في الوقت الذي كان فيه الرئيس سعد الحريري يسمع من البابا فرنسيس، الذي التقاه أمس في الفاتيكان، انه «يجب الحفاظ على هذا اللبنان، لأنه فعلاً يُشكّل قدوة للمنطقة»، كانت أصداء وتداعيات ما وصف بأنه «فضيحة دبلوماسية» جديدة ترتبت على أداء وزير الخارجية جبران باسيل، الذي أعطى التعليمات لمندوبة لبنان في منظمة «اليونيسكو» (مؤسسة الأمم المتحدة للثقافة والعلم والتربية) المرشحة لمنصب مدير عام المنظمة الدولية، قبل انسحابها من المنافسة قبل أيام، إلى التصويت في الدورة الثالثة التي جرت أمس الأوّل لمصلحة المرشح القطري، ضد مرشحة جمهورية مصر العربية مشيرة خطاب.
وكشفت مصادر متابعة لانتخابات اليونيسكو في باريس لـ«اللواء» ان هذا التصويت رجَّح الكفة لمصلحة المنافسة بين المرشح القطري والمرشحة الفرنسية، وهو ما عجَّل بالاتفاق المصري -الفرنسي لمصلحة باريس.
وقالت مصادر دبلوماسية ان خطوة باسيل، تتعارض مع سياسة النأي بالنفس وخطاب القسم لجهة إقحام لبنان في لعبة المحاور، وانحيازه إلى جانب قطر، بمواجهة قوى الاعتدال العربي، لا سيما مصر والدول الحليفة لها في الخليج وبلاد المغرب العربي.
وحذرت هذه المصادر من تداعيات خطيرة لهذا الموقف «المنحاز» لمحور ما بمواجهة المحور الداعم للبنان سواء في مصر أو المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات.
وأشارت المصادر عينها إلى إمكانية ان تترتب نتائج ليست لمصلحة لبنان، لا سياسياً ولا اقتصادياً، في وقت يحتاج فيه لبنان لدعم أشقائه الاقربين لمواجهة الضغوط الدولية على استقراره وقطاعه المصرفي، وحتى على التسوية القائمة في البلاد.
الحريري والبابا
وفي مجال دبلوماسي وسياسي متصل، وعلى خلفية التصعيد غير المسبوق بين الولايات المتحدة وإيران، أعلن الرئيس الحريري بعد لقاء البطريرك الماروني مار بطرس بشارة الراعي انه علينا ان نحافظ على استقرار لبنان «ولا شأن لنا بما يجري بين الولايات المتحدة وإيران، ويجب ان ننتظر ما الذي سيحصل، وهذا الموضوع يستحق ان نجلس كحكومة وكدولة مع الأفرقاء السياسيين للبحث في كيفية مقاربته».
وفي ما خص اللقاء مع البابا فرنسيس والذي استغرق نصف ساعة فقد تمّ عرض آخر المستجدات في لبنان والمنطقة وانعكاسات الأزمة السورية على الأوضاع اللبنانية، والعلاقات مع الفاتيكان. وأشاد البابا برسالة لبنان في العيش المشترك الذي يُشكّل بالنسبة إليه مثلاً ومثالاً للمنطقة ويجب الحفاظ عليه، في حين أكّد الحريري «اننا كلبنانيين محظوظون بالعيش معاً، ومن واجبنا عدم التفريط بتفاهمنا، لأن «ما حدا أكبر من بلده» كما كان يقول الرئيس الشهيد رفيق الحريري».
وبعد انتهاء اللقاء، التقى البابا أفراد عائلة الرئيس الحريري وأعضاء الوفد المرافق، وتم التقاط الصور التذكارية وتبادل الهدايا، وتوجه الحريري بعد ذلك إلى مكتب أمين سر دولة الفاتيكان المونسنيور بيترو بارولين وعقد معه اجتماعاً استمر ساعة كاملة، اجريت في خلاله، بحسب المكتب الإعلامي جولة أفق شاملة تناولت الأوضاع في لبنان والأزمات التي تعصف بالمنطقة، خصوصاً الأزمة السورية وانعكاساتها السلبية على الأوضاع في لبنان، وتم تبادل وجهات النظر في كيفية مساعدة لبنان للتخفيف من وطأة وجود النازحين السوريين».
وفي مقر اقامته في فندق «أيدن» في روما، كشف الرئيس الحريري للصحافيين انه طلب من البابا فرنسيس وتمنى عليه زيارة لبنان، آملاً ان يكون ذلك قريباً، وقال ان البابا يريد فعلاً المجيء إلى لبنان، لأن هذا الامر سيكون فعلاً لمصلحة لبنان ولمصلحة المسلمين والمسيحيين في المنطقة.
13 ت1
ومن جهته، اعتبر الرئيس ميشال عون «ان عودة النازحين السوريين خطوة اساسية لوقف معاناتهم والحد من التداعيات على لبنان، متمنياً ان تحمل الانتخابات النيابية عقلية وذهنية جديدتين تتأقلمان مع المتغيّرات التي تشهدها دول العالم كافة.
واستذكر الرئيس عون ذكرى 13 تشرين الأوّل 1990، فاعتبر ان «اليوم هو زمن عودة الحق إلى اصحابه»، مشيراً إلى ان «قضيتنا لم تكن قضية عفوية ولا شعبوية، بل كانت قضية تمس أسس الدولة وقد تحققت».
وقال ان «الدولة التي لا تتمتع لا بسيادة ولا باستقلال ولا بحرية لا يمكن ان تبني نفسها بنفسها»، لافتاً إلى ان هناك اليوم مدرسة أخرى وصلت إلى الحكم من خارج المدارس التقليدية التي حكمت لبنان منذ الاستقلال إلى اليوم.
وقالت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان الرئيس عون سيوجه إلى اللبنانيين كلمة لمناسبة مرور سنة على توليه سدة رئاسة الجمهورية، سيقدم فيها ما تمّ إنجازه، وما يرغب في ان تكون عليه الخطوات المقبلة، مركزا على أهمية ايلاء الشؤون المتصلة بشؤون النّاس، كما على ضرورة الانصراف نحو مكافحة الفساد.
وأشارت هذه المصادر إلى ان الملف المتصل باللامركزية الإدارية يحتاج إلى وقت، لأن الولوج إليه يستدعي مساراً طويلاً.
إلى ذلك، علمت «اللواء» ان جلسة مجلس الوزراء الأسبوع المقبل ستغيب بسبب جلسات مجلس النواب لدرس وإقرار الموازنة. كما علمت ايضا ان الرئيس عون تعهد شخصياً بمعالجة موضوع فرز أراضي القاع بما ينعكس ايجابا على مصالح النّاس.
توضيحات المشنوق
وعلى الصعيد الانتخابي، وبعد ان قامت قيامة الوزراء على الكلفة الباهظة ماليا لاجراء الانتخابات النيابية، واعتبارها الانتخابات الاغلى ثمنا في العالم، قياسا إلى انتخابات العام 2009 التي لم تكلف الخزينة سوى 7 ملايين دولار، أوضح وزير الداخلية نهاد المشنوق، ان قيمة الاعتماد البالغة 50 مليون دولار الذي طلبه كمصاريف للانتخابات هي من قبيل الاحتياط، وليست مبلغاً نهائياً، لأن القوى السياسية لم تتفق بعد على آلية تطبيق قانون الانتخاب الجديد التي ستتحكم بالمصاريف النهائية.
عروض النفط والكهرباء
وعلى صعيد آخر، أوضح وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل لـ«اللواء»، انه سيرفع إلى مجلس الوزراء، حيث ينعقد، تقريرين حول عروض المزايدة في دورة التراخيص الأولى لشركات التنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية، وحول عروض شركات إنشاء معامل للكهرباء، مشيرا إلى ان مجلس الوزراء هو المكان الصالح لطرح الموضعين امامه لاتخاذ القرار، وهذا هو الاجراء الطبيعي، خصوصا بالنسبة للكهرباء حيث اعدنا المناقصة، لأنه لم يبق سوى عارض واحد.
وكان الوزير أبي خليل أعلن في بيان ان «هيئة إدارة قطاع البترول رفعت إليه أمس تقريرها الأول حول تقديم عروض المزايدة في دورة التراخيص الأولى التي اختتمت يوم أمس.وقد تبين من تقرير الهيئة أن ائتلاف الشركات المكون من الشركة الفرنسية Total SA والشركة الإيطالية ENI International B.V والشركة الروسية JSC NOVATEK، قدم طلب مزايدة للحصول على رخصة بترولية في الرقعة/البلوك رقم 4، وقدم هذا الائتلاف طلبا آخر في الرقعة/البلوك رقم 9.
وقال: «إزاء ما تم عرضه، نعلن أن نتائج دورة التراخيص الأولى كانت إيجابية حيث استطاع لبنان أن يجذب شركات عالمية تتمتع بخبرات عالية في الاستكشاف وتطوير حقول الغاز، والوصول الى الأسواق العالمية لتصدير البترول إليها، في حين أن العدو الإسرائيلي قد أجل دورة المزايدة لديه ثلاث مرات من دون الوصول الى أي نتيجة حتى الآن».
ولفت إلى انه ينتظر تقرير الهيئة الثاني الذي سيتضمن نتائج العرضين الآخرين المقدمين، وأن الوزارة ستعلن تباعاً عن كل مراحل دورة التراخيص الأولى، وما سينجز من خطوات وقرارات في هذا القطاع».
وبالنسبة لمناقصة استدراج العروض لاستقدام معامل لتوليد الكهرباء، فقد علمت «اللواء» ان إدارة المناقصات في التفتيش المركزي قررت فتح استدراج عروض جديدة، وللمرة الثالثة، بعدما رفضت عروض ثلاث شركات تقدمت للمناقصة لعدم استيفاء الشروط، ولم يفتح عرض الشركة الرابعة، وهي شركة «كاردينيز» التركية، لعدم جواز بقاء شركة واحدة ما يمنع المنافسة.