مازال الذبح معمول به في مصر على أيدي المتطرفين الإسلاميين ممن يخلون بالأمن وبطرق مختلفة لتقويض حكم السيسي الذي خلع الإخوان وشتتهم وجعل من مشروع أخونة نظم الحكم في العالم العربي والاسلامي مجرد أضغاث أحلام المرشدين الذين أفتوا للمسلمين وأجازوا لهم قتل كل نفس كافرة بما لا يؤمن به الإخوان لذا كانوا الأقباط وقود الحرب المفتوحة ما بين الجماعة ونظام العسكر في مصر.
أمس حصلت عملية طعن أو ذبح بالسكين أو بالسطور لخوري قبطي وقد تعددت الروايات حول مقتل الأب سمعان شحاتة من بني سويف وقد أفادت الأجهزة الأمنية بجملة أسباب أدّت الى أن تجري دماء قبطي مسيحي على يدّ معتوه ذبح بكل برودة أعصاب وبإطمئنان عالي الثقة رجل دين مسيحي كان يجمع التبرعات لرعية كنيسته أو انه تواجد في المكان الخطأ أو أن خلافه الشخصي مع القاتل على عقار أرداه قتيلًا وأوداه الى حتفه وقبره كما جاء في الروايات المصرية المتعددة.
إقرأ أيضًا: ماذا سيفعل حزب الله إن وضع الحرس الثوري على قائمة الإرهاب؟
زميل القتيل في الكنيسة القبطية قال ردًا على سؤال صحفي بأن الأب سمعان شحاتة قُتل أو طعن أوذبح بسكين مصري متطرف لأنه "أبونا" أيّ لأنه قبطي مسيحي ولا يوجد سبب آخر يُبرر للقاتل سفك دم رجل بريء تفرّغ للكنيسة والناس وإضاءة شموع الأحزان على مريم سيدة نساء العالمين وعلى صليب ابنها عيسى المسيح "إله" السلام.
طبعًا عملية قتل القبطيين ليست استثناءًا ففي كل وقت هناك متسع دائم لمواجهة الأقباط ولأتفه الأسباب كما هو سبب قتل الأب شحاتة وتتعدد فنون النيل من الجماعة القبطية وبواسطة أدوات قتل بديئية كالسكين والساطور أو متطورة كعبوات تفجير متقدمة الصنع أو من خلال انتحاريين سئموا من العيشة الضنكة وقرروا نسف أجسادهم بالمسيحيين لينعموا بملذات الآخرة وما فيها من نعم لا تزول.
حتى الآن لم تتمكن الأجهزة الأمنية من حماية الجماعة القبطية بنزع فتيل الرغبة لدى المصريين بالقتل نتيجة علاقة تاريخية مأزومة ما بين مسلمين وأقباط وقد لعب مسؤولون في الحكم وآخرون في الأحزاب الإسلامية في تحريض المجتمع دينيًا لصالح حسابات لها علاقة بالسلطة لا بالدين لذا بقيت المشكلة قائمة بين المصريين المسلمين والقبطيين دون وجود أي إمكانية لحل يريح البلاد والعباد من شرّ مستطير يرهق الأرواح بأبخس الأثمان.
تكمن خطورة الموضوع في دفع الأقباط الى العنف كرد فعل ممنهج باسم المسيحية على الفعل الاسلامي وبذلك يتم استحضار التجربة الصليبية من جديد وتسقط المحاولات الناجحة والتي أخرجت المسيحية من اختيار واختبار السيف كزائد عن الدين واذا ما عادت فعلى العالم السلام لأن العنف المستشري والتطرف القائم هو نتيجة إرهاب تمارسه "الدولة" الاسرائيلية باسم اليهودية ويمارسه مسلمون وإسلاميون باسم الإسلام يعني أن حجر الآثافي قد اكتمل لموقد نار مستعرة بين الأديان الثلاثة.
إقرأ أيضًا: إيران - تركيا - داعش - حزب الله حلفاء لا أعداء
من هنا على السلطة المصرية مسؤولية مباشرة في وضع حدّ لنزعة القتل أو الموت وبروح مطمئنة من خلال تصالح المجتمع مع نفسه وهذا ما يتم من خلال العمل على ورش متعددة في البيت المصري وداخل العائلة ومن خلال المنهاج التربوي والتعليمي والديني بالتعاون مع المعتدلين في الأزهر والكنيسة القبطية واعتماد الوسائط الإعلامية لا المُزكية للفتنة بل الوائدة لها وتجريم أي مخالفة داعية الى القتنة بإثارة النعرات الدينية بما لا يقوى عليه المرشدون للقتل الديني وتعزيز منطق الحوار في كل شيء كيّ يكون وحده أداة التواصل في مصر وهذا ما يتطلب تعزيز المشاركة السياسية باعتماد الديمقراطية والتخلي عن الشريعة الإسلامية كمصدر تشريع وورقة توت تستر بها السلطة عيوبها وفسادها.
ما نتمناه أمر صعب ومستصعب في مصر حيث يغني كل على ليلاه ولا أحد يساعد على بناء دولة يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات وإخراج الأديان من لعبة السلطة لتحرير المواطنين من عبء الإلتزام الديني والذي يدعوهم الى القتل والعنف والتطرف والإرهاب فيصنع منهم مجرمين يمتهنون أبشع أنواع الجريمة.