مطلع الشهر الجاري، زار قائد الجيش العماد جوزف عون العاصمة الأردنية عمان، حيث التقى الملك عبدالله بن الحسين وكبار المسؤولين العسكريين في المملكة. وبعد عودته، انتشرت معلومات عن حصول الجيش على «هدية» من الأردنيين، تضم عربات مدافع وناقلات جند. أما أبرز ما في «الهدية» الأردنية، فنحو عشرين دبابة أميركية الصنع، من طراز «أم 60». ليست المرة الاولى التي يمنح الأردن فيها لبنان هذا النوع من الدبابات.

سبق أن حصل الجيش اللبناني من نظيره الأردني على 10 دبابات من طراز مماثل، عام 2010. وكما قبل 7 سنوات، كذلك اليوم، فإن الجزء الأكبر من «الهدية» الأردنية ليس صالحاً للاستخدام. دبابات من الخردة ينوي الجيش الاردني التخلص منها، بسبب تقادمها واستهلاكها، فيطلب الأميركيون منه نقل جزء منها إلى لبنان. ولهذا السبب، يجري حالياً البحث عن كيفية تأمين المال اللازم لإعادة تأهيل هذه الدبابات. وفيما تردد أن الأميركيين سيتولون عملية التأهيل على حسابهم، ذكرت مصادر سياسية أن الجيش سيطلب اعتمادات تغطي عملية إعداد هذه الدبابات قبل وضعها في الخدمة.
جميع المدرعات الأردنية التي سيحصل عليها لبنان بحاجة إلى صيانة، وجزء منها بحاجة إلى عملية تأهيل شامل، كونه غير صالح لأي استخدام.

 

بصورة واضحة، يمكن القول إن الأميركيين قرروا منح لبنان نحو عشرين دبابة، ليست سوى خردة. هي أسلحة «فاسدة». المشكلة بالتأكيد ليست في الجيش ولا في قيادته. الأزمة هنا سياسية. فالسلطة اللبنانية ترتضي، مرة جديدة، ترك المؤسسة العسكرية رهينة للسياسات الأميركية التي لا تريد بناء جيش في لبنان، إلا بما يخدم مصالحها. ومصالحها اليوم تقضي بإبقاء الجيش ضعيفاً إلى الحد الذي يسمح له بممارسة مهمات الشرطة ومكافحة الإرهاب لا أكثر. والسلطة السياسية في لبنان لم تزوّد الجيش بالتمويل اللازم لشراء أسلحة ومعدات (وهذا الأمر لا يحتاج إلى مبالغ خيالية كما يُشاع)، ولا باتفاقات دولية تتيح له تنويع مصادر التسليح. ولا بد من التذكير مرة جديدة بأن بلداناً أخرى، كروسيا والصين وغيرهما، مستعدة لتقديم سلاح للجيش اللبناني، سواء كهبات أو ضمن صفقات تجارية، تمنح الجانب اللبناني نوعية من الأسلحة والذخائر أفضل بما لا يُقاس من تلك التي يقدمها الأميركيون، وبأسعار أقل. لكن السلطة تخضع للابتزاز الأميركي بقطع المساعدات عن الجيش اللبناني إذا دخل في شراكات مع دول لا ترضى عنها واشنطن.
وتجدر الإشارة إلى أن الجيش تسلّم قبل أيام طائرتي «سوبر توكانو» هبة من الأميركيين. وهذه الطائرات هي نسخة مطوّرة من طائرة «توكانو» البرازيلية، التي تُستخدم في دوريات حرس الحدود وملاحقة المهربين. أما النسخة المحدّثة، التي حصل لبنان على اثنتين منها، فمنحت الولايات المتحدة حق تطويرها إلى شركة «إلبِيت» الإسرائيلية. وهذه الشركة تنتج كمبيوتر الطائرة وشاشات العرض ونظام الملاحة ونظام تخزين المعلومات، أي «عقل الطائرة». ويذهب قسم كبير من ثمن الطائرة إلى الشركة الإسرائيلية. ولم يُعرف بعد من سيتولى صيانة الطائرتين اللتين تسلمهما الجيش، وكيف سيتم تجاوز «عقدة» أن الشركة نفسها تتولى هذا الأمر عادة. ورغم أن «الأخبار» نشرت هذه المعلومات أكثر من مرة (راجع عدد «الأخبار» يوم 2 أيلول 2016)، إلا أن أيّ موقف رسمي لبناني لم يصدر للتعليق على هذا الأمر الخطير.