة السياسية في الجبل من باب الانتخابات المقبلة، حيث قال : «نقول لأهلنا في المنطقة انّه آن أوان العودة السياسيّة وستتمّ من خلال انتخاب يؤدّي إلى تمثيل عادل، وهكذا تكون بدأت العودة. هذا مفتاحها وبابها، ثم يأتي الإنماء والاقتصاد». واعتبرت اوساط مسيحية في الجبل ان كلام باسيل موجه لعدة اطراف ومفاده ان زمن الغبن قد ولى وان المسيحيين عائدون الى الجبل وبقوة. واللافت خلال جولة باسيل على قرى الجبل انزعاج النائب جنبلاط الذي غرّد قائلاً : «السلام عليك يا بطريرك السلام مار نصرالله بطرس صفير، والسلام عليك يا بطريرك المحبة مار بشارة بطرس الراعي».
وكان وزير الخارجية والمُغتربين جبران باسيل أعلن في خلال جولة شاملة له في الشوف أمس الأحد، أنّه آن أوان العودة السياسيّة إلى الجبل بفعل قانون الانتخاب الجديد، مُشيرا إلى أنّ هذه العَودة تتطلب مُمارسة، وقال: «لدينا معركة حقيقيّة، يُحاولون بذرائع تقنيّة أن يتخطّوها حتى لا يُسهّلوا الاقتراع من مكان السكن» مؤكّدًا النيّة بمُواجهة هذه العراقيل «حتى تصبح العودة السياسيّة أسهل». وإذ لفت إلى أنّه لا يسعى لنبش الماضي، قال باسيل إنّ من حق كل إنسان «أن يعرف أهله أين... ترابهم أين... عظامهم أين... وهذا ليس مُحاسبة بل علاج».
وبحسب المَعلومات المتوافرة فإنّ خُطاب رئيس «التيّار الوطني الحُرّ» العالي النبرة، وعلى الرغم من أنّه قال إنّ «موضوعنا أبعد من الانتخابات... وهو وُجودنا هنا» ، يُمهّد الطريق لإعلان مُرشّحي «التيّار» في دائرة «الشوف - عاليه» الانتخابيّة والذي لم يعد بعيدا كثيرا مع استمرار وضع اللمسات الأخيرة عن باقة الترشيحات «العَونيّة» في المنطقة، علما أنّ كل المعلومات المُتوافرة تؤكّد أنّ «الوطني الحُرّ» سيُشكّل لوائح مُنافسة للوائح التي سيُشكّلها رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط، وحديث الوزير باسيل عن «عودة سياسيّة» مُتعمّد ومدروس لشد عصب المُؤيّدين، ولتوجيه رسالة بأنّه من دون وُجود «التيّار» في الجبل كانت العودة منقوصة وتتمّ بشكل غير مُتوازن بين القوى السياسيّة والشرائح الطائفيّة في الشوف، وأنّ عودة «التيّار» إلى المنطقة ضرورية لإعادة الندّية المفقودة.
مصادر قريبة من «الاشتراكي» اكدت أنّ كلام رئيس «التيار» فيه الكثير من الاستفزاز، لأنّه يُوحي وكأنّ الحُضور السياسي للقوى المسيحيّة غائب عن الجبل، علما أنّ هذا الأمر غير صحيح ولا يُعبّر عن واقع الحال، لأنّه في انتخابات دورتي العامين 2005 و 2009 رُفعت صُور وأعلام وشعارات لشخصيّات ولأحزاب مسيحيّة مُختلفة، والعمل السياسي مُتاح للجميع منذ ذلك الوقت حتى اليوم.
مساعي بري للتهدئة
وفي سياق منفصل، لفتت مصادر وزارية بارزة في 8 آذار الى ان هناك مساعي كبيرة يقوم بها رئيس مجلس النواب نبيه بري مع كل من الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس الحكومة سعد الحريري لبقاء «الستاتيكو» اللبناني والحفاظ على الحكومة مع ارتفاع منسوب الاشتباك الايراني-الاميركي- السعودي وتحييد لبنان عنه وهو الذي ينتظر رزمة جديدة من العقوبات الاميركية المالية عليه.
وتوقعت المصادر ان تنجح مساعي بري في عودة طاولة الحوار الثنائية بين حزب الله والمستقبل برعاية بري في عين التينة قريباً لاحتواء «الهبات الساخنة» الآتية على لبنان.
على صعيد آخر، قال الرئيس بري أمام زواره مساء أمس انه مرتاح للوضع الداخلي ولا يخشى عليه، واشار الى ان هذا الاسبوع سيتركز فيه العمل على مناقشة واقرار الموازنة، وهذا امر مهمّ، معرباً عن اعتقاده بأنه بذلك ساهم في محاربة الفساد والهدر بنسبة كبيرة تصل الى 60 %.
واوضح ان النواب سيقدمون مداخلات في جلسة الموازنة المقررة لـ 3 أيام، وسيتطرقون بطبيعة الحال الى مواضيع سياسية عديدة.
الجمهورية :
إنتقال التركيز الأميركي - السعودي على طهران و»حزب الله» لم يترجَم بعد تصعيداً عملياً، إنّما رفعَ منسوب المواقف التصعيدية، ويؤشّر إلى دخول المنطقة في مرحلة جديدة لا يمكن التكهّن بمسارها ومآلِها وتداعياتها، ما أثارَ مخاوفَ من انهيار الاستقرار العام، فيما تبدو الساحة اللبنانية كأنّها ستبقى محيَّدةً حتى إشعار آخَر عن الكباش الأميركي - السعودي مع إيران تجنّباً لتمدّدِ الأزمة السورية وحِرصاً على ملفّ النازحين، ولكن هذا لا ينفي أنّ الأمور مفتوحة على احتمالات شتّى، خصوصاً في حال احتدامِ المواجهة وشعورِ جميع الأطراف بالحاجة إلى رفعِ مستوى المواجهة بالانتقال من الرسائل الصوتية إلى الرسائل العملية.
فرَض المشهد الدولي والإقليمي الساخن نفسَه على الأجواء المحلّية، إلّا أنّ المظلة الدولية لحماية لبنان واستقراره لا تزال قائمة، إن لم تكن أقوى من ذي قبل، على حدّ تأكيد مصادر ديبلوماسية لـ»الجمهورية»، قائلةً «إنّ التهدئة في لبنان مطلوبة داخلياً وخارجياً.
من جهتِها، قالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»: «إنّ الوفاق «ماشي» ومستمر ويُظلّل الحكومة، ولا مصلحة لأحد من أعضائها المستفيدين منها في تفجيرها والتسبّبِ بدوّامة على أبواب الانتخابات النيابية». وأضافت: «لنفترضْ أنّ الحكومة فرَطت، فلن تتشكّل حكومة جديدة من دون «حزب الله»، فالحزب قوّة سياسية في البلد وجزء اساسي في المعادلة اللبنانية، ولا أحد يستطيع تجاوزَه».
وعلى رغم هذه التطمينات، إضافةً إلى إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري من روما الجمعة الفائت أنّ «لبنان غيرُ معني بالأزمة الأميركية - الإيرانية وأنّ المواضيع الخلافية الداخلية لن تدفع الى الاستقالة، وأنّ الحكومة لن تتفجّر، استمرّ التوتّر الكلامي الداخلي، وارتفعَ منسوب الاتهامات المتبادلة بين مكوّنات الحكومة، ما دفعَ مرجعاً سياسياً إلى القول «إنّ من يتابع مواقفَ اهلِ السلطة، خصوصاً في الساعات الـ 24 الأخيرة يقع في حالةِ ضياع او قرَف، فيوماً يتّفقون على كلّ شيء ويوماً يختلفون على كلّ شيء، فبَعد سجالاتِ ما قبل جلسة مجلس الوزراء الاخيرة، انعقدت الجلسة واتّخِذت فيها قرارات، كتعيين اعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي وتوفير اعتماد تمويل الانتخابات النيابية، بعدما كانوا توزّعوا أخيراً التشكيلات القضائية، وما إن انتهوا حتى عادت السجالات تطلّ برأسِها على رغم كلّ التطورات في المنطقة».
وتبعاً لذلك، فُتِحت النار بين وزارتَي الداخلية والخارجية، إذ رَفع وزير الداخلية نهاد المشنوق سقفَ الانتقاد لسياسة وزارة الخارجية، حيث اعتبَر أنّ «السياسة الخارجية اللبنانية شاردة»، منتقداً سلوكَ وزير الخارجية جبران باسيل من دون أن يسمّيه.
وقال: «إنّ التمادي في هذا الاتجاه السياسي يعرّض التضامنَ الحكومي لمخاطر جدّية»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن الاستمرار في سياسة الصدمة والإلزام والإرغام»، ومشدّداً على أنه يُفرّق «بين رئيس الجمهورية الذي له كلّ احترام وتقدير وعلاقتُنا قائمة على الصراحة والوضوح المتبادل، وبين سياسة وزارة الخارجية التي تتعارَض مع الأعراف الحكومية والبيان الوزاري».
ورأى المشنوق أنّ «سياسة النأي بالنفس التي كانت أحدَ بنود التسوية الرئاسية، قد تعرَّضت لضربات في الفترة الأخيرة، إنْ على صعيد زيارة عددٍ من الوزراء إلى سوريا ومشاركتهم في معرض دمشق الدولي، أو في لقاء نيويورك بين وزير الخارجية جبران باسيل ووزير خارجية سوريا وليد المعلم، الذي لم يكن منسَّقاً مع رئيس الحكومة، كما تنصّ بنود التسوية».
وأوضَح أنّ «نتائج الحكومة الائتلافية ليست ممتازة، لكن هناك إمكانية جدّية لإنجاز مشاريع، إنْ على صعيد بيروت أو على صعيد لبنان، بطريقة معقولة، وتحويلها إلى التنفيذ».
وردَّ باسيل على المشنوق سريعاً، فقال مِن سوق الغرب، عن سياسة لبنان الخارجية: «مَن لا تعجبه سياستُنا الخارجية المستقلة هو المستتبع للخارج وغير المعتاد على العيش بلا تبَعية، أمّا نحن فنعيش ورأسُنا مرفوع». وقال: «إنّنا نسامح لكن لا ننسى، وتاريخُنا نفتخر به»، مشيراً إلى «أنّ المصالحة ليست استلحاقاً بالآخر أو استتباعاً له، وهي لم تكتمل وقواعدُها معروفة».
وكان باسيل قد اعتبَر من رشميا «أنّنا في نزاعٍ مع الوقت ويؤخّروننا حتى تصبحَ وزارة الطاقة والمياه مع غيرنا، ولكن هذا لن يحصلَ «شو منعمِلّن». واعتبَر أنّ «من يؤخّر ملفَّ الكهرباء هدفُه عدم تأمين الكهرباء قبل الانتخابات النيابية فقط لا غير، وما يفعلونه بالكهرباء يمارسونه في النفط ومارَسوه في قانون الانتخاب، والخاسر هو الناس، لأنّ الوقت يَضيع ودائماً يبتدعون الحجَج».
جنبلاط
ودخل رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط على خط التراشق بين المشنوق وباسيل، فغرَّد عبر «تويتر»، فقال: «السلام عليك يا بطريرك السلام مار نصرالله بطرس صفير».
وفي تغريدةٍ لاحقة قال جنبلاط: «السلام عليكَ يا بطريرك المحبّة مار بشارة بطرس الراعي».
وكان النائبان أكرم شهيّب ووائل ابو فاعور قد ردّا على باسيل، فشدَّد الاوّل مجدّداً «على أنّ المصالحة راسخة وتُشكّل خطاً أحمر في مسيرتنا السياسية التي لم ولن تُبنى على مقعدٍ نيابي بالزائد أو بالناقص». فيما اعتبَر ابو فاعور أنّ «أهل المصالحة في الجبل وفي تنوّعِهم لن ينصتوا لأيّ خُطبٍ تحريضية، لأنّ المصالحة باتت واقعاً لن ينالَ منه أحد، وسنستمرّ في تكريسها ولن نُستدرج إلى منطق الكراهية ونبشِ القبور».
جعجع
ومِن أوستراليا، وبعدما دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى المبادرة من أجل استعادة قرار الدولة، شدّد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على أنّ «قيام الدولة له منطقٌ معيّن لا يتحمّل التأويل ولا الإشراك، لا يوجد نِصف دولة، فإمّا دولة موجودة أو لا دولة، وأولى مقوّمات قيام الدولة هي أن يكون القرار الاستراتيجي في يدها، بالإضافة الى حصريةِ استعمال السلاح، وهذان الشرطان غير متوافرين في لبنان».
وطالبَ الحكومة اللبنانية باتّخاذ قرار في شأن عودة النازحين «لأنه قرار سياديّ قبل أيّ شيء آخر»، مشدّداً على «ضرورة أن تقوم الحكومة بالترتيبات المطلوبة لإعادتهم الى بلدهم».
ملفّ النازحين
وفي شأن ملفّ النازحين، من المقرر أن يبدأ التعاطي الرسمي الجدّي مع هذا الموضوع اعتباراً من هذا الاسبوع، فينتقل رئيس الجمهورية، الذي كانت له مواقف صارمة ووطنية بهذا الملف، الى مرحلة التدابير وإجراء مشاورات اقليمية ودولية يفترض ان تبدأ من اليوم بلقاء مع سفراء الدول المعنية يَستتبعها بلقاء سفراء الدول المانحة ليَطرح عليهم خطة تنفيذية لعودة النازحين لكي لا يصبح مطلبُ إعادتهم صوتاً صارخاً فقط.
وفي هذا السياق، كشَفت مصادر ديبلوماسية مطّلعة لـ»الجمهورية» انّ سفراء الدول الخمس الكبرى ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي سيَحضرون الى قصر بعبدا في الساعات المقبلة ملبّين دعوةَ رئيس الجمهورية للتشاور في التطوّرات على الساحتين اللبنانية والمنطقة.
وقالت هذه المصادر إنّ فريق عمل عون أنجَز ملفّاته الى هذه اللقاءات حيث يُتوقّع ان يشرَح رئيس الجمهورية للسفراء، بالإضافة الى ممثلي المنظمات الدولية الكبرى في وقتٍ لاحق، مضمونها، وخصوصاً ما يتصل بالأسباب والدوافع التي قادت إليه وما بلغه حجم النزوح على الأراضي اللبنانية والنتائج السلبية التي ترتبت عليه على كلّ المستويات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والصحّية، عدا عن المنافسة التي تسبَّبت بها اليد العاملة السورية في الأسواق اللبنانية.
الحريري في ايطاليا
على صعيدٍ آخر، وعشية اللقاءِ المرتقب بين الحريري ونظيرِه الإيطالي باولو جينتيلوني، قالت مصادر الوفد اللبناني في روما لـ»الجمهورية»: «إنّ اللقاء سيركّز على الوضع العام في لبنان والمنطقة من بوّابة العلاقات المميّزة بين لبنان وايطاليا على أكثر من مستوى، وسيتناول عنوانَينِ أساسيَين هما: التحضيرات الجارية لمؤتمر روما ونتائج الاتّصالات التي جرت لجمعِ اكبرِ عددٍ من الدول المانحة المشاركة فيه، والتوقّعات في شأن حجمِ المساعدات العسكرية للجيش اللبناني لأنّ هذا الموضوع يشكّل العنوان الأساس للمؤتمر».
برّي والموازنة
على صعيد آخر، أنجَزت دوائر مجلس النواب التحضيرات لـ»ثلاثية الموازنة» التي تنطلق غداً في مجلس النواب بجلسات نهارية ومسائية، وبشهيّةٍ نيابية مفتوحة على الكلام، خصوصاً انّ وقائع الجلسة منقولة مباشرةً على الهواء عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.
وتوقّعَ رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن تسير مداخلات النواب في جوّ هادئ بعيد من التشنّجات، انعكاساً للأجواء السياسية الهادئة بين القوى السياسية. على ان يليَ ذلك إقرارُ مشروع قانون الموازنة للسَنة الجارية 2017 بطريقة انسيابية بما يُلغي الوضعَ الشاذّ الذي عاشَه البلد بلا موازنة منذ العام 2005، ويعيد بالتالي الوضعَ الماليّ والاقتصادي في البلاد الى الانتظام في مساره الطبيعي.
وأكّد بري امام زوّاره أمس، انّ إقرار موازنة السنة الجارية يفتح المجالَ لإنجاز موازنة السنة المقبلة في أسرع وقتٍ ممكن، خصوصاً أنّ التحضيرات في شأنها قطَعت أشواطاً متقدمة، بما يؤشّر الى إمكان إحالتها من الحكومة الى المجلس النيابي في القريب العاجل.
واعتبَر بري «أنّ معاناة لبنان الدائمة هي من الفساد الموجود على غير صعيد، وأنّ إقرار الموازنة من شأنه ان يلغيَ بين 50 إلى 60 في المئة من هذا الفساد. وهذا لا يعفي أبداً من إطلاقِ حملةٍ سريعة بعد الانتهاء من الموازنة لمواجهة هذا الفساد».
وشدَّد على «انّ الانتخابات النيابية باتت أمراً واقعاً ولا مفرّ مِن إجرائها في مواعيدها»، إلّا انّه حرصَ على إعادة تأكيد أهمّية اللقاء الثلاثي الذي جَمعه في كليمنصو أخيراً مع الحريري وجنبلاط، مشدّداً على انّ هذا اللقاء «لا يستهدف أيّ فريق لبناني، بل كان لمصلحة لبنان وأوحى بالدرجة الأولى إلى التحصين».
وأكّد بري أنّه مطْمئن للوضع الداخلي في لبنان، منوِّهاً بمواقف الأفرقاء جميعاً ومقاربتهم المسؤولة للتطوّرات المتسارعة دوليّاً وإقليمياً.
اللواء :
هل اعتاد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل على إثارة المواقف السجالية، غير عابئ بتداعياتها على التسوية السياسية، التي ما تزال تحكم الوضع الداخلي، على الرغم من التوتر الدولي - الإقليمي، الذي يكاد ان يلامس حدود «الازمة الكبرى» المفتوحة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران؟
عشية مناقشة جلسات الموازنة، التي تبدأ غداً، فاجأ باسيل الوسط السياسي بنكء جراح احداث الجبل أو حرب الجبل عام 1983، عندما قال في افتتاح محوّل معمل كهرباء رشميا: آن أوان العودة السياسية بفعل قانون الانتخاب الجديد.. نحن لا نسعى لنبش الماضي، لكن حق المعرفة طبيعي وكل إنسان من حقه ان يعرف أهله أين، ترابهم أين، عظامهم أين.. وهذا ليس محاسبة بل علاج.
واعتبر ان المصالحة ليست استلحاقاً بالآخر واستتباعا له، وهي لم تكتمل وقواعدها معروفة..
واشعلت هذه المواقف الصادمة مواقف سياسية ونيابية ووزارية فضلاً عن استيعاب أركان لقاء كليمنصو، نظرا لتزامن محاولات باسيل «تسميم مصالحة الجبل عام 2000، وتفخيخ التسوية السياسية، عبر ضرب المصالح اللبنانية مع العرب عرض الحائط، مما يُهدّد التسوية السياسية «ويعرض التضامن الحكومي لمخاطر جدية» على حدّ تعبير وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، الذي قال في معرض تعليقه امام حشد من جمعية «متخرجي المقاصد الإسلامية في بيروت «ان الاستمرار بسياسة الصدمة والإلزام والارغام»، مفرقاً بين رئيس الجمهورية «الذي له كل احترام وتقدير»، وبين سياسة وزارة الخارجية التي تتعارض مع الأعراف الحكومية والبيان الوزاري، معتذراً من مصر حكومة وقيادة وشعباً عن «تصويت لبنان ضد مرشحتها في الأونيسكو لصالح مرشّح قطر في حال ثبت هذا الأمر».
وفي هذا الإطار كشفت مصادر ديبلوماسية في باريس لـ «اللواء» تفاصيل التصويت اللبناني في المرحلة الثالثة لانتخابات الأونيسكو ولمصلحة المرشح القطري، حيث تبين ان تعليمات الخارجية في بيروت قضت باستبدال المندوب اللبناني الدائم السفير خليل كرم، بالسفير اللبناني في العاصمة الفرنسية رامي عدوان المقرب من الوزير جبران باسيل، مع التأكيد على التصويت لمرشح قطر، في الجولة الثالثة من الانتخابات، ضد المرشحة المصرية.
وأشارت هذه المصادر الى ان المندوب اللبناني في اليونيسكو السفير كرم هو رئيس المجموعة العربية في المنظمة الدولية للثقافة والعلوم، ومعروف بعلاقاته الجيدة مع مختلف مندوبي الدول العربية.
وذكرت المصادر الدبلوماسية ان لبنان عاد وصوّت إلى جانب المرشحة الفرنسية اودري ازولاي في الجولة الرابعة والاخيرة التي أسفرت عن فوز فرنسا بمقعد المدير العام للمنظمة الدولية، وخسارة المرشح القطري.
بالمقابل، أوضحت مصادر دبلوماسية لـ «اللواء» ان تحركا ديبلوماسيا يقوده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يستهله بلقاء سفراء الدول الكبرى في الساعات القليلة المقبلة ويتركز فيه البحث على الأوضاع والنازحين السوريين. وقالت المصادر ان الرئيس عون يشرح موقف لبنان ويعرض وجهة نظره والحلول التي يقترحها لمعالجة الملفات.
مؤتمر روما
ويختتم الرئيس الحريري اليوم زيارته بلقاء نظيره الإيطالي جنتليوني.
وقال مصدر مطلع لـ «اللواء» في روما ان البحث سيتركز على التحضيرات اللازمة لعقد مؤتمر روما المخصص لدعم الجيش اللبناني.
وأشار إلى رغبة اوروبا لدعم الجيش بالمعدات وبالتدريب والمساعدات انطلاقاً من ان دعم الجيش يؤدي إلى تثبيت الاستقرار ومحاربة الإرهاب.
سجالات المحاور المتخاصمة
وعكست السجالات السياسية التي اندلعت نهاية الأسبوع، صورة الوضع الحكومي غير السوي، فضلا عن العلاقات بين القوى السياسية المؤتلفة ضمن التسوية السياسية التي انتجت العهد الحالي، لا سيما وأن هذه السجالات لم توفّر الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي على خلفية انتقادات الأخير للحكومة، ورد الحريري بأنه سيرد عليه بعد عودته إلى بيروت اليوم من زيارته الحالية إلى روما، أو من خلال عقد جلسة لمجلس الوزراء في طرابلس، في حين ان «نجم» هذه السجالات كان الوزير باسيل، الذي لم يوفّر بدوره من انتقاداته لا وزير الداخلية المشنوق، ولا مصالحة الجبل التي اعتبرها منقوصة، ولا عودة حقيقية الا في أقلام الاقتراع، مما استدعي ردوداً من العيار الثقيل من نائبي الحزب التقدمي الاشتراكي اكرم شهيب ووائل أبو فاعور، بينما اكتفى النائب وليد جنبلاط في رده على باسيل باستذكار البطريرك السابق نصر الله صفير، قائلاً عبر «تويتر»: السلام عليك أيها البطريرك صفير».
ولم ينج تفاهم معراب بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية، من وقائع هذا السجال، ولو من وراء البحار، حيث ردّ مصدر في التيار على دعوة رئيس حزب «القوات» سمير جعجع الموجود حالياً في سيدني في اوستراليا، للرئيس ميشال عون باستعادة الدور السياسي للدولة بإعادة النازحين السوريين، معتبرا ان قرار الحكومة مصادر من قبل وزيري حزب الله.
مع ان جعجع كان يتحدث في احتفال للتيار بذكرى 13 تشرين 1990.
ردّ مصادر التيار كان صاعقاً، إذ اعتبر الحديث عن مصادرة القرار الحكومي بأنه اهانة لكل المشاركين في الحكومة، مشيرا لماذا لا يستقيل هؤلاء من الحكومة عندما يعتبرون قرارها مصادراً.
ودعت هذه المصادر إلى عدم المزايدة على التيار الذي يعتبر نفسه رأس حربة في قضية عودة النازحين.
على ان السجال الاعنف الذي رسم صورة قاتمة للوضع الحكومي، جاء على خلفية ما كشفته «اللواء» يوم السبت، حول «الفضيحة الديبلوماسية» والتي تمثلت في تصويت المرشحة اللبنانية لمنصب المدير العام لمنظمة الأونيسكو، قبل انسحابها لمصلحة المرشح القطري ضد المرشحة المصرية الدكتورة مشيرة خطاب، الأمر الذي دفع الوزير المشنوق، خلال افطار اقامته جمعية المقاصد الإسلامية في بيروت، إلى الاعتذار من مصر، بما «امثل ومن امثل حكومة وقيادة وشعبا»، مشيرا إلى ان مصر «دولة موزونة وموضوعية وهادئة، ودورها بناء في لبنان، وكان لها دور في دعم التسوية الرئاسية وفي تشكيل الحكومة، ولديها دوما رغبة في المحافظة على الاستقرار وعلاقاتها ممتازة بكل الفرقاء اللبنانيين».
وهاجم المشنوق السياسية الخارجية اللبنانية التي وصفها «بالشاردة» منتقداً سلوك الوزير باسيل دون ان يسميه».
ولم يتأخر ردّ باسيل على المشنوق، والذي جاء بدوره، خلال افتتاح مكتب للتيار في سوق الغرب، حيث اعتبر وزير الخارجية ان «من لا تعجبه سياستنا الخارجية المستقلة هو المستتبع للخارج».
وكان باسيل الذي جال أمس في عدد من قرى قضاء عاليه، يرافقه وزيرا التيار سيزار أبي خليل وطارق الخطيب، ودشن محولا للكهرباء في رشميا، قد تطرق إلى مصالحة الجبل التي رعاها البطريرك الماروني نصر الله صفير والنائب وليد جنبلاط في العام 2000، معتبرا ان العودة لم تتم والمصالحة لم تكتمل، وأن الجرح لم يختم، مشيرا إلى انه يسامح مثل كل النّاس ولكننا لن ننسى». لافتا إلى ان مفاتيح العودة تكون بالانتخابات المقبلة، وبتمثيل أهل هذه المنطقة التمثيل العادل والكامل، موضحا ان المصالحة ليست استلحاقاً بالآخر أو استتباعاً وهي لم تكتمل.
وبتفويض من المختارة، جاء ردّ النائبين شهيب وأبو فاعور سريعاً، من دون ان يسميا باسيل بالاسم، اللذين اكدا ان «مصالحة الجبل راسخة وتشكل خطاً أحمر في المسيرة السياسية التي لم ولن تبنى على مقعد نيابي بالزايد أو بالناقص».
وقال شهيب ان «عيشنا الواحد في الجبل ينطلق من الإيمان بسياسة الانفتاح على أهلنا وجيراننا وجميع القوى السياسية في الجبل، منذ ان تجاوزنا مآسي الحروب الداخلية، واننا تأكيداً على ذلك شاركنا عن قناعة تامة في انتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً للبلاد ايماناً منّا بوحدة مكونات المجتمع اللبناني وصوناً للوطن».
أما أبوفاعور فأكد بدوره ان المصالحة باتت واقعاًَ، ولن ينال منه أحد، وسنستمر في تكريسها، ولن نستدرج إلى منطق الكراهية ونبش القبور».
ولفت إلى ان لقاء كليمنصو لم يكن له هدف انتخابي، بل هدفه سياسي للحفاظ على الاستقرار السياسي والوطني والسبل الآيلة إلى ذلك.
سباق ماروني
وسط هذه الأجواء الملبدة، أدرجت جولة د. جعجع في استراليا في إطار السعي لكسب أصوات النازحين هناك لمصلحة مشروعه، على الرغم من استثمار الوزير باسيل إمكانيات الوزارة لكسب هؤلاء للتصويت إلى مرشحي تياره.
وتتحدث المعلومات عن عزم رئيس حزب الكتائب سامي الجميل القيام بجولة أميركية لهذا الغرض، وكذلك رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون، فضلاً عن تأكيد رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية العمل الدؤوب لتياره مع المقترعين.
جلسات الموازنة
وعلى واقع السجالات الداخلية وارتفاع وتيرة التخاطب حكومياً ونيابياً، تلتئم الهيئة العامة للمجلس النيابي غداً الثلاثاء في جلسة سريعة وقصيرة للتجديد لهيئة مكتب المجلس وأعضاء اللجان النيابية، من دون حصول تغييرات جذرية على قاعدة عدم تغيير التوازنات القائمة لقصر المهلة المتقية أمام عمر المجلس. ومن ثم يلي ذلك جلسة ماراتونية لمناقشة العام 2017، للمرة الأولى منذ آخر موازنة تمّ إقرارها في العام 2005، من المقرّر أن ثُبت وقائعها على الهواء مباشرة وعلى مدى ثلاثة أيام صباحية أو مسائية، ما يفتح الباب أمام طرح كل الملفات والمواضيع، لا سيما وأن الشهية الانتخابية ستكون بدورها مفتوحة، حيث قد لا يتاح للنواب تكرار هذه الفرصة الا في حال حصول جلسات مناقشة، بحسب ما وعد الرئيس نبيه برّي.
ورغم ان النتيجة معروفة لجهة إقرار الموازنة في نهاية هذه الجلسات، الا ان مسألة قطع الحساب ستأخذ جدلاً ومناورات قبل إقرار الصيغة التوافقية التي اقترحتها الحكومة لجهة اقرار المشروع المعجل بتأجيل تقديم قطع الحساب بين ستة أشهر وسنة، كالتفاف على المادة 87 من الدستور لتسهيل تمرير الموازنة، مع الإشارة إلى ان التفاهم الرئاسي سيفرمل أي دعسات ناقصة، ويمنع النواب من تخطي السقف المسموح به سياسياً.
قانون الانتخاب
وإذا تسنى للرئيس الحريري بالوقت، فانه، حسب ما هو مقرر، سيدعو اللجنة الوزارية المكلفة البحث في قانون الانتخاب إلى الاجتماع غداً في السراي الحكومي، لاستكمال البحث في تفاصيل الآلية التقنية للعملية الانتخابية، لتقرير الإجراءات الإدارية والتقنية اللوجستية التي ينبغي ان تتخذ، وسط استمرار الانقسام بين الأطراف السياسية الممثلين في اللجنة حول مسألة التسجيل المسبق للناخبين خارج أماكن قيدهم، رغم ان هذه الاطراف تقر بأن الوقت بات واضحاً ولم يعد يسمح بانجاز لا بطاقة الانتخاب الممغنطة ولا بطاقة الهوية البيومترية لجميع الناخبين، الأمر الذي يعني ان ثمة تعديلات يجب إدخالها على قانون الانتخاب الذي ينص على اعتماد البطاقة الانتخابية وعلى قضايا اجرائية أخرى مثل التسجيل المسبق، ما يستدعي أيضاً توافقاً سياسياً، لكي يتسنى للمجلس عقد جلسة تشريعية لهذا الغرض، علماً ان البلاد ستكون امام إشكالية دستورية وقانونية وزمنية حقيقية في حال تعذر التوافق، لا يعرف أحد كيف يتم تجاوزها، في ظل إصرار جميع القوى السياسية على إجراء الانتخابات في موعدها المقرّر في أيار من العام المقبل.
وذكرت مصادر متابعة لعمل اللجنة، انها ستبحث في الاجتماع آلية تطبيق قانون الانتخاب وما سيطرحه وزير الداخلية من إجراءات وتدابير يجب ان تتخذ على عجل بسبب ضيق الوقت، سواء لجهة تقرير الموقف من التسجيل المسبق للناخبين الراغبين في التصويت لكن في مناطق سكنهم وليس في مناطق قيدهم، وهل سيُعتمد المركز الانتخابي الكبير «ميغاسنتر» أم لا، وهل ستُعتمد بطاقة الهوية البيومترية للراغبين فقط بالانتخاب في اماكن سكنهم ام لا، وما هي كلفة الانتخابات المالية حسب القرار الذي سيتخذ سواء سلباً ام إيجاباً؟
وأوضحت المصادر انه في ضوء القرار تتقرر الاجراءات التقنية والادارية والكلفة المالية، لكن الامر بحاجة الى قرار سياسي من القوى المشاركة في الحكومة، ليُبنى على الشيء مقتضاه. مشيرة الى ان وزير الداخلية لم يقل ان كلفة الانتخابات هي المبلغ الذي طلبه بل هو طلب سلفة خزينة لإجراء العملية الانتخابية بقيمة سبعين مليار ليرة تقريباً لكن ليس بالضرورة ان يتم صرفها كلها، خاصة اذا تضاءلت الاجراءات التقنية للانتخابات كاستبعاد البطاقة الانتخابية او الهوية البيومترية والعودة الى بطاقة الهوية العادية او جواز السفر او الاقتراع في مكان القيد في المدن والقرى.
الاخبار :
تتسارع وتيرة التوتّر السياسي الداخلي، على وقع الضغوط الخارجية الأميركية والسعودية، وتفجّر الملفّات الخلافية من التنسيق مع الحكومة السوريّة وملفّ النازحين، إلى السّجال الدائر حول تصويت لبنان في انتخابات مدير منظمة اليونيسكو الأسبوع الماضي.
ومع أن غالبية القوى السياسية لا تزال تعلن تمسّكها بالتسوية الداخلية التي ولدت قبيل انتخاب الرئيس ميشال عون، والتحالف الوثيق لأكثر من عامٍ بين عون والرئيس سعد الحريري، إلّا أن العلاقة مع سوريا واللقاء الذي جمع وزير الخارجية جبران باسيل بنظيره السوري وليد المعلّم، عادا ليكونا مصدراً للخلاف بين عون والحريري، بالتوازي مع التباين الحاد تجاه حلّ أزمة النزوح السوري.
وعلمت «الأخبار» أن قراراً اتخذه الحريري خلال اجتماعٍ مع فريقه اللّصيق الأسبوع الماضي، يقضي برفع الصوت ضدّ اندفاعة رئاسة الجمهورية وحلفائها تجاه سوريا في ما خصّ أزمة النازحين، لصالح التمسّك بمعزوفة الضمانات الدولية لعودة النازحين إلى بلادهم، عوضاً عن التنسيق مع السوريين.
واستند أصحاب هذه السياسة، إلى أن رفع الصوت ضد هذا التنسيق، يشدّ أوّلاً عصب تيار المستقبل من الآن وحتى الانتخابات النيابية التي باتت أمراً واقعاً مع فشل محاولات تأجيلها، ويعيد إلى التيار عنواناً سياسياً مفقوداً، مقابل المزايدات على موقف التيار من حزب الله وسوريا خصوصاً من الوزير السابق أشرف ريفي. وثانياً، يتماشى هذا التصعيد الكلامي، مع التصعيد السعودي والأميركي ضد حزب الله وإيران وسوريا، بما يمتصّ نقمة الرياض على موقف الحريري الذي لم يرفع السقف إلى المستوى المطلوب سعوديّاً ضد حزب الله، وفي الوقت نفسه، لا يكسر تصعيد الحريري العلاقة التوافقية مع رئيس الجمهورية، طالما أن الطرفين اتفقا مع بداية التسوية على تنظيم الخلاف حيال العناوين السياسية الكبرى.
إلّا أن حماوة المشهد، باتت تهدّد بانهيار التفاهمات السابقة، خصوصاً بعد الأخذ والردّ بين الوزير نهاد المشنوق وباسيل أمس، على خلفية تصويت لبنان في اليونيسكو. وفيما تمسّكت وزارة الخارجية، في بيان لها، بعدم كشف التصويت اللبناني ولمن أعطى لبنان صوته بعد انسحاب المرشّحة اللبنانية في ظلّ التنافس الذي كان قائماً بين قطر ومصر مؤكّدةً أن الموقف اللبناني جرى بالتنسيق بين الخارجية ورئاستي الجمهورية والحكومة، تبّنى تلفزيون «المستقبل» كلام وزير الداخلية، الذي اعتذر من مصر «بما أمثل ومن أمثل، حكومة وقيادة وشعباً، على تصويت لبنان ضد مرشحها في الأونيسكو لصالح مرشح قطر في حال ثبت هذا الأمر». وأكّد المشنوق أن «سياسة وزارة الخارجية تتعارض مع الأعراف الحكومية والبيان الوزاري»، وأن «سياسة النأي بالنفس التي كانت أحد بنود التسوية الرئاسية، تعرضت لضربات في الفترة الأخيرة، إن على صعيد زيارة عدد من الوزراء إلى سوريا، أو لقاء نيويورك الذي لم يكن منسقاً مع رئيس الحكومة، كما تنص بنود التسوية». وفيما ترك وزير <