يكاد التيار الوطني الحر يكون الأكثر نشاطاً وتنظيماً لماكينته الانتخابية، نظّم مراكز احصاء ضم إليها موظفين عاملين في هذا المجال، لإجراء احصاءات متواصلة لاستبيان آراء المواطنين بشأن وجهة أصوتهم التفضيلية، بدأت مرحلة تحضير الداتا بشكلها التفصيلي، وفي كل دائرة انتخابية، استحدث التيار مركزاً لذلك.
إلى جانب دائرة الشمال الأساسية التي سيترشح فيها الوزير جبران باسيل، وتضم بشري وزغرتا والكورة والبترون، فإن العمل بدأ بشكل كثيف في دائرة المتن، وبدأت الماكينات الانتخابية للمرشحين والأحزاب العمل على كل المستويات تحضيراً للمعركة، الأكيد حتى الآن أن هناك ثلاث لوائح ستشكل في المتن، لائحة للتيار الوطني الحر والطاشناق، وأخرى للقوات اللبنانية، وثالثة للكتائب والنائب ميشال المر في دائرة المتن، أصبح مرشحو التيار معروفين، النائب إبراهيم كنعان ثابت، وكذلك الوزير السابق الياس بو صعب، وادي معلوف، تضم هذه الدائرة 2 أرثوذكس، 4 موارنة، أرمني، وكاثوليكي.
في استطلاعات الرأي يتقدّم بو صعب على النائب غسان مخيبر، لكن الثاني قادر على حشد مزيد من الأصوات للائحة. وهذا ما يؤدي إلى حراجة في موقف التيار، لأنه يخشى من حصول أي تغيير في المزاج الشعبي، وتقدّم مخيبر في الصوت التفضيلي على بو صعب، وبالتالي حلوله هو مكان وزير التربية السابق وهذا ما لا تريده رئاسة التيار، وما يحتاج إلى مزيد من التفكير لحسم الموضوع.
سيفوز التيار بالمرشح الكاثوليكي، لأنه لن يكون هناك مرشّح قوي قادر على مواجهة أدي معلوف فيما استطلاعات أخرى خارجة عن التيار، تشير إلى أن المرشح جورج عبود، وهو حزبي في التيار وممول سابق له، يتقدم على معلوف، إلا أن لا مؤشرات لدى التيار لتبنيه، فيما ماكينته الخدماتية بدأت العمل بشكل مكثّف وسيفوز التيار بمرشح ماروني، إذ يتصدر النائب إبراهيم كنعان أرقام الاحصاءات، وبمرشح أرثوذكسي هو بو صعب، بالإضافة إلى المرشح الأرمني الذي سيطرحه حزب الطاشناق. لكن الأرمن سيواجهون مشكلة أساسية، فهم كانوا في الانتخابات الماضية، مع التيار لكنهم منحوا أصواتهم للمر، واليوم في ظل القانون الانتخابي الجديد فإن التشطيب ممنوع، ويجب الإلتزام باللائحة كما هي وفيما يؤكد الطاشناق وقوفه في صف رئيس الجمهورية، فهذا يعني أنه لن يكون قادراً على تجيير الأصوات لمصلحة "أبو الياس" ما قد يتسبب بعدم التزام كامل لدى القاعدة الأرمنية، وقد يؤثر سلباً على لائحة التيار.
في المقابل، فإن الاحصاءات تشير إلى أن النائب سامي الجميل، سيفوز بالمقعد الماروني الثاني، فيما سيحل مرشّح القوات في المقعد الماروني الثالث، لتنحصر المعركة على المقعد الماروني الرابع، كما تنحصر على مرشّح المقعد الأرثوذكسي الثاني وهنا تختلط الأوراق فإذا ترشّح النائب ميشال المر مع الكتائب حسبما تشير المعطيات الآن، يعني أن لائحة المر الكتائب ستحصل على نائبين، وعليه تبقى المعركة متركزة على المقعد الماروني الرابع وهذا المرشّح غير واضح بعد بالنسبة إلى التيار فالأرقام الاحصائية تشير إلى تقدّم النائب نبيل نقولا، لكن هناك إرادة داخل التيار لاقصائه واستبداله بإبراهيم ملاح، أو بطانيوس حبيقة من بسكنتا التي تضم العدد الأكبر من الأصوات في جرد هذه الدائرة، إلا أن نقولا يمثّل رمزية داخل التيار، لأنه رافق عون طوال سنوات وجوده في فرنسا، بصفته طبيبه الشخصي.
إلا أن حسابات التيار في ترشيح ماروني رابع على لائحته، تختلف عن حسابات المرشحين الموارنة على لوائح التيار، لأن المرشحين لا يريدون ترشيح ماروني قوي، كي لا يأخذ من دربهم الأصوات التفضيلية ويؤثر عليهم سلباً، وهنا يواجه التيار مشكلة، مقارنة مع القوى والأحزاب الأخرى، فالقوات معركتها واضحة، ولديها مرشّح واحد قابل للفوز، وكذلك الكتائب والمر.
إذاً، تتركز معركة القوى واللوائح في هذه اللائحة، على مرشحين غير محسومين وبما أن قوة كل طرف معروفة وواضحة، فإن كل طرف يسعى إلى استقطاب أصوات الطوائف التي لا مقاعد في الدائرة لها، على أن تكون قابلة للمقايضة في دوائر أخرى يضمن التيار أصوات الشيعة في الدائرة، ويسعى لاستقطاب أصوات مناصري الحزب السوري القومي الاجتماعي، فيما تضمن القوات أصوات السريان، مقابل حصول الكتائب والمر على جزء من هذه الأصوات، لذلك، تصر القوات على الفوز بمرشح ثانٍ، من خلال الرهان على تحالفاتها السياسية، لا سيما أنها تراهن على أصوات الدروز، الذين يصل عددهم إلى نحو 1500 مقترع، تسعى القوات لأن تجيّر هذه الأصوات لمرشّحها الثاني لعلّها تستطيع ايصاله إلى الندوة البرلمانية.